بعد شهور من الخلاف السياسي بين رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل و"حزب الله" والذي رفع من منسوب التوتر في البلد بفعل الانقسام العمودي والطائفي والذي تظهر في الكثير من الملفات المتصلة بالعمل الحكومي والتشريعي فضلاً عن استحقاق رئاسة الجمهورية الحدث الأهم الذي ترك ذيولا سلبية على "تفاهم مار مخايل"، عاد الحوار مجددا على خط ميرنا الشالوحي – حارة حريك عله ينجح في إعادة ترتيب العلاقة بشكل جديد ومختلف نظراً إلى أن كلا الطرفين يرى في الحوار ضرورة له ولو كان قائماً على مصالح وتحقيق مكاسب.



وضع رئيس" التيار الوطني الحر" شروطه الرئاسية على رأسها قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسَّعة، وقانون الصندوق الائتماني، على طاولة حزب الله الذي بدوره سوف يبلغ باسيل عبر مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا خلال الاجتماع الرابع الذي سيعقد بينهما إجابات الحزب على كل ما هو مطروح، وذلك بناء على نقاش داخلي حصل حول هذه المطالب، ومع رئيس المجلس النيابي نبيه بري أيضاً.

يقول باسيل، وفق مصادره، أن ما يطرحه ليس صفقة أو مقايضة، إنما يمكن وضعه في خانة التحركات السياسية التي من شأنها أن تعيد إحياء المؤسسات بطريقة مختلفة عما كانت عليه ربطاً ببرنامج العهد الرئاسي أيا يكن الرئيس، من دون أن يعني ذلك أن لبنان القوي ابتعد عن المعارضة، إذ أن التقاطع معها لا يزال قوياً.

في عهده شكل الرئيس الأسبق ميشال سليمان اللجنة الخاصة باللامركزية الإدارية بموجب قرار صادر من رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بتاريخ 7 تشرين الثاني 2012 برئاسة وزير الداخلية الأسبق زياد بارود، وخلصت دراستها إلى نقل صلاحيات ومهام واسعة من السلطة المركزية إلى مجالس الأقضية. والمشروع يأخذ بالإجماع اللبناني حول اللامركزية الموسعة انطلاقاً من اتفاق الطائف. وإذا كان المشروع يعطي فعلاً أوسع الصلاحيات للمناطق، فهو يبقيها ضمن الدولة الواحدة الموحدة بعيداً من أي منحى تقسيمي. ويعتمد المشروع اللامركزية فعلاً لا قولاً من حيث استحداث مجالس منتخبة بالكامل وإعطاؤها ليس فقط الاستقلالين الإداري والمالي وإنما أيضاً التمويل والواردات اللازمة (وهي العصب) ويحصر الرقابة إلى أقصى حد ويجعلها لاحقة لا مسبقة، علما أنه يبقي على البلديات كوحدات لامركزية أساسية ولا يمس بصلاحياتها أو بأموالها ويعتمد القضاء كمساحة لامركزية، نظراً إلى شرعيته التاريخية والى تأمينه الحاجات التنموية. كما أن المشروع يستحدث صندوقاً لامركزياً يحل محل الصندوق البلدي المستقل ويكون أعضاء مجلسه منتخبين ويعمل وفقاً لقواعد منهجية ولمعايير توزيع تعتمد مؤشرات (indices) موضوعية تراعي ضرورة الإنماء المتوازن وتحفيز النمو المحلي.

هذا المشروع طرح على مجلس النواب في العام 2017 لكنه سقط نتيجة عدم التصويت عليه، وهذا يؤشر إلى أن مطبات كثيرة تعترض إقرار اللامركزية الموسعة، وسط معلومات نقلا عن مصدر سياسي بارز أن حزب الله لن يقبل بما هو مطروح من قبل باسيل في هذا الشأن، لأنه يضعفه، فهو يرفض بالمطلق أي طرح يتعلق باللامركزية السياسية أو المالية الموسعة. ولذلك فإنه يحاول قدر الامكان ضبط العمل البلدي وعدم توسيع صلاحياته المالية أو الأمنية.

