الحويج: : الانقسام السياسي لا يجب أن يمس وحدة المؤسسات الاقتصادية في ليبيا
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
ليبيا – أكد محمد الحويج، وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، أن انقسام المؤسسات السياسية والاقتصادية يمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه ليبيا في المرحلة الراهنة، مشددًا على ضرورة الحفاظ على وحدة المؤسسات الاقتصادية في كافة أنحاء البلاد.
وفي حوار مع وكالة “سبوتنيك“, أوضح الحويج أن المؤسسات الاقتصادية تمثل كيانًا وطنيًا واحدًا يخدم جميع الليبيين دون استثناء، مشيرًا إلى أن وحدة هذه المؤسسات يجب أن تكون أولوية، بغض النظر عن الانقسامات السياسية.
وأضاف: “احترام القوانين والقرارات الصادرة أمر ملزم، لأنه يعكس وحدة الدولة، فليبيا كدولة لا تقبل القسمة، ويجب أن تكون المؤسسات رمزًا لهذه الوحدة”.
وشدد الحويج على أن وحدة المؤسسات الاقتصادية ليست خيارًا، بل ضرورة لضمان استقرار الاقتصاد وتحقيق التنمية المتوازنة في كافة المناطق، بما يحمي المصلحة الوطنية ويعزز الثقة في قدرة الدولة على تجاوز الأزمات.
وفي سياق حديثه، أشار الوزير إلى تطلع ليبيا للانضمام إلى مجموعة بريكس، مؤكدًا أن الجهات المختصة تعمل حاليًا على دراسة الجدوى الاقتصادية والفوائد المحتملة لهذا الانضمام، بما يحقق مصلحة الشعب الليبي.
وفيما يلي نص الحوار:
س/ كيف ترى الوضع الاقتصادي في ليبيا هذه الفترة بعد جملة الإصلاحات الاقتصادية أو التغيرات الاقتصادية التي تم العمل عليها؟
ج/ ليبيا تتمتع بإرادة قوية ورؤية واضحة وإدارة فعالة، مع تحديد الأولويات في أي مشروع بناء أو إصلاح اقتصادي، الاقتصاد الليبي يتميز بكونه مبنياً على “اقتصاد المخاطرة”، حيث استطاع تجاوز أزمات عدبدة سياسية واقتصادية وأمنية بفضل مرونة أبنائه.
الليبيون، سواء كانوا اقتصاديين أو رجال أعمال، يمتلكون فكراً مبتكراً وقدرة على التعامل مع المخاطر وتحويل التحديات إلى فرص، هذا النهج يعتبر جزءاً من أساسيات الفكر الاقتصادي الليبي.
لقد وضعنا خططاً واستراتيجيات تسعى لتحقيق التوازن بين اقتصاد المخاطرة واقتصاد الأزمات، مما يتيح للاقتصاد الليبي النمو بمعدلات أفضل مقارنة بدول البحر المتوسط والدول النفطية الأخرى، هذا التميز لا يعتمد فقط على الموارد، بل على الإبداع والقدرة على التحول في مواجهة التحديات.
س/ حدثنا عن النمو الاقتصادي في ليبيا؟
ج/ بحسب أحدث تقارير البنك الدولي، يحقق الاقتصاد الليبي نمواً بنسبة 13%، وهو معدل متميز مقارنة بالدول النفطية الأخرى، رغم أن النمو يعتمد بشكل رئيسي على قطاع النفط ومع ذلك، فإن ليبيا تسعى جاهدة لتجاوز هذا الاعتماد الأحادي عبر وضع خطط لتنويع الاقتصاد.
لقد بدأنا بالفعل في تنفيذ برنامج تنويع اقتصادي بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، يهدف إلى تقليل اعتماد الاقتصاد الليبي على النفط ليشكل أقل من 40% من إجمالي الإيرادات، مع توجيه النسبة الأكبر، 60%، نحو قطاعات حيوية أخرى مثل الصناعة والزراعة.
على سبيل المثال، يمكن لقطاع الأسمنت أن يسهم بشكل كبير، حيث نسعى لإنتاج حوالي 20 مليون طن في المناطق الصناعية كذلك، تم وضع رؤية شاملة لتطوير قطاع السياحة، نستهدف من خلالها جذب 4 ملايين سائح سنوياً لتحقيق ذلك، نحن بحاجة على سبيل المثال إلى تجهيز 100 ألف غرفة فندقية، وهي خطوة ضرورية لتشجيع الاستثمار ودعم البنية التحتية السياحية.
رغم الظروف الصعبة، تمضي ليبيا في طريق التنويع الاقتصادي بخطى ثابتة، نحن ندعو رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب إلى الانضمام لهذه الجهود، ونؤكد لهم تقديم كل المزايا والحوافز الممكنة لضمان نجاح هذا التحول الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.
س/ ماذا عن الاستثمار الليبي؟
ج/ قمنا بإعادة هيكلة لائحة وهيكل هيئة الاستثمار بهدف تعزيز كفاءتها وتحفيزها على الإبداع، حيث أصبحت الهيئة أكثر قدرة على التواصل مع المستثمرين وتشجيعهم على الاستثمار في مشاريع استراتيجية، مثل إنشاء المدن الصناعية والمدن الذكية، وتوليد الطاقة الشمسية والمصافي والبتروكيماويات في التنويع الاقتصادي والتي تعد أساساً لبناء بنية تحتية حقيقية تساهم في تحقيق اقتصاد متنوع ومستدام.
من بين هذه الجهود، نعمل على تطوير تجارة العبور والمناطق الحرة، التي تمثل محركات رئيسية لتعزيز الاقتصاد الوطني، مع التركيز على توزيع هذه المشاريع بشكل متوازن في مناطق الشرق والغرب والجنوب.
نعتمد في ليبيا دائماً على رؤية موحدة وخريطة عمل مشتركة، سواء على مستوى وزارة الاقتصاد أو على المستوى الشخصي، لضمان تحقيق التكامل والتناغم في التنمية الاقتصادية، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار تدعم التحول نحو اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة.
س/ حدثنا عن تنمية الصادرات وكيف تعملون على تشجيعها؟
ج/ وضعنا رؤية استراتيجية تهدف إلى تنمية الصادرات من خلال دعم وتشجيع الصناعات الصغرى والمتوسطة، وكذلك الصناعات الأسرية التي تسهم في الإنتاج المحلي وتصدير منتجاتها إلى الخارج.
نسعى لتقديم الدعم لهذه الصناعات من خلال توفير تذاكر السفر، ودعم المشاركة في المعارض، والترويج للمنتجات في الأسواق العالمية، بحيث يصل الدعم المقدم إلى 40%، مما يساهم في تنويع الاقتصاد الوطني.
نعتمد على هذه الصناعات لأنها تمثل العمود الفقري لاقتصاديات العديد من دول العالم، حيث تلعب دوراً محورياً في تعزيز الإنتاجية وخلق فرص العمل في ليبيا، قمنا بزيارة العديد من معارض القطاع، واطلعنا على جهود النساء، وبعض المصنعين، ورواد الأعمال الذين يحتاجون إلى الدعم لتحقيق النجاح
نقوم حالياً بإعادة هيكلة وتنظيم برامج تنمية الصادرات لتكون أكثر فاعلية، مما يجعلها أداة رئيسية لدعم الصناعات المحلية وتمكينها من دخول الأسواق العالمية، وبالتالي تحقيق قفزة نوعية في مسار تنويع الاقتصاد الليبي.
س/ حدثنا عن مقومات التنوع الصناعي ومساهمته في تعزيز الاقتصاد الوطني؟
ج/ في ليبيا نمتلك موارد خام غنية متنوعة مثل الرمل، والإسمنت، والذهب، وهي مواد قادرة على تحقيق التنوع الاقتصادي إذا تم استغلالها بشكل صحيح ومع ذلك، من الضروري حماية ودعم الصناعة الوطنية لضمان استمراريتها وقدرتها على المنافسة في السوق المحلي والدولي.
بدأنا بالفعل في تقديم رؤية شاملة لمجلس الوزراء، تؤكد أهمية تشجيع الصناعات الوطنية وحمايتها من منافسة الإغراق التي تمارسها بعض الدول مثل الصين، لا يمكن أن نسمح للصناعة الوطنية بأن تواجه هذا النوع من المنافسة غير العادلة دون دعم وحماية فعالة.
من هذا المنطلق، نؤكد على ضرورة تطبيق إجراءات لحماية المنتجات الوطنية، على الأقل من مبدأ المعاملة بالمثل، فمعظم الدول تفرض رسوماً تصل إلى 20% تحت مسمى “القيمة المضافة” لحماية صناعاتها، ونحن أيضاً يجب أن نتبنى سياسات مشابهة لدعم المنتجات المحلية وتشجيع الاستثمار في الصناعة الوطنية، حماية الصناعة الوطنية ليست خياراً، بل ضرورة لضمان النمو الاقتصادي وتحقيق التنوع الذي ننشده.
س/ ماذا عن التنوع الاقتصادي في ليبيا؟ هل هناك لديكم خطط لذلك؟
ج/ نعمل بجد لتحقيق التنوع الاقتصادي مع التركيز على تحديد الأولويات التي تضمن تحقيق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الليبي، على سبيل المثال، قطاع الزراعة يمثل فرصة هائلة، حيث يمكننا التوسع في زراعة الزيتون الذي يُعد إنتاجه ذا قيمة أعلى من النفط، بالإضافة إلى زراعة النخيل لإنتاج التمور، والخروب، والقمح في الجنوب الليبي وغيرها من المحاصيل الاقتصادية التي تساهم في تحقيق عوائد كبيرة وتعزز التنمية المستدامة.
وفي إطار تعزيز الاستقرار الاقتصادي، أصدر رئيس الوزراء قراراً بتشكيل المجلس الأعلى للسياسات النقدية والمالية والتجارية، يهدف هذا المجلس إلى تحقيق التوازن بين إيرادات النفط والإنفاق والاستيراد، مما يساهم في الحفاظ على قوة الدينار الليبي، الذي يعد مؤشراً مهماً لاستقرار الاقتصاد.
يتطلب هذا الاستقرار وضع خطط واضحة للحفاظ على قيمة الدينار، مع تحقيق توازن في السياسات الثلاث التجارية، والمالية، والنقدية.
من جانب آخر، نؤكد على ضرورة تحريك البنوك الليبية لتكون أداة فعالة لدعم التنمية الاقتصادية، يجب أن تركز البنوك على إقراض المشاريع التنموية بدلاً من السلع الاستهلاكية والسيارات، مع تطبيق قانون التجارة رقم (23) لسنة 2010 لمنع الاحتكار وضمان تحقيق العدالة الاقتصادية، نحن ملتزمون بتنفيذ هذه السياسات لتحقيق التنوع والاستقرار، وضمان بناء اقتصاد قوي ومستدام يخدم جميع الليبيين.
س/ حدثنا عن إصلاح الدعم هل قمتم بالعمل على إصلاح الدعم في ليبيا؟
ج/ إصلاح منظومة الدعم يمثل تحدياً كبيراً، حيث تذهب نسبة كبيرة منه، تصل إلى 70%، لدعم قطاع الكهرباء، للتعامل مع هذا بدأت الشركة العامة للكهرباء في تنفيذ مشروعات ومنظومات جديدة تهدف إلى تقليل استهلاك الدعم الموجه لهذا القطاع، هذا التوجه يتيح تحويل جزء من الدعم نحو دعم السلع الأساسية، مما يعزز سلامة الأمن الغذائي.
الأمن الغذائي يمثل أولوية قصوى، حيث يجب إنشاء احتياطي استراتيجي من القمح وغيره من السلع الأساسية لضمان توافرها واستقرار أسعارها.
كما يتعين علينا تقديم الدعم للفئات الأكثر احتياجاً، خاصة تلك التي تأثرت بشكل مباشر ودخلت تحت خط الفقر.
لكن يجب أن يتم هذا الدعم بأساليب مبتكرة وفعالة، الدعم النقدي قد لا يكون الحل الأمثل في بعض الحالات، حيث يمكن أن يُستخدم لأغراض غير مرتبطة بالاحتياجات الأساسية للأسرة لذلك، نميل إلى تطبيق نظم دعم حديثة تعتمد على المولات والأنظمة الإلكترونية لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه بطرق تضمن تحقيق الهدف الأساسي منه.
هذه الإجراءات تهدف إلى تحقيق توازن بين تقليل الهدر في منظومة الدعم وضمان استفادة الفئات المستحقة بطريقة شفافة وعصرية.
س/ ماذا عن الاصلاحات الاقتصادية؟
ج/ اجتمعنا مع وزير الحكم المحلي لبحث الإصلاحات الاقتصادية وسبل تفعيل نظام البلديات والمحافظات بما يعزز التنافسية الاقتصادية على المستوى المحلي، وتم الاتفاق على ضرورة إشراك الجامعات في إجراء مسح شامل للبلديات وذلك لتحديد الإمكانيات المتوفرة فيها، سواء من حيث الموارد الخام أو القدرات البشرية، بالإضافة إلى تحديد الخدمات التي تحتاجها كل بلدية.
نهدف إلى تصنيف البلديات بناءً على طبيعتها واحتياجاتها، حيث يمكن أن تكون بعض البلديات خدمية، وأخرى صناعية، أو زراعية، أو مزيجاً من ذلك، تقوم الجامعات حالياً بتأهيل مكاتب استشارات لدعم هذا التوجه، بما يضمن تقديم حلول عملية ومبنية على دراسات دقيقة.
كما نعمل على تفعيل التواصل المجتمعي داخل كل بلدية، بحيث يتم الاستماع إلى المواطنين لمعرفة احتياجاتهم الحقيقية، وكيفية تحسين مستوى دخلهم ومعيشتهم، هذا التواصل سيكون مسؤولية البلديات والمحافظات من خلال وزارة الحكم المحلي، ليكون المواطن شريكاً في تحديد الأولويات والمساهمة في اتخاذ القرار.
الهدف هو خلق بيئة تنافسية بين البلديات، مع التركيز على تحسين مستوى الدخل والمعيشة، وجعل القرارات مبنية على احتياجات المجتمعات المحلية، بدلاً من الاعتماد الكامل على الحكومة المركزية، هذه الخطوة تمثل تحولاً مهماً نحو تعزيز اللامركزية الاقتصادية والتنموية في ليبيا.
س/ ماذا عن المركزية في ليبيا وتحديدا في قطاع الاقتصاد؟
ج/ وزارة الاقتصاد قامت بتمكين المراقبات في البلديات بمنحها صلاحيات واسعة تشمل التسعير وإصدار التراخيص وإدارة الأمور المحلية، بحيث أصبحت البلديات تتحمل مسؤولية مباشرة عن العديد من الجوانب الاقتصادية والخدمية، دور الوزارة يقتصر على وضع السياسات العامة، صياغة القوانين، وتوجيه البلديات لتحقيق الأهداف المطلوبة منها.
هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز منظومة التنويع الاقتصادي والإصلاح الاقتصادي الذي نسعى لتحقيقه، رغم الظروف الحالية التي تواجه البلاد، نحن نؤمن بأن هذه الصلاحيات ستعزز من كفاءة البلديات وتجعلها قادرة على تقديم الخدمات بشكل أفضل للمواطنين، بما يسهم في رفع مستوى المعيشة وتحقيق التنمية المستدامة.
س/ كيف تصف علاقة ليبيا وروسيا في الإطار الاقتصادي؟
ج/ علاقتنا القديمة مع دولة روسيا قوية وممتدة عبر الزمن، والعلاقات الحديثة لا تقل قوة عنها، تتميز هذه العلاقات بالتبادل التجاري، حيث تشمل السلع الأساسية مثل السلع والقمح، بالإضافة إلى ذلك، تلقينا دعوة من وزير التجارة الشيشاني، والتي ندرس تلبيتها في إطار مبادئ الاحترام والسيادة والمنفعة والمصالح المشتركة.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: المؤسسات الاقتصادیة الاقتصاد اللیبی تحقیق التنوع على ضرورة فی لیبیا حدثنا عن ماذا عن یجب أن
إقرأ أيضاً:
التحديات الاقتصادية: هل العراق محصن ضد الأزمات؟.. الاحتياطي النقدي مثالا - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية وتقلبات أسعار النفط، تتجه الأنظار إلى الوضع المالي للعراق ومدى استقراره خلال العام الحالي، مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، أكد في تصريحات لـ"بغداد اليوم" أن الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي العراقي "مطمئن"، ولا يوجد تخوف من أزمة سيولة خلال هذا العام.
وأشار إلى أن الطلب العالمي على النفط سيظل مرتفعًا، مما يعزز الاستقرار المالي للعراق، الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، لكن في ظل التوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، يطرح السؤال نفسه: هل يمتلك العراق فعلاً استراتيجية مالية متينة تحميه من أي صدمات اقتصادية مفاجئة؟
الاحتياطي النقدي: أرقام مطمئنة ولكن...
يشير مظهر محمد صالح إلى أن البنك المركزي العراقي يدير الاحتياطات النقدية بكفاءة، مما يضمن استقرار السيولة المالية، ويعد الاحتياطي النقدي ركيزة أساسية للحفاظ على استقرار سعر الصرف وضمان القدرة على تلبية الاحتياجات المالية للدولة.
