لجريدة عمان:
2025-01-20@05:25:33 GMT

متى سيهزم الليبراليون العرب أنفسهم ؟

تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT

يبدو أن عامًا كاملًا من الإبادة الجماعية فـي غزة وعقودا سبقتها من العنف الممنهج ليست كافـية للمثقف الليبرالي العربي حتى يراجع موقفه من دولة الاحتلال. اعتدنا على تنويعات الاتهامات التي يسوّغون بها أفعال المحتل، من قبيل مراجعة التاريخ، وترويج سرديات مثل بيع الأرض أو استعادة الحق فـي الحصول عليها بعد أن طرد منها أصحاب الحق بها.

وفـي أكثر سردياتهم نشازًا وإثارةً للشفقة عليهم، حديثهم عن مشروع إسرائيل للسلام فـي المنطقة.

قد نظن أن ما يحدث الآن قد جعل موقف هذا المثقف أكثر صعوبة، خصوصا بعد أن بدا الغرب الذي يعبده هذا المثقف أكثر تعقيدًا مما يظن حول الموقف مما يحدث فـي فلسطين، وتصبح تبعية الغرب فـي هذه الحالة مهددة، وهي شرط وجودي أساسي فـي علاقته بذاته، يستمد من هذا الشرط استحقاقه، وعلامات امتثاله للواقع والقوة والنور بدلًا من البربرية التي نشأ فـيها. لكنني لم أتوقع أن ألاحظ أن نمطًا ما يستحوذ على تفكير المثقف الليبرالي العربي ساهمت فـيه الأنظمة العربية بقمعها واستبدادها غير المحدودين، وبهذا حتى هذا المثقف هو -وإن بطريقة يؤسفني الاعتراف بها- ضحية الفضاء العام الذي نشأ فـيه.

صادفتُ إجازة الأسبوع الماضي، فتيات يقدمن أنفسهن على أنهن متحررات ومثقفات. كنتُ أشرت لأمر يتعلق بالمقاطعة، لأفاجأ بموجة غضب وانفعال منهن، وصدمة من موقفـي أنا التي كنّ يعولن عليه الكثير، بصراحة كان الموقف صعبًا بالنسبة لي، وكان صادمًا، لم أتخيل أن يحدث هذا فـي مسقط، الآن فـي هذا التوقيت، مع فتيات عربيات يعشن معنا ما يحدث لحظة بلحظة. حاولتُ تمالك نفسي، وبدأتُ بمحاولة أن أفهم ما الذي يدفع أحدًا للإيمان بأن إسرائيل بريئة، أبحث عن شيء آخر غير المسوغات التي حفظناها ظهرًا عن غيب منذ نكسة 1967 مرورًا بالثورة الإسلامية فـي المنطقة وصولًا للربيع العربي. طبعًا سردن لي، حكايات دعوات إسرائيل للسلام، وعن من بدأ هذه الحرب فـي السابع من أكتوبر وقد كان هذا متوقعًا، ما لاحظته باهتمام هذه المرة هو استخدام حجة: الشك فـي القصة السائدة.

لقد ساهمت الأنظمة العربية لعقود بطمس التاريخ المعاصر، وترويج سردية واحدة على حساب ما حدث بالفعل، إذ لم تكتف هذه الأنظمة بفرض السردية التي تلائمها فحسب بل محت وهددت أي بعث لأي قصة مختلفة، وأنا لا أتحدث هنا عن السردية الفلسطينية، لا بل أي شيء يتعلق بتاريخ أي دولة من هذه الدول وما مرت به. لقد رأينا هذه الممارسة حتى وقت قريب عندما اتخذت بعض الدول العربية قرار حذف أي إشارة للإسلاميين أو المبادئ الإسلامية من المنهاج المدرسي، ووضع مكانه نسخة وطنية تعزز القومية، وتنبذ هذا المكون المهم من هويتنا وثقافتنا، ظنًا من هذه الدولة أنها بهذا تحمي مستقبلها الذي يتوافق ومبادئ واستراتيجيات حكامها. ما لا تعرفه هذه السلطة، أن القصص المنبوذة، التابوهات، أو المسكوت عنها، المحرمات، تصبح مثيرة للفضول، فـي كونها مقصية بسبب تضادها المشروط مع السلطة، الأمر الذي يجعلها جذابة، ومثيرة للاهتمام والبحث والتقصي. وبما أن هنالك اتفاقا على أن التاريخ يكتبه المنتصر، يصبح تبني السرديات الهامشية، نوعًا من هزيمة السلطة، كما يصبح تهميش أي سردية، مانحًا الشرعية المطلقة تلك السردية بغض النظر عن حقيقتها! ألا يبدو الأمر مروعًا؟ وبهذا فإن نشأتهن فـي العالم العربي والإسلامي الذي يؤمن بحق الفلسطينيين فـي أرضهم ينطبق عليه ما ينطبق على ما قالته السلطة عن تاريخ بلدانها.

تفاجأتُ عندما امتد الحديث لأعرف أنهن زرن إسرائيل، لستُ بصدد السؤال عن القوانين التي تحول من دون ذلك، وكيف يمكن لمن زار إسرائيل أن يكون بيننا هنا، ما يهمني الآن ما رأينه فـي تلك الزيارة من اختلاف كبير بين الواقع الذي يعشنه وبين ما يحدث هناك، بين استقبال الإسرائيليين لهن كعربيات وبين ما يروج عن كراهية وعداء الصهاينة للعرب واحتقارهم لهم، على العكس من ذلك وجدنّ بلدًا مسالما، بتعليم ممتاز، وتطوير لا تحظى به الدول العربية، وثقافة واسعة، وتجارة مزدهرة والأهم من ذلك قوة كبيرة. لاحظوا أن كل ما بدأن بسرده معتاد عليه من المثقف الليبرالي العربي مجددًا، لكن أريد أن ألفت انتباهكم بشكل خاص، لتقديس مبدأ القوة، الأمر الذي يخبرنا عن مبادئ الليبرالية، وما تحلم به لعالمنا هذا. من يمتلك القوة يحق له الوجود، وهو المبدأ الذي يجب أن نحتكم إليه، أما الأخلاق والجماليات والواجب فهذه أشياء لا يشار لها على الإطلاق.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ما یحدث

إقرأ أيضاً:

حظر التطبيع مع إسرائيل.. جمال عبد الرحيم يكشف أهم توصيات اجتماع المكتب الدائم للصحفيين العرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

اخُتتمت فعاليات الاجتماع الدوري للمكتب الدائم للاتحاد العام للصحفيين العرب، الذي انعقد خلال الفترة من ١٢ وحتى ١٦ يناير الجاري  بدبي بدولة الإمارات المتحدة.

وشارك في اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد، ممثلا عن نقابة الصحفيين المصريين كل من الكاتب الصحفي خالد البلشي نقيب الصحفيين، والكاتب الصحفي جمال عبد الرحيم، السكرتير العام لنقابة الصحفيين.

وقال الكاتب الصحفي جمال عبد الرحيم، سكرتير عام نقابة الصحفيين، في تصريحات صحفية عقب عودته للقاهرة، إن الاجتماع في دورته الحالية، ركز وأكد على حظر كافة أشكال التطبيع الشخصي والمهني والنقابي مع الكيان الصهيوني، ووقوف جميع التنظيمات المهنية الصحفية و الإعلامية العربية و جميع الصحفيين و الصحفيات العرب إلى جانب زملائهم في فلسطين و لبنان.

 

وأوضح أن الاتحاد أكد على ضرورة مساندة نقابة الصحفيين الفلسطينية في مواجهة العدوان الهمجي، و توجهها برفع شكاوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد مجرمي العدوان الهمجي ضد الصحفيين الفلسطينيين

و يحمل التنظيمات المهنية الدولية و المنظمات الحقوقية و الشرعية الدولية مسؤولية التقصير في حماية الصحفيين الفلسطينيين و اللبنانيين و في مواجهة الجرائم المقترفة في حق الشعب الفلسطيني، و يدعو إلى وقفها الفوري بدون شروط أو قيود .

وأشار «عبد الرحيم» إلى دعوة  المكتب الدائم للاتحاد العام للصحفيين العرب، النقابات  والتنظيمات الصحفية العربية يوم 10 فبراير المقبل _ذكري مرور 60 عاما علي إنشاء الاتحاد-  لتنظيم مؤتمر صحفي في العاشرة صباحا مع توقف العمل بصالات التحرير لمدة محددة ، والدعوة إلى إضافة اتهام استهداف فئة الصحفيين لعمل المحكمة الجنائية الدولية إعمالا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب .


وأوضح أن المجتمعون دعوا الإعلام العربي والدولي لمقاطعة تصريحات المسؤولين الإسرائيليين لمدة محددة وتوزيع قائمة بأسماء وصور الشهداء الفلسطينيين مع مقدمة بكل اللغات يتم توزيعها على كل وسائل الإعلام العالمية، كما وجه الإتحاد العام للصحفيين العرب الدعوة للامم المتحدة لتنظيم زيارة تضامنية من الاتحادين العربي والدولي للزملاء الصحفيين في غزة والضفة .

وأكد سكرتير عام الصحفيين،  أن أعضاء المكتب الدائم باتحاد الصحفيين العرب عن اعتزازهم و افتخارهم بزملائهم الصحفيين و الصحفيات الفلسطينيين، و يقف الاتحاد إجلالا لأرواح الشهداء الأبطال منهم الذين دفعوا تكلفة غالية في سبيل  فضح العدوان الوحشي و الذين رووا بدمائهم  أرض فلسطين الطاهرة ، و بزملائهم الصحفيين و الصحفيات اللبنانيين الذين طالتهم أيادي الإرهاب الصهيوني.

و ندد الاتحاد بالعدوان الصهيوني الذي تسبب في سقوط أكثر من 40 بالمائة من الصحفيين الفلسطينيين في غزة بين شهيد و مصاب، و هي الجريمة الأبشع في تاريخ الصحافة العالمية.

مقالات مشابهة

  • الذايدي: سالم هو اللاعب العربي والآسيوي الوحيد الذي سجل في أهم 4 بطولات عالمية.. فيديو
  • أمين اتحاد المهندسين: التعاون العربي لتحقيق أهداف الطاقة المتجددة أصبح ضرورة ملحة
  • إطلاق فعاليات المؤتمر العربي الثاني للطاقة المتجددة والمستدامة
  • فوائد تناول الموز على الريق: ما الذي يحدث لجسمك؟
  • توفيق عكاشة: إسرائيل تحتاج العرب للسيطرة على العالم
  • حظر التطبيع مع إسرائيل.. جمال عبد الرحيم يكشف أهم توصيات اجتماع المكتب الدائم للصحفيين العرب
  • مقررة أممية لـعربي21: تسامح العرب مع إسرائيل يشجعها على احتلال أراضيهم (شاهد)
  • مفتي الجمهورية: الملاحدة يتناقضون مع أنفسهم في إنكار وجود الله
  • أبرز عمليات تبادل الأسرى التي جرت فلسطينيا مع إسرائيل
  • كشف مفاجأة مذهلة: ما الذي دفع إسرائيل وحماس للتوافق؟