من هنا يظن البعض أن باسيل يكابر في طروحاته وخياراته بتأكيده أن اللامركزية الادارية تكون لامركزية مالية وإلا لا تكون، في حين أنه على علم مسبق بمواقف الثنائي الشيعي من اللامركزية المالية. فحزب الله المتوجس من طروحات التقسيم والفيدرالية يعتبر ان اللامركزية المالية مقدمة للذهاب إلى خيارات كهذه لا تصب في مصلحة أحد، ويشدد بحسب مصادره على انه لن يقبل بأي تقسيم مباشر أو غير مباشر والبلد لا يتحمل فيدرالية أو تقسيم الذي يعتبر مشروع حرب أهلية، بيد أن العاملين على خط اللامركزية الإدارية يرون أن الفدرالية نظام سياسي يوزّع السلطات بين الوحدات الجغرافية، في حين أن اللامركزية الإدارية تمنع الوصول إلى الفدرالية أو التقسيم.

وسط ما تقدم، يؤكد مصدر سياسي بارز لـ"لبنان 24" ان الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله، قد يأخذ مغزى آخر، باعتباره ان الحزب هو المتضرر الاول من طروحات باسيل، فمناطقه لا تتمتع بالاستقلال الذاتي المتصل بمراكز سياحية وتجارية وتربوية ودبلوماسية ومواصلات رغم أنه طبق اللامركزية الأمنية فيها.

يبقى الأكيد أن طروحات التقسيم والفيدرالية، بحسب المصدر نفسه، ومهما علت الأصوات المحلية الداعية لها، لن تبصر النور، ومرد ذلك عدم وجود أي عطف غربي على المسيحيين، فالأوروبيون لن يقبلوا أسوة بروسيا أيضاً بفيدرالية في لبنان، ويؤكدون عبر أوساطهم الدبلوماسية أن فكرة إعادة رسم خريطة لبنان غير مطروحة من الغرب أو الشرق.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: اللامرکزیة الإداریة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تكشف تفاصيل الهجوم على مقر الجيش في لبنان عام 82

أعلنت إسرائيل مساء اليوم الاربعاء 3 تموز 2024 ،  أن الانفجار الذي وقع قبل 42 عاما في مقر قيادة الجيش آنذاك في صور بلبنان وأسفر عن مقتل 76 جنديا وضابطا، كان ناجما عن "هجوم انتحاري مفخخ" وليس انفجار أسطوانات غاز كما كان يُعتقد.

جاء ذلك وفق ما حدده فريق تحقيق مشترك من الشاباك (جهاز الأمن العام) والجيش الإسرائيلي والشرطة، قدم نتائج تحقيقاته لعائلات القتلى ووسائل الإعلام الأربعاء، وفق صحيفة "هآرتس" العبرية.

الحادث الذي يسمى إعلاميا في إسرائيل "كارثة صور الأولى" وقع صباح 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 1982 في نهاية حرب لبنان الأولى (بدأت في يونيو/ حزيران من العام نفسه باجتياح الجيش الإسرائيلي لجنوب لبنان)، حيث انهار مبنى الحكم العسكري الإسرائيلي في صور ما أسفر مقتل 91 شخصا.

وبين القتلى الإسرائيليين 34 شرطيا من حرس الحدود و33 جنديا و9 من عناصر "الشاباك" و15 معتقلًا لبنانيًا.

ويُعد الحادث من أعنف الكوارث في تاريخ إسرائيل، وفق "هآرتس".

ووقتها، قالت لجنة تحقيق تابعة للجيش الإسرائيلي إن الانفجار نجم عن تسرب غاز من أسطوانات داخل المبنى.

لكن اللجنة الجديدة التي كشفت نتائجها الأربعاء، قالت إن عنصرا من "حزب الله" أو من حركة "أمل" اللبنانية فجّر نفسه بسيارة مفخخة ما تسبب في انهيار المبنى المكون من عدة طوابق.

وادعت نتائج التحقيق، أنه تم تنفيذ الهجوم بدعم إيراني وبتخطيط الرجل الثاني في "حزب الله" عماد مغنية (كان عضوا بحركة "أمل" قبل انتقاله لحزب الله) الذي قتل في انفجار سيارته عام 2008، في عملية اغتيال مشتركة نفذتها إسرائيل والولايات المتحدة، وفق تقارير مختلفة.

وخلال العقود التي مرت منذ ذلك الحين، تراكمت الكثير من الأدلة التي تناقض استنتاجات اللجنة العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك التحقيق الأول الذي نشره الصحفي الإسرائيلي رونين بيرغمان في ملحق "هآرتس" عام 1998، والذي ذكر أن الحديث يدور عن هجوم، وأن "لجنة التحقيق تجاهلت الأدلة وأخفى الجيش والشاباك المعلومات عن العائلات الثكلى والجمهور لاعتبارات معنوية وسياسية".

لكن، فقط في عام 2022، وبعد ضغوط من عائلات القتلى، قرر رئيس جهاز الشاباك رونين بار إعادة فحص النتائج، في الذكرى الأربعين للحادث.

وقرر فريق التحقيق الذي أنشأه بار في ذلك العام أن "الشك في أن الحديث يدور عن هجوم يزداد قوة"، ونتيجة لذلك، تم تشكيل فريق التحقيق المشترك، الذي نُشرت نتائجه اليوم، وفق "هآرتس".

وتشكل فريق التحقيق الإسرائيلي من عشرات الأشخاص، بما في ذلك أعضاء بالشاباك والجيش والشرطة والصناعات الدفاعية والأوساط الأكاديمية، وترأسه اللواء (احتياط) أمير أبو العافية.

وبين أمور أخرى، اكتشف فريق التحقيق تفاصيل لم تكن معروفة من قبل، من بينها العثور على جثة منفذ الهجوم ومحرك السيارة المفخخة التي فجرها في مكان الحادث.

وقام الفريق بإجراء تحليل للمبنى المنهار وفحص النتائج التي توصل إليها تشريح الجثث في معهد الطب الشرعي بإسرائيل.

إلى جانب ذلك، اعتمد الفريق أيضًا على شهادات جنود الجيش الإسرائيلي والمواطنين اللبنانيين التي نُشرت في تحقيق "هآرتس" عام 1998، وكذلك على المعلومات العلنية التي نشرها "حزب الله".

ويقول "حزب الله" إن منفذ العملية بمدينة صور جنوبي لبنان هو "أحمد قصير" (17 عاما)، الذي يعتبره "أول شهيد" للحزب بعد إعلان تأسيسه عام 1982.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من العام التالي 1983، أدى انفجار سيارة مفخخة قرب بوابة مدخل مقر قيادة الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود في صور إلى مقتل 59 شخصًا، بينهم 16 عنصرا إسرائيليا من شرطة حرس الحدود و9 جنود الجيش و3 من أفراد الشاباك، بجانب 31 معتقلاً لبنانياً، فيما اصطلح إعلاميا داخل إسرائيل على تسميتها "كارثة صور الثانية".

المصدر : وكالة سوا - الاناضول

مقالات مشابهة

  • مقدمات النشرات المسائية
  • كير ستارمر.. أول رسالة من رئيس وزراء بريطانيا الجديد: "الوطن أولا والحزب ثانيا"
  • كير ستارمر.. أول رسالة من رئيس وزراء بريطانيا الجديد: الوطن أولا والحزب ثانيا
  • تصعيد متجدّد على الجبهة.. إسرائيل تستدرج لبنان إلى الحرب؟!
  • باسيل يحسّن علاقاته الحزبية ويفتح خطوط تودد
  • حزب الله يطلق 200 صاروخ على إسرائيل مع استمرار العدوان على غزة  
  • بعد محاولة وصل ما انقطع.. هل يرفع حزب الله الثمن مقابل عودة باسيل؟!
  • باسيل: اسرائيل عاجزة عن شن حرب شاملة على لبنان
  • نحن ضد ربط جبهة لبنان بغزة.. باسيل: لا نريد حربا لم نقررها
  • إسرائيل تكشف تفاصيل الهجوم على مقر الجيش في لبنان عام 82