ورقة رابحة بين محورين.. هل تخشى إيران من الأسد أم عليه؟
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
تحمل الزيارتان الأخيرتان لمسؤولين إيرانيين اثنين إلى العاصمة السورية دمشق والثالثة التي يجريها وزير خارجية النظام السوري، بسام صباغ إلى طهران في طياتها عملية "تسليم واستلام رسائل"، استنادا لما كشفت عنه وسائل إعلام، وبناء على التوقيت أيضا.
وفي وقت تغيب التفاصيل الدقيقة لفحوى تلك "الرسائل" يرى خبراء ومراقبون تحدثوا لموقع "الحرة" أن التحركات الإيرانية الأخيرة فيما يتعلق بسوريا لافتة، ومن الواضح أنها ترتبط بـ"خشية ما باتجاهين"، لاسيما أن النظام السوري ورئيسه بشار الأسد "بات تحت الضوء كورقة رابحة بين محورين".
وترتبط طهران بدمشق منذ سنوات بـ"علاقة استراتيجية"، أكد عليها وزير خارجية النظام السوري، بسام صباغ، من العاصمة طهران، يوم الثلاثاء، قائلا في مؤتمر صحفي إنه "أجرى مباحثات إيجابية وتبادلا مثمرا للآراء، بسبب تعزيز التعاون في كافة المجالات".
ثاني لقاء مع مسؤول رفيع من طهران خلال أيام.. الأسد يستقبل وزير الدفاع الإيراني اجتمع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الأحد، بوزير الدفاع الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، وذلك عقب أيام قليلة من لقائه علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي.وجاءت زيارة صباغ إلى طهران بعد يومين فقط من وصول وزير الدفاع الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، إلى دمشق، وفي أعقاب "رسالة" أوصلها مستشار المرشد الإيراني، علي لاريجاني، إلى النظام السوري قبل يوم واحد، وفقا لحديث له نقلته وسائل إعلام إيرانية.
وتعتبر الزيارات بين الجانبين اعتيادية، لكن لم يسبق وأن حصلت بالشكل الذي كانت عليه الأسبوع الماضي وفي غضون 48 ساعة، حيث وصل لاريجاني أولا والتقى الأسد وبعدما عاد إلى طهران حط وزير الدفاع الإيراني مجددا في العاصمة السورية، والتقى بمسؤولين سوريين.
ولا تزال الرواية الرسمية في إيران تؤكد على أن سوريا "حلقة من سلسلة المقاومة"، في إشارة إلى المحور الذي تتزعمه ويخوض صراعا مع إسرائيل على أكثر من جبهة.
وفي حين أن دمشق تؤكد حتى الآن على "علاقتها الاستراتيجية" مع طهران، لم تتخذ بعد الحرب التي بدأتها إسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر خطوات فعلية، كما الحال بالنسبة لحزب الله في لبنان وبقية أطراف المحور الإيراني.
ومنذ تاريخ الحرب الإسرائيلية المتركزة على نحو كبير الآن في لبنان، التزم النظام في دمشق بسياسة عدم التعليق وكأنه بعيدا عن الجغرافيا المشتعلة، وبينما حاول البقاء في المنطقة الرمادية على مدى أكثر من عام لم يكن هذا الأمر كفيلا بإبعاده عن دائرة الضربات الإسرائيلية.
وعندما كان لاريجاني في دمشق قصفت إسرائيل مبنيين في العاصمة السورية، وقتلت فيهما قادة في حركة "الجهاد الإسلامي" المصنفة إرهابية. وجاء ذلك بالتزامن مع تهديدات عدة أطلقها الجيش الإسرائيلي، وركز بها على النظام، من منطلق طرق إمداد الأسلحة المارة من مناطق نفوذه باتجاه حزب الله في لبنان.
"رسائل على خط طهران-دمشق"ولا يعرف حتى الآن حدود الحملة الإسرائيلية القائمة في لبنان وما إذا كانت ستتخذ منحى أكثر شراسة في سوريا، على صعيد الضربات التي باتت تستهدف أبرز المناطق الحيوية وسط دمشق، كحي المزة.
وكذلك الأمر بالنسبة للموقف الذي سيتخذه النظام السوري بناء على التهديدات التي تستهدفه، وما إذا كان سيظل متمسكا بعلاقته "الاستراتيجية" مع طهران، خاصة على الشق الأمني والعسكري أو قد يتخذ مسارات أخرى.
