بطريقة مبتكرة.. "الجدة ديزي" تواجه المحتالين في بريطانيا
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
أعلنت شركة الاتصالات البريطانية Virgin Media O2 عن مكافحة مكالمات الاحتيال المتزايدة بواسطة الجدة "ديزي - Daisy"، وهي روبوت دردشة يشبه الإنسان، ويرد على المكالمات ليبقي المحتالين على الهاتف لأطول فترة ممكنة، في محاولة لإزعاجهم وإحباطهم، تماماً كما يفعلون مع المستهلكين في جميع أنحاء العالم.
الروبوت "ديزي" يعمل على أتمتة ممارسة "الاحتيال"، والتي تنطوي على انتحال الأشخاص لشخصيات الضحايا المحتملين، لإهدار وقت المحتالين ومواردهم، وكشف أساليبهم الماكرة علناً، وجمع المعلومات المفيدة لجهات إنفاذ القانون، بحسب "فوربس".
ويتقمص الروبوت "ديزي" شخصية سيدة كبيرة في السن، مما يجعلها جزءاً من فئة إنسانية مستهدفة بشكل كبير في عمليات الاحتيال. ولضمان المصداقية، استندت وكالة الإبداع في لندن VCCP Faith في صوت ديزي إلى صوت جدة أحد الموظفين بالفعل.
وقالت ديزي في مقطع الفيديو الترويجي الذي طرحته الشركة: "بينما هم مشغولون بالتحدث معي، لا يمكنهم الاحتيال عليك، ولنواجه الأمر. يا عزيزي، لدي كل الوقت في العالم".
وجسّدها الفيديو وكأنها امرأة واقعية، تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، لديها شعر رمادي وترتدي نظارة، وتتحدث على هاتف أرضي من داخل منزلها.
وتضمّن الفيديو صوتاً من محادثات حقيقية، حيث يشعر المحتالون بالإحباط بمرور الوقت بينما تتحدث "ديزي" في مواضيع متشعبة دون ذكر المعلومات التي يريدونها، مثل أرقام الحساب المصرفي وبطاقات الائتمان.
ولدى ديزي رقم خاص بها، وقد أضافه فريق مكافحة الاحتيال في O2 إلى قوائم جهات الاتصال التي يستخدمها المحتالون. وهي تجمع بين نماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة للاستماع إلى المتصل ونسخ صوته إلى نص ثم تستخدم نموذجاً لغوياً كبيراً مخصصاً للرد.
وقالت شركة O2 في بيان: "من خلال خداع المجرمين وإقناعهم بأنهم يحتالون على شخص حقيقي، واللعب على استهدافهم لكبار السن، منعتهم ديزي من استهداف ضحايا حقيقيين، والأهم من ذلك، كشفت عن التكتيكات الشائعة المستخدمة حتى يتمكن العملاء من حماية أنفسهم بشكل أفضل".
وقامت الشركة بتدريب الذكاء الاصطناعي الذي يقود ديزي بمساعدة جيم براوننج، وهو أحد أشهر المحتالين السابقين على يوتيوب ولديه أكثر من 4.3 مليون مشترك على يوتيوب. وقالت الشركة إن ديزي "تهدر بالفعل مئات الساعات من وقت المحتالين".
وحثّت الشركة المستهلكين على توخي الحذر بشأن عمليات الاحتيال المحتملة وإعادة توجيه المكالمات والرسائل النصية المشبوهة إلى رقم توفره الشركة، قائلةً: "لا تستطيع الجدة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي وحدها إحباط المحتالين، لكن ديزي قد تثبت أنها أداة قيّمة في إبطائهم".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي بريطانيا
إقرأ أيضاً:
محاكمة أشباح الذكاء الاصطناعي
لا يمكن إنكار إيجابيات التقدم التكنولوجي الكثيرة، كما لا يمكن تجاهل سلبياتها المتمثلة في تعطيل الكثير من المهارات والكفاءات البشرية، فحين ظهرت الآلات الحاسبة ازداد اعتماد الإنسان عليها متجاوزا تنمية مهارات الحساب وحل المعادلات الرياضية، وحين تطورت أجهزة الهاتف المحمولة استغنى كثير من الناس عن الساعات والمذكرات اليومية والتقويم، بل حتى الاستدلال الجغرافي المكاني وتحديد المواقع توقفا اعتمادا على التطبيقات الذكية لتحديد ومسح المواقع جغرافيا، كما استعاض الإنسان بذاكرة الأجهزة المحمولة عن ذاكرته الواقعية الحيّة.
