تُعد الأفيال الأفريقية أكبر الكائنات البرية على سطح الأرض، وتتمتع بقدرات استثنائية وذكاء عال، بالإضافة إلى سلوكها الاجتماعي المعقد، ورغم ذلك، فإن هذه الكائنات العملاقة باتت تواجه شبح الانقراض، وذلك وفقا لدراسة حديثة جمعت بيانات من 475 موقعا جغرافيا في 37 دولة أفريقية بين عامي 1964 و2016.

تظهر الدراسة التي نشرت في دورية "بروسيدينغس أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس" انحدارا شديدا في أعداد الأفيال بنوعيها، فيل السافانا وفيل الغابات، ويُعزى هذا الانخفاض إلى فقدان عدد الموائل الطبيعية والصيد غير المشروع.

ولا يقف ضرر هذه الأزمة عند الأفيال فحسب، بل يشكل أيضا خطرا بيئيا على النظم الطبيعية في القارة الأفريقية، حيث تلعب الأفيال دورا حيويا في الحفاظ على التوازن البيئي في تلك المناطق.

وتعد هذه الدراسة الأكثر شمولا في تاريخ الأبحاث حول الأفيال الأفريقية، وتكشف عن أن أفيال السافانا قد انخفضت بنسبة 70%، في حين انخفضت أفيال الغابات بنسبة أعلى بلغت 90%، ويعكس هذا المؤشر الخطير الحاجة الملحة لتكثيف الجهود لحماية هذين النوعين قبل وقوعهما في خطر الانقراض الحقيقي.

الصيد الجائر وخسارة الموائل الطبيعية

يُعتبر الصيد غير المشروع من أكبر المخاطر التي تهدد الأفيال، إذ يُقتل كثير منها للحصول على أنيابها التي تباع في الأسواق السوداء، خاصة في آسيا وتحديدا في الصين، كما يُطلق على أنياب الأفيال -العاج- لقب الذهب الأبيض كناية عن قيمتها العالية.

ويقع العبء الأكبر من هذه الظاهرة على أفيال الغابات التي تعيش في مواطن لا تحظى بالحماية نفسها التي تتوفر لنظيراتها في السافانا، وقد تسببت الحماية المحدودة والضغط الكبير في انقراض الأفيال تماما في بعض المناطق، مثل منطقة الساحل الشمالي التي تشمل مالي وتشاد ونيجيريا.

أما فقدان الموائل والمواطن الطبيعية، فيشكل تهديدا لا يقل خطورة، إذ تؤدي التوسعات الزراعية المستمرة إلى تجريف الأراضي الأصلية للأفيال، لا سيما في الغابات التي شهدت توسعا كبيرا لصالح الأنشطة الزراعية.

وتدفع هذه التغييرات الأفيال إلى العيش في بيئات أصغر وأكثر انعزالا، ووفقا للتقديرات، فإن تعداد أفيال الغابات يشكل فقط ثلث تعداد أفيال السافانا، مما يجعل مستقبل هذا النوع في خطر حقيقي إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لحمايتها.

كما تتجاوز أزمة الأفيال الأفريقية حدود القارة، حيث تواجه الأفيال الآسيوية بدورها تهديدات مماثلة من فقدان الموائل الطبيعية والصيد غير المشروع والاشتباكات المستمرة مع البشر، وتبرز هذه الأزمة العالمية الحاجة إلى تعاون دولي لحماية الأفيال، بدءا من تنظيم التجارة غير القانونية للعاج ووصولا إلى تعزيز الاستدامة في استغلال الأراضي الزراعية.

ويقدّر عدد الأفيال الأفريقية المتبقية بنحو 415 ألفا إلى 540 ألفا عام 2016، وتظهر الدراسات أن هذه الأعداد في تناقص مستمر، وعلى الرغم من صعوبة إجراء تعداد شامل بسبب تنوع أساليب التعداد المستخدمة في أنحاء القارة، فإن الاتجاه العام يشير بوضوح إلى أن الأفيال الأفريقية تواجه خطر الانقراض المحتم.

بعض المناطق تمكنت من تحقيق إنجازات بارزة في حماية الأفيال الأفريقية (بيكسابي) نجاحات محلية

رغم المستقبل المظلم الذي ينتظر هذه الكائنات الضخمة، تمكنت بعض المناطق من تحقيق إنجازات بارزة في حمايتها، إذ شهدت المناطق الجنوبية من أفريقيا زيادة في أعدادها في 42% من المواقع التي شملتها الدراسة، وقد ساهمت دول مثل بوتسوانا وزيمبابوي وناميبيا في هذا النجاح من خلال برامج حماية فعالة وتعاون مستمر بين الحكومات والمنظمات الدولية، التي لا تنقذ الأفيال فحسب، بل تدعم أيضا التنوع البيئي وتوازن الحياة البرية في القارة الأفريقية.

تلعب الأفيال دورا حيويا في النظم البيئية البرية، فعندما تتنقل بحثا عن الغذاء، تتغذى على أنواع مختلفة من النباتات، فتقلم الأشجار وتفتح مساحات أكبر لنمو الأعشاب، مما يعزز التنوع النباتي ويخلق بيئات مناسبة لأنواع عديدة من الحيوانات، إضافة إلى ذلك، تعمل الأفيال كناقل طبيعي للبذور، إذ تتناول النباتات وتطرد بذورها عبر مخلفاتها في أثناء تنقلها لمسافات طويلة، مما يساعد في انتشار النباتات ويزيد من فرص نموها في مناطق جديدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الأفیال الأفریقیة

إقرأ أيضاً:

بايدن أول رئيس أمريكي في السلطة يزور غابات الأمازون المطيرة

أصبح جو بايدن أمس الأحد، أول رئيس أمريكي في السلطة تطأ قدمه غابات الأمازون المطيرة، في حين يبدو فيه أن إدارة خلفه دونالد ترامب القادمة تستعد للتراجع عن التزام الولايات المتحدة بمكافحة تغير المناخ.
وسافر بايدن من ليما عاصمة بيرو إلى مدينة ماناوس البرازيلية للقاء قادة محليين يعملون على حماية الأمازون. وتوجه بعد ذلك إلى ريو دي جانيرو لحضور قمة مجموعة العشرين التي من المقرر أن تتناول قضايا من بينها الجوع والفقر بالإضافة إلى الحوكمة العالمية وتغير المناخ.
أخبار متعلقة إنجلترا.. العثور على دواجن مصابة بإنفلونزا الطيور في مزرعة تجاريةالهند تؤكد استحالة معالجة تغير المناخ دون مساعدة مالية وتكنولوجيةوخلال وجوده في غابات الأمازون، أجرى بايدن جولة على متن طائرته الرئاسية، شاهد خلالها التقاء نهري الأمازون وريو نيجرو في ماناوس، وهي منطقة انخفض فيها منسوب المياه بشدة بسبب أسوأ موجة جفاف منذ عقود.متحف الأمازون في ماناوسكما زار بايدن متحف الأمازون في ماناوس، والتقى مع قادة السكان الأصليين الذين يعملون على حماية الغابات المطيرة.

#البرازيل.. حرائق غابات الأمازون تلتهم مساحة بحجم #سويسرا#اليوم #حرائق_الغاباتhttps://t.co/lxQ0xty5w3 pic.twitter.com/uJ4afgmBnx— صحيفة اليوم (@alyaum) October 25, 2024
وقال بايدن للصحفيين بعد الجولة: "أشجار الغابات تطرد ثاني أكسيد الكربون خارج الغلاف الجوي، ومع ذلك يقطع العالم ما يعادل 10 ملاعب كرة قدم من الغابات في كل دقيقة".
ورافق بايدن في جولته العالم البرازيلي الحائز على جائزة نوبل كارلوس نوبري، الذي يحذر من خطورة عدم إنقاذ غابات الأمازون.

مقالات مشابهة

  • استشاري تغذية علاجية: منتجات الألبان الطبيعية تحافظ على صحة الأمعاء وجودة النوم
  • تشكيل منتخب مصر المتوقع أمام بوتسوانا بتصفيات كأس الأمم الأفريقية
  • عودة المياه بصورتها الطبيعية تدريجياً للمناطق المتأثرة بحدائق الأهرام
  • شاهد| أوامر إخلاء بعد حريق بين نيويورك ونيوجيرسي
  • بايدن أول رئيس أمريكي في السلطة يزور غابات الأمازون المطيرة
  • تجاوزت خط احتوائها.. حرائق الغابات تهدد مجددًا شمال شرق أمريكا
  • الحوثيون يصعّدون في الحديدة.. زراعة الألغام تفتك بالمدنيين وتمنع العودة إلى الحياة الطبيعية
  • إدارة الطوارئ الأمريكية في حالة إنذار جراء حرائق الغابات
  • القوى العاملة بالنواب تثمن مواجهة "الوزير" الحاسمة ضد محتكري الأراضي الصناعية