اغتيال مرشح رئاسي أحدث جرائمها.. ماذا تعرف عن عصابات المافيا في الإكوادور؟
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
كيتو- سلّطت جريمة اغتيال المرشّح الرئاسي فرناندو فيغا فيسينسيو، بعد مهرجان انتخابي بالعاصمة "كيتو" الأربعاء الماضي، الأضواء على عصابات الإجرام وسطوتها وعلاقتها بالسلطات في البلاد.
واغتيل المرشح فيسينسيو بعد تلقيه تهديدات واضحة بالقتل، كما صرح شخصيا، من قبل زعيم مافيا "لوس تشورينوس" خوسيه أدولفو ماسياس فيجامار، المعتقل في سجن "غواياكيل" منذ 2008، قبل أن يُنقل إلى سجن "لاروكا".
وتُعتبر "لوس تشورينوس" المافيا الأولى في البلاد من حيث الحجم والقوة، ويتراوح عدد أعضائها بين 12 ألفا و20 ألف عضو. وهي عصابة مرتبطة بمافيا مكسيكية قوية تُعرف باسم "كارتيل دا سينا لوّا" وتعمل في مجال المخدرات والجريمة المنظّمة وغسل الأموال.
في حديث خاص للجزيرة نت، يقول دييغو كانو، زميل فيسينسيو -الذي ترأس سابقا اتحاد عمال "بترو إكوادور" (شركة البترول الحكومية)، وكانا يعملان معا- إنه خلال العامين الماضيين، وبصفته رئيسا للجنة التفتيش التابعة للجمعية الوطنية، ندّد فيسينسيو بالعلاقة بين عصابات تهريب المخدرات والدولة، وتلقى قبل مقتله تهديدات من هذه العصابات.
ويضيف كانو أن فيسينسيو كان عضوا نقابيا بشركة "بترو إكوادور" وتعرض للاضطهاد دائما بسبب إدانته للفساد، وتلقى تهديدات، وتمت مقاضاته، ثم طُرد من الشركة واضطر إلى اللجوء لمنطقة الأمازون ثم الخارج. و"كان الرئيس الإكوادوري السابق رافاييل كوريا والمقرّبون منه وراء كل هذا الاضطهاد".
ويقول الباحث في علم الاجتماع ميغال مارينو سيرانو إن فيسينسيو تعرض للتهديد بالقتل عدّة مرات. وبرأيه، فقد كان لمقتله تأثير كبير في دعم خطاب قوى اليمين -التي تطالب بتعزيز قوات الأمن وضرب الإجرام بيد من حديد- "وتتناسى الأسباب الاجتماعية للعنف، وتتجاهل حقوق الإنسان".
ويشير الباحث الاجتماعي الإكوادوري -في حديث للجزيرة نت- إلى التأثيرات السلبية للجرائم في تفاقم الشعور بالخوف والعجز وعدم اليقين لدى غالبية السكان، وهو ما يضعف القدرة على الاحتجاج والنضال ضد هذه الفوضى.
هل تستطيع السلطات مواجهة عصابات الجريمة ومحاكمة قَتَلة فيسينسيو؟يقول فرانكلين سارنيرتو سانشيز، وهو قانوني إكوادوري ورئيس مركز "إسكويلا بوبولار" للتدريب السياسي المتخصص بالدفاع عن الحركات والمنظمات الاجتماعية، إن الإجابة "مركّبة ومعقدة.. فإذا دقّقنا قليلا، سنلاحظ أن قوات الأمن لم تأخذ مواقعها كما يجب لحماية فيسينسيو. بل إن عناصر الأمن في محيطه كانوا في حالة استرخاء. ويبدو أنهم لم يملكوا القوة الكافية لإيقاف القَتَلة".
ويضيف سانشيز -في حديث للجزيرة نت- أن المرشح لم يكن محصنا بدرع واقٍ، وغادر المبنى من الباب الرئيسي، وهذا خطأ أمني كبير، لأنه كان يجب أن يغادر من الباب الخلفي كما فعل مرشّح آخر كان موجودا الوقت نفسه، وهو ضابط شرطة سابق. وهذا ما دفع زوجة فيسينسيو للتنديد "باستهتار" عناصر الأمن المحيطين به.
وبرأيه، لا توجد حلول واضحة لهيمنة عصابات المافيا، لأن أغلب المرشحين لرئاسة الجمهورية يتحدثون عن دعم وتعزيز قوات الشرطة وزيادة أعدادهم، لكنهم لا يتكلمون عن الفقر والواقع المزري.
وأضاف سانشيز "تقريبا ليس هناك مرشح واحد تحدث عن المشاكل الحقيقية التي يواجهها الشعب، أقصد: البطالة، الفقر، الأجور المتدنية، الواقع السيئ والتعيس. يتحدثون فقط عن القوة في مواجهة هذه المافيات. والمشكلة أن الفقر يدفع جزءا من المجتمع إلى الهجرة، وجزءا آخر للتورّط بالعمل مع هذه المافيات".
ويعود سيرانو فيجيب عن السؤال نفسه بأن الإكوادور غير قادرة على معاقبة القتلة ووضع حد لتهريب المخدرات، إذ فقدت السيطرة على السجون، ولا تزال العديد من الجرائم بلا عقاب، بسبب اختراق مؤسسات الدولة الرئيسية مثل الشرطة والجيش والجهاز القضائي من قبل تجّار ومهربي المخدرات.
