هند عصام تكتب: الملك سيتي الأول
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
تتعالى الأصوات وتمتزج العبارات وتتحرك الأنامل لتخطّ كلمات فرحة العودة لسرد السيرة الذاتية لملوك مصر الفرعونية القديمة من جديد وكما اعتدنا واعتاد القارئ أيضا قديما إنها ليست قاعدة ولا بالترتيب وإنما وقع الاختيار علي ملك لا أدري كيف لم نتحدث عنه من قبل وهو من أهم ملوك مصر الفرعونية القديمة حبيب دورثي التي تشبهني كثيراً وهي من تركت بلادها وجاءت هنا بجانب حبيبها ووالد حبيبي ورفيق أحلامي رمسيس الثاني هو قائد العائلة المقاربة لقلبي هو الملك سيتي الأول هيا بنا نتعرف علي ملك من أعظم ملوك مصر الفرعونية القديمة.
الملك سيتي الأول هو الفرعون الثاني من الأسرة التاسعة عشر ابن الملك رمسيس الأولى والملكة سات رع ، وُلد 1303 قبل الميلاد. وحسب بعض المؤرخين فقد حكم الملك سيتي الأول الفترة من 1294 قبل الميلاد. أو 1302 قبل الميلاد. تزوج من الملكة تويا وانجب كل من الملك رمسيس الثاني والأميرة تيا وحنوت مي رع .
ولم يكن الملك سيتي بطبيعة الحال من دم ملكي مثل والده الملك رمسيس الأول، و تدل الآثار حتى الآن على أنه لم ينجب غيره، وتدل الأحوال على أن والده كان قد أنجبه وهو في ريعان الشباب ومقتبل العمر، وتاريخ حياته يشعرنا بأنه كان قد ترسم خطَى والده في مجال حياته؛ فقد انخرط في سلك الجندية، وبلغ فيها درجة عالية، كما تحدثنا بذلك لوحة أربعمائة السنة، و قد حاز على العديد من الألقاب منها الأمير الوراثي، وعمدة المدينة، وحامل المروحة على يمين الفرعون، ورئيس الرماة، والمشرف على البلاد الأجنبية، والمشرف على حصن ثارو (تل أبو صيفة الحالي)، ورئيس المازوي (الشرطة في الصحراء)، والكاتب الملكي، والمشرف على الخيالة، ومدير عيد كبش منديس (تل الربع الحالي)، والكاهن الأول للإله ست، والكاهن المرتل للإلهة بوتو ، والمشرف على كل كهنة الآلهة «سيتي» المرحوم. ولا نزاع في أن لقب الكاهن الأول للإله «ست» يعد برهانًا على أن الأسرة التاسعة عشرة المالكة لعرش الفراعنة كان موطنها مقاطعة «ستوريت» من أعمال الدلتا كما سبق شرح ذلك. ولما كان الإله «ست» لا ينظر إليه بعين الرضى في مصر كلها لم يحاول «سيتي الأول» أن يجبر رعاياه على عبادة إلهه المحلي، ومن أجل ذلك اختار الإله «بتاح» من بين الآلهة الشماليين، وضمه لاسمه؛ فأصبح يدعى «سيتي مرنبتاح» (أي سيتي محبوب بتاح) أما اسم هذا الملك العلم المركب من لفظة «ست» وياء النسب «سيتي»، ومعناه: المنسوب للإله «ست» إله الشر كما ذكرنا من قبل فقد غيَّره في كثير من الأحيان، وبخاصة في «العرابة المدفونة» إلى اسم «أوزيري»، ورسمه بكلمة تدل على «أوزير»، وبعلامة؟ تنطق «ثث» بدلًا من صورة الإله «ست»، غير أن «سيتي» لم يقم بأي تغيير رسمي في كتابة اسمه كما فعل «إخناتون»، بل اكتفى برسم اسمه بإحدى الطريقتين السابقتين على حسب ما تتطلبه الأحوال، وحسن الذوق، وبخاصة عندما لا يستحب كتابة صورة الإله «ست» على آثار مهداة للإله «أوزير»
وتعددت ألقاب الملك سيتي الأول واتخذ اسم "من معت رع" وتعني: "خالدٌ هو عدل رع"، واسمه الأكثر شيوعاً والأصلي كان: "سيتي مري ن پتاح" ويعني: رَجُل ست، محبوب بتاح"، وسماه الإغريق سِثوسيس.
و كان سيتي الأول شريكًا لوالده في الملك، وكان في هذه الفترة يناهز الأربعين من عمره، وتدل ألقابه على أنه كان جنديًّا مجرَّبًا، وإداريًّا حازمًا؛ ولذلك كان الرجل الذي تتطلبه مصر في تلك الفترة من تاريخها.
حكم الملك سيتي الأول مصر لمدة 21 عاماً على أقل تقدير، حيث كان خلال الفترة السابقة على الحكم ضابطاً في الجيش مثل والده، وبعد أن أصبح ملكاً قاد عدة حملات عديدة في ليبيا والشام؛ لإعادة فرض السيطرة المصرية في الخارج.
كان الملك سيتي الأول أول ملك مصري يخوض معركة ضد الحيثيين الذين حكموا أسيا الصغرى، وعقد معهم معاهــــــدة سلام بعدم الاعتداء عليهم. سجلت هذه الأنشطة والانتصارات العسكرية ببراعة شديدة في معبد آمون بالكرنك قام بتوطيد السلطة المصرية في فلسطين والشام، وقاوم الحيثيين.
و أقام سيتي الأول العديد من الآثار منها الممنوميوم في أبيدوس وخصص لعبادة عدد من الآلهة كما يوجد بالمعبد قاعة الأجداد بها أسماء الملوك من تأسيس أول الأسرات إلى سيتي الأول و قائمة ملوك مصر في أبيدوس، ومعبد القرنة الجنائزي في طيبة، وبهو الأعمدة المسقوف بالكرنك. وكان قد بدأ في تشييده قبل ذلك ثم زخرف في عصر سيتي الأول بمناظر طقسية وصور على الحوائط الخارجية التي تبين انتصارات الملك سيتي على البدو والليبيين والأموريين في قادش والحيثيين.
و أمر الملك سيتي بإقامة مسلة تعرف باسم فلامنيوس ولكنه توفى قبل إتمام نقشها والذي أكمله ابنه رمسيس الثاني وهي الآن موجودة في ميدان الشعب بروما.
أما عن مقبرته فقد عثر على مقبرة الملك سيتي الأول في عام 1817م بواسطة جوفاني باتيستا بلزوني وهي المقبرة رقم 17 في وادي الملوك وهي من أجمل المقابر بوادي الملوك، يبلغ عمق المقبرة حوالي 30 مترا ويصل طولها إلى 136 متر، ومقبرة سيتي الأول منحوتة في الصخر وبها رسوم لسيتي وهو يتعبد للآلهة وبها أيضا نقوش للعديد من الكتب منها كتابي البوابات وما يوجد في العالم السفلي.
كما تم العثور أيضاً على مومياء سيتي الأول عام 1886م في خبيئة في الدير البحري، ويعتقد أن سيتي الأول الذي توفي ولم يتم الأربعين من العمر على عكس رمسيس الأول ورمسيس الثاني اللذان توفيا في أعمار متقدمة وغير معروف سبب وفاة سيتي الأول على الرغم من أن موميائه وجدت مقطوعة الرأس ولكن حدث ذلك بعد الوفاة بفعل لصوص المقابر ويرجح انه كان يعاني مرضا في القلب، وقد نقلت المومياء إلى المتحف المصري بالقاهرة أما التابوت فقد نحت من قطعة واحدة من الألبستر وعليه نقوش رائعة وهو موجود بمتحف في لندن.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رمسیس الثانی والمشرف على على أن
إقرأ أيضاً:
مونيكا وليم تكتب: نتنياهو ونموذج «حزب الله».. إعادة إنتاج حالة الحرب كخيار سياسي واستراتيجي
يفتتح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مشهداً سياسياً واضحاً، يبرز فيه تحويل توقُّف العمليات العسكرية إلى مرحلة انتقالية تُبقي على عناصر القوة الإسرائيلية موضعيةً ومرنةً، في إدارة ما بعد الحرب على غزة. هذا الخيار لا يهدف فقط إلى إنهاء حالة الاقتتال المؤقتة، بل إلى إعادة إنتاج ترتيب يضمن لإسرائيل حق التدخّل الأمني، احتفاظها بمواقع تأمين استراتيجية، وربما قوة إشرافية دولية لا تلغي القدرة الإسرائيلية على التحرك عند الضرورة وهو ما يشترطه صانعي السياسات الإسرائيلية كنموذج مقبول عملياً وسياسياً.
وعند محاولة استقراء منهجية نتنياهو والتي تتمحور في استراتيجية تقوم على مفاهيم استراتيجية محدّدة: إدارة الصراع لا حله، حرب منخفضة الوتيرة بدل مواجهة شاملة، والردع المتآكل عبر عمليات موقوتة ومراقبة ميدانية. بهذا الأسلوب يمكن تحويل وقف النار إلى «مرحلة انتقالية» تتيح لإسرائيل الاحتفاظ بقدرة التدخل، واشتراط انسحابها بمتطلبات أمنية وسياسية أبرزها نزع سلاح حماس وإعادة تشكيل إدارة القطاع.
الانسحاب الإسرائيلي من القطاع صار ورقة قابلة للتصريف سيتم فقط «عندما يتحقّق نزع السلاح»، وفق الرواية الرسمية. هنا تتجسّد معادلة مركزية: نزع السلاح مقابل الانسحاب مقابل إعادة الإعمار. هذه المعادلة تُستخدم لتحويل قضايا إنسانية (الجثامين، الإعمار، فتح المعابر) إلى أدوات ابتزاز تفاوضي. فتح المعبر—خصوصاً رفح—مُلزم بشروط إسرائيلية مرتبطة بتقدم التسليم في ملف الجثث والأسرى، ما يضع ملف المساعدات الإنسانية تحت سقف أمني بحت.
وفي المقابل ومن جانب فصائل المقاومة، تبقى مسألة تسليم الجثامين والأسرى ورقة تفاوضية مركزية تُستخدم لحسابات معنوية وميدانية وقانونية. أما الوسطاء مصر، قطر، الولايات المتحدة ودول أوروبية فمضطرون لخلق ضمانات تنفيذية تمنع استغلال الأزمات الإنسانية كذريعة لإطالة حالة القتال أو الإبقاء على احتلال فعلي لمساحات مدنية. هنا يظهر دور الضمانات الدولية المقترحة، سواء عبر مراقبين أمميين أو قوة دولية مقترحة، لكن نجاح أي ترتيب يعتمد على وضوح تفويض هذه الآليات وحدود صلاحياتها وطريقة تعاطيها مع ملف نزع السلاح.
وبالتالي تكتيك نتنياهو في هذه المرحلة مزدوج: داخلياً يسعى إلى تحويل وقف النار إلى مكسب سياسي عبر رواية «صانع السلام الأمني»؛ لكنه في الوقت نفسه يبقي على أدوات ضغط عسكرية وسياسية لتفادي اتهامات الضعف أمام قواعده اليمينية المتشددة. هذا التوازن الهشّ يضعه بين ضغط الشارع القومي المتطلب لردع دائم، والضغوط الدولية والإقليمية الداعية إلى ضمان دخول المساعدات والإشراف على إعادة الإعمار بآليات مؤسسية. التوتر بين هذين المسارين يفسر تذبذب الخطاب الرسمي الإسرائيلي بين إعلانه عن تقدم تفاوضي وتهديده بعودة العمليات عند كل تعثّر بتنفيذ بنود الاتفاق.
وهو ما يعيد أحياء ”نموذج التسوية مع حزب الله” باعتباره أحد أهم المحددات التي تحكم سلوك إسرائيل التفاوضي في الملفات الإقليمية الحساسة، وفي مقدمتها الوضع في غزة. فهذا النموذج الذي برز بوضوح عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية ، لم يكن مجرد ترتيب ميداني محدود، بل كان صيغة لإدارة الصراع دون حسمه، عبر تثبيت قواعد اشتباك جديدة تسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بهوامش تدخل عسكري وأمني من دون تحمّل كلفة حرب شاملة. وقد تضمن اتفاق لبنان ثلاث ركائز أساسية: انسحاب حزب الله شمال نهر الليطاني، انسحاب إسرائيلي كامل خلال 60 يوماً، وتوقف العمليات الهجومية. لكن إسرائيل تحايلت على الاتفاق عبر تثبيت “حق التدخل” العسكري عند الضرورة، والإبقاء على خمسة مواقع استراتيجية في الجنوب اللبناني بذريعة الضرورات الأمنية، فضلاً عن استمرار الضربات الجوية على الأراضي اللبنانية مع المحافظة شكلياً على إطار وقف إطلاق النار. وبذلك رسخت إسرائيل نموذج “الأمن الوقائي المتقدم” القائم على ضبط التهديد بدلاً من استئصاله.
هذا النموذج هو ما يسعى بنيامين نتنياهو إلى استنساخه في غزة تحت غطاء ما يسمى “مبادرة ترامب للتسوية”، إذ تشير تقديرات عديدة إلى أن قبول نتنياهو بالخطة الأميركية لا يعكس تحولاً استراتيجياً في موقفه، بل محاولة لإعادة إنتاج النموذج اللبناني مع تعديلات تتناسب مع خصوصية غزة. فنتنياهو يدرك أن كلفة استمرار الحرب باتت مرتفعة داخلياً وخارجياً، لكنه في المقابل لا يريد تسوية نهائية تنهي حالة الصراع، بل ترتيباً يسمح بإعادة تعريف المشهد الأمني في غزة. ومن هنا يركز على ثلاث قضايا: أولاً، ضمان الاحتفاظ بحق التدخل العسكري “المشروع” بذريعة منع إعادة تسلح حماس أو استئناف قدراتها الهجومية. ثانياً، تكليف طرف ثالث بقوة استقرار دولية أو ترتيبات أمنية متعددة الأطراف بمهمة نزع سلاح حماس بصورة تدريجية، بما يسمح لإسرائيل بإدارة الصراع عن بُعد. ثالثاً، ربط الانسحاب وإعادة إعمار القطاع بسقف زمني مشروط وبآليات تحقق استخبارية، تضمن لإسرائيل القدرة على إعادة فرض التفوق الميداني متى أرادت.
وعليه، فإن جوهر مقاربة نتنياهو ليس وقف الحرب أو إنهاء المواجهة مع حركة حماس، بل إعادة صياغة البيئة الأمنية في غزة عبر تسوية تُظهر أنها “اتفاق تهدئة”، لكنها عملياً إعادة هندسة للصراع تتيح لإسرائيل الاحتفاظ بأدوات الضغط الميداني وتفادي أي التزامات سياسية نهائية. ومن ثم، فإن أي قراءة لمستقبل غزة دون فهم “نموذج حزب الله” ستبقى قراءة قاصرة عن استشراف موازين القوى الفعلية في معادلة ما بعد الحرب.
وهذا الوضع من الممكن أن يحيل الترجيحات والسيناريوهات المتوقعة إلي 1) تحويل التهدئة إلى وقف نار مؤسّس بإشراف دولي فعّال ونزع سلاح جزئي يترك مساحات للسيادة الفلسطينية وهو الأفضل سياسياً وإقليمياً؛ (2) تطبيق «نموذج حزب الله» خاصة ما يتعلق بحق التدخّل والاحتفاظ بآليات أمنية ميدانية تؤدي إلى هدوء طويل الأمد لكن هشّ سياسياً؛ (3) فشل التفاهمات وعودة تدريجية إلى عمليات محدودة أو شاملة نتيجة تراكم الإخفاقات التنفيذية والابتزاز المتبادل حول ملفات إنسانية مثل الجثث والإعمار. الخيار الثاني والثالث سيكلفان المنطقة أمنياً وسياسياً، بينما يبقى الخيار الأول مرهوناً بإرادة دولية حقيقية لفرض آليات حوكمة وإعمار متصلة بآليات سياسية تُعيد الشرعية الفلسطينية كطرفٍ أساسي في الإدارة.