تتلازم الظاهرة الانتفاضية مع الظاهرة الكولونيالية، وكلما زادت الكولونيالية شراسة وعنفا كلما اشتدت الظاهرة الانتفاضية وازدادت قوة واستمرارية حتى تحقق أهدافها، وهي متلازمة كذلك مع الظاهرة الاستبدادية في إطار النظام السياسي، تنفجر بقوة مع انتشار الظلم والاستغلال وكبت الحريات وهضم الحقوق.

ودائما يحاول الطرف المعتدي في الحالتين إجهاض الانتفاضة أو القضاء عليها؛ حيث يميز "عبد الوهاب الأفندي" في تناوله للظاهرة الانتفاضية في المجتمع الإنساني بين ثلاثة أنواع من الانتفاضات التي عرفها العالم؛ انتفاضات ضد أنظمة وطنية مستبدة، وفيها تكون المواجهة بين الشعب بأكمله وبين السلطة المعزولة وأجهزتها القمعية، وانتفاضات ضد سلطة استعمارية، وانتفاضات لا يواجه فيها الشعب نظاما معزولا أو أجنبيا، بل نظاما له جذوره، كانتفاضة الشعب الفلسطيني ضد نظام الاستعمار الاستيطاني الإحلالي الصهيوني، والانتفاضة ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.



واعتقد الأفندي أن ما حققته الانتفاضة المدنية في جنوب أفريقيا كان أكبر بكثير مما قدرت عليه فصائل العمل المسلح ضد الجيش المتفوق هناك، حيث بدت الأمور بين هذين الطرفين وكأنها حرب، يؤكد على ذلك "الدكتور بشير أبو القرايا" في دراسته الضافية حول الانتفاضة "النموذج الانتفاضي الفلسطيني: دراسة في الحركة الوطنية والظاهرة الإسلامية".

ويشير "قدري حفني" إلى أن التاريخ يزخر بقائمة تطول ولا تنتهي من الخبرات الانتفاضية لشعوب جمعتها مقاومة الاستعمار بأشكاله؛ ساعية إلى التحرر منه، من الهند إلى الجزائر إلى فيتنام إلى جنوب أفريقيا إلى كوبا إلى مصر إلى الصين إلى لبنان إلى اليمن إلى فرنسا، معتبرا أن نماذج مقاومة تلك الشعوب تتنوع إلى حد يفوق الحصر، وفقا للظروف التاريخية وطبيعة الاحتلال وطبيعة التحالفات الدولية.

وفي ضوء ذكره لنموذج العصيان المدني الهندي، ونموذج الحرب الشعبية الفيتنامية، ونموذج حرب التحرير الجزائرية، إلى جانب حركة المقاومة الفرنسية، ونماذج الهبات الشعبية المصرية في مواجهة الاحتلال الفرنسي فالإنجليزي، إلى جانب نموذج المقاومة في جنوب أفريقيا؛ لاحظ "حفني" أن تلك النماذج الانتفاضية تضم العديد من وسائل المقاومة، وأن كل حركة من حركات المقاومة تنوع وتبدل من أساليب نضالها عبر تطور مسارها التاريخي، ووفقا لما تثبته من نجاح أو إخفاق كل من تلك الأساليب في تحقيق الأهداف المرجوة. وخلص إلى أن ما يصلح كنموذج للمقاومة لشعب معين قد يمثل خطرا داهما بالنسبة لشعب مقاوم آخر، والأسلوب المناسب لشعب في مرحلة ما قد يصبح خطرا عليه في مرحلة أخرى. والأمر منوط في النهاية بحنكة ووعي القيادة السياسية لحركة المقاومة، بحيث تختار النموذج الأنسب والأداة الأصلح لنضالها.

مثل هذه الإسهامات وغيرها الكثير تؤكد على أن الظاهرة الانتفاضية ظاهرة متأصلة في المجتمع العربي والإسلامي، شأنه شأن المجتمعات الإنسانية الأخرى، وهي سمة من سماته؛ ترتبط بالنسق المعرفي والإطار المرجعي للإسلام، وتتلازم في محتواها الفكري وإطارها الحركي مع منظومة القيم الإسلامية، وعلى رأسها مفهوم التوحيد، تلك القيمة المطلقة التي يندرج في إطارها ويتفرع منها مجمل هذه القيم.