يقول الخبير القانوني سانشيز "منذ عقود تتعامل المافيات مع الإكوادور كممر لتهريب المخدرات وبشكل رئيسي الكوكايين، من كولومبيا وبيرو". ولاحقا، بدأت هذه العصابات بزراعة وصناعة الكوكايين في منطقة "بوتومايو" على الحدود الإكوادورية الكولومبية حيث الكثير من الغابات والأدغال التي تسهل عمليات التصنيع والتهريب.
ومن بين أسباب أخرى تجذب وتغري المافيات بالعمل في الإكوادور -وفق سانشيز- أن الدولار عملة وطنية مما يسهّل عمليات غسل الأموال، وهذا بالطبع بالإضافة إلى الفساد المستفحل في أجهزة الدولة.
وحسب سانشيز، تأتي أغلب هذه العصابات من كولومبيا والمكسيك بشكل رئيسي لتعمل بالتنسيق مع المافيات المحلية.
وقد ندّدت السفارة الأميركية وإدارة مكافحة المخدرات في "كيتو" مرارا بما وصفته "تخاذل" أجهزة الدولة و"تراخيها" في مواجهة عصابات تهريب المخدرات.
هل هناك علاقة بين عصابات المخدرات وأجهزة الدولة؟يجيب خبير القانون سانشيز "نعم، هنالك علاقات واضحة بينهما. ويعتقد أن "المجازر التي تحدث داخل السجون" أكبر مثال على ذلك "فوحدها هذه المافيات لديها سلطة داخل السجون، في حين لا تستطيع الشرطة فعل شيء". وأغلب المجازر تحدث في سجون أسوكا، مانافي، كوينكا، غواياكيل.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
مرشح للرئاسة في الغابون يطالب بمحاكمة عادلة لعائلة بونغو
طالب مرشح الرئاسة ورئيس الوزراء السابق في الغابون ألان كلود بيلي باي بمحاكمة عادلة لعائلة الرئيس المخلوع علي بونغو، الذي أطيح به في انقلاب عسكري يوم 30 أغسطس/آب 2023.
ودعا المرشح إلى ضرورة إجراء محاكمة عاجلة وعلنية مع الضمانات الممنوحة لكل مواطن وفقا للقوانين المعمول بها.
ومنذ الإطاحة بالرئيس السابق علي بونغو، اعتقلت السلطات زوجته سيلفيا بونغو وابنه نور الدين، وأحالتهما إلى السجن المركزي في العاصمة ليبرفيل.
ويتهم المجلس العسكري الحاكم زوجة الرئيس المطاح به بـ"غسيل الأموال وتزوير الوثائق الحكومية"، كما يتهم نور الدين بونغو بـ"الفساد واختلاس الأموال العامة"، وكلاهما مسجون منذ 18 شهرا من دون أن يقدما للمحاكمة.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، قال محامو عائلة بونغو إن زوجته المسجونة "تعرضت للإهانة والترهيب النفسي، بينما تبدو آثار التعذيب على جسد نور الدين بونغو"، الأمر الذي نفته السلطات.
وفي ظل وجود عائلته داخل السجن، يقيم الرئيس المخلوع علي بونغو في العاصمة ليبرفيل، مع حريته في المغادرة إلى الخارج، وفقا لما تقوله الحكومة.
وقد استفردت عائلة بونغو بحكم الغابون أكثر من 50 عاما، وتتهمها منظمات مدنية وهيئات حقوقية بالاستحواذ على الكثير من ثروات البلاد.
إعلانووفقا لتقارير محلية في الغابون، فإن العائلة تمتلك عقارات في باريس ولديها أرصدة وأسهم في الكثير من البنوك والمؤسسات التجارية.
وسيكون كلود أحد المتنافسين في السباق الرئاسي المقرر يوم 12 أبريل/نيسان القادم ضد الجنرال بريس أوليغي أنغيما، الذي أعلن ترشحه وهو رئيس المرحلة الانتقالية في البلاد.
ورغم التنافس بين كلود وأنغيما في الانتخابات القادمة، فإنهما كانا من الأوجه البارزة والفاعلة في العهد السابق حيث شغل الجنرال أنغيما منصب قائد الحرس الرئاسي، في حين شغل كلود وظيفة رئيس الوزراء، إذ تم تعيينه يوم 9 يناير/كانون الثاني 2023 حتى 30 أغسطس/آب 2023، يوم الإطاحة بالحكومة.
ومن المقرر أن تفتتح الحملات الانتخابية يوم 29 مارس/آذار الجاري، على أن يكون الاقتراع يوم 12 أبريل/نيسان القادم، في حين لم يحدد المرسوم المنظم للانتخابات موعدا للجولة الثانية إن كانت ستحدث.
وقد قبلت لجنة الانتخابات في الغابون 4 مرشحين فقط، وهم: الجنرال أنغيما، وألان كلود، وستيفان إيلوكو، وجوزيف لابينسي، في حين أبعدت اللجنة 19 من المترشحين الآخرين "لعدم استيفائهم الشروط".
وفي الأول من مارس/آذار الجاري وقعت الأحزاب السياسية في الغابون على ميثاق وطني حول شرف المنافسة في الانتخابات المرتقبة، دعت فيه إلى الابتعاد عن الخطابات القبلية والشتائم في حق الخصوم والمنافسين.