هل يعثر العلماء على المفتاح للتخلص نهائيا من الصداع النصفي؟
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
سان فرانسيسكو "د.ب.أ": ربما يكون السبب هو تناول الشوكولاته أو الخمور أو بعض أنواع الجبن القديم، وقد يكون الاستماع إلى أصوات معينة أو استنشاق عطور بعينها أو التعرض لروائح نفاذة، ومن الممكن أن تكون برودة الطقس أو العواصف الرعدية هي المسبب، وربما يكون ناجما عن التوتر وقلة النوم... تعددت الأسباب والصداع النصفي واحد من أكثر المشكلات الصحية شيوعا لدى البشر حيث يصيب نسبة تتراوح ما بين 14% إلى 15% من الأشخاص.
لم يصل الأطباء والعلماء حتى الآن إلى إجابة حاسمة بشأن مسببات نوبات الصداع النصفي، ولكنهم توصلوا إلى أن نوعا معينا من الجزيئات داخل الجسم يطلق عليه اسم "سي.جي.أر.بي" قد يكون هو المحفز أو "المفتاح" الذي يتم الضغط عليه ويتسبب في حدوث الصداع. وتقول ديبي هاي اخصائية علم الدواء بجامعة أوتاجو في مدينة دوندين في نيوزيلندا إن التعقيدات التي تحيط بالصداع النصفي ترتبط على الأرجح بهذه الجزيئات، مضيفة في تصريحات للموقع الإلكتروني Knowable Magazine المتخصص في الأبحاث العلمية: "مازال هناك جدل كبير حول مسببات الصداع النصفي وتبعاته على الجسم".
وتبين للعلماء أثناء التجارب أن حقن المتطوعين بجزئيات "سي.جي.أر.بي" يؤدي إلى إصابة بعضهم بالصداع النصفي، كما اتضح أيضا أن نوعا آخر من الجزيئات يطلق عليه اسم "بي.إيه.سي.إيه.بي" ومادة أكسيد النتروجين التي تؤدي إلى ارتخاء الأوعية الدموية يتسببان كذلك في أعراض تشبه الصداع النصفي. وتقول أمينة رادهان اخصائية طب الأعصاب بجامعة واشنطن في مدينة سان لويس الامريكية إن جميع هذه الجزيئات تعمل كما لو كانت مفاتيح لتنشيط نوبات الصداع النصفي، وهو ما يشير إلى ضرورة وجود مفتاح لوقف هذه النوبات بطبيعة الحال. وأوضحت أن فرق البحث العلمي تعمل بكد لابتكار أدوية تعمل كمثبطات لجزيئات "سي.جي.أر.بي" كوسيلة للتخلص من الصداع النصفي.
ويزيد من صعوبة هذا الأمر أنه لا يوجد نوع واحد من الصداع النصفي، فهناك الصداع المصحوب بالغثيان والحساسية للضوء أو الرائحة، وهناك الصداع الذي تواكبه ومضات ضوئية في العين، وهناك الصداع الذي يحدث في فترة الحيض للمرأة، أو المصحوب باضطرابات معدية والذي عادة ما يشكو منه الأطفال وصغار السن.
وفي البداية، كان الأطباء يعتقدون أن جذور مشكلة الصداع النصفي تعود إلى تمدد الأوعية الدموية في الغشاء المحيط بالمخ، وذلك لأن الصداع يأتي في صورة نبضات من الألم داخل الدماغ، ولكن تبين لهم لاحقا أن نبضات الصداع ليست مرتبطة في حقيقة الأمر بنبض القلب. ولاحظ الباحثون أن كثيرا من أعراض الصداع النصفي مثل الحساسية للضوء أو انقطاع الشهية ترتبط بأنشطة المخ لاسيما منطقة يطلق عليها اسم "تحت المهاد" hypothalamus واتجهوا للبحث عن أسباب الصداع داخل أنسجة المخ، ثم انساق التفكير أيضا إلى وجود مسببات أخرى للصداع النصفي مثل جزيئات مسببة للألم داخل الأوعية الدموية أو غيرها من الخلايا المناعية.
