عمسيب صدق مقولة المركز والهامش أكثر من الحركات المسلحة
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
عمسيب صدق مقولة المركز والهامش أكثر من الحركات المسلحة، ومن ثم انطلق من فكرة المركز الذي يعمل منشاره في الأطراف ويفصلها. ولكن هذا مجرد وهم. هذا المركز إن كان موجودا في يوم ما، فهو لم يعد موجودا الآن.
الدولة التي يوجد مركزها في بورتسودان الآن والجيش والقوات التي تقاتل ليست ملكا لأحد، إقليم أو جهة؛ هي (نظريا وعمليا)ملك لكل السودانيين، وإذا توهم عمسيب أو غيره أنهم يملكون نفوذا في هذه الدولة يمكنهم من تقرير مصير السودان فهذه مجرد أمنيات، لا أكثر.
كون أن الجنجويد أو سابقا الحركات المسلحة قالوا إن الدولة محتكرة من قبل مجموعات محددة، هذه كانت مبالغة ومغالطة يكذبها الواقع.
فهذا الجيش الموجود والذي يقاتل الآن في كل السودان هو جيش السودان، وإذا وجد بعض الأفراد في هذا الجيش أو خارجه اعتقدوا أنه ملكهم فهذا مجرد اعتقاد زائف.
بديهي أن الدولة ومؤسساتها محكومة بقوانين لا تسمح بهذا الهراء بأي شكل من الأشكال، وإن حدثت بعض التجاوزات من هذا الطرف أو ذاك (وذلك يشمل الحركات التي تشارك الآن باسم الهامش) فهي تجاوزات غير مسنودة بأي مسوغات ويمكن بسهولة ردعها وتصحيحها، وهو ما يحدث وسيستمر في الحدوث. لا أحد يجرؤ الآن ولا في المستقبل على القيام باستغلال مؤسسات الدولة لصالح مجموعة أو فئة جهوية أو حزبية أو غيرها، والممارسات الخاطئة التي حدثت في الماضي لا أحد يجرؤ على تبريرها ولا الدفاع عنها ناهيك عن تكرارها. موازين القوة داخل الدولة ما عادت تسمح بشيء من هذا القبيل. وكذلك الوعي الكبير بالتحديات التي تواجه الدولة وتواجه الشعب السوداني؛ تحديات وجودية تجعل الجميع يبحثون عن العدالة والمساواة للجميع، منعا لأي مهددات للاستقرار.
خطاب عمسيب يستمد قوته كخطاب للانفصال ليس من شخص عمسيب ولا من داعميه، ولكن من افتراض ضمني يحاول عمسيب ترسيخه (كأماني وأحلام يقظة) ويعمل كذلك البعض على تضخيمه من أجل المزايدة، هذا الإفتراض هو أن عمسيب بشكل ما يمثل موقف رسمي في الدولة، أو هو قريب منها، أو يعبر عن وجهة نظر أو موقف داخل دولة 56 العميقة وما شابه. هو يروج لهذه الفرضية ليكستب زخما وليرضي أوهامه، وبعض أعداء الدولة يروجون لنفس الفرضية بغرض اختزالها وعزلها عن الشعب ليسهل ضربها. والبعض يربط عمسيب بالإسلاميين وهذا مجرد جهل أو خبث والبعض يربطه بالاستخبارات العسكرية، وهو يحاول أن يطرح نفسه كمرشد للجيش وللدولة تصديقا لوهم احتكار الدولة وامتلاك نفوذ داخلها.
وبالفعل استطاع عمسيب بمهارة عبر الإيحاء المستمر ترسيخ فكرة قربه من مركز الدولة وقلبها بما يمكنه تحديد أجندة هذه الدولة. وهي مهارة تستحق الإعجاب، إستطاع بموجبها اكتساب زخم سياسي وإعلامي. ولكنها قد تكون مهارة في خداع الذات قبل التلاعب بالآخرين. فقد يكون لعمسيب بعض الصلات ببعض العساكر في الجيش أو الأمن وبعض الموظفين في الدولة، ولكنها لا تزيد كثيرا عن صلة أي شخص آخر لا يوهم نفسه بأنه مرشد أعلى ولا ينادي باستخدام المنشار لفصل أقاليم السودان بشكل اعتباطي.
فإذا لم تكن تملك الدولة تحت يدك، ولا الجيش ولا الحكومة، فأنت مواطن مثل الآخرين. يحق لك بالطبع أن يكون لديك أحلامك وأوهامك الخاصة، لا أحد يستطيع منع الناس من الكلام في زمن وسائط التواصل الاجتماعي.
نقطة أخرى ذات صلة أظنها نقطة متعلقة بالجانب النفسي لتلقي خطاب عمسيب كخطاب عنصري مضر بالوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي، وهي أن البشر يميلون بشكل لا شعوري للخلط بين قوة وتأثير الخطاب من جهة وضرره وتأثيره السلبي من جهة أخرى. يحدث ربط ضمني مفاده أن الفكرة السلبية الخطيرة والمدمرة هي بالضرورة فكرة قوية. وبقدر ما يشعر الناس بخطورتها تكون ردة فعلهم تجاهها. ولكن هل بالفعل يملك هذا الخطاب البغيض والذي يستحي منه الناس عن حق هذه القوة على أرض الواقع؟ في وسائط التواصل الاجتماعي كل شيء متضخم بأكثر من حجمه، وذلك ينطبق على هذه الخطابات وعلى ردات الفعل تجاهها.
وأخيرا، فإن تقليلنا من هذا الخطاب وتأثيره لا يعني التسامح معه بأي شكل باعتباره حق. صحيح الطرح السياسي الموضوعي لا أحد يستطيع الاعتراض عليه هذا بديهي. ولكن كل ما من شأنه الإضرار بوحدة وتماسك الجبهة الداخلية عسكريا وسياسيا مهما كان تافها يجب أولا تجريمه وإدانته سياسيا وأخلاقيا؛ وثانيا ردعه وحسمه بقوة الدولة والقانون بغض النظر عن الشخص وموقعه.
حليم عباس
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: لا أحد
إقرأ أيضاً:
هل يمكن أن يكون الصندل عملا فنيّا؟ بيركنستوك تقول نعم ولكن محكمة ألمانية ترى غير ذلك
أي فنّ هذا الذي يحمله نعل ولو كان راقيا؟ محكمة ألمانية تقضي بأن منتجات بيركنستوك مجرد حذاء
مريحة وعملية وأنيقة بل هي أعمال فنية؟ أثارت ماركة بيركنستوك Birkenstocks، ، جدلاً واسعاً في المحاكم الألمانية.
فالألمان يصرّون على ارتداء جوارب لا تستسيغها العين من ناحية الذوق مع تلك الصنادل المحبوبة عندهم وقد ارتأوا نقل الجدل أمام القضاء لمعرفة ما إذا كان يمكن اعتبارها عملا فنيا.
وقد رفضت العلامة التجارية الشهيرة للأحذية ذات النعل الفليني، قرار محكمة العدل الاتحادية الألمانية التي قضت أمس بأن صنادلهم مجرد أحذية مريحة.
وكانت شركة بيركنستوك، التي تأسست عام 1774 ويقع مقرها الرئيسي في لينز أم راين بألمانيا، قد رفعت دعوى قضائية ضد ثلاثة منافسين يبيعون صنادل مشابهة جداً لمنتجها.
Relatedمتقاعد تركي يحول الأحذية المستعملة إلى حديقة معلقة تخطف الأنظارزوجا أحذية لمايكل جوردان يباعان بـ126 ألف يوروشاهد: أحذية رياضية من بقايا البن المُحمَّص وبقايا القهوة إضافة إلى البلاستيك المُدَوَّرشاهد: توقعات ببلوغ قيمة سوق الأحذية الرياضية 120 مليار دولار بحلول عام 2026شاهد: عالم الأزياء الفاخرة والأحذية النادرة يلقى رواجا بين شباب قطرشاهد: إسكافي فلسطيني ينقش إسمي ترامب وماكرون على أحذية مصنوعة يدوياوزعمت الشركة المصنعة للأحذية أن صنادلها "أعمال فنية تطبيقية تحميها حقوق الملكية" ولا يجوز تقليدها. وبموجب القانون الألماني، تتمتع الأعمال الفنية بحماية ملكية فكرية أقوى وأطول أمداً من المنتجات الاستهلاكية.
طلبت الشركة إصدار أمر قضائي لمنع منافسيها من صنع صنادل مقلدة وإجبارهم على سحب وإتلاف الصنادل الموجودة بالفعل في السوق. لكن لم يأت البيان الذي أصدرته المحكمة على تحديد أسماء الشركات المدعى عليها.
قبل أن تصدر أعلى هيئة قضائية للمحاكمات المدنية في ألمانيا حكمها الخميس، كانت القضية قد نُظرت في محكمتين أدنى درجة، اختلفتا في القضية.
وقد اعترفت محكمة إقليمية في كولونيا في البداية بأن الأحذية هي أعمال فنية تطبيقية وأقرت الحكم الواجب تنفيذه، لكن المحكمة الإقليمية العليا في كولونيا ألغت القرار في جلسة الاستئناف، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.
وقالت محكمة الاستئناف إنها لم تتمكن من إثبات أي إنجاز فني في الصندل العريض ذي الضفائر الكبيرة.
وانحازت محكمة العدل الاتحادية إلى محكمة الاستئناف ورفضت الدعوى. وكتبت في حكمها أنه لا يمكن أن يكون المنتج محميًا بحقوق الطبع والنشر إذا كانت "المتطلبات الفنية أو القواعد أو القيود الأخرى تحدد التصميم".
وكتبت المحكمة: "لحماية حقوق الطبع والنشر لعمل فني تطبيقي - كما هو الحال بالنسبة لجميع أنواع الأعمال الأخرى - يجب ألا يكون مستوى التصميم منخفضًا جدًا". "من أجل حماية حقوق الملكية، يجب تحقيق مستوى معين من التصميم يكشف عن التفرد."
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ميغان ماركل متهمة بسرقة شعار قرية إسبانية لعلامتها الجديدة.. فهل تواجه دعوى قضائية؟ ثلاثة مزاعم أطلقها ترامب حول زيلينسكي والحرب الروسية الأوكرانية.. ما الذي تكشفه الأرقام؟ مؤتمر الحوار الوطني في سوريا بين التعثر والضغوط الدولية للانتقال السياسي ألمانيامحاكمةمال وأعمالأزياءالملكية الفكرية