شيخ العقل التقى مجلس نقابة المحررين
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
إعتبر شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى ان "الوطن يحتاج اليوم، الى مقاومة سياسية ووطنية جامعة مظلتها الدولة وأهدافها تعزيز عناصر قوة لبنان ومرتكزات وجوده ومميزات حضارته، على مستوى التنوع والعيش المشترك والتفاهم الداخلي حيال القضايا الشائكة، التي لا تزال مستعصية على الحل. مقاومة تؤول لتعزيز دور المؤسسات، وخاصة الأمنية منها وفي مقدمتها العسكرية، لتمكين الجيش اللبناني من بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية وخاصة في الجنوب".
وأكد ان "التضامن الداخلي والوطني المطلوب أكثر من أي وقت مضى، انما يعطي قوة دفع للدولة في مفاوضاتها الجارية مع الدبلوماسية الدولية، من اجل التوصل الى اتفاق، يرمي الى وقف فوري للحرب، استنادا الى القرار الاممي 1701 ووجوب تطبيقه كاملا".
كلام ابي المنى جاء خلال لقائه وفد مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية برئاسة النقيب جوزف القصّيفي، الذي القى كلمة نوّه فيها بشيخ العقل، قائلا: "دوركم المحوري في تقريب المسافات بقوة العقل وسديد الحكمة، يخبر عنكم. أديتم دورا كبيرا لتذليل العقبات من طريق القمة الروحية، وبذلتم التضحيات وتحملتم المشقات حتى ضمان انعقادها، وكل ذلك بعيدا من الضوضاء والاضواء، لأنكم كنتم تريدون اكل العنب، لا قتل الناطور، وكان لكم ما أردتم".
أضاف: "جئنا اليوم لنسأل: هل اكتفينا بعقد القمة في بكركي منتشين بالتئامها، كما انتشى بنو تغلب يوما بقصيدة قالها عمرو بن كلثوم، فيما كانوا يواجهون أفولا محتما؟ كيف يمكن أن تترجم قرارات القمة وتوصياتها إلى أفعال، وأن تكون معبرا إلى سلام القلوب والالسنة فندرأ عنا ما يخطط لنا من يمعن فينا قتلا وقصفا وهدما من شر فتنة، وهي المبتدأ والخبر في أدبيات الصهيونية؟ هل أنتم مرتاحون إلى حسن الخواتيم، حتى في ظل وقف للنار والاعمال الحربية كما يروج؟ اللبنانيون في قلق من المستقبل، وهم يشككون بكل شيء: المجتمع الدولي المستأسد عليهم، والنعامي في مداراة تل أبيب، العرب الذين يرسفون في عجزهم، الافرقاء المحليون الذين يلغون في خلافاتهم فيما مركب الوطن يغرق بهم".
وختم: "صاحب السماحة نعلم انكم وسائر المقامات الروحية المسيحية والإسلامية لا تملكون الكلمة الفصل، ولا عصا موسى، ولكنكم تمتلكون ما هو أمضى واشد وقعا: صدق الكلمة، قوة الموقف، النصح الرشيد، والحرم المعنوي، والصوت المدوي، فمتى ستقولون: كفى ...كفى ... وتقودون الجميع إلى جادة العقل والحكمة، فمن دونهما لا تنقذ الأوطان".
ورد شيخ العقل بكلمة رحّب فيها بمجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية، منوّها بـ"أصحاب الأقلام والكلمات الطيبة والجامعة التي يحتاج وطننا اليها اليوم، المفعمة بالمحبة وتنشد السلام في النفوس وتساهم في الاستقرار، الذي يتوق اليه كل حريص على بلده، الذي يعاني ما يعانيه من هذه الحرب الوحشية المدمّرة للحجر والبشر، والتي ينفذها العدو الإسرائيلي غير آبه بكل القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية، والذي لا يقيم فيها وزنا لكل القيم والأعراف، امام ما يرتكبه من فظاعات حربية ومجازر بشرية بحق عُزّل وابرياء وأطفال وشيوخ".
أضاف: "الدروز لم يكن لديهم طموحات ومشاريع خاصة، وهذا ما نرجوه لكل الطوائف، التي نعهد ايمانها بالوطن وتمسكها بترابه وحماية الدولة التي تحترم حقوق جميع أبنائها. اما موضوع القمة الروحية التي انعقدت أخيرا في بكركي، فقد سادتها أجواء إيجابية جدا من التوافق على المواضيع التي وردت في البيان الختامي، والذي سيكون موضع سعي ومتابعة من قبل لجنة منبثقة عنها، لترجمة تلك التوصيات ونشر الروح الايجابية".
وتابع: "ننوّه بجهود الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وجميع المسؤولين المخلصين، الذين يبذلون جهدا داخليا وخارجيا، لمعالجة القضايا المطروحة، ولسنا لنحملّهم المسؤوليات في أي تقصير يحصل او قد يحصل، بقدر دعمنا تلك الجهود، من اجل التوصل الى حلول إيجابية للقضايا الشائكة داخليا، والاتفاق على حل لانهاء الفراغ الرئاسي بعد دخوله العام الثالث، لما لرئاسة الجمهورية من أهمية في اكتمال عقد المؤسسات، وقيام حكومة جامعة ومقتدرة، بما ينعكس إيجابا على المسار الوطني والمؤسساتي العام ويعيد الثقة بالوطن، رغم المرحلة الصعبة جدا وتحدياتها، ازاء الحرب الدائرة ومخططات إسرائيلية غير المعروفة".
واردف: "لعل الدور المطلوب من الجيش اللبناني في المرحلة الراهنة وما يليها كبير جدا، وهذا يتطلب الالتفاف حول المؤسسة العسكرية وتقديم الدعم المطلوب لها، لتمكينها مستقبلا من بسط سلطة الدولة على كامل التراب اللبناني في الجنوب، مع قوات الأمم المتحدة اليونيفيل".
وقال ردا على أسئلة الوفد: "اننا ندعم جهود الدولة، ونستبشر خيرا من الجهود الدولية ايضا، للتوصل الى وقف فوري لإطلاق النار، استنادا الى تطبيق القرارات الدولية ذات الشأن وبما يحفظ الكرامة للجميع. وسنبقى نشدد على أهمية التضامن الوطني، الذي تجلّى من خلال استضافة النازحين في الجبل وللأستاذ وليد جنبلاط الفضل الكبير، من خلال النداء الإنساني والوطني الذي وجهه بهذا الخصوص. لكن على الدولة البحث عن مآل الموضوع بعد الحرب، بوجود الدمار الحاصل لقرى وبلدات ممسوحة بصورة شبه كاملة، وتقديم الدعم المطلوب للنازحين والعائلات المستورة".
أضاف: "بالنسبة لموضوع بيع الأراضي، نعم، اننا ندعو للتمسك بالأرض وعدم البيع، وكي لا نساعد بذلك العدو فيما يطمح اليه من تغيير ديموغرافي، وطبعا حذّرنا وننبّه أبناءنا دائما لعدم الوقوع في إشكالات مع النازحين وحتى بين النازحين أنفسهم كما جرى في أكثر من مكان، ليبقى الهم الأساسي منصبّا على توفير الاستقرار للمهجرين وطمأنتهم، كما ونشجّع على إقامة أنشطة جامعة لهم، وعدم تحويل تداعيات الحرب الى قلق داخلي معهم. المطلوب الوعي لدقة وخطورة المرحلة، وعلى الدولة التحضير للخطط اللازمة لعودتهم بعد الحرب، معززين ومكرّمين أيضا".
وختم: "شعارنا "الحياد عن كل ما يفرّق والانحياز الى كل ما يجمع"، وبأن نثبت للعالم ان اللبنانيين مستعدون دائما للتفاهم حول مصير مستقبل وطنهم ودولتهم وجيشهم، نحتاج بذلك للارتقاء بمسؤولياتنا وباحتضاننا لجيشنا ومجتمعنا، وبان نكون جميعا الدرع الواقي للوطن، في مواجهة كل التحديات والاخطار".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الإسلاميون والجيش واستراتيجية المليشيات: أدوات السيطرة التي تهدد مستقبل السودان
في الأسابيع الأخيرة، ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي أخبار عن تأسيس مليشيات جديدة للقتال بجانب الجيش مثل الأورطة الشرقية، حركة تحرير الجزيرة، تيار شباب البجا، وغيرها. قبل الحرب أيضاً وبذرائع مختلفة كالمطالبة بالحقوق والتمثيل في السلطة، وعدم حصول مناطق على إمتيازات أو تجاهلها في إتفاق جوبا وغيرها، تم تأسيس مليشيات مثل قوات درع البطانة، درع الوطن، وقوات كيان الوطن، تحت بصر وسمع الأجهزة العسكرية والأمنية، وفي الغالب هذه الأجهزة هي من أسست هذه المليشيات، مما يدل على أن استراتيجية الجيش والإسلاميين الرئيسية هي تأسيس واستخدام المليشيات، سواء التي أسسها الجيش أو التي تحالفت معه، بما في ذلك تلك المرتبطة بالإسلاميين كالبراء بن مالك. هذه المليشيات استخدمت قبل الحرب لإشاعة الفوضى ولتهديد قوى الثورة المدنية بالحرب، ولإشاعة حالة من الضعف الأمني. بعد إندلاع الحرب تستخدم هذه التشكيلات للقتال ضد مليشيا الدعم السريع. وللمفارقة العجيبة، فإن قوات درع الوطن بقيادة كيكل كانت قد إنضمت للدعم السريع وتسببت في إجتياح مدني وسنجة وغيرها وسقوطها في قبضة مليشيا الدعم السريع، ثم قبل أسابيع عاد كيكل بعدد قليل من هذه القوات وإنضم للجيش كمليشيا شبه مستقلة تحت اسم درع البطانة وليست تحت سيطرة الجيش بالكامل وإن تم الإدعاء بغير ذلك.
في بعض الأحيان، تُستخدم هذه المليشيات كأداة ضغط سياسي، وربما لاحقاً عسكري، كما يحدث حالياً في مطالبة ما يسمى تيار شباب البجا بإخراج مليشيات العدل والمساواة وتحرير السودان من ولايات الشرق. تُستخدم هذه المليشيات الآن لإنهاء الحرب والإنتصار على مليشيا الدعم السريع، على حساب استقرار الدولة ومستقبلها.
يناقش هذا المقال لماذا يرفض الجيش والإسلاميون دمج أو ضم، ولو مؤقتاً، كل التشكيلات والأفراد الراغبين في القتال ضد مليشيا الدعم السريع في الجيش، وماهي أسباب استخدامهم لاستراتيجية المليشيات وتأثيرها على مستقبل السودان.
أسباب استخدام المليشيات
إحدى الأسباب الرئيسية وراء الاعتماد على هذه المليشيات، وربما السبب الرئيسي، هو الخشية من صعود تيار داخل الجيش بعد إنضمام فئات مختلفة من الشعب للقتال معه، قد ينحاز إلى مطالب الشعب السوداني التي عبرت عنها ثورة ديسمبر. هذه الخشية تُفسر رفض الجيش والإسلاميين لانضمام الكثير من العسكريين المفصولين أو المعاشيين إلى صفوف الجيش في الحرب الحالية، حيث يرون أن هؤلاء قد يشكلون تياراً مناهضاً لهم وقد يصبح لهم صوت ووزن داخل الجيش، وربما أصبحوا أداة للتغيير السياسي خارج سيطرتهم. كذلك قتال هذه التشكيلات هذه بجانب الجيش بشكل شبه مستقل بعيداً عن سيطرة الجيش الكاملة عليها، يطرح تساؤلاً بشأن دور هذه المليشيات بعد الحرب وقابلية استخدامها للتمكن من السلطة، أو للحصول على إمتيازات سياسية، أو لقمع الشعب والقوى السياسية.
وفي الوضع الإقتصادي الحالي، فإن تشكيل المليشيات يُعتبر أقل تعقيداً وأقل تكلفة من تدريب الجنود وفق المعايير النظامية. هذه التشكيلات المسلحة تعتمد غالباً على دعم مالي ولوجستي من قنوات غير رسمية كالدعم الشعبي، ولكن مثلاً يتحدث العديد من المواطنين عن كثرة الإرتكازات الأمنية والمطالبة بالرسوم من المركبات العابرة وغيرها من الظواهر. هذا الشكل من التمويل يقلل من الأعباء المباشرة والإلتزامات المالية على القيادة العسكرية والسياسية. كما أن الإرث التاريخي للمليشيات، الذي يعود إلى نزاعات السودان الطويلة، جعلها أداة مفضلة لتحقيق السيطرة وتقسيم القوى داخل الدولة.
التحديات الناجمة عن المليشيات
هذا النهج يمثل خطراً كبيراً على مستقبل السودان. وجود المليشيات يضعف المؤسسات الوطنية ويؤدي إلى ازدواجية السلطة، ويعيق الإلتزام بالقوانين وتطبيقها. كما أن الغالب في تكوين هذه المليشيات أنه على أسس قبلية وإثنية أو مناطقية مما يزيد من التوترات الاجتماعية ويخلق صراعات محلية طويلة الأمد، تهدد الوحدة الوطنية. تزايد هذه التوترات يؤدي إلى إضعاف التماسك المجتمعي ويعيق إنتصار الجيش نفسه، ويزيد من تعقيد أي جهود للوصول إلى تسوية سياسية.