وفقًا لمصادر حكومية، فإن احتياطي البنك المركزي تجاوز حاجز الـ 100 مليار دولار في الأشهر الأخيرة، وهو رقم يُنظر إليه على أنه "مطمئن" من قبل الخبراء الماليين، لكن الاعتماد الكلي على هذا الاحتياطي قد يكون سلاحًا ذا حدين، خاصة إذا تعرض الاقتصاد لضغوط غير متوقعة، مثل تراجع أسعار النفط أو أزمات سياسية تؤثر على الاستثمارات الداخلية والخارجية.
أسعار النفط: عامل استقرار أم تهديد؟
أكد صالح بأن أسعار النفط لن تنخفض إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل، معتبرًا ذلك أمرًا إيجابيًا للعراق الذي يعتمد على الإيرادات النفطية لتمويل موازنته العامة، لكن مراقبين اقتصاديين يحذرون من أن الأسواق النفطية تتسم بعدم الاستقرار، خاصة مع تصاعد التوترات السياسية في المنطقة واحتمالية تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وتاريخيًا، شهد العراق أزمات اقتصادية حادة عند انخفاض أسعار النفط، كما حدث في 2014 و2020، مما أجبر الحكومة على اتخاذ إجراءات تقشفية واللجوء إلى الاقتراض الداخلي والخارجي لسد العجز في الموازنة، لذا، فإن أي هبوط مفاجئ في أسعار النفط قد يعيد العراق إلى سيناريوهات مماثلة.
الإيرادات غير النفطية: هل تسير في الاتجاه الصحيح؟
أشار المستشار المالي إلى أن الإيرادات غير النفطية "تسير بشكل صحيح"، في إشارة إلى محاولات الحكومة تعزيز مصادر الدخل الأخرى، مثل الضرائب، والجمارك، والاستثمارات في القطاعات غير النفطية.
ومع ذلك، فإن الإيرادات غير النفطية لا تزال تشكل نسبة صغيرة من إجمالي الدخل الوطني، ما يثير تساؤلات حول جدية الحكومة في تحقيق التنويع الاقتصادي، ويرى بعض المحللين أن العراق بحاجة إلى إصلاحات هيكلية جادة في قطاعي الصناعة والزراعة، بالإضافة إلى تعزيز مناخ الاستثمار لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وهو ما لم يتحقق بشكل ملموس حتى الآن.
التحديات الاقتصادية: هل العراق محصن ضد الأزمات؟
في تصريحاته، أوضح صالح أن العراق تجاوز أزمات كبرى مثل الإرهاب وجائحة كوفيد-19، مما يجعله أكثر قدرة على مواجهة أي تحديات مستقبلية، لكنه أقر في الوقت ذاته بأن "انهيار الاقتصاد العالمي أو انخفاض أسعار النفط خارج إرادتنا"، وهو اعتراف ضمني بأن العراق لا يزال عرضة للتأثر بالعوامل الخارجية.
وتكمن التحديات التي قد تؤثر على الاقتصاد العراقي في المرحلة المقبلة، في التوترات السياسية والأمنية، فإن أي تصعيد في المنطقة قد يؤدي إلى تذبذب الأسواق النفطية ويؤثر سلبًا على التدفقات المالية.
وأيضا، الفساد الإداري والمالي، حيث لا يزال العراق يواجه تحديات كبيرة في مكافحة الفساد، وهو عامل رئيسي يعيق التنمية الاقتصادية، إضافة الى البطالة وضعف القطاع الخاص، فما لم يتم تعزيز بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات، سيظل القطاع العام هو المشغل الرئيسي، مما يزيد الضغط على الموازنة العامة، مع عاملي سعر الصرف والتضخم، حيث أنه رغم استقرار الدينار العراقي، فإن أي اضطرابات في الأسواق العالمية قد تؤدي إلى تقلبات في سعر الصرف وزيادة التضخم.
هل العراق يسير نحو اقتصاد متطور؟
تصريحات الحكومة العراقية تعكس تفاؤلًا بقدرة البلاد على الحفاظ على استقرارها المالي، لكنها لا تخفي حقيقة أن الاقتصاد لا يزال هشًا أمام المتغيرات الخارجية، فرغم الاحتياطي النقدي الجيد والأسعار المستقرة للنفط حاليًا، فإن غياب استراتيجية اقتصادية واضحة لتنويع مصادر الدخل يجعل العراق في موقف غير مضمون على المدى البعيد.
يبقى السؤال مفتوحًا: هل تستطيع الحكومة تنفيذ إصلاحات حقيقية تضمن استقرارًا طويل الأمد، أم أن التفاؤل الحالي قد يكون مجرد فترة هدوء قبل مواجهة تحديات جديدة؟
المصدر: "بغداد اليوم"+ وكالات