وتتسم الظاهرة الانتفاضية أيضا ببناء فكري متميز لارتباطها بشبكة المفاهيم الإسلامية، التي تجعل من مفهوم الانتفاضة مرادفا إلى حد كبير لمفهوم الجهاد أو صورة من صوره أو إحدى تجلياته، ومن ثم فحكمها الفقهي هو حكم مفهوم الجهاد نفسه. فمفهوم الجهاد والمقاومة والمدافعة من المفاهيم الكلية الشاملة التي تندرج تحتها جملة من المفاهيم المساندة والداعمة للفعل المقاوم على تنوع أشكاله وأوعيته وميادينه، ومجالاته المتعددة، والمتنوعة، والمتجددة.

إذا كنا قد تعرفنا على الظاهرة الانتفاضية (في فلسطين) ومنظومة وشبكة مفاهيمها (الانتفاضة لغة؛ مبنى ومعنى؛ اشتقاقا ومغزى؛ وذاكرة حضارية وتاريخا؛ وتكوينا في الظاهرة الإنسانية وارتباطا وتلازما)، فماذا عن النموذج الانتفاضي في الخبرة الفلسطينية الممتدة بعد الاغتصاب الصهيوني وإعلان دولته العميلة والوظيفية لحضارة الغرب، والمغتصبة والمحتلة للأرض الفلسطينية؟ ماذا عن التعبير عنها كنموذج معرفي وحركي؟

إن الانتفاضة الفلسطينية ليست مرحلة من مراحل الكفاح الوطني الفلسطيني، كما أشار إلى ذلك البعض الذي تصور أنها تفجرت فقط في العام 1987 كمرحلة خامسة من مراحل النضال الفلسطيني، وإنما هي ظاهرة أصيلة تزامن ظهورها مع استيطان الاستعمار الصهيوني في أرض فلسطين، وستظل قائمة طالما بقيت الأمة العربية والإسلامية وطالما بقي المستعمر. ورغم أنها تتصاعد أحيانا وتخبو أحيانا أخرى، إلا أنها تظل توصف بالاستمرارية والشمولية والتصاعد إلى أن يتم التخلص من المستعمر والتحرر منه.

لذلك، فالظاهرة الانتفاضية الفلسطينية الوجه الآخر لتجربة الكفاح الوطني الفلسطيني برمته التي بدأت مع نشوء أول مستوطنة صهيونية على أرض فلسطين في العام 1881، وما زالت مستمرة حتى الآن. ولذلك نؤكد مع من أشار بأن تاريخ النضال الوطني الفلسطيني تاريخ حافل بالانتفاضات الشعبية، يقصد استمراريتها كظاهرة؛ كما أكدنا مرارا وتكرارا أنه من خلال المعارف والأحداث الكبرى والمفصلية تتولد النماذج، سواء كانت نماذج معرفية كما سبقت الإشارة إليه؛ تؤثر في الوسط المعرفي والعلمي والبحثي والحضاري جملة، كما تستدعي نماذج تاريخية في التاريخ والذاكرة الحضارية، وتقدم نماذج حركية فضلا عن تجلياتها النظامية والمؤسسية.

"النموذج المعرفي" كما يعرفه أستاذنا المرحوم الدكتور المسيري هو الذي يحاول أن يصل إلى الصيغ الكلية والنهائية للوجود الإنساني؛ وهو لا يُعنَى بالتفاصيل والجزئيات قدر عنايته بالكليات والعموميات ومن ثم النموذج المعرفي الإسلامي؛ هو الرؤية المعرفية الكلية التي يقدمها الإسلام. ويعتبر النموذج المعرفي كما وصفه أستاذنا بمثابة إطار لتحليل وتفسير الظواهر الإنسانية من خلال منظور شامل وموحد، حيث يؤكد أن مثل هذه النماذج هي بنيات عقلية تشكل فهمنا للعالم، وتوجه البحث لجذور ونتائج الظواهر المختلفة.

ففي رحلته المعرفية يحكي المسيري: "ظهرت في حياتي ثلاث موضوعات أساسية مترابطة متزامنة.. هذه الموضوعات هي: الانتقال من الموضوعية الفوتوغرافية (المتلقية والتوثيقية والمادية والمنفصلة عن القيمة) إلى الموضوعية الاجتهادية، ورفض العقل السلبي وتبني رؤية توليدية للعقل، وأخيرا رفض الرصد المباشر وتبني النموذج منهجا في التحليل".

ولم يكن تفكير المسيري بشأن الانتفاضة بعيدا عن فكرته الواضحة والفصيحة في النماذج المعرفية والإدراكية، بل إن قراءة في كتاب الدكتور المسيري الذي جعل حقوق الكتاب محفوظة للأمة بأسرها؛ تؤكد على هذه الرؤية. وقد جاء هذا الكتاب القديم الجديد والمتجدد دوما بعنوان "الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية: دراسة في الإدراك والكرامة"، والذي ضمنه استشرافا قيما، وذلك حينما كتب رحمه الله أن "انتفاضة الحجارة أكدت للجماهير مرة أخرى أن متتالية (سيناريو) الكرامة ممكنة، وأن العقلاء بيننا الذين يدعون للتعقل إنما هم تجار يودون بيع الوطن أو على الأقل تأجيره مفروشا، ولذا فالانتفاضة خلقت مناخا جديدا في النفوس ويمكن لمن يريد أن يحرك هذه الأمة أن يفعل: لقد علمتنا الانتفاضة كيف يذوب جليد اليأس الذي يخلق الإحساس بالعدمية، وكيف تولد البراعم في النفوس فينهض الناس ويحملون حجرا ويعملون كلمة الحق ويحولون المعرفة إلى فضيلة".

ولذا فإننا نؤكد من أن الظاهرة الانتفاضية شكلت نموذجا معرفيا بمكوّناته الخمسة:

الأول، رؤية للعالم والعوالم التي شكّلت موضع الظاهرة الانتفاضية من معنى الإنسانية والعالمية بمفهومها الإنساني الإسلامي، والرؤية التوحيدية للكون والإنسان والحياة؛ المفعمة بالقيمي والعمران الكوني والاستخلاف الإنساني.

الثاني، الرؤى الانتفاضية وجهازها المفاهيمي والفكري، إذ شكلّ هذا الجهاز المفاهيمي التدافع والجهاد والمقاومة والعزة والكرامة والدفاع عن حياض الأمة، والظاهرة الانتفاضية والحالة الانتفاضية والنظام الانتفاضي والنموذج الانتفاضي في الأمة.

الثالث، الأطر النظرية والمنهجية، ومن المهم أن نؤكد أنّ الحالة الانتفاضية توفّرت لها إمكاناتٌ كبيرةٌ في البحث العلمي، واستطاعت أنّ توظّف أبنية تصوّرية ومنهجية مُحْكَمة، وقد برز مجالا مهما للدراسات الانتفاضية وكل ما يتعلق بالمقاومة وأشكالها المختلفة وأهمية المنظور الحضاري في هذا المقام.

الرابع، أنّ من أكثر المناطق التي انطلقت إليها الدراسات الانتفاضية قواعد التفسير؛ التفسير الحقوقي وكذا القيمي وحركة الاهتمام الإنساني في كامل المعمورة.

أمّا الخامس، فيتعلّق بالإشكالات الأجدر بالتناول كما يحدّدها النموذج الانتفاضي ونماذجُه المعرفية، والذي نؤكد في سياقاته أهمية تصاعد الدراسات حول الأمة وإحيائها ونهوضها، والدراسات حول طبيعة صراع الأمة مع الكيان الصهيوني، إلى غير ذلك من موضوعات تسهم في صناعة الوعي ومواجهة الغزو المعنوي والدعاية الخبيثة، والحروب النفسية، والتسميم الحضاري والسياسي.

هكذا تشكل أنواع الانتفاضات المختلفة إرهاصا مهما ومنعطفا تاريخيا كبيرا ضمن النموذج الانتفاضي وعلى رأسها طوفان الأقصى؛ فتشق طريقا لمسارات مهمة في المقاومة الحضارية الشاملة.

x.com/Saif_abdelfatah

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتفاضة مقاومة المفاهيم مقاومة انتفاضة مفاهيم مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر في ٢٠٢٤.. جولات خارجية تعزز الرسائل الحضارية وتدعم القضايا الإسلامية

شهد عام 2024 سلسلة من الزيارات الخارجية للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والتي أسهمت في تعزيز مكانة الأزهر كإحدى أبرز المؤسسات الدينية والفكرية على المستويين العربي والعالمي. 

