تأثرت مدينة الأبيض السودانية، غربي البلاد، بتبعات الحرب الحالية بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ اندلاعها في الخامس عشر من أبريل الماضي ما أثر كثيراً على حياة الناس.

التغيير- فتح الرحمن حمودة

و تشهد المدينة خلال هذه الأيام حركة شبه طبيعة بعد إنحسار العمليات العسكرية ولكن لم تنحسر تبعاتها بل لا تزال تهدد بعرقلة حياة المدنيين بشكل أكبر.

و عطلت الحرب المستمرة جميع مناحي حياة المدنيين داخل المدينة إذ حصدت أرواح المئات منهم وخلفت الكثير من الجرحى إلى جانب تسببها في إبطاء النشاط الاقتصادي.

وبعد أربعة أشهر من الاشتباكات الدامية بين الجيش والدعم السريع أنحسرت العمليات العسكرية خلال الأيام الحالية الا أنها تسببت في تعطيل حياة المواطنين بالمدينة التي شهدت عدداً من المعارك العنيفة منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل الماضي.

ضحايا

ولقي ما لا يقل عن «200» شخصاً على الأقل من المدنيين حتفهم خلال العمليات العسكرية التي أديرت داخل المدينة بين أطراف الإقتتال في أعقاب حرب ما زالت مستمرة في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى لم تنتهي بعد.

وبحسب متابعة «التغيير» فإن المصارف والمتاجر إستأنفت نشاطها نحو ما يقارب الأسبوع وحتى اللحظة و بدأت حركة السير  شبه طبيعية بعد إنحسار المواجهات العسكرية بين طرفي الإقتتال بالمدينة.

مشاكل

وعلى الرغم من ذلك ما زالت تعاني المدينة من مشكلات عدة من بينها الإنقطاع المستمر للتيار الكهربائي وإنعدام مياه الشرب في بعض الأحياء إلى جانب إرتفاع أسعار المواد الأساسية بشتى أنواعها ما أدى إلى زيادة الطلب عليها رغم ندرة البعض منها.

ويشتكي عدد من المواطنين تحدثوا لـ «التغيير» فإن الأزمة تفاقمت بسبب الإنقطاع المستمر للطرق المؤدية من وإلى المدينة والتي باتت تنتشر فيها عصابات النهب المسلح وقوات أخرى تتبع للدعم السريع.

وبحسب مصادر قالت لـ «التغيير» إنه ما زال هنالك تواجداً لقوات الدعم السريع في عدد من الاتجاهات والطرق من ضمنها الطريق الرابط بين المدينة ومدن غربية أخرى إلى جانب الطريق الرابط بين مدينة الأبيض ومدن تتبع للولاية الواقعة شرقي الأبيض.

الكهرباء

ويمضي مواطنون في حديثهم إلى أن انقطاع الكهرباء هدد حياتهم في منازلهم و باتوا يهرعون لتأمين مصدر تيار كهربائي حال إنقطاعه لأطفالهم وكبار السن الذين يعانون اغلبهم من أمراض مزمنة.

وقال تجار كانوا قد تحدثوا لـ «التغيير» إن أسعار المواد الإستهلاكية أصبح مرتبطا بحركة الطرق التي تؤدي من وإلى مدينة الأبيض.

وأشارو إلى أن تلك الطرق إذا حدث بها أي من مظاهر النهب المسلح يؤدي ذلك إلى ارتفاع في الأسعار داخل الأسواق.

وأضاف التجار أنه لأكثر من أسبوع هنالك انخفاضا في أسعار المواد الاستهلاكية خاصة زيوت الطعام التي كانت قد ارتفعت بصورة جنونية إلى جانب مواد أخرى خلال الأيام الماضية.

الشرطة

وقالت مصادر لـ  «التغيير» إنه من المقرر أن تفتح جميع أقسام الشرطة داخل المدينة خلال الأيام المقبلة ويجرى العمل حاليا في تجهيزات ونظافة المقار الشرطية بعد أن أغلقت لشهور بسبب القتال الدائر في المدينة.

وأكدت أن النيابة العامة بالمدينة استأنفت نشاطها وبدأت العمل جزئياً بصورة يومية حتى منتصف النهار ونوهت إلى أن هنالك ترتيبات أخرى لعودة وفتح مقر شرطة المرور والسجل المدني بالمدينة.

وما زالت الوزارات الحكومية مغلقة أبوابها بسبب عدم توفر المرتبات لأغالبية المواظفين العاملين بها وحتى الآن لم تتحرك حكومة الولاية في معالجة الأمر لعودة فتح هذه المؤسسات حتى يعود الموظفين لممارسة نشاطهم.

وعلى الرغم من أن الحركة الشبه طبيعية للمدنيين داخل المدينة إلا أن المخاوف من عودة تجدد الاشتباكات بين أطراف الإقتتال وسط المدينة.

نازحون

اما النازحون داخل المدينة ما زالوا يواجهون حياة محفوفة بالمخاطر الناجمة عن ضعف الخدمات وعدم وصول المساعدات الإنسانية والتأثيرات المستمرة للحرب الحالية.

ورغم الأوضاع المتردية ظلت الجهود المحلية التي يقدمها المدنيين وبعض منظمات المجتمع المدني للنازحين متواصلة داخل المدينة بسبب الحرب وما تبع ذلك من حالات لعمليات النهب المسلح في بعض المناطق التي تتبع جغرافيا لولاية شمال كردفان.

مغادرة

و مع بداية الحرب كان قد غادر المئات من مواطني إدارية البركة بولاية شمال كردفان منازلهم باحثين عن الأمن المفقود بسبب تكرار حالات النهب المسلح على مناطقهم التي يأملون العودة إليها قريبا لإعادة تعميرها بعد اسقرار الأوضاع.

وتسببت الحرب المستمرة في موجات نزوح وفوضى ونهب مسلح تحولت على إثرة إدارية البركة بولاية شمال كردفان إلى منطقة غير آمنة.

ومؤخرا فر الغالبية من سكان المنطقة إلى مناطق اخرى آمنة بعضهم قرر الاستقرار بمنطقة كازقيل وأخرين زحفوا نحو مدينة الأبيض.

وباتت المدينة تضم عددا من معسكرات النزوح وزعت على نحو مدارس حكومية مُتفرقة كمراكز ايواء تتوزع بين وسط وشرق المدينة.

وانضمت لاحقا إليها خلال الأيام القليلة الماضية معسكرات أخرى من بينها مدرستي ود إلياس وفلسطين بنين وبنات إلى جانب مدرسة زاكي الدين بنين وبنات.

حظر

وكان  قد دخلت الأبيض في حظر تجوال فرضته حكومة شمال كردفان إلا أنه لم يطبق في مدن ومحليات أخرى تتبع للولاية نسبة لتواجد قوات تتبع للدعم السريع على أطرافها ولم تصلها الاشتباكات.

وأصبحت مدينة الأبيض إحدى مدن الاقتتال الرئيسية بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل الماضي بالعاصمة الخرطوم وولايتي كردفان ودارفور.

وتعتبر الأبيض مدينة استراتيجية تربط بين كثير من مدن البلاد كما أنه يوجد بها أكبر سوق للصمغ العربي إلى جانب خط أنابيب البترول الذي يمر عبرها ومصفاة للتكرير.

الوسومالأبيض الأسعار الجيش الحرب الدعم السريع شمال كردفان نازحين

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأبيض الأسعار الجيش الحرب الدعم السريع شمال كردفان نازحين

إقرأ أيضاً:

البرهان: لا تفاوض ولا تسوية مع "قوات الدعم السريع" 

 

الخرطوم - أكد رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، الاثنين 25نوفمبر2024، رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع «قوات الدعم السريع»، وقال إن «التسوية التي طرحناها أن تضع تلك القوات السلاح، وتتجمع في أماكن معينة»، بعد ذلك ينظر الشعب في شأنها».

ولدى مخاطبته مؤتمر حول قضايا المرأة في شرق السودان، بمدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، تعهد البرهان بالقضاء على «الميليشيا المتمردة طال الزمن أو قصر». وأضاف أن ما يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي عن تسوية مع «قوات الدعم السريع» غير صحيح، مشيراً إلى أنها ارتكبت انتهاكات في حق المواطنين، ولا تزال تحاصر مدينة الفاشر عاصمة شمال ولاية دارفور في غرب البلاد، وفق جريدة الشرق الأوسط السعودية.

وأضاف أن الحديث عن تقدم مجلس السيادة بدعوة للقوى السياسية لعقد مؤتمر للتفاوض بمدينة أركويت في شرق السودان، «ليس صحيحاً»، مضيفاً أن «باب التوبة مفتوح، ونرحب بأي سوداني مخلص، لكن التوبة لها شروط».

وقال إن القوات المسلحة (الجيش) والقوات النظامية الأخرى و«المستنفرين» (المدنيين الذين سلحهم الجيش) يمضون «بكل عزيمة وإصرار نحو القضاء على ميليشيا آل دقلو الإرهابية المجرمة»، في إشارة إلى عائلة قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتي».

وشدد البرهان على ضرورة الاهتمام بالمرأة لتسهم في بناء السودان، مشيراً إلى أن المرأة في شرق البلاد لم تنل حظها في التعليم، بسبب عادات وتقاليد كانت سائدة في المجتمع.

ميدانياً، واصل الجيش تقدمه في ولاية سنار، حيث استعاد عدداً من البلدات بعد سيطرته مؤخراً على مدينة سنجة عاصمة الولاية التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي للبلاد. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن قوات الجيش مسنودة بعدد من كتائب الإسلاميين «المستنفرين» تمكنوا منذ يوم الأحد من استعادة السيطرة الكاملة على بلدات ريفية مجاورة للعاصمة سنجة، وهي «ود النيل» و«أبوحجار» و«دونتاي»، دون خوض معارك مع «قوات الدعم السريع» التي انسحبت، وبدأت في التوغل نحو ولاية النيل الأزرق جنوب شرقي البلاد. ووفق المصادر نفسها، أصبحت كل مدن وبلدات الولاية تحت سيطرة الجيش الذي يحاصر ما تبقى من «قوات الدعم السريع» في بلدتي «الدالي» و«المزمزم».

وكان الجيش قد أعلن، يوم السبت، استعادته رئاسة «الفرقة 17» مشاة في مدينة سنجة. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط ولاية سنار بولايتي الجزيرة والنيل الأبيض.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولايات كردفان إلى الجنوب. ووفقاً لحصر الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، قتل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023.

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • شبكة أطباء السودان: الإمدادات الطبية بسنار تخسر 2.5 مليون دولار بسبب الدعم السريع
  • البرهان يعلق على أنباء التسوية مع الدعم السريع
  • البرهان: لا تفاوض ولا تسوية مع "قوات الدعم السريع" 
  • الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: أزمة السودان أسوأ من أوكرانيا وغزة
  • وزير الإعلام خالد الإعيسر: الحـرب ستنتهي اليوم إذا التزمت مليشيا الدعم السريع بمخرجات منبر جدة
  • الجيش السوداني يكثف ضرباته على مواقع الدعم السريع في الخرطوم وبحري
  • مقتل وإصابة 10 مواطنين في هجوم للدعم السريع على السيال بالنيل الأبيض
  • الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة ويلاحق عناصر الدعم السريع
  • السودان: عودة خدمات الاتصالات والإنترنت إلى مدينة الأبيض
  • في شهرها العشرين وقف الحرب واستدامة الديمقراطية؟