التقاء نهرين بلونين مختلفين دون امتزاج في الصين (فيديو)
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
في مشهد مبهر يلفت أنظار كل من رآه، وثقته عدسة إحدى الكاميرات لالتقاء نهرين بالصين دون امتزاج، الأمر الذي بات محل دهشة وإثارة كل من شاهده، وجرى تداول العديد من الصور لهذا المنظر الاستنثائي على منصات التواصل الاجتماعي فما سبب هذه الظاهرة؟
نهران يلتقيان بدون امتزاج في الصينتجدر الإشارة إلى أن النهر الأول يسمى «كودام» الذي تتخذ مياهه اللون الأزرق السماوي الفاتح والذي يمر عبر حوض كوايدام بالصين، وتحيط به الجبال المغطأة بالثلوج ومراعي الحيوانات البرية.
【Video】A unique landscape was created in Dulan county, NW China’s Qinghai Province, at the junction where two rivers of distinct colors converge and run side by side towards the distance. pic.twitter.com/gHIb02KqKI
— Global Times (@globaltimesnews) November 18, 2024النهر الثاني يسمى «وولانسوسو»الذي يمر من بحيرة ألاك الموجودة على الحدود الجنوبية لحوض كوايدام، ويتميز بلونه الأحمر الغامق نتيجة لتراكم أكاسيد الحديد في صخوره الرسوبية، فقد التقى النهران الموجودان بالصين تحديدًا في بلدة «شيانغجيا» ليكونوا في الأخير منظرًا فريدًا من نوعه بحسب صحيفة «ذا صن» البريطانية.
ما سبب حدوث الظاهرة النادرة؟يرجع حدوث تلك الظاهرة الفريدة من نوعها، إلى اختلاف المنشأ بين النهرين بالإضافة إلى الرواسب الموجودة في كل نهر، واختلاف الكثافة بين النهرين وهو السبب وراء عدم اختلاطهما سويًا.
لا يقتصر الأمر على الكثافة واختلاف المنشأ فحسب، إلا أن اختلاف درجة الحرارة عامل أساسي في عدم التقائهما، فمياه نهر «كوادام» هي أكثر برودة وذلك بسبب مرورها عبر المناطق الجبلية المغطاة بالثلوج، بينما النهر الآخر هي أكثر دفئا، ويساعد الاختلاف في درجات الحرارة على تعزيز استقرار طبقات المياه ومنع اختلاطهم ليظهر التقاء النهرين دون امتزاج على شكل حرف Y وكأنها لوحة طبيعية من صنع الخالق.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: نهرين ظاهرة فريدة
إقرأ أيضاً:
النموذج الانتفاضي ومسارات المقاومة الحضارية الشاملة.. قاموس المقاومة (53)
تتلازم الظاهرة الانتفاضية مع الظاهرة الكولونيالية، وكلما زادت الكولونيالية شراسة وعنفا كلما اشتدت الظاهرة الانتفاضية وازدادت قوة واستمرارية حتى تحقق أهدافها، وهي متلازمة كذلك مع الظاهرة الاستبدادية في إطار النظام السياسي، تنفجر بقوة مع انتشار الظلم والاستغلال وكبت الحريات وهضم الحقوق.
ودائما يحاول الطرف المعتدي في الحالتين إجهاض الانتفاضة أو القضاء عليها؛ حيث يميز "عبد الوهاب الأفندي" في تناوله للظاهرة الانتفاضية في المجتمع الإنساني بين ثلاثة أنواع من الانتفاضات التي عرفها العالم؛ انتفاضات ضد أنظمة وطنية مستبدة، وفيها تكون المواجهة بين الشعب بأكمله وبين السلطة المعزولة وأجهزتها القمعية، وانتفاضات ضد سلطة استعمارية، وانتفاضات لا يواجه فيها الشعب نظاما معزولا أو أجنبيا، بل نظاما له جذوره، كانتفاضة الشعب الفلسطيني ضد نظام الاستعمار الاستيطاني الإحلالي الصهيوني، والانتفاضة ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
واعتقد الأفندي أن ما حققته الانتفاضة المدنية في جنوب أفريقيا كان أكبر بكثير مما قدرت عليه فصائل العمل المسلح ضد الجيش المتفوق هناك، حيث بدت الأمور بين هذين الطرفين وكأنها حرب، يؤكد على ذلك "الدكتور بشير أبو القرايا" في دراسته الضافية حول الانتفاضة "النموذج الانتفاضي الفلسطيني: دراسة في الحركة الوطنية والظاهرة الإسلامية".
ويشير "قدري حفني" إلى أن التاريخ يزخر بقائمة تطول ولا تنتهي من الخبرات الانتفاضية لشعوب جمعتها مقاومة الاستعمار بأشكاله؛ ساعية إلى التحرر منه، من الهند إلى الجزائر إلى فيتنام إلى جنوب أفريقيا إلى كوبا إلى مصر إلى الصين إلى لبنان إلى اليمن إلى فرنسا، معتبرا أن نماذج مقاومة تلك الشعوب تتنوع إلى حد يفوق الحصر، وفقا للظروف التاريخية وطبيعة الاحتلال وطبيعة التحالفات الدولية.
