انتصارًا لمصرية حسين فهمي
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
منذ انطلاق مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لم تتوقف حملات التشويه ضده والطعن فى مصرية رئيسه الفنان حسين فهمي؛ بسبب إعلانه أن تأجيل المهرجان العام الماضي وتنظيمه خلال هذا العام جاء تضامنًا مع القضية الفلسطينية وضد العدوان الصهيوني على غزة ولبنان.
عندما يتشح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي فى دورته الـ"٤٥" بالعلم الفلسطيني فتلك علامة من علامات مصر أم الدنيا، وتأكيدًا لوعي رئيس المهرجان الفنان القدير حسين فهمي بماهية هويته المصرية.
فى لفتة عكست إدراك القائمين على تنظيم المهرجان بمكانة مصر التاريخية ودورها الحيوي الممتد فى المنطقة عبر آلاف السنين جعلوا من دورته الـ"٤٥" منصة لدعم القضية الفلسطينية والشعب اللبناني ضد جرائم الكيان الصهيوني.
وجاء حفل الافتتاح بمثابة بيان سياسي من طراز رفيع فقد حرص رئيس المهرجان حسين فهمى على تأكيد الموقف الطبيعي والتلقائي الداعم للحق الفلسطيني.
افتتح المهرجان بعرض لفرقة "وطن" للفنون الفلسطينية قدموا خلالها أنشودة "أنا دمي فلسطيني، وكان الفيلم الفلسطيني "أحلام عابرة" أول الأفلام التى يعرضها المهرجان ضمن سلسلة أعمال سينمائية فلسطينية يتم عرضها فى سياق مسابقة خاصة بإدارة المهرجان.
الصور التى خرجت لنا فى حفل الإفتتاح كانت مبهرة بحق فقد ظهر أغلب الفنانين متشحين بالكوفية الفلسطينية ومتزينين "ببروج" العلم الفلسطيني.
غير أن الصورة الأكثر إبهارا كانت للفنان حسين فهمى وهو يتوسط أعضاء فرقة "وطن" للفنون الفلسطينية.
وتأكيدا على صدق الموقف الوطني والأخلاقي رفضت إدارة المهرجان جميع عروض الرعاية من الشركات المدرجة فى قائمة المقاطعة من قبل الشعوب العربية بحسب ما أعلنه مدير المهرجان الناقد الفني عصام زكريا.
يدرك حسين فهمي ومن معه بأن مثل هذه المواقف هو ما يؤكد على رسوخ الهوية المصرية ويدعم مصادر قوة مصر وامتداد تأثيرها الثقافى والاجتماعى والسياسى فى محيطها الإقليمى؛ إنهم يدركون كم مصر عظيمة وكبيرة وبدون مواقفها الداعم للحق والخير والعدل لا تأثير لها ولا مكان فى نفوس شعوب المنطقة.
هؤلاء الرجال يعرفون جيدا أن هذه المواقف الشجاعة جزء لا يتجزأ من تكوين الهوية المصرية، ومع ذلك كان هذا الموقف سببا لهجوم قطعان ممن يريدون مصر منكفئة على ذاتها منعزلة عن محيطها ومجال نفوذها الحيوي ومصالح أمنها القومي بالمعنى الاستراتيجى والسياسى والاقتصادى والعسكري.
تعرض الفنان الكبير حسين فهمى لحملات طعنت فى مصريته واتهمته بالنفاق لأنه قرر أن يتصدر علم فلسطين مهرجان القاهرة السينمائى.
للأسف تزعم هذه الحملة بعض المنتسبين للتيار الليبرالى والعلماني، ودعاة القومية المصرية المتطرفين الذين يدعون إلى عزلة مصر عن مجالها الحيوى الطبيعى فى الشرق الأوسط، وهو فهم خاطئ ضد معطيات التاريخ والجغرافيا والأخذ به يعنى تقزيم مصر والنظر اليها باعتبارها دولة صغيرة كأى دولة حديثة النشأة لا تاريخ لها ولا حضارة.
بعض المهاجمين كانوا من الذباب الإلكترونى الذى أراد تشويه مهرجان القاهرة السينمائى والتشويش على فعالياته لصالح أحداث أخرى هامشية سعى أصحابها لإبرازها كحدث رئيس عبر استيراد بهرجة عروض الغرب؛ فهناك لا فن ولا سينما عبرت بالوجدان المصرى إلى عقل كل ناطق بالعربية.
ما يهمنا هنا المنتسبين للتيار الليبرالى العلمانى ودعاة القومية المصرية فهؤلاء هم من يهاجمون حركات التحرر الوطنى فى فلسطين ولبنان ولم يستطيعوا الفصل بين الخلاف الأيديولوجي مع بعض هذه الحركات والاعتراف بحقهم المشروع فى الكفاح المسلح ضد المحتل الصهيوني.