وطالما سلطت تقارير غربية وعربية الضوء على هذه المسارات محللة ومشيرة إلى احتمالات إمكانية ابتعاد الأسد المحور الإيراني.
وتعد زيارة صباغ إلى طهران الأولى له منذ استلام منصب وزير الخارجية السوري، وتندرج باعتقاد الباحث السوري في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، أيمن الدسوقي، "في سياق تجاوب الأسد مع رسالة علي خامنئي". وكان حملها لاريجاني.
كما تذهب الزيارة باتجاه تأطير (طهران ودمشق) للرسائل "بصيغ رسمية على شكل اتفاقيات أو معاهدات تتيح لكليهما إدارة المخاوف والمصالح في لحظة حرجة إقليميا ودوليا".
ويقول خالد خليل، وهو باحث وأكاديمي سوري مختص بالشأن الإسرائيلي، إن الزيارات المتبادلة بين دمشق وطهران في غضون أسبوع واحد تصب في إطار "محاولة إيرانية لإعادة الأسد إلى المحور الذي حمى نظامه".
ويعتقد خليل، في حديثه لموقع "الحرة"، أيضا أن إيران تريد أن تستوفي الخدمات التي قدمتها للنظام السوري "بعدما شق عصا الطاعة باقترابه من المحور العربي، وفي ظل محاولات أميركية لخلق معادلات جديدة في المنطقة".
مؤشرات جديدة.. الأسد ينأى بنظامه عن إيران وأذرعها برزت خلال الفترة الأخيرة، مؤشرات متتالية على تقارب النظام السوري مع دول عربية وخليجية، مقابل تراجع علاقاته مع إيران وحلفائها في المنطقة، ولا سيما حزب الله وحماس.ويضاف إلى ما سبق، بحسب الأكاديمي السوري، أن "الرسائل" الإيرانية التي نشرت عنها وسائل إعلام "تحمل تحذيرات مبطنة بتهديدات".
ومع ذلك، يشرح أن التحذيرات "لا تصل إلى حد تهديد النظام بنفسه وإزالته، بل يشوبها نوع من المساومات تحاول فرضها إيران على الأسد، كونها تحكمه بالكثير من الديون".
"ورقة رابحة بين محورين"لا ترتبط العلاقة بين إيران والنظام السوري بالشق العسكري والسياسي فحسب، وعلى مدى السنوات الماضية وصلت حدودها إلى حد التوغل في قطاعات اقتصادية أيضا.
ومن الجانب العسكري على الخصوص ما تزال الكثير من ميليشيات "الحرس الثوري" تنتشر في عموم المناطق السورية.
في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة كان الأسد محور اهتمام، وفرض ذلك من زاوية موقف "الحياد" الذي اتخذه.
وبينما لم يخرج عن تلك الحالة تكاد تختلف الآن بصورتها العامة، ليصل الاهتمام إلى حد التركيز على احتمالية ابتعاده عن إيران ومحورها، لقاء درء خطر التصعيد الأكبر، وبهدف الحصول على مكاسب قد تصل إلى حد فك العزلة الدولية.
ويوضح الأكاديمي السوري، خليل أن تركيز "الاهتمام" على الأسد في المنطقة الآن لا يرتبط بقدراته العسكرية كونه عاجز بالمطلق، بل يتعلق الأمر بـ"البعد الجيوسياسي".
وتتعلق الحالة أيضا بهجوم حماس، المصنفة إرهابية، على إسرائيل في أكتوبر 2023، والخط الفاصل الذي رسمته لمشهد لن يكون كما في السابق، على صعيد وجه المنطقة ككل.
ويقول خليل: "الأسد الآن في مرحلة التفاوض في ظل المساومات الإقليمية التي تحاول تشكيل المشهد الأمني في المنطقة".
ويضيف أن "موقعه الجيوسياسي أعاده كورقة رابحة لمحورين دخلا في مرحلة كسر ظهر لا كسر عظم. الأول يتلقى الضربات بينما يتشكل المحور الثاني حديثا، للقضاء على المعادلة الأمنية السابقة القائمة على التنافس الإيراني-الإسرائيلي في المنطقة".