ويقول مسعود أشينا اخصائي طب الاعصاب بجامعة كوبنهاجن في السويد ومدير وحدة ابحاث الصداع النصفي بمستشفى ريجز جلوستروب في الدنمارك إن جميع الآليات المطروحة كمسببات للصداع تشير في النهاية إلى أن آلام الصداع لا تنبع أساسا من المخ، بل من السحايا، التي وصفها بأنها مثل "حقيبة من البلاستيك تحيط بالمخ".
وأوضح أن هذه السحايا تحتوي على سائل نخاعي يبطن المخ ويحميه، كما تدعم الأعصاب والأوعية الدموية التي تغذي المخ، مشيرا إلى أن المخ ذاته لا يشعر بالألم، وإنما الأعصاب داخل السحايا ولاسيما العصب الثلاثي بين الوجه والمخ، فإذا ما تم تنشيط هذه الأعصاب فإنها تبعث للمخ شعورا بالألم المبرح.
ويصف الأطباء مجموعة متنوعة من الأدوية لعلاج الصداع النصفي حيث يستخدم بعضها لعلاج النوبة، والبعض الآخر للحيلولة دون حدوث الصداع من الأساس، حيث يمكن تناول بعض مسكنات الالم مثل الأسبرين والإيبوبروفين، وهناك مجموعة أدوية التريبتان التي يتم تناولها في بداية الشعور بالصداع، وتعمل على طريق تضييق الأوعية الدموية عن طريق التفاعل مع مستقبلات السيروتونين الخاصة بتوصيل الإشارات بين الخلايا العصبية في المخ.
وينصح البعض باستخدام شريحة أخرى من الأدوية يطلق عليها اسم "الديتان"، وهي تعمل أيضا على مستقبلات السيروتونين، ولكنها لا تؤثر على الأوعية الدموية. وجدير بالذكر أن كثير من هذه الأدوية، باستثناء الديتان والتريبتان، لا يقتصر استخدامها لعلاج الصداع النصفي فقط، وكثيرا ما يترتب عليها أعراض جانبية. أما الأدوية التي تهدف لمنع الإصابة بالصداع، فهي تستغرق عدة أشهر قبل أن يظهر مفعولها، في حين أن الإفراط في تناول الديتان والتريبتان قد يترتب عليه مشكلات صحية أخرى، بحسب موقع Knowable Magazine.
ولم يتوصل العلماء بشكل يقيني إلى الصلة بين وجود جزيئات "سي.جي.أر.بي" في مجرى الدم أو السحايا وبين الإصابة بأعراض الصداع النصفي، ولكن الباحث أشينا لديه نظريات بشأن دور هذه الجزيئات في استثارة النوبات، حيث يرى أنها تلتصق بالمستقبلات على جدران الخلايا مثل خلايا الأوعية الدموية، وتسبب سلسلة من التفاعلات من بينها استثارة الألم لدى الخلايا العصبية مثل العصب الثلاثي. ورغم عدم اليقين بشأن دور الجزيئات، فقد وافقت الإدارة الأمريكية للغذاء والدواء بالفعل على ثماني أدوية مختلفة كمثبطات لجزيئات "سي.جي.ار.بي" باعتبارها أدوية لعلاج الصداع النصفي أو الوقاية منه. وتتباين ردود فعل الأطباء حيال هذا النهج الجديد لعلاج الصداع النصفي، ففي حين يقول دان ليفي طبيب الأعصاب من مركز أبحاث بيث إسرائيل دياكونيس الطبي في مدينة بوسطن الأمريكية: "إنه دواء جيد"، فقد أعرب جريج دوسر طبيب الأعصاب بجامعة تكساس بمدينة دالاس الأمريكية عن اعتقاده قائلا: "إنها قصة بديعة ولكنها غير مثبتة"، مضيفا: "مازلنا لا نعرف بشكل حقيقي حتى الآن الدور الذي تقوم به جزيئات /سي.جي.أر.بي/ في سياق الصداع النصفي".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: لعلاج الصداع النصفی الأوعیة الدمویة یطلق علیه
إقرأ أيضاً:
بعد إقراره نهائيا.. كيف يضمن قانون المسئولية الطبية حماية الطبيب وحق المريض؟
النائب سامي سوس: قانون المسؤولية الطبية ينظم العلاقة بين الطبيب والمريض بطريقة متوازنة ويدعم حقوق الطرفينأحمد محسن: مشروع قانون المسؤولية الطبية يعزز جودة الخدمات الصحيةبرلماني : قانون المسئولية الطبية "متوازن" يضمن حماية الطبيب وحق المريض
أكد عدد من أعضاء البرلمان أن مشروع قانون المسؤولية الطبية الذي وافق عليه مجلس النواب نهائيا، ينظم العلاقة بين الطبيب والمريض بطريقة متوازنة ويدعم حقوق الطرفين.
وقال النائب الدكتور سامي سوس عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن، إن قانون المسؤولية الطبية وسلامة المريض ، يحمل بين طياته العديد من المميزات التي تحقق العدالة بين حقوق المرضى والأطقم الطبية على حد سواء، والعمل على توفير بيئة آمنة للجميع من خلال تعزيز الثقة بين المرضى والمستشفيات وضمان جودة الخدمات الصحية المقدمة والاهتمام بالارتقاء بها من كافة الجوانب.
وأوضح سوس، أن القانون لا ينظم فقط العلاقة بين مقدمي الرعاية الصحية والمستفيدين منها، وإنما يقدم الآليات المناسبة لمحاسبة المخالفين من خلال أدوات تحكيم فعّالة، لإثبات حقوق المريض بالإضافة إلى توفير الدعم الطبي والقانوني للطواقم الطبية وعدم الجور عليها وعملها تحت تهديد وتعرضها للتعدي أو الملاحقة التعسفية، مشيرا إلى أن تحقيق هذا التوازن فى القانون يضمن تطوير النظام الصحي تطورا مثاليا.
وأشار عضو مجلس النواب إلى أهمية تنظيم العلاقة بين الأطباء والمرضى، بما يفرض معايير صارمة لمعاقبة الإهمال الطبي والتقصير، وتمكين المريض من الحصول على تعويض عادل في حال تعرضه لخطأ طبي غير مقصود، والعمل على تشجيع الأطباء على الالتزام بأعلى معايير المهنية، ودفعهم إلى اتباع أفضل الممارسات في رعاية المرضى، بالإضافة إلى توفير حماية قانونية للأطباء من الإجراءات التي قد تؤثر سلباً على عملهم، وتعزيز المسؤولية الأخلاقية وتوفير بيئة داعمة للصحيين من أطباء وطاقم تمريض وجميع العاملين في القطاعات الطبية.
ولفت النائب سامي سوس إلى حرص أغلبية مستقبل وطن على تخفيض غرامة الخطأ الطبي غير الجسيم وهو الخطأ الطبي العادي الوارد حدوثه لتصبح قيمتها 10 آلاف حد أدنى إلى 100 ألف جنيه حد أقصى بدلاً من 100 ألف إلى مليون جنيه التي كانت بالقانون ، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم، بما يراعي حقوق الجميع.
واختتم النائب سامي سوس ، أن مجلس النواب واغلبيته بحزب مستقبل وطن تحت القبة ، حرصوا على تلبية مطالب نقابة الأطباء في مختلف المواد التى تضمنها القانون بما يحقق بيئة عمل جيدة للأطباء ولكن أيضا فى نفس الوقت حرصوا على دعم حقوق المرضى من حيث الحصول على الخدمة الطبية الجيدة وأيضا حقهم فى حال حدوث خطأ طبي سواء كان عادي أو خطأ جسيم.
من جانبه.. أكد النائب أحمد محسن، عضو لجنة القيم بمجلس الشيوخ، أن مشروع قانون المسؤولية الطبية وسلامة المريض، الذي وافق عليه مجلس النواب، يمثل خطوة تشريعية مهمة لتعزيز الثقة في المنظومة الصحية، وتحقيق التوازن بين حقوق المرضى وحماية الأطباء أثناء ممارسة مهنتهم.
وأوضح محسن، أن القانون يعد نقلة نوعية طال انتظارها، حيث ينظم العلاقة بين مقدم الخدمة الطبية ومتلقّيها، بما يضمن بيئة آمنة للطرفين، ويتماشى مع التطورات التشريعية في الدول المتقدمة.
وأضاف عضو مجلس الشيوخ أن إقرار القانون يعكس التزام الدولة بتطوير القطاع الصحي، ليس فقط من خلال توفير البنية التحتية والمعدات الطبية، ولكن أيضًا عبر سن تشريعات تحمي الجميع، قائلًا:
“وجود إطار قانوني واضح يحدد المسؤوليات الطبية يسهم في تقليل الأخطاء المهنية، ويمنح الأطباء شعورًا بالأمان الوظيفي، خاصة مع إنشاء لجنة مختصة للنظر في الشكاوى بعيدًا عن الإجراءات الجنائية المباشرة، مما يضمن تحقيق العدالة وحماية الأطباء من أي عقوبات تعسفية.”
واختتم النائب أحمد محسن تصريحه بأن القانون يضع المريض في قلب المنظومة الصحية، من خلال تعزيز معايير السلامة وحمايته من أي ممارسات قد تؤثر على صحته، إلى جانب ترسيخ ثقافة الطب المبني على الأدلة والإجراءات المهنية الدقيقة، مما يسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية بشكل عام.
بدوره.. أكد النائب طه الناظر عضو مجلس النواب ، أن قانون المسئولية الطبية الذي وافق عليه مجلس النواب ، جاء متوازن يضمن حق الطبيب والمريض ، ويضمن بيئة عمل صحية للطبيب لكي يستطيع أن يؤدي عمله مشيراً ان القانون حظي بمناقشات واسعة سواء داخل لجنة الصحة بالمجلس أو في الجلسة العامة بالبرلمان ليتم الأستجابة لمطالب الأطباء بما يخلق بيئة عمل آمنة لهم .
وأشار "الناظر " في تصريحات صحفية له أن القانون يسهم في تحقيق العدالة الطبية من خلال تحديد المسؤوليات والواجبات لكل الأطراف المعنية، مع وضع آليات محددة للتعامل مع الأخطاء الطبية، بما يضمن تحقيق مصلحة المريض وفي الوقت نفسه يحمي الطبيب من الادعاءات الكيدية.
وأوضح " الناظر" أن القانون أقر إنشاء اللجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض والتي تعد الخبير الفني لجهات التحقيق، وكذلك إنشاء صندوق تأمين حكومي لتغطية الأضرار الناجمة عن الأخطاء الطبية ،لافتاً أن هذا التشريع بمثابة حماية لمقدمي الخدمة الطبية، وكذلك يحافظ على المؤسسات العلاجية من أي تجاوزات أو تعدي أو أي مخالفة للقانون، كما أنه يساهم في توفير حماية قانونية لحقوق المرضى في مواجهة أي إهمال طبي.
واكد عضو مجلس النواب أن القانون بهذه المميزات والمواد التي أقرها يحد من هجرة الأطباء حيث يضمن لهم بيئة عمل آمنة مشيرا أن هذا القانون يتماشى مع أهداف الدولة في تحسين جودة الرعاية الصحية وتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء والممارسين الصحيين.
وكان قد وافق مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، نهائيا على مشروع قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض