كيتو- سلّطت جريمة اغتيال المرشّح الرئاسي فرناندو فيغا فيسينسيو، بعد مهرجان انتخابي بالعاصمة "كيتو" الأربعاء الماضي، الأضواء على عصابات الإجرام وسطوتها وعلاقتها بالسلطات في البلاد.

واغتيل المرشح فيسينسيو بعد تلقيه تهديدات واضحة بالقتل، كما صرح شخصيا، من قبل زعيم مافيا "لوس تشورينوس" خوسيه أدولفو ماسياس فيجامار، المعتقل في سجن "غواياكيل" منذ 2008، قبل أن يُنقل إلى سجن "لاروكا".

وتُعتبر "لوس تشورينوس" المافيا الأولى في البلاد من حيث الحجم والقوة، ويتراوح عدد أعضائها بين 12 ألفا و20 ألف عضو. وهي عصابة مرتبطة بمافيا مكسيكية قوية تُعرف باسم "كارتيل دا سينا لوّا" وتعمل في مجال المخدرات والجريمة المنظّمة وغسل الأموال.

قوات الأمن في موقع اغتيال المرشح الرئاسي فيسينسيو بالعاصمة كيتو (رويترز) هل قتلت المافيا فيسينسيو فعلا ولماذا؟

في حديث خاص للجزيرة نت، يقول دييغو كانو، زميل فيسينسيو -الذي ترأس سابقا اتحاد عمال "بترو إكوادور" (شركة البترول الحكومية)، وكانا يعملان معا- إنه خلال العامين الماضيين، وبصفته رئيسا للجنة التفتيش التابعة للجمعية الوطنية، ندّد فيسينسيو بالعلاقة بين عصابات تهريب المخدرات والدولة، وتلقى قبل مقتله تهديدات من هذه العصابات.

ويضيف كانو أن فيسينسيو كان عضوا نقابيا بشركة "بترو إكوادور" وتعرض للاضطهاد دائما بسبب إدانته للفساد، وتلقى تهديدات، وتمت مقاضاته، ثم طُرد من الشركة واضطر إلى اللجوء لمنطقة الأمازون ثم الخارج. و"كان الرئيس الإكوادوري السابق رافاييل كوريا والمقرّبون منه وراء كل هذا الاضطهاد".

ويقول الباحث في علم الاجتماع ميغال مارينو سيرانو إن فيسينسيو تعرض للتهديد بالقتل عدّة مرات. وبرأيه، فقد كان لمقتله تأثير كبير في دعم خطاب قوى اليمين -التي تطالب بتعزيز قوات الأمن وضرب الإجرام بيد من حديد- "وتتناسى الأسباب الاجتماعية للعنف، وتتجاهل حقوق الإنسان".

ويشير الباحث الاجتماعي الإكوادوري -في حديث للجزيرة نت- إلى التأثيرات السلبية للجرائم في تفاقم الشعور بالخوف والعجز وعدم اليقين لدى غالبية السكان، وهو ما يضعف القدرة على الاحتجاج والنضال ضد هذه الفوضى.

هل تستطيع السلطات مواجهة عصابات الجريمة ومحاكمة قَتَلة فيسينسيو؟

يقول فرانكلين سارنيرتو سانشيز، وهو قانوني إكوادوري ورئيس مركز "إسكويلا بوبولار" للتدريب السياسي المتخصص بالدفاع عن الحركات والمنظمات الاجتماعية، إن الإجابة "مركّبة ومعقدة.. فإذا دقّقنا قليلا، سنلاحظ أن قوات الأمن لم تأخذ مواقعها كما يجب لحماية فيسينسيو. بل إن عناصر الأمن في محيطه كانوا في حالة استرخاء. ويبدو أنهم لم يملكوا القوة الكافية لإيقاف القَتَلة".

ويضيف سانشيز -في حديث للجزيرة نت- أن المرشح لم يكن محصنا بدرع واقٍ، وغادر المبنى من الباب الرئيسي، وهذا خطأ أمني كبير، لأنه كان يجب أن يغادر من الباب الخلفي كما فعل مرشّح آخر كان موجودا الوقت نفسه، وهو ضابط شرطة سابق. وهذا ما دفع زوجة فيسينسيو للتنديد "باستهتار" عناصر الأمن المحيطين به.

وبرأيه، لا توجد حلول واضحة لهيمنة عصابات المافيا، لأن أغلب المرشحين لرئاسة الجمهورية يتحدثون عن دعم وتعزيز قوات الشرطة وزيادة أعدادهم، لكنهم لا يتكلمون عن الفقر والواقع المزري.

وأضاف سانشيز "تقريبا ليس هناك مرشح واحد تحدث عن المشاكل الحقيقية التي يواجهها الشعب، أقصد: البطالة، الفقر، الأجور المتدنية، الواقع السيئ والتعيس. يتحدثون فقط عن القوة في مواجهة هذه المافيات. والمشكلة أن الفقر يدفع جزءا من المجتمع إلى الهجرة، وجزءا آخر للتورّط بالعمل مع هذه المافيات".

ويعود سيرانو فيجيب عن السؤال نفسه بأن الإكوادور غير قادرة على معاقبة القتلة ووضع حد لتهريب المخدرات، إذ فقدت السيطرة على السجون، ولا تزال العديد من الجرائم بلا عقاب، بسبب اختراق مؤسسات الدولة الرئيسية مثل الشرطة والجيش والجهاز القضائي من قبل تجّار ومهربي المخدرات.