تسيير قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء بشمال سيناء رئيس حكومة بنجلاديش: جامعة الأزهر مرتكز علمي جوهري في الشرق

جاءت هذه الزيارات في إطار تعزيز الحوار بين الثقافات وترسيخ قيم التسامح والسلام، إضافة إلى تسليط الضوء على التحديات الإنسانية المشتركة، مثل أزمة التغير المناخي. كما أبرزت التزام الأزهر الشريف بدعم القضايا العربية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وذلك في ظل تصاعد الجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة، واستمرار الانتهاكات المتزايدة بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني.

شملت زيارات الإمام الأكبر دولًا عدة، منها: ماليزيا وإندونيسيا وتايلاند والإمارات وأذربيجان، حيث التقى ملوكًا ورؤساء وقادة سياسيين ودينيين، وناقش قضايا إسلامية ودولية ركزت على دور الأزهر في نشر الفكر الوسطي ومكافحة التطرف، إلى جانب الدعوة لتبني نهج التعاون المشترك لمعالجة القضايا البيئية والإنسانية.

زيارات حافلة بالرسائل الحضارية
ماليزيا (1-4 يوليو 2024):
 

استهل الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر جولاته الخارجية بزيارة إلى ماليزيا وذلك استجابة لدعوة رسمية من رئيس الوزراء أنور إبراهيم، حيث استقبله الملك، إبراهيم بن السلطان إسكندر استقبالًا حافلًا، وذلك بعدما أوقف زيارته المقررة إلى ولاية جوهور خصيصًا للقاء شيخ الأزهر. وخلال اللقاء، عبّر ملك ماليزيا عن تقديره الكبير لدور الأزهر الشريف في مكافحة التطرف ونشر قيم الوسطية، مؤكدًا تطلعه الدائم لتعزيز التعاون مع هذه المؤسسة العريقة.

في إطار الزيارة، ألقى الإمام الأكبر محاضرة مميزة في الجامعة الإسلامية العالمية، تناول فيها سبل مواجهة التحديات المعاصرة التي تعصف بالعالم الإسلامي، مشددًا على أهمية التعليم الديني المعتدل كركيزة أساسية لبناء مجتمعات مستقرة وآمنة.

كما شهدت الزيارة حدثًا بارزًا، حيث افتتح الإمام الأكبر برفقة رئيس الوزراء الماليزي مجلسًا مخصصًا لعلماء وشباب الباحثين في ماليزيا، كان هذا المجلس منصة مثالية للتباحث حول وسطية الإسلام، وسماحته، ودوره في تعزيز الأخوة والوئام داخل المجتمعات.

تايلاند (5-8 يوليو 2024):
 

حظيت زيارة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إلى مملكة تايلاند بترحيب رسمي وشعبي مميز يعكس مكانته كرمز عالمي للإسلام. في بداية زيارته، التقى فضيلته الملك ماها فاجيرا لونجكورن والسيدة قرينته، حيث دار بينهما حديث عميق حول أهمية تعزيز قيم التسامح الديني والتعايش السلمي في المجتمعات التي تتميز بتعدد الثقافات. عبّر الملك عن تقديره الكبير لدور الأزهر الشريف في نشر الاعتدال وترسيخ القيم الإنسانية، مؤكدًا على أهمية التعاون لتعزيز هذه الرسالة العالمية.

وفي لقاء آخر، اجتمع شيخ الأزهر برئيس الوزراء التايلاندي، سريتا تافيسين، لبحث سبل توثيق التعاون بين الأزهر وتايلاند، خصوصًا في مجالات التعليم والتدريب الديني. تضمن النقاش مقترحات لتوسيع المنح الدراسية المقدمة للطلاب التايلانديين للدراسة في الأزهر الشريف، بالإضافة إلى تقديم برامج تدريبية للأئمة والدعاة في تايلاند، بهدف ترسيخ الخطاب الوسطي ومواجهة الأفكار المتطرفة، وخلال الزيارة، سلط فضيلته الضوء أيضًا على القضية الفلسطينية، مستنكرًا العدوان الإسرائيلي على غزة والممارسات الإجرامية التي تسببت في استشهاد آلاف المدنيين، ومؤكدًا على ضرورة تكاتف الدول الإسلامية لدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.