هؤلاء أيضا من تبنوا خطاب التيارات السلفية الطائفى فى الهجوم على حركات المقاومة وكأنهم يريدون إشعال حرب مذهبية بين السنى والشيعى فى الشرق الأوسط لصالح العدو الصهيونى.
لا نتهم أحدا منهم بالخيانة أو العمالة لكن خطابهم علمانيون كانوا أو قوميون مصريون أو سلفيون تبنى أجندة دعاية الإرهابى بنيامين نتنياهو.
بقدر حاجتنا الملحة لتجديد موروثنا الدينى ونقده نحتاج إلى تطوير خطابنا السياسى والثقافى والاجتماعى بشكل عام، فشرط انتصارنا فى معركة تجديد الخطاب الدينى يكمن فى تطوير وتنقية الخطاب العلمانى المدنى بأبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية والابتعاد به عن أجندات المصالح الغربية ليعى أصحاب هذا التيار أن المطالبة بدولة مدنية ديمقراطية مدنية تفصل بين الدين والسياسة لا يعنى أبدا معاداة حركات التحرر الوطنى فى منطقتنا حتى ولو كانت مرجعياتها الأيديولوجية دينية فذلك مجال آخر للخلاف معها فى سياق زمن السلم وليس فى زمن مقاومة المحتل الغاصب.
وبالطبع جميعنا يعتز بقوميته المصرية لكن ذلك لا يعنى انكفاءنا وعزلتنا ولا ينفى انتماءنا للشرق الأوسط بحكم التأثير السياسى والثقافى المتبادل بيننا وبين شعوبه، وحضارتنا المصرية أصبحت عظيمة لأنها كانت الأقدر على التفاعل ايجابيا أخذا وعطاءا مع باقى الحضارات والثقافات لذلك أنتجت كل ذلك الإرث المعرفي والقيمى والأخلاقى والعلمى والجمالى.
وعندما تراجعت قدراتنا فى عملية التأثير والتأثر توقف انتاجنا المعرفي والأخلاقي ومن ثم تراجعت مساهماتنا فى عملية صناعة الحضارة الحديثة.
نحن بحاجة لتطوير مفهوم القومية المصرية كشرط رئيس لتنقية مفهوم الهوية الذى شوهه الخطاب الدينى ودعاية أفكار الإسلام السياسى التى جعلت من العقيدة الدينية والتى هى شأن خاص الموضوع الأول للهوية والانتماء لتغيب فكرة الوطن.
المشكل الحقيقى أن غالبية المنتسبين للتيارات العلمانية والقومية شأنهم شأن غلاة الاسلاميين يعتقدون فى امتلاكهم الحقيقة المطلقة ويرفضون مراجعة أفكارهم ونقدها فبنيتهم العقلية لا تختلف كثيرا عن العقل السلفي لذلك يخلطون بين الحابل والنابل وفقدوا البوصلة فسقط بعضهم بعلم أوبدون علم فى شرك أجندات مصالح الغرب الصهيونى، وهذا ما يفسر تماهى أفكارهم ومواقفهم مع الدعاية الغربية والصهيونية.
أقول لمن هاجموا حسين فهمى وطعنوا فى مصريته أنه ورفقاءه فى إدارة المهرجان على وعى وإدراك بمصريتهم وأشد تمسكا بقوميتهم وأكثر منكم فهما لليبرالية والعلمانية وأن شئتم فلاحا تأملوا خطابه المنفتح خلال افتتاح المهرجان وكيف بدا معتزا بمصريته منتميا لمحيطه الإقليمي ودفاعه عن القضية الفلسطينية حيث بوابة مصر الشرقية وكيف كان منفتحا على العالم وما ينتجه من فن وثقافة ومعرفة
وتلك فى الواقع خلاصة مسيرة حياته الفنية والثقافية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مهرجان القاهرة السينمائي العلم الفلسطيني حسين فهمي غزة ولبنان الحرب في غزة ولبنان حسین فهمی حسین فهمى
إقرأ أيضاً:
بروفايل حسين فهمي.. الفنان مسئولية
كانت الإطلالة الأولي له على خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، وهو يتوسط الفرقة التي افتتحت بها احتفالية افتتاح الدورة الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي بأوبريت"فلسطيني" وقال للجمهور:"حيوا معي الفرقة الفلسطينية، جميعهم شباب جاءوا من غزة" وصفق لهم بينما دوت جنبات المسرح بالتصفيق الحاد تضامنا مع القضية الفلسطينية.
لفت نظر حضور الاحتفالية حرصه على وضع "دبوس" على شكل علم فلسطين على ياقة بدلته طوال فترة حفل الافتتاح، كما لفت النظر حرصه على الوقوف على خشبة المسرح وتقديمه للفقرات المختلفة، فى كلمته قال:" نحتفل خلال هذه الدورة التي أتشرف برئاستها، وهي الدورة المؤجلة من العام الماضي، تضامنا مع غزة، وعلى مدار سنين كانت ولا تزال القضية الفلسطينية هي قضية مصر لأنها تمثل العدل والكرامة".
الفنان حسين فهمي الذى اشتهرعلى طول مسيرته الفنية بأنه النجم "الجان"، وكانت ملامحه الأوروبية تضفى على أدائه وموهبته فى التمثيل مزيدا من البريق والنجومية، أثبت أنه ليس فقط فنانا موهوبا ولكنه أيضا فنان مسئول كما يجب، وحين تلقي على كاهله مسئولية رئاسة مهرجان كبير بحجم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، فعلى الرغم من سنوات عمره التى تجاوزت الثمانين، فإنه وقف متنقلا على خشبة المسرح ومعقبا على كل الفقرات، فى حضور راق ومتزن لاقى استحسان الحضور، الذين أكبروا أيضا فيه تجاوزه لأحزان فقد شقيقه الفنان مصطفي فهمي منذ أيام قليلة من بدء فعاليات المهرجان.
"في رحلة الفن نفتقد ناس لكن يظلوا حاضرين بأرواحهم الغالية الحاضرة معانا بالرغم من الغياب وساعات كتيرة المسئولية تجبرنا على استكمال العمل، بالرغم من أى مشاعر حزن، زى ما كبرنا واتعلمنا العرض لازم يستمر". كلمات قدم بها حسين فهمي فيديو عن الفنانين الراحلين خلال هذا العام منهم الراحل صلاح السعدني، أشرف عبد الغفور، حسن يوسف، المنتجة ناهد فريد شوقي، وآخرهم مصطفي فهمي، وهو مارد عليه الجمهور بالتصفيق تأثرا بحاله الحزن التى بدت على وجهه، قبل أن يتواري إلى جانب المسرح ويفسح المجال لمشاهدة عرض الفيديو.
قالها بحزم وتعبير عن موقف ثابت: "كل الشركات الراعية للمهرجان هى شركات مصرية ومعانا شركة سبيرو اسباتس وكلنا فاكرين لما كنا بنشربها زمان والدبانة المرسومة على الزجاجة" فى إشارة الى الشركة المنتجة للمشروبات الغازية والبديلة للشركات التى تدخل فى قائمة المقاطعة تضامنا مع الشعب الفلسطيني فى غزة.
واستكمالا للتعبير عن التضامن مع الأشقاء الفلسطينيين، أضاف: "نحن سعداء بعرض فيلم " أحلام عابرة " للمخرج رشيد مشهراوى وهو عمل سينمائى كبير عن القضية الفلسطينية وما يمر به المواطن فى غزة فى افتتاح مهرجان القاهرة، وذلك بمثابة رسالة دعم كبيرة، وهو دور نتمسك به"
ويُعرض الفيلم لأول مرة في العالم وهو روائي طويل إخراج وكتابة رشيد مشهراوى، ويقوم ببطولته عادل أبو عياش، وإميليا ماسو، وأشرف برهوم، موسيقى جوهان كورتيت، تصوير دريد منجم.
وفى أحداث الفيلم التى صورت فى بيت لحم بفلسطين، يأخذنا سامي بطل الفيلم، البالغ من العمر 12 عامًا، في رحلة ليوم واحد وليلة واحدة، برفقة عمه وابن عمه الأكبر بحثًا عن طائره المفقود، والذى أخبره جيرانه أنه ربما عاد إلى موطنه الأصلي.
وتمتد الرحلة من مخيم للاجئين في الضفة الغربية إلى مدن فلسطينية مختلفة بما في ذلك بيت لحم والقدس القديمة وحيفا، و نكتشف من خلالها وما يحدث لهم وبينهم عبث الواقع، والحياة اليومية الصعبة للفلسطينيين وتأثيرها على شخصياتهم وعلاقاتهم بأنفسهم والآخرين.
حسين فهمي النجم الوسيم في أفلامه الأولى، أثبت أنه ممثل موهوب من الدرجة الأولى في أفلام الإخوة الأعداء، ولحظة ضعف، والعار، وانتبهوا أيها السادة، و اللعب مع الكبار، استطاع خلال رئاسته الحالية لمهرجان القاهرة السينمائي إثبات مكانته الرفيعة بين النجوم الكبار، الذين يؤمنون برسالتهم تجاه فنهم وتجاه أوطانهم، بما يبذله من جهد لإنجاح هذه الدورة من المهرجان فى ظل إمكانات محدودة، وهو مايستحق عليه من كل صناع ومحبي وعشاق السينما التحية والتقدير.
تأسس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1976، برئاسة الكاتب الصحفي كمال الملاخ، واستمر رئيسا له حتى عام 1984، إذ تولى رئاسته المخرج كمال الشيخ، ويعد أول من تولى رئاسة المهرجان من الوسط السينمائي.
ثم توالى رؤساء المهرجان، حتى وصلت رئاسته للفنان حسين فهمي الذي تولى المسئولية مرتين، خلال الفترة من عام 1998 حتى 2001، و منذ عام 2022 وحتى الآن.