في ظل فراغ رئاسي.. خلافات بطريق مفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
في ظل الفراغ الرئاسي المستمرّ منذ عامين في لبنان، يتولّى رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس حركة أمل، بالتنسيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حصرًا شؤون التفاوض مع المبعوث الأميركي أموس هوكشتين، الذي وصل إلى لبنان، واجتمع مع برّي للبحث في نقاط الاتفاق حول وقف لإطلاق النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله.
هذا الأمر أثار حفيظة نواب وكتل نيابيّة، خصوصًا مع عدم اطلاع النواب المستقلّين وفي الكتل النيابية الأخرى على بنود التفاوض، وحصر هذا الأمر برئيس المجلس نفسه، وبتكليف صريح من حزب الله ونيابة عنه.
قرار الحرب والسلمالموقف الأكثر وضوحًا في هذه الناحية كان عبّر عنه النائب أديب عبد المسيح، بعد زيارته رئيس الهيئة التنفيذيّة في القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب، والذي أشار بعد اللقاء إلى أنّ "الاتفاق الحالي المزمع أن يبرمه لبنان عبر الوساطة الأميركيّة غير دستوري، ما لم يمرّ عبر رئيس الجمهوريّة، بحسب المادتين 52 و65 من الدستور اللبناني، إذ يعود له تولّي هذه المفاوضات التي تتعلّق بمصلحة لبنان العليا وسلامته".
من لبنان.. هوكستين يلمح لقرب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار أعلن الموفد الأميركي، عاموس هوكستين، الثلاثاء، عن وجود "فرصة حقيقية" لإنهاء النزاع بين لبنان وإسرائيل، مؤكدا أن "الحل أصبح قريبا" والنافذة مفتوحة للتوصل إلى اتفاق خلال الأيام المقبلة.ووجّه عبد المسيح من معراب دعوة إلى النواب إلى "التجمّع في يوم عيد الاستقلال، 22 تشرين الثاني (نوفمبر)، في البرلمان لرفع الصوت وتجديد الاستقلال الحقيقي الذي نؤمن به ونريده ونسعى إليه، استقلال الحريّة والكرامة والسيادة الذي يجمع جميع اللبنانيّين".
من جهته، ذهب النائب جورج عقيص، العضو في تكتّل الجمهوريّة القويّة، برئاسة القوات اللبنانيّة، أبعد من ذلك واعتبر في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "قرار الحرب والسلم اتّخذه من الأساس فريق مسلّح هو حزب الله وخلفه إيران، والحزب هو ذراع إيران في لبنان وجزء لا يتجزأ من هيكليتها التنظيميّة والعسكريّة، وقد جرّ من خلاله الشعب اللبناني بأكمله إلى الحرب، وبالتالي فلا يمكن الحديث بعدها عن الصلاحيات، باعتبار أنّ رئيس المجلس النيابي لا يفاوض بهذه الصفة، إنما هو ناقل رسائل من الجانب الإيراني إلى الوسيط الأميركي، والحديث هنا لم يعد دستوريًا، لأنّ الذي يحصل من الأساس ليس دستوريًا".
وتابع عقيص موضحا أنّ "قرار الحرب والسلم بحسب المادة 65 من الدستور هو حصرًا بيد الحكومة، فيما قرار الحرب صدر عن جهة تنظيمية سياسية عسكرية، والتفاوض مستمر الآن مع هذا التنظيم نفسه ومن يقف وراءه، أي إيران، بواسطة مفاوض اسمه الرئيس نبيه بري"، مشددا على أنّ "مَن كان يجب أن يفاوض هو رئيس الجمهورية الذي عطّل وصوله الفريق نفسه منذ نوفمبر 2022 وهو الذي كان يجب أن يستقبل المبعوث الأميركي وبحكومة إلى جانبه مكتملة الصلاحيّة".
موقف القوات اللبنانية يتماهى مع موقع حزب الكتائب اللبنانية، والذي عبّر عنه لموقع "الحرة" النائب الدكتور سليم الصايغ، الذي قال إنّ "لبنان ليس طرفًا في هذه المفاوضات، بل هو وسيط بين الأطراف الحقيقيين، أي حزب الله وإيران من ناحية، وإسرائيل من ناحية أخرى، وهناك وساطة مزدوجة، إذ إنّ الأميركيين يتوسطون لدى الوسيط اللبناني، ويتوسّطون بين الوسيط اللبناني وحزب الله وإيران، وبين إسرائيل".
وتابع الصايغ قائلا إنّ "ما يحصل الآن هو غير دستوري وغير قانوني، لأنّه يجب انتخاب رئيس للجمهورية أولا، وعلى الرئيس أن يقبض على زمام الأمر، لأنّه قانونًا لا يستطيع الرئيس بري ولا الرئيس ميقاتي أن يلزما لبنان أو أن يلتزما باسم حزب الله وإيران، لأنّ الحزب يستطيع التنصّل من الاتفاق وهذا حصل عدة مرات سابقًا".
نقاش دستوريومن الناحية الدستورية، أكد الخبير الدستوري سعيد مالك، لموقع "الحرة"، أنّ "الخروج من الحرب لا يكون بتغييب الدولة التي يجب أن تتولّى الحوار وفق بنود اتفاق الطائف والقرارات الدولية سيما القرار 1701 و1559 و1680".
وعن التفاوض بغياب رئيس للجمهوريّة، قال مالك إنّ "مَن يتولّى التفاوض في المعاهدات الدوليّة هو رئيس الجمهوريّة حصرًا، حيث يعمل على إبرامها لاحقًا بالاتفاق مع رئيس الحكومة عملًا بأحكام المادة 52 من الدستور، ويبدأ الأمر بانتخاب رئيس للجمهوريّة ثم بتشكيل حكومة متجانسة حتى تكون الدولة جاهزة لأي تفاوض".
Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.
من جهته، اعتبر رئيس لقاء سيدة الجبل النائب السابق فارس سعيد، لموقع "الحرة"، أنّ "الموضوع ليس موضوع شغور موقع رئاسة الجمهورية، إنّما هو موضوع اختزال كامل لمؤسّسات الدولة بيد رئيس المجلس ورئيس الحكومة وبيد جهة سياسية واحدة لا تملك القرار أصلا إنما هي منسّقة أعمال لأنّ القرار الأساسي في طهران وليس في عين التينة".
الأمر نفسه أشار إليه أيضًا عبد المسيح من معراب حين أشار إلى أنّ "هناك فريقًا، وهو فريق حزب الله، يسيطر على القرار السياسي والميداني والحربي والاقتصادي والاجتماعي ويهمّش فئة كبيرة من البلد تمثّل أكثر من نصف الشعب اللبناني".
وشدّد على "أهمية اتخاذ القرار"، مضيفا "إما وضع كل هذه الأمور على حدة والعيش مع بعضنا البعض بشراكة حقيقيّة كما نصّ اتفاق الطائف، وإما بات علينا الحديث عن مشروع آخر، باعتبار أنّه لم يكن في إمكاننا العيش في هذا الجو".
وختم عبد المسيح بالتأكيد أن "لا اتفاق مع أي جهة ما لم يطلع المجلس النيابي عليه، فنحن أصحاب قرار في هذا البلد وشركاء فيه".
سجال سياسيدستوريًا أيضًا أكّد الدكتور سعيد مالك "وجوب عرض أي اتفاق على مجلس النواب سندًا لأحكام المادة 52 حتى يناقش المجلس هذه الاتفاقية ويصوّت ويجيز إبرامها"، مشيرًا إلى عدم صلاحية الرئيس نبيه بري لا بالتفاوض ولا بالتوقيع على الاتفاق، لأنّ التوقيع منوط بالحكومة مجتمعة بأكثرية الثلثين بسبب غياب رئيس الجمهورية، وبعد إجازة مجلس النواب وليس رئيسه".
وهو الرأي نفسه للخبير الدستوري الدكتور بول مرقص الذي رأى، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "المفاوضة في عقد المعاهدات وإبرامها يعود إلى رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة وفق المادة ٥٢ من الدستور وليس إلى رئيس مجلس النواب الذي يدير مجلس النواب كمؤسسة تشريعية ورقابية على الحكومة عملا بمبدأ الفصل بين السلطات.
وتابع مرقص أنّه "لا يعود أيضًا إلى رئيس الحكومة، الذي ينطق "باسم الحكومة" التي يجب بسط العروض التفاوضية أمامها لاتخاذ القرار الجماعي المناسب بمقتضى المادة ٦٥ من الدستور باعتبار ان قرارات الحرب والسلم من الموضوعات الأساسية التي تتطلب موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة، ولا ينطق رئيس الحكومة "عن الحكومة".
نبيه بري وشيعة لبنان.. "الزعيم الضرورة" في خريف العمر الصورة بالأبيض والأسود. مؤرخة في 30 أغسطس 1982. يبدو فيها نبيه بري، زعيم حركة "أمل"، إلى جانب وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الإشتراكي وهما يودّعان ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية قبل مغادرته بيروت مع المسلّحين الفلسطينيين إلى تونس، كتسوية تنهي حصار الجيش الإسرائيلي للعاصمة اللبنانية.وهو الموقف نفسه للنائب سليم الصايغ لموقع "الحرة"، الذي اعتبر أنّه "أنّ المجلس النيابي معطّل بكل أسف، وفي حال تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية فعلى مجلس النواب أن يغطي أي اتفاق دولي بهذا الصدد وليس رئيس المجلس"، لأنّ تبعات أي اتفاق ستعود على الشعب اللبناني بأكمله، وبالتالي فأين رأي مجلس النواب من هكذا اتفاق، وهو الذي يجب أن يقول كلمته في هذا الأمر".
وعن هذا الموضوع، قال عقيص لموقع "الحرة": "مع الأسف حكومة تصريف الأعمال لا تقوم بدورها، والعملية بأكملها بيد الرئيس نبيه بري، ونحن ننتظر النتائج، ومن إطلاع مجلس النواب".
وختم موضحا أنّ "القوات اللبنانية سترفض أي اتفاق على هذا النحو لأنه سيبقي على سيطرة الدويلة وسيبقي على سلاح حزب الله، وبالتالي فنحن غير معنيين به لأنه لا يعني الشعب اللبناني ولا الدولة اللبنانية، وهذه الرسالة إلى العالم أجمع، لأن ما يعنينا بعد هذه الحرب هو أن نعبر إلى الدولة وأن نطبق اتفاق الطائف وأن ننزع كل سلاح خارج إطار الجيش اللبناني".
ويبقى السؤال عن مصير أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع رفض نواب وكتل نيابية للآلية التي يتمّ بها التفاوض في لبنان، وبالتالي عن النتائح المتوقّعة منه بغياب رئيس الجمهورية وطبعًا بتغييب مجلس النواب الذي يعبّر عن موقف الشعب اللبناني بأكمله.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القوات اللبنانی رئیس الجمهوریة الشعب اللبنانی رئیس الحکومة رئیس المجلس مجلس النواب قرار الحرب من الدستور عبد المسیح أی اتفاق نبیه بری فی لبنان حزب الله دستوری ا یجب أن
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: هذا حجم الدمار الذي أحدثته إسرائيل بلبنان بعد الهدنة
كشف تحقيق أجرته صحيفة واشنطن بوست أن إسرائيل دمرت 26 مبنى يوميا تقريبا جنوبي لبنان منذ 5 ديسمبر/كانون الأول، وهو ما يتجاوز معدل الدمار الذي أحدثته أثناء صراعها مع حزب الله اللبناني بين 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 2 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
ولفت التقرير، بقلم المراسلتين آبي تشيزمان وميغ كيلي، إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه العمليات العسكرية تشكل انتهاكات لوقف إطلاق النار، لأن اللجنة التي تقودها الولايات المتحدة لمراقبة الاتفاق لم تحدد بعد ما الذي يعتبر انتهاكا للهدنة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: هذه سيناريوهات ما ستؤول إليه هدنة غزةlist 2 of 2وول ستريت جورنال: إسرائيل لم تحقق هدف تدمير حماسend of listوقال أحد كبار أعضاء اللجنة الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته مثل غيره بهذا التقرير "يتم خرق الاتفاق يوميا، وليس أمامنا إلا أن نفترض أنه لن يدوم وقد ينهار في أي لحظة".
الأضرار المكشوفةووجد التقرير أن إسرائيل توغلت في عدة مواقع جديدة جنوبي لبنان في أول 40 يوما من الهدنة التي ستنتهي في 26 الشهر الجاري، ودمرت إسرائيل مئات المباني المدنية بما في ذلك أثناء بحثها العشوائي عن مخازن أسلحة الحزب، وفق تحليل الصحيفة لبيانات أخذت من الأقمار الصناعية والصور على الإنترنت، بالإضافة إلى مقابلات مع مسؤولين ودبلوماسيين من الأمم المتحدة ومسؤولين غربيين ولبنانيين.
إعلانوحسب التحليل، منع الجيش الإسرائيلي المدنيين والصحفيين من دخول منطقة تبلغ مساحتها حوالي 518 كيلومترا مربعا في الجنوب منذ بدء وقف إطلاق النار، وفي الفترة ما بين 5 ديسمبر/كانون الأول و6 يناير/كانون الثاني تضرر أو دُمر أكثر من 800 مبنى في هذه المنطقة.
غارة إسرائيلية جنوبي لبنان (منصة إكس)كما شنّت القوات الإسرائيلية أكثر من 400 غارة جوية أو صاروخية أو مدفعية في جميع أنحاء لبنان بين 27 نوفمبر/تشرين الثاني و6 يناير/كانون الثاني، وفقًا لمنظمة "بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة" التي تراقب النزاع.
وبحلول 27 ديسمبر/كانون الأول، كانت القوات الإسرائيلية قد توغلت في 31 منطقة على الأقل في الجنوب اللبناني لم تكن وصلتها خلال الحرب، وفقا للمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان.
وتشمل المناطق المتضررة الرئيسية يارون (8% من الأضرار بعد وقف إطلاق النار) ورأس الناقورة (14% من إجمالي الأضرار)، كفر كلا، حيث تم تدمير 65 مبنى منذ 5 ديسمبر/كانون الأول. ويفوق حجم الدمار ما كان عليه قبل وقف إطلاق النار، حسب تحقيق الصحيفة.
خرق مستمرونقل التقرير تأكيد قوة الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام في لبنان (يونيفيل) أن القوات الإسرائيلية لا تزال موجودة في معظم المناطق التي كان من المفترض أن تخليها على طول الحدود حسب بنود الاتفاق.
وقد أقر المسؤولون الأميركيون الأيام الأخيرة بأن الاتفاق قد لا ينفذ خلال الإطار الزمني الأصلي، وفي 24 ديسمبر/كانون الأول، اشتكى لبنان إلى الأمم المتحدة ولكن دون جدوى.
وقال دبلوماسيان للصحيفة إن اللجنة المسؤولة عن مراقبة وقف إطلاق النار -التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل واليونيفيل- لم تجتمع سوى 3 مرات فقط.
وأضاف دبلوماسي في الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة وفرنسا لا تزالان تحاولان التوفيق بين خلافاتهما حول تفاصيله الاتفاق، بما في ذلك عملية انسحاب إسرائيل ودور قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
إعلانوقال دبلوماسي أممي عن اللجنة "إنهم يبنون السفينة وهم يبحرون بها، ولا يبدو أن هناك خطة إستراتيجية على المدى الطويل".
وأضاف آخرون أن إسرائيل تتجاهل طلبات اللجنة بإبلاغها قبل تنفيذ الهجمات، إذ أنه بموجب الاتفاق، يجب أن تمر جميع التقارير بأي نشاطات عسكرية إلى اللجنة أولا حتى يتسنى للقوات المسلحة اللبنانية واليونيفيل التحقيق في الأمر قبل أن تتخذ إسرائيل أي خطوة.
ومن جهته امتنع حزب الله عن شن هجمات جديدة، ولم يطلق سوى قذيفتين على مزارع شبعا المحتلة على الحدود السورية اللبنانية، ولكن مسؤولين لبنانيين حذروا من رده إذا ما استمرت الانتهاكات بعد انتهاء وقف إطلاق النار بعد 6 أيام، وفق التقرير.