ملصقات دعائية لمرشحين رئاسيين من بينهم فيسينسيو الذي اغتالته عصابات الإجرام (رويترز) لماذا تنشط عصابات الجريمة المنظّمة في الإكوادور؟

يقول الخبير القانوني سانشيز "منذ عقود تتعامل المافيات مع الإكوادور كممر لتهريب المخدرات وبشكل رئيسي الكوكايين، من كولومبيا وبيرو". ولاحقا، بدأت هذه العصابات بزراعة وصناعة الكوكايين في منطقة "بوتومايو" على الحدود الإكوادورية الكولومبية حيث الكثير من الغابات والأدغال التي تسهل عمليات التصنيع والتهريب.

ومن بين أسباب أخرى تجذب وتغري المافيات بالعمل في الإكوادور -وفق سانشيز- أن الدولار عملة وطنية مما يسهّل عمليات غسل الأموال، وهذا بالطبع بالإضافة إلى الفساد المستفحل في أجهزة الدولة.

وحسب سانشيز، تأتي أغلب هذه العصابات من كولومبيا والمكسيك بشكل رئيسي لتعمل بالتنسيق مع المافيات المحلية.

وقد ندّدت السفارة الأميركية وإدارة مكافحة المخدرات في "كيتو" مرارا بما وصفته "تخاذل" أجهزة الدولة و"تراخيها" في مواجهة عصابات تهريب المخدرات.

هل هناك علاقة بين عصابات المخدرات وأجهزة الدولة؟

يجيب خبير القانون سانشيز "نعم، هنالك علاقات واضحة بينهما. ويعتقد أن "المجازر التي تحدث داخل السجون" أكبر مثال على ذلك "فوحدها هذه المافيات لديها سلطة داخل السجون، في حين لا تستطيع الشرطة فعل شيء". وأغلب المجازر تحدث في سجون أسوكا، مانافي، كوينكا، غواياكيل.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

تضارب الأنباء بشأن اغتيال مسؤول في الاستخبارات الإيرانية

بغداد اليوم- ترجمة

تضاربت المعلومات بشأن اغتيال مسؤول أمني في جهاز الاستخباراتي الإيراني بمحافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق إيران.

وأفادت وسائل إعلام إيرانية، اليوم الأحد، (9 آذار 2025)، بأن نائب رئيس الاستخبارات الأمنية في مدينة "سيب وسوران" الحدودية مع باكستان تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة، مساء اليوم.

وقالت وكالة أنباء "تسنيم" التابعة للحرس الثوري في تقرير لها ترجمته "بغداد اليوم"، إن "مسلحين من تنظيم جيش العدل البلوشي هاجموا منزل رئيس جهاز الاستخبارات بمدينة سيب وسوران".

وأضافت أن "المسلحين لاذوا بالفرار بعد فشلهم في تنفيذ العملية"، مشيرة إلى أن السلطات الأمنية فتحت تحقيقاً عاجلاً لكشف ملابسات الحادث وتعقب الجناة.

فيما أفادت مواقع إخبارية إن أحد قوات الشرطة أصيب بجروح خطيرة جراء الهجوم الذي أعلنت جماعة "جيش العدل" الإرهابية تعلن مسؤوليتها عنه والذي استهدف "جلالي" نائب رئيس استخبارات الشرطة.

من جانبها، أعلنت جماعة جيش العدل عن اغتيال المسؤول في جهاز الاستخبارات، مضيفة أن "العملية كانت ناجحة".

وبحسب التقرير السنوي لعام 2024 لحملة النشطاء البلوش، قُتل ما لا يقل عن 106 عسكرياً وأصيب 29 آخرون، ومن بين هذه الإحصائيات أيضًا مقتل 11 من الباسيج البلوش وإصابة اثنين من الباسيج الأصليين، وكان من بين القتلى أيضا 6 مجندين بلوش.

وفي حادث آخر، نقلت وكالة إيرنا الرسمية عن الشرطة في سيستان وبلوشستان أن ضابط الشرطة الملازم رضا دريني قُتل في اشتباك مسلح مع لصوص في مدينة إيرانشهر، كما أصيب شرطي آخر خلال الهجوم.

وأعلنت الجهات الأمنية الإيرانية عن تفكيك خلية إرهابية تابعة لتنظيم "جيش الظلم" في مدينة تشابهار جنوب شرق، حيث تم اعتقال 6 عناصر من المجموعة، بينما قُتل أحد أفرادها خلال العملية.

كما تمكنت القوات من مصادرة كميات من الأسلحة والذخائر التي كانت بحوزة أعضاء التنظيم، والذين كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية في المنطقة.

وتشهد محافظة سيستان وبلوشستان تصاعداً في المواجهات بين الجماعات المسلحة، مثل جيش العدل، والقوات الأمنية، حيث أصبحت الهجمات المسلحة والاشتباكات أمراً متكرراً في هذه المحافظة الحدودية.

مقالات مشابهة

  • كاتب إسرائيلي: اغتيال سليماني منع تهديداً مرعباً
  • ماذا تعرف عن حكم مباراة الزمالك والأهلي؟
  • بعد منعه..عنف في بوخارست بسب منع مرشح رئاسي مؤيد لروسيا من الترشح
  • إيداع 8 متهمين الحبس المؤقت شكّلوا عصابة أحياء وارتكبوا جريمة قتل بباتنة
  • مرشح رئاسي فرنسي: الإخوان أخطر من روسيا على أوروبا
  • تضارب الأنباء بشأن اغتيال مسؤول في الاستخبارات الإيرانية
  • وسط اتهامات لحزب الله| انعدام الأمن في سوريا يصب في مصلحة إسرائيل.. ماذا يحدث؟
  • ماذا يحدث في منطقة الساحل السوري وكيف تطور الوضع؟
  • دستور عدالة المحاكم.. ماذا تعرف عن قرار الضبط والإحضار؟
  • ماذا يعني تكتيك قطع الطرق إلى مدن الساحل في سوريا؟ الفلاحي يجيب