ورسم المؤتمر الصحفي لوزيري خارجية إيران وسوريا، الثلاثاء، نقاط التوافق وملامح عمل المرحلة المقبلة.
ومن الواضح، وفقا لقول الدسوقي أن إيران تركز على الجانب الأمني وما يمكن إدراجه ضمن ذلك من شرعنة تواجدها وتنظيم انتشارها في الجغرافية السورية مجددا، وما يستلزمه من تعاون مع الهياكل الأمنية والعسكرية للنظام، وما يمكن استخدامه كغطاء لتمرير الدعم الإيراني لإعادة بناء قدرات حزب الله مجددا على الأراضي السورية.
في المقابل، يركز النظام على الجانب الاقتصادي نظرا للحاجة الماسة لديه، من حيث أولوية معالجة قضية الديون الإيرانية التي كانت عبئا عليه، ومنحه خطوط ائتمانية مجددا تمكنه من معالجة تحدياته الاقتصادية والخدمية.
هل تخشى منه أم عليه؟ويجادل باحثون أن قرار الحياد والنأي بالنفس الذي اتبعه النظام السوري ورئيسه إزاء ما جرى في المنطقة خلال العام الماضي، كان مدفوعا باعتبارات تتعلق به وبحلفائه.
ويشير آخرون إلى "عقبات" وخشية ارتبطت على نحو كبير بالعواقب التي قد تسفر عنها أي عملية انخراط، ولو على مستوى اتخاذ مواقف متشددة.
وكانت إيران نجحت في دمج مستشاريها الاستخباراتيين والعسكريين بشكل واسع في الأجهزة الأمنية السورية على مدى عقود، ومن المرجح أن يستمر هذا الحضور طالما ظل النظام الحالي يحكم في طهران، كما يوضح كبير الخبراء الأميركيين في "المجلس الأطلسي"، ريتش أوتزن.
ويقول أوتزن، لموقع "الحرة"، إن "الأسد يعتمد على الإيرانيين وحزب الله للبقاء في السلطة، بينما تحتاج إيران إلى سوريا كوكيل وقاعدة لإسقاط قوتها. كما يقول مثل أمريكي قديم: (إما أن يتكاتفوا معا أو سيُعلقون (يشنقون) منفصلين)".
ولا تملك دمشق خيارات جيدة حقا بينما تنفذ إسرائيل ضربات ضد الأهداف المرتبطة بإيران على أراضيها.
و"سيكون من الحكمة تجنب استخدام أي أصول عسكرية سورية لشن هجمات انتقامية ضد إسرائيل في جميع الأحوال"، بحسب كبير الخبراء الأميركيين في "المجلس الأطلسي".
وبناء على ما شهده العام الأخير لم يكن الأسد ونظامه في سوريا محور اهتمام لدى إسرائيل وإيران فحسب، بل انسحب ذلك أيضا إلى حليفتها الأساسية روسيا وإلى الجانب التركي.
لأكثر من مرة وجهت تركيا ورئيسها رجب طيب إردوغان دعوات للأسد من أجل اللقاء، ولم يتفاعل الأخير بإيجابية حتى الآن.
وفيما يتعلق بإيران، يشير الأكاديمي السوري، خالد خليل، إلى أنها كانت تتعامل معه في السابق "كتابع" ولم تكن بحاجة لإجراء زيارات رسمية رفيعة المستوى.
لكن الواقع تغيّر الآن، مما يدل على أن المنطقة أصبحت أمام معادلات ومشهد جديد يختلف كثيرا عن السابق، بحسب خليل، مشيرا إلى أن الزيارتين الأخيرتين كانتا من جانب تياري الحكم في طهران (الجناح الإصلاحي بقيادة الحكومة والحرس الثوري ونظام المرشد الذي أوفد لاريجاني للأسد)".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وزیر الدفاع الإیرانی النظام السوری فی المنطقة إلى طهران فی لبنان إلى حد
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الإيراني يكشف لأول مرة تفاصيل لقائه الأخير مع الأسد في دمشق قبل أيام من سقوط حكمه .. هذا ما قاله
سرايا - صرح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن طهران كشفت عن معلومات موثوقة حول تحركات واتصالات مكثفة تمت في عواصم الدول المجاورة لكسب تأييدها ودعمها لإسقاط النظام في سوريا.
وتحدث عراقجي، عن لقائه الأخير مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق قبل عدة أيام من سقوط حكمه، قائلا: “من المؤكد أن البروتوكولات الدبلوماسية لا تسمح لدولة بأن تقدم توصيات مباشرة إلى دولة أخرى، لكن مستوى التعاون والمشاورات بيننا وبين سوريا، جعلني أتحدث بصراحة شفافية فيما بيننا”.
وأضاف: “كان حديثي مع الرئيس السوري مقسما إلى قسمين: عام وخاص. في كلا القسمين كنت صريحا ودقيقا، وأوضحت له الظروف وأكدت أن إيران تدعم بقوة وحدة الأراضي السورية وسعادة شعبها واستقرار مؤسساتها الحكومية ونحن ندعم هذه المبادئ الثلاثة التي تعتبر مجموعة مبادئ في تنظيم العلاقات الثنائية”، متابعا: “منذ عام 2011، كنا دائما نقترح على الحكومة السورية ضرورة بدء حوار سياسي مع تلك المعارضة التي لا تُنسب إلى الإرهاب”، وفق صحيفة “النهار” اللبنانية.
وكانت قد سيطرت مجموعة من المسلحين المنتمين إلى “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا والمحظورة في روسيا ودول عدة) في 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، على مبنى التلفزيون السوري في دمشق، وأعلنوا سيطرتهم على البلاد، وسقوط حكومة الرئيس السابق بشار الأسد.
يذكر أن الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وبعد مفاوضات مع عدد من المشاركين في الصراع، قرر التخلي عن منصبه ومغادرة البلاد، معطيا تعليماته بانتقال السلطة سلميا، وفقا لما ذكرته وزارة الخارجية الروسية.
من جهته، قال مصدر في الكرملين لوكالة “سبوتنيك”، إن الأسد وعائلته وصلوا إلى موسكو، وقدمت لهم روسيا حق اللجوء. وأشار مراسل وكالة “سبوتنيك” أيضًا إلى أن المسؤولين الروس على اتصال بممثلي المعارضة السورية المسلحة، التي يضمن قادتها أمن القواعد العسكرية والمؤسسات الدبلوماسية لروسيا.
وحول لبنان، أكد وزير الخارجية الإيراني، أن “حزب الله دائماً جزء لا يتجزأ من المجتمع اللبناني، ولعب دوراً حاسماً في التحولات التاريخية للبنان خلال العقود الثلاثة الماضية، موضحا أن حزب الله بالنسبة لإيران قوة اجتماعية مؤثرة، وقوة عسكرية مدافعة، وحركة سياسية فعالة تسهم في الحفاظ على التماسك الوطني، واستتباب الأمن، ودعم البنية الدفاعية، وتوجيه سفينة لبنان في بحر الأحداث بالتعاون مع بقية اللبنانيين.
وقال عراقجي، إن “إيران تقف إلى جانب جميع قوى المقاومة في الجبهة المناهضة للصهيونية، وهي بالتأكيد تدعم كافة القوى الإسلامية والعربية التي تنتمي إلى هذا المحور”، مجددا التأكيد على أن “المقاومة ضد الاحتلال والتوسع المستمر لـ "إسرائيل" ليست مجرد قضية عقائدية، بل هي واقع مهم وأهم أداة للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة بأسرها”.
ودخل اتفاق وقف إطلاق النار بين “حزب الله” اللبناني والجيش الإسرائيلي لمدة 60 يومًا حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بعد شهور من عمليات عسكرية متبادلة بين الطرفين بسبب إسناد حزب الله لجبهة غزة بعد عملية “طوفان الأقصى”.
وتم الاتفاق المذكور بوساطة أمريكية قدمت فيها الولايات المتحدة مقترحاً ينص على إنهاء الأعمال القتالية التي استمرت لأكثر من عام، في عملية سماها “حزب الله”، “معركة أولي البأس”، وسمتها "إسرائيل" “عملية السهام الشمالية”.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #روسيا#إيران#المنطقة#لبنان#العراق#سوريا#الحكومة#أمن#الله#غزة#الاحتلال#الثاني#أوكرانيا#الرئيس#موسكو
طباعة المشاهدات: 1976
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 18-12-2024 02:08 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...