كما قام الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر بزيارة تاريخية للبرلمان التايلاندي حيث رحب السيد وان محمد نور ماثا، رئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس النواب بمملكة تايلاند، مؤكدًا أن زيارة فضيلة الإمام الأكبر للبرلمان التايلاندي هي صفحة تاريخيّة مضيئة في سجلات البرلمان التايلاندي، وأنَّه يشعر بالفخر والامتنان لكون هذه الزيارة هي أول زيارة لشيخ من شيوخ الأزهر للبرلمان التايلاندي، وهو أمر سيتذكره التايلانديون، وسيظل محفورًا في ذاكرة البرلمان التايلاندي.
وأعرب رئيس البرلمان التايلاندي عن تقديره لفضيلة الإمام الأكبر وللأزهر الشريف على حسن استضافة طلاب تايلاند الدارسين في مختلف الكلية والمعاهد الأزهرية، والذين يزيد عددهم على ٣٠٠٠ طالبٍ وطالبة، وتقديم ١٦٠ منحة دراسية سنوية لمسلمي تايلاند، واستضافة وفود أئمَّة تايلاند للتدريب في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، مشيرًا إلى أن معظم -إن لم يكن كل- خريجي الأزهر في تايلاند يتواجدون في مناصب مرموقة في مختلف الوزارات والهيئات، فهم الآن كبار علماء تايلاند وأئمتها، ومنهم القضاة والمعلمون والأطباء.

وخلال اللقاء، قرَّر شيخ الأزهر زيادة أعداد   المبعوثين الأزهريين إلى تايلاند؛ استجابةً لطلب رئيس البرلمان التايلاندي، ليصبح العدد ٢١ مبعوثًا بدلًا من ١٥، وتكثيف الدورات التدريبية لأئمة تايلاند في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمَّة والوعاظ، وتصميم برنامج خاص يقوم على إعداده كبار علماء الأزهر وأساتذته بما يناسب طبيعة المجتمع التايلاندي.

إندونيسيا (8-11 يوليو 2024):
 

زار الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إندونيسيا خلال الفترة من 8 إلى 11 يوليو 2024، وذلك في إطار جولته حيث شهدت الزيارة جدولاً حافلاً بالفعاليات واللقاءات التي أكدت على الدور المحوري للأزهر الشريف في تعزيز الوسطية والتعاون الإسلامي.

بدأت الزيارة باستقبال رسمي مهيب في مطار سوكارنو هاتا بالعاصمة جاكرتا، حيث كان في استقبال شيخ الأزهر عدد من المسؤولين الحكوميين والدينيين البارزين. كما استُقبل بحفاوة شعبية عارمة، حيث احتشد الآلاف من أعضاء الجمعيات الإسلامية الكبرى مثل جمعية نهضة العلماء والجمعية المحمدية. في لفتة رمزية مليئة بالتقدير، في تقليد يعكس التواضع والاحترام العميق لشخصية فضيلته.

وخلال الزيارة، التقى شيخ الأزهر بالرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في القصر الرئاسي، حيث ناقشا سبل تعزيز التعاون بين الأزهر وإندونيسيا في مجال التعليم، وتوسيع برامج المنح الدراسية للطلاب الإندونيسيين بالأزهر. إضافة إلى توقيع بروتوكولات تعاون أكاديمية مع جامعة الأزهر. 

كما ألقى محاضرات تناولت دور التعليم في نشر الوسطية ومواجهة الأفكار المتطرفة، مشيدًا بجهود المؤسسات الدينية الإندونيسية في ترسيخ الهوية الإسلامية المعتدلة.

وفي لقاء آخر، اجتمع مع وزير الدفاع والرئيس المنتخب برابوو سوبيانتو. تناول اللقاء القضايا المشتركة، بما في ذلك التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، مثل الإسلاموفوبيا، وضرورة التعاون لمواجهة التطرف، مع التأكيد على الدور الريادي للأزهر في نشر الوسطية، كما أكد فضيلته خلال الزيارة على دعمه الثابت للقضية الفلسطينية، مشددًا على رفض الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في غزة، وداعيًا المجتمع الدولي إلى وقف العدوان ومساندة الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع.

الإمارات (15-17 سبتمبر 2024):
 

زار شيخ الأزهر دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى صاحب السمو، الشيخ محمد بن زايد، رئيس الدولة، وناقش سبل تعزيز التعاون في نشر قيم التسامح وتأصيل ثقافة التَّعايش والحوار الحضاري والسِّلم بين مختلف الثقافات والشعوب في العالم، إلى جانب التَّصدي لخطاب الكراهية والتطرف، والعمل على تفعيل دور علماء الأديان وحكمائها في مواجهة التَّحديات الإنسانية المعاصرة.

وأشاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء بالجهود المقدرة التي يبذلها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في نشر رسالة التَّسامح والتَّعايش الإنساني وتعزيز ثقافة احترام الآخر، إضافة إلى دور الأزهر المحوري في التعريف بالصورة الحقيقيَّة للإسلام والحفاظ على رسالته السمحة الداعية إلى الخير والسلم والتآلف.


أذربيجان (11 نوفمبر 2024):
 

وفى نوفمبر من عام 2024 لبى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، دعوة رسمية من الرئيس إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان، للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP29). حملت الزيارة رسالة واضحة تؤكد التزام الأزهر الشريف بالقضايا البيئية والإنسانية التي تمثل تحديات مشتركة للعالم أجمع. حيث دعا إلى تعزيز الجهود الدولية لمكافحة التغير المناخي، وشدد على أهمية دور القادة الدينيين في رفع الوعي البيئي. كما ناقش مع الرئيس الأذربيجاني تعزيز التعاون الثنائي ودعم القضايا الإنسانية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والعدوان التي يشكنه الكيان الصهيوني على المدنيين في غزة ولبنان.

كما التقي على هامش الزيارة، السيد الرئيس قاسم جومارت توقاييف، رئيس جمهورية كازاخستان، وذلك خلال مشاركته في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ COP29 حيث أعرب الرئيس الكازاخستاني خلال اللقاء عن تقديره للدعم الذي يقدمه شيخ الأزهر لمؤتمر قمة قادة الأديان الذي يعقد في كازاخستان بشكل سنوي، مؤكدًا أن دعم الأزهر لهذا المؤتمر أسهم في نجاحه وتحقيقه للهدف المنشود منه.

كما التقى فضيلة بالسيد شارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، في مقر إقامة فضيلته بالعاصمة الأذربيجانية باكو، وذلك على هامش مشاركته في مؤتمر الأطراف، حيث جرى خلال اللقاء مناقشة الأوضاع الإنسانية المعاصرة، لا سيما العدوان الذي يشنه الكيان الصهيوني المحتل على قطاع غزة. وأكد فضيلته أن:" هذا اللقاء يشكل فرصة للاستماع إلى الهموم المتبادلة والآلام والمآسي الإنسانية التي تجاوزت كل حدود العقل والمنطق، مشيرًا إلى أن العديد من المسؤولين الغربيين لا يستطيعون تصور حقيقة ما يحدث في غزة، ويطلقون نداءات يغلب عليها طابع الموازنة غير المقبولة بالنسبة لنا".

مقالات مشابهة

  • بالوعي والمقاومة.. كيف أعاد اليمن صياغة معركة الأمة؟
  • تطوير نموذج جديد للكشف المبكر عن تلف البنكرياس.. أظهر نتائج واعدة
  • سوريا ومحنة النموذج
  • «الداخلية» تواصل توزيع المساعدات العينية في المناطق الحضارية الجديدة
  • شيخ الأزهر في 2024.. حصاد عام من الجولات الدولية والرسائل الحضارية
  • شيخ الأزهر في ٢٠٢٤.. جولات خارجية تعزز الرسائل الحضارية وتدعم القضايا الإسلامية
  • الجديد: ليس في قاموس حكومة الدبيبة شىء اسمه ترشيد إنفاق أو استقرار اقتصادي
  • فتح الانتفاضة تبارك عمليات القوات المسلحة اليمنية في عمق الكيان
  • فتح الانتفاضة: نبارك العملية النوعية والجريئة التي نفذها أبطال اليمن في قلب “يافا”
  • وفد من الأمم المتحدة يزور محافظة دمياط| صور