سان فرانسيسكو "د.ب.أ": ربما يكون السبب هو تناول الشوكولاته أو الخمور أو بعض أنواع الجبن القديم، وقد يكون الاستماع إلى أصوات معينة أو استنشاق عطور بعينها أو التعرض لروائح نفاذة، ومن الممكن أن تكون برودة الطقس أو العواصف الرعدية هي المسبب، وربما يكون ناجما عن التوتر وقلة النوم... تعددت الأسباب والصداع النصفي واحد من أكثر المشكلات الصحية شيوعا لدى البشر حيث يصيب نسبة تتراوح ما بين 14% إلى 15% من الأشخاص.

لم يصل الأطباء والعلماء حتى الآن إلى إجابة حاسمة بشأن مسببات نوبات الصداع النصفي، ولكنهم توصلوا إلى أن نوعا معينا من الجزيئات داخل الجسم يطلق عليه اسم "سي.جي.أر.بي" قد يكون هو المحفز أو "المفتاح" الذي يتم الضغط عليه ويتسبب في حدوث الصداع. وتقول ديبي هاي اخصائية علم الدواء بجامعة أوتاجو في مدينة دوندين في نيوزيلندا إن التعقيدات التي تحيط بالصداع النصفي ترتبط على الأرجح بهذه الجزيئات، مضيفة في تصريحات للموقع الإلكتروني Knowable Magazine المتخصص في الأبحاث العلمية: "مازال هناك جدل كبير حول مسببات الصداع النصفي وتبعاته على الجسم".

وتبين للعلماء أثناء التجارب أن حقن المتطوعين بجزئيات "سي.جي.أر.بي" يؤدي إلى إصابة بعضهم بالصداع النصفي، كما اتضح أيضا أن نوعا آخر من الجزيئات يطلق عليه اسم "بي.إيه.سي.إيه.بي" ومادة أكسيد النتروجين التي تؤدي إلى ارتخاء الأوعية الدموية يتسببان كذلك في أعراض تشبه الصداع النصفي. وتقول أمينة رادهان اخصائية طب الأعصاب بجامعة واشنطن في مدينة سان لويس الامريكية إن جميع هذه الجزيئات تعمل كما لو كانت مفاتيح لتنشيط نوبات الصداع النصفي، وهو ما يشير إلى ضرورة وجود مفتاح لوقف هذه النوبات بطبيعة الحال. وأوضحت أن فرق البحث العلمي تعمل بكد لابتكار أدوية تعمل كمثبطات لجزيئات "سي.جي.أر.بي" كوسيلة للتخلص من الصداع النصفي.

ويزيد من صعوبة هذا الأمر أنه لا يوجد نوع واحد من الصداع النصفي، فهناك الصداع المصحوب بالغثيان والحساسية للضوء أو الرائحة، وهناك الصداع الذي تواكبه ومضات ضوئية في العين، وهناك الصداع الذي يحدث في فترة الحيض للمرأة، أو المصحوب باضطرابات معدية والذي عادة ما يشكو منه الأطفال وصغار السن.

وفي البداية، كان الأطباء يعتقدون أن جذور مشكلة الصداع النصفي تعود إلى تمدد الأوعية الدموية في الغشاء المحيط بالمخ، وذلك لأن الصداع يأتي في صورة نبضات من الألم داخل الدماغ، ولكن تبين لهم لاحقا أن نبضات الصداع ليست مرتبطة في حقيقة الأمر بنبض القلب. ولاحظ الباحثون أن كثيرا من أعراض الصداع النصفي مثل الحساسية للضوء أو انقطاع الشهية ترتبط بأنشطة المخ لاسيما منطقة يطلق عليها اسم "تحت المهاد" hypothalamus واتجهوا للبحث عن أسباب الصداع داخل أنسجة المخ، ثم انساق التفكير أيضا إلى وجود مسببات أخرى للصداع النصفي مثل جزيئات مسببة للألم داخل الأوعية الدموية أو غيرها من الخلايا المناعية.

ويقول مسعود أشينا اخصائي طب الاعصاب بجامعة كوبنهاجن في السويد ومدير وحدة ابحاث الصداع النصفي بمستشفى ريجز جلوستروب في الدنمارك إن جميع الآليات المطروحة كمسببات للصداع تشير في النهاية إلى أن آلام الصداع لا تنبع أساسا من المخ، بل من السحايا، التي وصفها بأنها مثل "حقيبة من البلاستيك تحيط بالمخ".

وأوضح أن هذه السحايا تحتوي على سائل نخاعي يبطن المخ ويحميه، كما تدعم الأعصاب والأوعية الدموية التي تغذي المخ، مشيرا إلى أن المخ ذاته لا يشعر بالألم، وإنما الأعصاب داخل السحايا ولاسيما العصب الثلاثي بين الوجه والمخ، فإذا ما تم تنشيط هذه الأعصاب فإنها تبعث للمخ شعورا بالألم المبرح.

ويصف الأطباء مجموعة متنوعة من الأدوية لعلاج الصداع النصفي حيث يستخدم بعضها لعلاج النوبة، والبعض الآخر للحيلولة دون حدوث الصداع من الأساس، حيث يمكن تناول بعض مسكنات الالم مثل الأسبرين والإيبوبروفين، وهناك مجموعة أدوية التريبتان التي يتم تناولها في بداية الشعور بالصداع، وتعمل على طريق تضييق الأوعية الدموية عن طريق التفاعل مع مستقبلات السيروتونين الخاصة بتوصيل الإشارات بين الخلايا العصبية في المخ.

وينصح البعض باستخدام شريحة أخرى من الأدوية يطلق عليها اسم "الديتان"، وهي تعمل أيضا على مستقبلات السيروتونين، ولكنها لا تؤثر على الأوعية الدموية. وجدير بالذكر أن كثير من هذه الأدوية، باستثناء الديتان والتريبتان، لا يقتصر استخدامها لعلاج الصداع النصفي فقط، وكثيرا ما يترتب عليها أعراض جانبية. أما الأدوية التي تهدف لمنع الإصابة بالصداع، فهي تستغرق عدة أشهر قبل أن يظهر مفعولها، في حين أن الإفراط في تناول الديتان والتريبتان قد يترتب عليه مشكلات صحية أخرى، بحسب موقع Knowable Magazine.

ولم يتوصل العلماء بشكل يقيني إلى الصلة بين وجود جزيئات "سي.جي.أر.بي" في مجرى الدم أو السحايا وبين الإصابة بأعراض الصداع النصفي، ولكن الباحث أشينا لديه نظريات بشأن دور هذه الجزيئات في استثارة النوبات، حيث يرى أنها تلتصق بالمستقبلات على جدران الخلايا مثل خلايا الأوعية الدموية، وتسبب سلسلة من التفاعلات من بينها استثارة الألم لدى الخلايا العصبية مثل العصب الثلاثي. ورغم عدم اليقين بشأن دور الجزيئات، فقد وافقت الإدارة الأمريكية للغذاء والدواء بالفعل على ثماني أدوية مختلفة كمثبطات لجزيئات "سي.جي.ار.بي" باعتبارها أدوية لعلاج الصداع النصفي أو الوقاية منه. وتتباين ردود فعل الأطباء حيال هذا النهج الجديد لعلاج الصداع النصفي، ففي حين يقول دان ليفي طبيب الأعصاب من مركز أبحاث بيث إسرائيل دياكونيس الطبي في مدينة بوسطن الأمريكية: "إنه دواء جيد"، فقد أعرب جريج دوسر طبيب الأعصاب بجامعة تكساس بمدينة دالاس الأمريكية عن اعتقاده قائلا: "إنها قصة بديعة ولكنها غير مثبتة"، مضيفا: "مازلنا لا نعرف بشكل حقيقي حتى الآن الدور الذي تقوم به جزيئات /سي.جي.أر.بي/ في سياق الصداع النصفي".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لعلاج الصداع النصفی الأوعیة الدمویة یطلق علیه

إقرأ أيضاً:

قوى النواب توافق نهائيا على مشروع قانون العمل الجديد

وافقت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب برئاسة النائب عادل عبد الفضيل عياد، خلال اجتماعها اليوم، نهائيا على مشروع قانون العمل الجديد المقدم من الحكومة، تمهيداً لإعداد تقرير اللجنة عنه للعرض على المجلس خلال الفترة المقبلة وفقا للأجندة التشريعية المقررة.

وناقشت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب خلال اجتماعها اليوم، من مناقشة مواد مشروع قانون العمل وضبط صياغتها، وحسمت مواد العقوبات، على أن يتم مراعاة قيام اللجنة بإعادة ترتيب تسلسل مواد مشروع القانون وذلك بعدما دمجت بعض المواد.

جاء ذلك بحضور ممثلي وزارات العمل والتضامن الاجتماعي وقطاع الأعمال العام والعدل والتخطيط والتنمية الاقتصادية والشئون النيابية، والصحة والمالية، والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.

و اكد  النائب عادل عبد الفضيل، رئيس اللجنة، في ختام اجتماع لجنة القوى العاملة اليوم الأربعاء، عقب الموافقة النهائية على مشروع قانون العمل: "أتوجه باسمي وباسم أعضاء لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، بخالص الشكر والتقدير إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على توجيهاته المستمرة لسرعة الانتهاء من مناقشة مشروع قانون العمل ليتماشى مع المتغيرات وأنماط العمل الجديدة، والتحديات التي تواجه سوق العمل في الداخل والخارج، والتأكيد على طرح مشروع القانون على الحوار الاجتماعي بحضور ممثلى الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال".

و قال  أن لجنة القوى العاملة بمجلس النواب أن توجيهات الرئيس كانت موضع تقدير واهتمام خلال مناقشة مواد مشروع القانون في الدور الحالي والأدوار السابقة وخلال لجان الاستماع، وكانت "اللجنة"، حريصة أثناء مناقشته، تمهيدًا لعرضه على الجلسات العامة، أن تراعي التوزان بين مصالح أطراف العمل والإنتاج كافة خاصة أصحاب الأعمال، والعمال، وتحقيق بيئة عمل لائقة، وتعزيز علاقات العمل للمزيد من الأمان الوظيفي للعامل والتشجيع على الإستثمار في الجمهورية الجديدة.


و أضاف  رئيس اللجنة: كما نتقدم بخالص الشكر والتقدير لقياداتنا الحكيمة رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفى جبالي، على جهده الكبير في إخراج هذا المشروع القانوني بالشكل الأمثل، لقد كان لدعمه المستمر، ورؤيته الثاقبة، وتوجيهاته الحكيمة الدور الأساسي في تحقيق هذا الإنجاز، ودائما التزامه بالعمل الجاد والتفاني في خدمة المصلحة العامة كان ولا يزال مصدر إلهام لنا جميعًا، فنحن نثمن جهوده ونقدر عطائه، ونتطلع إلى المزيد من النجاحات تحت قيادته الرشيدة.

و اكد  إنه لا يمكن أن يكتمل النجاح دون الجهود المخلصة والدؤوبة التي بذلها فريق العمل المساعد لرئيس المجلس، المستشارين محمد عبد الصبور، أحمد حمودة، أسامة الحسينى، رامى خير الله، الذين كانوا سندًا حقيقيًا في كل مرحلة من مراحل إعداد وإخراج هذا المشروع القانوني التاريخي بالصورة التي تليق به، وكان لالتزامهم ودقتهم الأثر الكبير في تحقيق هذا النجاح.


و أضاف : كما أننا نقدر جهود المستشار أحمد مناع الأمين العام لمجلس النواب، ونثمن عطاءه المستمر وسعة صدره، وجهوده الكبيرة ومساهمته القيمة في إخراج هذا التشريع المهم بأفضل صورة، لقد كان لخبرته ورؤيته الواضحة دور مهم في تحقيق هذا الإنجاز، كما كان لحرصه على الدقة والإتقان فى توجيه فريق عمل أمانة اللجنة أثر واضح في نجاح العمل، وأننا نتطلع إلى مزيد من التعاون المثمر في القادم.

وأضاف "ولا ننسى أن نتقدم بخالص الشكر والتقدير لفريق العمل من مستشارى وزارات الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي والعمل والعدل وقطاع الأعمال العام، والتضامن الاجتماعي والصحة والسكان والمالية، والتخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ، والمجلس القومى للطفولة والأمومة على جهودهم المتميزة في إنجاز هذا المشروع القانوني، لقد كانت المناقشات المستفيضة، والشد والجذب الفكري الذي دار بيننا، نموذجا حيًا للحوار البناء الذى يهدف في المقام الأول إلى تحقيق الصالح العام والوصول إلى أفضل الصيغ القانونية، لقد أثبتتم أن الاختلاف في وجهات النظر لا يزيد العمل إلا قوة، وأن التعاون وتبادل الرؤى هما مفتاح النجاح، فبفضل التزامكم وخبرتكم القيمة، خرج هذا المشروع بأفضل صورة.

مقالات مشابهة

  • مطالبات بتكريمه من وزارة الأوقاف.. مؤذن يعثر على 190 ألف جنيه ويردها لصاحبها بعد رحلة من البحث في المنيا
  • دراسة تكشف تأثير فيتامين B12 على وظائف المخ لدى كبار السن
  • مشروبات الدايت خطر على الأوعية الدموية
  • عشان صحتك .. اعرف علاج أورام المخ الحميدة
  • مشروبات الدايت تسبب خطورة على الأوعية الدموية
  • مركز الملك سلمان للإغاثة ينفذ مشروعًا طبيًا تطوعيًا لجراحة الأوعية الدموية في بورتسودان
  • مشروبات "الدايت" خطر على الأوعية الدموية
  • قوى النواب توافق نهائيا على مشروع قانون العمل الجديد
  • قطر تؤكد دعمها لوحدة السودان وتدعو لوقف فوري لإطلاق النار
  • مصادر تكشف.. متى ستنسحب إسرائيل نهائيا من لبنان؟