وفي ضوء ذكره لنموذج العصيان المدني الهندي، ونموذج الحرب الشعبية الفيتنامية، ونموذج حرب التحرير الجزائرية، إلى جانب حركة المقاومة الفرنسية، ونماذج الهبات الشعبية المصرية في مواجهة الاحتلال الفرنسي فالإنجليزي، إلى جانب نموذج المقاومة في جنوب أفريقيا؛ لاحظ "حفني" أن تلك النماذج الانتفاضية تضم العديد من وسائل المقاومة، وأن كل حركة من حركات المقاومة تنوع وتبدل من أساليب نضالها عبر تطور مسارها التاريخي، ووفقا لما تثبته من نجاح أو إخفاق كل من تلك الأساليب في تحقيق الأهداف المرجوة. وخلص إلى أن ما يصلح كنموذج للمقاومة لشعب معين قد يمثل خطرا داهما بالنسبة لشعب مقاوم آخر، والأسلوب المناسب لشعب في مرحلة ما قد يصبح خطرا عليه في مرحلة أخرى. والأمر منوط في النهاية بحنكة ووعي القيادة السياسية لحركة المقاومة، بحيث تختار النموذج الأنسب والأداة الأصلح لنضالها.
مثل هذه الإسهامات وغيرها الكثير تؤكد على أن الظاهرة الانتفاضية ظاهرة متأصلة في المجتمع العربي والإسلامي، شأنه شأن المجتمعات الإنسانية الأخرى، وهي سمة من سماته؛ ترتبط بالنسق المعرفي والإطار المرجعي للإسلام، وتتلازم في محتواها الفكري وإطارها الحركي مع منظومة القيم الإسلامية، وعلى رأسها مفهوم التوحيد، تلك القيمة المطلقة التي يندرج في إطارها ويتفرع منها مجمل هذه القيم.
وتتسم الظاهرة الانتفاضية أيضا ببناء فكري متميز لارتباطها بشبكة المفاهيم الإسلامية، التي تجعل من مفهوم الانتفاضة مرادفا إلى حد كبير لمفهوم الجهاد أو صورة من صوره أو إحدى تجلياته، ومن ثم فحكمها الفقهي هو حكم مفهوم الجهاد نفسه. فمفهوم الجهاد والمقاومة والمدافعة من المفاهيم الكلية الشاملة التي تندرج تحتها جملة من المفاهيم المساندة والداعمة للفعل المقاوم على تنوع أشكاله وأوعيته وميادينه، ومجالاته المتعددة، والمتنوعة، والمتجددة.
إذا كنا قد تعرفنا على الظاهرة الانتفاضية (في فلسطين) ومنظومة وشبكة مفاهيمها (الانتفاضة لغة؛ مبنى ومعنى؛ اشتقاقا ومغزى؛ وذاكرة حضارية وتاريخا؛ وتكوينا في الظاهرة الإنسانية وارتباطا وتلازما)، فماذا عن النموذج الانتفاضي في الخبرة الفلسطينية الممتدة بعد الاغتصاب الصهيوني وإعلان دولته العميلة والوظيفية لحضارة الغرب، والمغتصبة والمحتلة للأرض الفلسطينية؟ ماذا عن التعبير عنها كنموذج معرفي وحركي؟
إن الانتفاضة الفلسطينية ليست مرحلة من مراحل الكفاح الوطني الفلسطيني، كما أشار إلى ذلك البعض الذي تصور أنها تفجرت فقط في العام 1987 كمرحلة خامسة من مراحل النضال الفلسطيني، وإنما هي ظاهرة أصيلة تزامن ظهورها مع استيطان الاستعمار الصهيوني في أرض فلسطين، وستظل قائمة طالما بقيت الأمة العربية والإسلامية وطالما بقي المستعمر. ورغم أنها تتصاعد أحيانا وتخبو أحيانا أخرى، إلا أنها تظل توصف بالاستمرارية والشمولية والتصاعد إلى أن يتم التخلص من المستعمر والتحرر منه.
لذلك، فالظاهرة الانتفاضية الفلسطينية الوجه الآخر لتجربة الكفاح الوطني الفلسطيني برمته التي بدأت مع نشوء أول مستوطنة صهيونية على أرض فلسطين في العام 1881، وما زالت مستمرة حتى الآن. ولذلك نؤكد مع من أشار بأن تاريخ النضال الوطني الفلسطيني تاريخ حافل بالانتفاضات الشعبية، يقصد استمراريتها كظاهرة؛ كما أكدنا مرارا وتكرارا أنه من خلال المعارف والأحداث الكبرى والمفصلية تتولد النماذج، سواء كانت نماذج معرفية كما سبقت الإشارة إليه؛ تؤثر في الوسط المعرفي والعلمي والبحثي والحضاري جملة، كما تستدعي نماذج تاريخية في التاريخ والذاكرة الحضارية، وتقدم نماذج حركية فضلا عن تجلياتها النظامية والمؤسسية.
"النموذج المعرفي" كما يعرفه أستاذنا المرحوم الدكتور المسيري هو الذي يحاول أن يصل إلى الصيغ الكلية والنهائية للوجود الإنساني؛ وهو لا يُعنَى بالتفاصيل والجزئيات قدر عنايته بالكليات والعموميات ومن ثم النموذج المعرفي الإسلامي؛ هو الرؤية المعرفية الكلية التي يقدمها الإسلام. ويعتبر النموذج المعرفي كما وصفه أستاذنا بمثابة إطار لتحليل وتفسير الظواهر الإنسانية من خلال منظور شامل وموحد، حيث يؤكد أن مثل هذه النماذج هي بنيات عقلية تشكل فهمنا للعالم، وتوجه البحث لجذور ونتائج الظواهر المختلفة.
ففي رحلته المعرفية يحكي المسيري: "ظهرت في حياتي ثلاث موضوعات أساسية مترابطة متزامنة.. هذه الموضوعات هي: الانتقال من الموضوعية الفوتوغرافية (المتلقية والتوثيقية والمادية والمنفصلة عن القيمة) إلى الموضوعية الاجتهادية، ورفض العقل السلبي وتبني رؤية توليدية للعقل، وأخيرا رفض الرصد المباشر وتبني النموذج منهجا في التحليل".
ولم يكن تفكير المسيري بشأن الانتفاضة بعيدا عن فكرته الواضحة والفصيحة في النماذج المعرفية والإدراكية، بل إن قراءة في كتاب الدكتور المسيري الذي جعل حقوق الكتاب محفوظة للأمة بأسرها؛ تؤكد على هذه الرؤية. وقد جاء هذا الكتاب القديم الجديد والمتجدد دوما بعنوان "الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية: دراسة في الإدراك والكرامة"، والذي ضمنه استشرافا قيما، وذلك حينما كتب رحمه الله أن "انتفاضة الحجارة أكدت للجماهير مرة أخرى أن متتالية (سيناريو) الكرامة ممكنة، وأن العقلاء بيننا الذين يدعون للتعقل إنما هم تجار يودون بيع الوطن أو على الأقل تأجيره مفروشا، ولذا فالانتفاضة خلقت مناخا جديدا في النفوس ويمكن لمن يريد أن يحرك هذه الأمة أن يفعل: لقد علمتنا الانتفاضة كيف يذوب جليد اليأس الذي يخلق الإحساس بالعدمية، وكيف تولد البراعم في النفوس فينهض الناس ويحملون حجرا ويعملون كلمة الحق ويحولون المعرفة إلى فضيلة".
ولذا فإننا نؤكد من أن الظاهرة الانتفاضية شكلت نموذجا معرفيا بمكوّناته الخمسة:
الأول، رؤية للعالم والعوالم التي شكّلت موضع الظاهرة الانتفاضية من معنى الإنسانية والعالمية بمفهومها الإنساني الإسلامي، والرؤية التوحيدية للكون والإنسان والحياة؛ المفعمة بالقيمي والعمران الكوني والاستخلاف الإنساني.
الثاني، الرؤى الانتفاضية وجهازها المفاهيمي والفكري، إذ شكلّ هذا الجهاز المفاهيمي التدافع والجهاد والمقاومة والعزة والكرامة والدفاع عن حياض الأمة، والظاهرة الانتفاضية والحالة الانتفاضية والنظام الانتفاضي والنموذج الانتفاضي في الأمة.
الثالث، الأطر النظرية والمنهجية، ومن المهم أن نؤكد أنّ الحالة الانتفاضية توفّرت لها إمكاناتٌ كبيرةٌ في البحث العلمي، واستطاعت أنّ توظّف أبنية تصوّرية ومنهجية مُحْكَمة، وقد برز مجالا مهما للدراسات الانتفاضية وكل ما يتعلق بالمقاومة وأشكالها المختلفة وأهمية المنظور الحضاري في هذا المقام.
الرابع، أنّ من أكثر المناطق التي انطلقت إليها الدراسات الانتفاضية قواعد التفسير؛ التفسير الحقوقي وكذا القيمي وحركة الاهتمام الإنساني في كامل المعمورة.
أمّا الخامس، فيتعلّق بالإشكالات الأجدر بالتناول كما يحدّدها النموذج الانتفاضي ونماذجُه المعرفية، والذي نؤكد في سياقاته أهمية تصاعد الدراسات حول الأمة وإحيائها ونهوضها، والدراسات حول طبيعة صراع الأمة مع الكيان الصهيوني، إلى غير ذلك من موضوعات تسهم في صناعة الوعي ومواجهة الغزو المعنوي والدعاية الخبيثة، والحروب النفسية، والتسميم الحضاري والسياسي.
هكذا تشكل أنواع الانتفاضات المختلفة إرهاصا مهما ومنعطفا تاريخيا كبيرا ضمن النموذج الانتفاضي وعلى رأسها طوفان الأقصى؛ فتشق طريقا لمسارات مهمة في المقاومة الحضارية الشاملة.
x.com/Saif_abdelfatah