الاعتماد على المليشيات يؤدي إلى إضعاف الجيش النظامي، حيث تصبح هذه التشكيلات بديلاً غير منضبط للقوة الرسمية، مما يقوض فعالية الجيش ويهدد تماسكه. بالإضافة إلى ذلك، التمويل المالي لهذه المليشيات لاحقاً سيعتمد غالباً على السيطرة على الموارد وربما النهب، مما يؤدي إلى استنزاف الاقتصاد وتعطيل التنمية كما حدث في حالة مليشيا الدعم السريع. كما أن انعدام الأمن الناتج عن نشاطها يفتح الباب لممارسات كالتهريب والأنشطة غير المشروعة، ويعوق الاقتصاد ويزيد من الأزمات المعيشية.
الدور الخارجي والتدخلات الإقليمية
تدخل القوى الخارجية لدعم هذه المليشيات يضيف حلقة أخرى من التعقيد، ويحول السودان إلى ساحة صراعات إقليمية ودولية. وفي تناقض غريب، ورد أن الأورطة الشرقية ومليشيات أخرى قد تم تدريبها في إريتريا، حيث بدأت مليشيا الدعم السريع كقوة محلية ثم طورت علاقات خارجية لتصبح مستقلة عن الدولة، ما يعكس إمكانية تحول هذه المليشيات إلى كيانات ذات علاقات خارجية معقدة وربما تصبح تحت سيطرة خارجية. هذه العلاقات تُعقد أي محاولة لفرض السيادة الوطنية وقد تؤدي إلى فقدان القدرة على التحكم في الأراضي والموارد الوطنية.
على المدى الطويل، تُعرف المليشيات باستخدامها للعنف المفرط وغير المنضبط، مما يؤدي إلى تصاعد الانتهاكات وزيادة الفوضى. هذا الوضع يجعل الإنتصار الشامل أو تحقيق السلام أمراً صعباً، حيث تصبح هذه التشكيلات المسلحة عقبة رئيسية أمام أي حل. حتى في حال الإنتصار الكامل للجيش، فقد تتغير أهداف المليشيات مع مرور الزمن وقد تستخدمها أطراف خارحية كما حدث مع الدعم السريع، مما يهدد استقرار الوضع حتى بعد انتهاء الصراع العسكري.
التحديات في المستقبل: تفكيك المليشيات ودمجها في الجيش
حتى إذا تحقق إنتصار كامل للجيش على مليشيا الدعم السريع وهو أمر مستبعد في الظرف الحالي، أو تم التوصل إلى اتفاق سلام، فإن تفكيك المليشيات أو دمجها في الجيش يمثل تحدياً كبيراً، كما أظهرت تجارب دول أخرى في المنطقة مثل الصومال وليبيا. منذ بداية التسعينات، واجهت الصومال صراعاً طويل الأمد بسبب وجود المليشيات المسلحة التي دعمتها قوى خارجية مختلفة، مما أدى إلى انهيار الدولة وتفككها إلى مناطق سيطرة متعددة. وبعد أكثر من ٣٥ عام على إندلاع الحرب في الصومال لا تزال المليشيات تستخدَم في صراعات محلية ودولية، مما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار المستمر والتدخلات العسكرية الإقليمية والدولية. في ليبيا، تسببت المليشيات المدعومة خارجياً في تمزيق الدولة إلى كيانات متناحرة على السلطة. فإن كان قرار الجيش والإسلاميين أنهم لن يذهبوا لإتفاق مطلقاً، فالأفضل لمستقبل السودان أن يكون كل المقاتلين تحت القوات المسلحة فعلياً والإبتعاد عن استراتيجية المليشيات هذه.
في النهاية، الاعتماد على استراتيجية المليشيات يعكس ضعف الفكر وعدم قدرة قادة النظام السياسي والعسكري الحالي في السودان على التعلم من التجارب الذاتية والخارجية، وعدم الاكتراث لأرواح السودانيين. إن تحقيق السيطرة الآنية باستخدام المليشيات، وإن حدثت وهي مستبعدة في الظرف الحالي، على حساب الاستقرار الوطني لن يحقق الأمن المستدام، بل يقود السودان نحو التفتت والانقسام، مع تداعيات كارثية على الشعب السوداني لعقود قادمة. الحلول الحقيقية تكمن في بناء مؤسسات قوية، والبدء بإصلاح الجيش إلى مؤسسة مهنية ذات عقيدة وطنية تمثل كل السودانيين الآن وأثناء هذه الحرب.
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد