كتبت دوللي بشعلاني في" الديار": هل بدّدت زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان الاجواء التشؤمية، أم عزّزت الأجواء الإيجابية التي سادت قبلها بشأن التوصّل الى اتفاق حول مسودة المقترح الأميركي بشأن وقف إطلاق النار بين حزب الله و إسرائيل؟
ما أظهره المسؤولون اللبنانيون (أي برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون)، خلال محادثاتهم مع هوكشتاين الثلاثاء، على ما تؤكّد مصادر سياسية مطّلعة هو "تيسير وتسهيل تنفيذ القرار 1701"، الأمر الذي كان المبعوث الأميركي ممتناً منه خلال كلامه عن أنّ "المحادثات كانت بنّاءة وإيجابية جدّاً"، وأنّ "ثمّة بحث جدّي للوصول الى صيغة تتناسب مع مطالب جميع الأطراف"، في ما يتعلّق بوقف إطلاق النار بين حزب الله و "إسرائيل".
ولكن يبقى الردّ "الإسرائيلي" هو الأساس في الموافقة على الاتفاق، أو في نسفه من خلال المراوغة التي تطبع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلأال التفاوض، أو من خلال فرض شروط جديدة.
وثمّة خشية كبيرة ممّا سيكون عليه الموقف "الإسرائيلي" الذي سيتبلّغه هوكشتاين اليوم خلال وجوده في "تلّ أبيب"، على ما تلفت المصادر، وسط ما تبديه إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب عن حرصها على الالتزام بما سيشمله الاتفاق بين لبنان و "إسرائيل"حول وقف إطلاق النار. فضلاً عن الدعم الذي تبديه فرنسا لوقف إطلاق النار في لبنان قريباً، من ضمن المحاولات الخارجية لإنهاء الحرب قبل وصول ترامب الى البيت الأبيض. فالكرة في ملعب "الإسرائيلي" اليوم، والقرار هو رهن إجابته على الاستيضاحات اللبنانية بشأنّ "الحقّ في الدفاع عن النفس"، ولا سيما أنّ لبنان لن يوافق مطلقاً على أي اتفاق يمسّ بسيادته، وإن طالت الحرب لأكثر من عام. ويريد بالتالي ضمان عدم خرق "إسرائيل" للأجواء اللبنانية، على ما كان يحصل دائماً خلال الحرب والسلم، سيما أنّها غالباً ما استخدمت الأجواء اللبنانية لتنفيذ ضربات داخل سوريا، مسجّلة خروقات فاضحة للسيادة اللبنانية. كما يرفض أن يتحوّل الى الضفّة الغربية الثانية.
وفي ما يتعلّق برفض لبنان إدخال بريطانيا وألمانيا الى لجنة مراقبة الإشراف على تنفيذ القرار 1701، والحديث في وقت لاحق عن قبوله بهذه النقطة، أوضحت المصادر "أنّ موقف لبنان شكلي فيها. وهو ينطلق في ردّه من أنّ لهاتين الدولتين دور ضمن قوّات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان"، ويمكن بالتالي للأمم المتحدة الإشراف على تطبيق القرار المذكور.
وإذ تساءل البعض عمّا إذا كان باستطاعة هوكشتاين فعلاً إجراء اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، ونحن على قاب شهرين من تسلّم ترامب السلطة في البيت الأبيض، الأمر الذي لم يُحقّقه طوال العام الذي مرّ على بداية هذه الحرب، اعتبرت المصادر نفسها أنّ زيارة هوكشتاين الى كلّ من بيروت و "تلّ أبيب" لن تؤدّي بالضرورة الى وقف إطلاق النار بعدها مباشرة. فهي خطوة على طريق المفاوضات، كما على طريق عودة اللبنانيين الى قراهم وبلداتهم.
وتقول انّ الإيجابية ظهرت من كلام هوكشتاين، ومن القبول المبدئي من لبنان بالمقترح الأميركي ما استدعى عودة هذا الأخير الى المنطقة لإيجاد الحلول لبعض المسائل. ولكن هل ستقود هذه الإيجابية الى وقف العمليات العسكرية بشكل مباشر؟ الإجابة مرهونة بالمعنيين الأساسيين، وفق المصادر السياسية، وهما "إسرائيل" من جهة، وإيران من جهة أخرى. والسؤال هنا: لماذا توقف "إسرائيل" هذه الحرب اليوم، وهل ستأتي بشروط إضافية؟ هل تريد تحقيق المزيد من المكاسب؟ ولماذا ستُهدي إدارة بايدن التي تهمّ بالرحيل مثل هذه الهدية؟ يبدو أنّ الصورة لم تنجلِ بعد بين إدارة ترامب وإيران.
من هنا، تلفت الى أنّه ليس هناك ما يشير الى أنّنا ذاهبون الى وقف لإطلاق النار قريباً. والثابت أنّ نتنياهو يُراوغ كعادته. فهو يتحدّث من جهة عن أنّه مع قرار وقف إطلاق النار، ويقول من جهة ثانية إنّه أمام "معركة وجودية". ويجد نفسه بالتالي أمام لحظة تاريخية مفصلية لن تتكرّر، بين اندثار "دولة إسرائيل" التي يحلم بوجودها، وإنقاذ هذه الدولة وتوسيعها ويُحارب عن العالم وعن "قيمه"، من وجهة نظره، معتقداً أنّه "الملك داود الذي سيُنقذ إسرائيل". كما ذكر بأنّ الإتفاق "مجرّد ورقة"، ما يعني أنّ بإمكانه تمزيقها متى يشاء... وقد سبق وأن وافق نتنياهو على تنفيذ البيان الدولي العربي المشترك لوقف النار، ثمّ عاد ليرفضه. ولهذا يُطالب لبنان اليوم بضمانات أميركية ودولية بشأن التزام "إسرائيل" باتفاق التسوية. هذا الإتفاق الذي سيستتبعه، وفق المعلومات، مساراً طويلاً من المفاوضات لتثبيت الحدود البريّة، برعاية الأمم المتحدة خلال المرحلة المقبلة.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية:
وقف إطلاق النار
من جهة
إقرأ أيضاً:
هل سيُعلن هوكشتاين وقف إطلاق النار غداً؟ صحيفة إسرائيلية تكشف
نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تقريراً جديداً تحدّثت فيه عن الزيارة المُرتقبة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان، يوم غدٍ الثلاثاء، وذلك لإجراء مُحادثات حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان. وذكرت الصحيفة في تقريرٍ ترجمهُ
"لبنان24" أن هذه الزيارة تأتي بعد تقارير تُفيد بموافقة
لبنان على المُقترح الأميركيّ وردّ "حزب الله" أيضاً، فيما تشير معطيات أخرى إلى أن "حزب الله" أظهر انفتاحاً إيجابياً على الورقة الأميركية لكن لا تزال هناك عدّة نقاط خلافية. وترى الصحيفة أنه لو تم التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، فإنه من المتوقع وجود صعوباتٍ في تنفيذه، فـ"حزب الله" رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا في لجنة مراقبة تنفيذ الإتفاق، لكنهُ أبدى استعدادهُ لقبول المُشاركة الأميركية – الفرنسية، وفق "يديعوت". واعتبرت الصحيفة أن زيارة هوكشتاين المُنتظرة يوم غدٍ ليس المقصود منها الإعلان عن وقفٍ لإطلاق النار، بل مناقشة الموقف اللبناني قبل نقله إلى إسرائيل، مشيرة إلى أن التقديرات في لبنان تشيرُ إلى أن الأيام المُقبلة ستكون حاسمة، فإما أن يتمّ التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار خلال أيام أو أنَّ القتال سيستمرُّ بكثافة حتى منتصف كانون الثاني المُقبل. وفي السياق، تنقلُ الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إنّ "هناك تقديرات في تل أبيب تشيرُ إلى أنّ لبنان سيحاول إجراء جولة أخرى من التعديلات في الإتفاق"، في وقتٍ تشيرُ فيه أيضاً إلى أنَّ إيران لن تمنع لبنان من التوصل إلى التسوية في الوقت الحالي، وهو أمرٌ ذكره مسؤولون مطلعون على محادثات التسوية. واعتبر التقرير أن لبنان سيطلب توضيحات من هوكشتاين في ما يتعلّق بحرية العمل لإسرائيل في لبنان، علماً أن بيروت لن توافق على هذا البند على الإطلاق. من جانبها، قالت وكالة "ذا ميديا لاين" إنَّ تصعيد العنف من جانب إسرائيل و"حزب الله" ربما يكونُ مُجرد صفارة موت قبل أن يتوصل الجانبان إلى وقفٍ لإطلاق النار، لكن أيّ خطوة خاطئة قد تعوق التوصل إلى حلّ دبلوماسي. وتلفت المجلّة في تقريرها الذي ترجمهُ
"لبنان24" إلى أنهُ بينما تستمرّ إسرائيل وحزب
الله في شن الهجمات المتبادلة، تشير التقارير المتضاربة إلى أن وقف إطلاق النار بين الجانبين ربما يكون في طور الإعداد، وتضيف: "التقارير تشيرُ إلى أنَّ الحكومة الإسرائيلية تحاول التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار قبل تنصيب الرئيس الأميركيّ المُنتخب حديثاً دونالد ترامب. ولكن في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس أن القوات الإسرائيلية تقدمت أكثر داخل لبنان وقال إنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار ولن يكون هناك راحة". من ناحيته، يقول غابرييل بن دور، أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة حيفا لوكالة "ذا ميديا لاين" إنَّ المفاوضات تدور حول جوهر الصراع، وأضاف: "من الواضح أن كلا الجانبين لا يزال لديه القدرة على إطلاق النار على بعضهما البعض، ومن الواضح أن حزب الله ليس قريباً من نزع سلاحه. إنَّ اتفاق وقف إطلاق النار لن يتضمن نزع سلاح حزب الله بل إخلاء الأراضي اللبنانية الواقعة بين الحدود مع إسرائيل ونهر الليطاني اللبناني ـ وهي مسافة تبلغ نحو 12 ميلاً". بدوره، ذكر قال كوبي مايكل، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي ومعهد ميسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، لوكالة "ذا ميديا لاين" إن "إسرائيل لن تنسحب من لبنان حتى يتمكن الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان من كبح حزب الله بشكل فعال". إلى ذلك، تقولُ الوكالة أنّ القرار 1701 هو الذي أنهى الحرب بين لبنان وإسرائيل عام 2006 ودعا حزب الله للانسحاب إلى شمال نهر الليطاني، كما طالب بنزع سلاح جميع الجماعات المُسلحة في لبنان باستثناء الجيش". وتابعت: "على الرغم من القرار 1701، فقد عزز حزب الله تدريجياً وجوده في جنوب لبنان منذ عام 2006. في الوقتٍ نفسه، تآكلت استراتيجية الردع الإسرائيلية تدريجياً مع دفع الخوف من التصعيد إسرائيل إلى احتواء هجمات حزب الله واستفزازاته. كذلك، فقد دفع فشل هذه الاستراتيجية البعض إلى انتقاد المساعي التي تبذلها الحكومة الإسرائيلية حالياً للتوصل إلى حل دبلوماسي للتهديد الذي يشكله حزب الله". كذلك، تقول الوكالة إنَّ "حزب الله غير مُستعدّ حالياً لقبول أي شرط من شأنه أن يسمح لإسرائيل بالحفاظ على قدرتها على استخدام القوة في لبنان"، في حين يقول كوبي مايكل إنَّ "إسرائيل ستواصل ضرب الأصول الاستراتيجية لحزب الله حتى التوصل إلى اتفاق". ويلفت مايكل إلى أن "إسرائيل بحاجة إلى استخدام أكبر قدر ممكن من القوة، وهذه فرصة لضرب حزب الله بكل وسائله"، وأضاف: "بالنسبة لحزب الله، فإنه يريد أن يُنظر إليه باعتباره صاحب الكلمة الأخيرة مع احتفاظه بالقدرة على ضرب إسرائيل". إلى ذلك، يرى بن دور أنّ "إيران لا تريد أن ترى حزب الله مدمراً بالكامل لأنه أداة مُهمّة بالنسبة لها"، وأكمل: "إسرائيل لا تريد إطالة أمد الحرب لفترة أطول لأنها تحتاج إلى تركيز ترامب على أمور أكثر أهمية، وترامب لا يريد أن يقسم اليمين بينما الحرب في لبنان لا تزال مستعرة". المصدر: ترجمة "لبنان 24"