ويأتي الذكاء الاصطناعي ليحمل عنا عبء الكثير من المسؤوليات توفيرا للجهد والمال، وليسرق منا -في ذات الوقت-كثيرا من المهارات الحياتية والكفاءات المعرفية، تنسيق الكتابة والتدقيق والتصحيح الإملائي، مراجعة وتلخيص الكتب الموسوعية والمصادر المعرفية، الترجمة والعروض المصوّرة للأفكار والتصورات البحثية والمشاريع، كتابة الرسائل وصياغة الخطب، جدولة الأعمال وتنسيقها والتذكير بأوقاتها وفقا لأولوية كل منها، كل هذه الأشكال من الراحة الرقمية أسلمت الإنسان إلى الدعة مستعيضا بالآلة عن ذاته، وعن ذاته تحديدا بذات رقمية ظن بها القدرة على تمثيله خير تمثيل في أي معرض بأي زمان ومكان.
وهذه الصورة ليست محض صورة ذهنية نمطية متخيلة لما يمكن أن يفعل الذكاء الاصطناعي ببعض عشاقه ومريديه، بل هي واقع صرنا نعايشه في كثير من المواقف ومنها ما حدث حاليا حينما استشاطت قاضية في محكمة استئناف بولاية نيويورك غضبًا بعد محاولة أحد المُدّعين استخدام مقطع رمزي مُصمم بواسطة الذكاء الاصطناعي للدفاع عن قضيته، متسببا بحالة من البلبلة داخل قاعة المحكمة ظنا من القضاة بأنه يقدم حجته شخصيا أو عن طريق محاميه، لكن الرجل ويدعى جيروم دي وال لديه محامٍ، كان يأمل أن تُقدم الصورة الرمزية حُجة مُحكمة، معتذرا لاحقًا كتابيًا للمحكمة، قائلاً إنه لم يقصد أي ضرر، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس، إنما حاول جاهدا إنشاء نسخة رقمية طبق الأصل تشبهه، لكنه لم يتمكن من القيام بذلك قبل جلسة الاستماع، وقال إنه يأمل أن يقدم نموذج الذكاء الاصطناعي حججًا أكثر دقة دون التلعثم في الكلمات أو التذمر مما قد يصدر عن الإنسان الطبيعي!
إن غضب القاضية وصدمة الحضور بذلك انعكاس لصدمة الجميع من تسارع التطور في عالم الذكاء الاصطناعي، ذلك التطور الذي قد تتعطل معه الكثير من القدرات والمهارات البشرية التي لا يمكن للآلة تعويضها بأي حال من الأحوال مهما تطورت برمجياتها وحُدِّثت مُدخلاتها المعرفية، كما أنها صدمة القلق القادم من قدرة الذكاء الاصطناعي على التضليل بصنع النسخ المطابقة للواقع في مجالات مختلفة، لكن مبلغ الصدمة أن تتمثل إنسانا كاملا بمشاعره ومخاوفه، وتبريراته ومنطقه، في قدرتها (إن حصلت) على الربط والتحليل والاستنتاج والجدل وحتى التقاضي، ثم إن كانت قاعدة البيانات لكل هذه البرمجيات موجهة بشريا فكيف يمكن توافر ضمانات لاعتماد برمجيات عادلة غير منحازة ولا مؤدلجة؟ ثم خطورة ورعب الوجه الآخر لهذه التقنيات حين تكون مدفوعة بسلطة مادية أو نفوذ سياسي يحركها وفقا للمستهدف من مساع ومصالح.
هل سيكون هذه المشهد من المحكمة واستخدام الناطق البديل بالذكاء الاصطناعي -بعد تغذيته بالمعلومات والحجج- مشهدا طبيعيا بعد أمد؟ وهل يمكن للتقاضي ذاته بكل أطرافه أن يشهد هذه الرقمنة الصادمة في حديّتِها وعدم استيعابها للحضور البشري الواقعي؟ هل نتحول مع عالم البرمجيات والشفرات البرمجية إلى مجرد أرقام تعبث بها الآلات وتحركها المصالح الاقتصادية؟
ختاما: يقينا ليست هذه التساؤلات أول المطروح في عالم التقنية الحديثة والذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية، ولن تكون الأخيرة بالضرورة، لكنها نافذة نحاول من خلالها تلمس الثابت والمتحول في هذه اللعبة المعاصرة الآخذة بأعطاف المستقبل إلى عالم مجهول نترقبه، ولا ندرك كنه تفاصيله بعد، لكننا نتمنى استبقاء الثابت القيمي والأخلاقي في هذه المعادلة الرقمية معقدة الأطراف.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية