صفحة جديدة تفتحها أميركا مع العالم بعودة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى الحكم، بعد فوزه الساحق في الانتخابات وحصوله على انتداب من الشعب الأميركي، لتغيير وجهة أميركا داخلياً وفي علاقتها مع العالم. يعود ترمب وهو مقتنع بأن القدر أعاده إلى قيادة أميركا والعالم صانعاً للسلام، وهو عدّ نفسه مرشح السلام خلال الحملة الانتخابية، ولكن ليس أي سلام، إنه السلام عبر القوة.
ترمب يعود حاملاً العصا نفسها ولكنها عصا لتقود إلى السلام. أعلن أكثر من مرة خلال الحملة أنه سينهي النزاعات والحروب، خصوصاً في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وأنه سيبدأ بذلك حتى قبل أن يتسلم الحكم رسمياً. فهل يفي ترمب بوعوده مع فريق الأمن القومي الذي شكله لتنفيذ أجندة السلام التي وعد بها؟
إذا تذكرنا ولايته الأولى نرى أنه عندما وضع خطاً أحمر عاقب من تعدّاه، وكانت سياسته واضحة، حلفاؤه كانوا واثقين من دعمه وخصومه خافوا من عقابه، كما يذكرنا مستشاروه. صراحته وقوله ما يفكر به صدما الدبلوماسية الدولية، ولكن الجميع كان يعلم أين يقف. كانت كلمة أميركا تُهاب. لا أذكر أن وزير خارجيته زار المنطقة لمدة سنة ولم يخرج بنتيجة كما نرى اليوم.
فأي ولاية جديدة نتوقع من ترمب؟
من الواضح من تعيينات ترمب أن فريقه المقبل يأتي من جناحين في الحزب الجمهوري: بقايا المحافظين الجدد الذين غيروا توجههم ليتماشى مع سياسة ترمب، وهم من الصقور في السياسة تجاه الصين وإيران ومؤيدون لإسرائيل، وأصبحوا من مناوئي التدخل الخارجي إذا كانت تكلفته على الخزينة والمواطن الأميركي، وجماعة «أميركا أولاً» وهم المقربين لترمب ويلعبون دوراً مهماً في تشكيل إدارته والسياسة المستقبلية، وهؤلاء يريدون التركيز على أميركا. ومع أنه يتم وصفهم بمؤيدي العزلة في السياسة الخارجية إلا أنهم مؤيدو أميركا أولاً، ولكن ليس أميركا لوحدها. هم يؤمنون بالدور القيادي لأميركا في العالم ويثمنون الحلفاء؛ ولكن أن يدفع الحلفاء فاتورتهم لا أن تدفعها واشنطن. هؤلاء يرحبون باستمرار الدعم لأوكرانيا مثلاً، لكن أن تكون أوروبا هي من تدفع وليس أميركا.
يعارض هؤلاء تغيير الأنظمة بالقوة. تالسي غابارد مثلاً التي اختارها ترمب لتكون مديرة الاستخبارات الوطنية المقبلة، انتقدت في 2019 «شن أميركا حرب تغيير النظام في سوريا». أما مستشار الأمن القومي المقبل مايكل والتز، فهو يعدّ من الجمهوريين التقليديين، عارض الانسحاب من أفغانستان وصوّت عندما كان في الكونغرس ضد إنهاء الدعم الأميركي للسعودية في اليمن. وعندما ضربت إسرائيل أهدافاً عسكرية في إيران تحسّر لأنها لم تستهدف النفط الإيراني والمنشآت النووية.
وزير الخارجية المقبل، السيناتور ماركو روبيو، مثل ترمب، ينتقد الحلفاء في حلف «الناتو» لأنهم لا يدفعون الكافي للدفاع. ولكنه دعّم تشريعاً في الكونغرس السنة الماضية يمنع أي رئيس أميركي من الانسحاب من «الناتو». وصّوت روبيو أيضاً ضد صفقة المساعدات لأوكرانيا وإسرائيل قائلاً في حالة أوكرانيا: «إننا نمول حرباً تواجه طريقاً مسدودة»، داعياً إلى إنهاء الحرب. وهو يعتقد أن مستقبل القرن الحادي والعشرين سيتحدد بما سيحدث في المحيط الهندي - الباسفيكي، أي في مواجهة الصين.
وروبيو من أشد الداعمين لإسرائيل وضد وقف إطلاق النار في غزة، ودعم استمرار الحرب وتدمير «كل عناصر (حماس)» الذين وصفهم بـ«الحيوانات الشريرة». وسابقاً قال إن الظروف غير مناسبة لحل الدولتين.
وزير الدفاع الذي اختاره ترمب، بييت هيغسيث، من اليمين المسيحي المتطرف الداعم لإسرائيل، الذي يزين جسده بوشم مسيحي مستوحى من الصليبيين واحتلالهم للقدس، يسميه «صليب القدس». وهو يعارض حل الدولتين، ويعدّ أن بناء معبد يهودي فوق مسجد قبة الصخرة بالقدس سيكون «أعجوبة»، مما يعني تدمير المسجد الأقصى.
سفيرا ترمب المعينان لدى كل من إسرائيل والأمم المتحدة من الداعمين لإسرائيل أيضاً. مايك هاكابي، حاكم ولاية أركنساس المسيحي اليميني المتطرف الذي يقول: «لا يوجد شيء اسمه فلسطيني»، هو أيضاً يدعم المستوطنات الإسرائيلية.
السفيرة المقبلة لدى الأمم المتحدة إليز ستيفانك، التي وصفها ترمب بأنها مقاتلة في صفوف «أميركا أولاً»، من أشد الداعمين لإسرائيل والداعين إلى وقف المساعدات الأميركية لوكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، وإعادة التقييم الكامل لتمويل الأمم المتحدة إذا عاقبت إسرائيل.
ربما يرى المراقب أن هذا ليس فريقاً مثالياً لجلب السلام! ولكن تجب الإشارة إلى أن هؤلاء يجمعهم شيء واحد؛ هو ولاؤهم لترمب، وسيكون المقرر الأول والأخير في السياسة الخارجية. وترمب سيتبع سياسة واقعية كما يقول أوبراين، وهذا يقوده إلى النظر للمصالح الأميركية الحيوية أولاً.
وفيما يخص الشرق الأوسط؛ ترمب غير آيديولوجي مثل بايدن الذي كان يقول إنه صهيوني. فعلاقة ترمب بنتنياهو ستحكمها المصالح والواقعية، وستختلف وجهتا نظرهما حول السلام في المنطقة، وربما يكون الموقف من ضم الضفة الغربية أول الاختبارات لسياسة ترمب. ولكن يبدو أن التوجه سيكون ترك الحل حول النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي لدول المنطقة الفاعلة، وعدم فرض حل من قبل واشنطن. لذلك ستلعب هذه الدول دوراً غير مسبوق في تاريخ النزاع للتوصل إلى هذا الحل، وتترتب عليها مسؤولية تاريخية كبيرة في ذلك. والقمة العربية - الإسلامية التي عقدت في الرياض مؤخراً، ربما تحدد مع نتائجها بوصلة التحرك المستقبلي. ولكن إذا تركت واشنطن الأمر لدول المنطقة، فإن إسرائيل ستستخدم فائض القوة الذي لديها اليوم لإملاء شروطها لفرض الحل الذي تريد. وفيما خص إيران، يبدو أن إدارة ترمب ستعود إلى سياسة «أقصى الضغط» على إيران، بما في ذلك تفليسها كما نشر مؤخراً، لأنها تعدّ أن شرط التسوية هو إعادة إيران إلى حجمها داخل أراضيها. ولكن ترمب يرسل رسائل متناقضة. فاجتماع إيلون ماسك مع السفير الإيراني في نيويورك، وقول ترمب إنه يمكن إدخال إيران إلى اتفاقات إبراهام، يعنيان أنه مهتم بصفقة مع طهران.
ترمب الجديد ربما يفاجئ، لنأمل في أن تكون مفاجأة سارة وتحمل السلام كما يعد!
(الشرق الأوسط اللندنية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطيني امريكا فلسطين ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی السیاسة
إقرأ أيضاً:
ما حكم العمل في مكان يبيع خمور؟.. أمين الفتوى: يجوز ولكن بشرط (فيديو)
أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، حول حكم العمل في سوبر ماركت خارج البلاد يبيع الخمور؟.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حلقة برنامج «فتاوى الناس»، المذاع على قناة الناس: «نسأل الله عز وجل أن يتوب على الإنسان ويغفر له، وأن يرزقه من فضله ويفتح له أبواب الحلال، فالأصل أن المسلم يجب عليه أن يحافظ على هويته ودينه وأخلاقه أينما كان، سواء داخل وطنه أو خارجه، وفي هذا السياق، لا يجوز للمسلم أن يعمل في بيع الحرام أو يعرضه للناس، مثل الخمور أو ما شابهها.»
وأضاف: «إذا كان الشخص مضطراً للعمل في مكان يتعامل مع الخمور، فيجب عليه أن يتجنب التعامل المباشر معها، فلا يجوز له أن يحمل الخمر بيده أو يقدمها للزبائن، لأن ذلك يعد من الكبائر، لكن إذا كان هذا العمل اضطرارياً ولا يجد الشخص غيره لإعالة نفسه في البلد الذي يعيش فيه، فيجوز له الاستمرار في العمل حتى يجد عملاً آخر.»
وأوضح: «هناك بعض الفقهاء الذين أباحوا العمل في مثل هذه الأماكن في حال الضرورة، لكن بشرط أن يتجنب المسلم التعامل مع الخمر بشكل مباشر، وأن يسعى إلى تغيير وضعه في أقرب وقت ممكن.»
وأشار إلى أن الحفاظ على الدين والأخلاق يجب أن يكون هو الأولوية، مع ضرورة البحث عن أعمال أخرى تكون متوافقة مع أحكام الشرع.
قناة الناسوكانت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، قد أطلقت قناة الناس في شكلها الجديد، باستعراض مجموعة برامجها وخريطة الجديدة التي تبث على شاشتها خلال 2023.
وتبث قناة الناس عبر تردد 12054رأسي، عدة برامج للمرأة والطفل وبرامج دينية وشبابية وثقافية وتغطي كل مجالات الحياة.
اقرأ أيضاًدار الإفتاء توضح أجر المرأة التي تعمل لأجل الإنفاق على ذاتها أو أسرتها عند الله
حكم سماع الموسيقى والأغاني.. دار الإفتاء توضح الرأي الشرعي
دار الإفتاء: يجوز تكرار صلاة الاستخارة بما يزيد عن 7 مرات لهذا السبب