أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن معظم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منخفضة أو متوسطة الدخل وتواجه تحديات في تمويل برامج الحماية الاجتماعية الشاملة، مطالبة الحكومات بإعمال الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية لجميع الأشخاص.

جاء ذلك في بيان للمنظمة بعد توقيعها على "بيان عن بناء نظم حماية اجتماعية شاملة في المنطقة العربية" الذي يهدف إلى حشد الدعم العام الواسع لأنظمة الضمان الاجتماعي الشامل (وهي شبكة من البرامج التي تحمي جميع الناس من انعدام أمن الدخل في اللحظات الحرجة)، وإلى حث الحكومات على اتباع مقاربات جديدة ومبتكرة في السياسات لتطوير هذه الأنظمة.

وأوضحت أن هذا الإعلان هو الأول من نوعه في المنطقة، إذ يبني الضمان الاجتماعي الفعال على نهج حقوقي، ويحدده على أنه "المسؤولية الرئيسية للدولة" وليس "آلية مساعدة" أو "خدمة إنسانية".

وقالت المنظمة في البيان الذي سلطت فيه الضوء على النظم الاجتماعية في مصر والأردن ولبنان: "على حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وضع وتمويل أنظمة للحماية الاجتماعية الشاملة تفي بحق جميع الناس في الضمان الاجتماعي".

 

وأضافت: "معظم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منخفضة أو متوسطة الدخل وتواجه تحديات في تمويل برامج الحماية الاجتماعية الشاملة، لكن يمكنها سد فجوات التمويل وزيادة الموارد بسبلٍ تحمي حقوق الإنسان".

 

وذكرت "هيومن رايتس" أن الحكومات ملزمة بموجب حقوق الإنسان بإعمال الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية لجميع الأشخاص، والتي تشمل الضمان الاجتماعي، من خلال ضمان الموارد الكافية للقيام بذلك.

وأردفت: لتمكين جميع الحكومات من تحقيق الحماية الاجتماعية الشاملة، يجب أن تساعد الدول الأكثر ثراءً في دعم جهود الحكومات مثل تطوير صندوق عالمي للحماية الاجتماعية لتوجيه الموارد".

وأشارت المنظمة إلى أن دراسة أجراها صندوق النقد الدولي العام 2023 وجد أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تستخدم الهياكل الضريبية الحالية بشكل فعال لتمويل الحماية الاجتماعية.

وحسب البيان خلص الصندوق إلى أن "ضرائب الدخل الشخصية تلعب دورا ضئيلا أو لا تلعب أي دور في معظم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تحقق في المتوسط حوالي %2 من إجمالي الناتج المحلي في الإيرادات".

ووجدت كذلك أن أنظمة ضريبة الدخل في المنطقة، رغم أنها تقدمية عموما بموجب القانون، إلا أن لها قدرة محدودة جدا على إعادة التوزيع لأن تحصيل الضرائب غير كاف.

اقرأ أيضاً

قانون الحماية الاجتماعية العماني في مراحله الأخيرة.. هذه تفاصيله

برامج ضيقة

ونقل البيان عن سارة سعدون، وهي باحثة أولى في الفقر وعدم المساواة في المنظمة قولها: "يواجه الناس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تفاقم الضغوط الاقتصادية وانعدام الاستقرار، لكن حكوماتهم لا تستجيب بفعالية لهذه التحديات".

وأضافت: "ينبغي لحكومات المنطقة إنهاء المقاربات الجزئية والموجَّهة التي تعتمدها للحماية الاجتماعية ووضع استراتيجيات لتمكين الجميع من إحقاق حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية".

وذكرت سعدون: "بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لكل فرد الحق في الضمان الاجتماعي، والذي يشمل الحماية من انعدام أمن الدخل، في أوضاع تشمل الشيخوخة، والبطالة، والمرض، والولادة، ورعاية المعالين".

وأردف البيان: "رغم تدهور الظروف الاقتصادية، لم تضع الحكومات في المنطقة استراتيجيات ضمان اجتماعي شاملة قائمة على الحقوق، بل تعتمد بدل ذلك على برامج ضيقة وغالبا ما تكون عرضة للخطأ، تسعى إلى استهداف الأشد فقرا والأكثر ضعفا فقط".

وتابع: "لدى بعض الحكومات، مثل الأردن ومصر، برامج جديدة للتحويل النقدي لتكملة برامج الحماية الاجتماعية المبنية على الوضع الوظيفي، لا سيما لتخفيف أثر إنهاء الدعم الحكومي للاستهلاك أو خفضه".

ومضت المنظمة قائلة: "لعشرات السنين، لعب دعم السلع الاستهلاكية مثل الخبز، والكهرباء، والمياه، والوقود دورا مهما في العقد الاجتماعي في عديد من دول المنطقة".

واستدركت: "لكن الحكومات تتعرض لضغوط كبيرة متعلقة بالميزانية والتمويل وغيرها من الضغوط لتخفيض هذا الدعم أو إنهائه".

وأوضح البيان أن أشكال دعم الاستهلاك، التي يشار إليها أحيانا على أنها "شاملة"، تختلف عن تقديمات الحماية الاجتماعية الشاملة من حيث ارتباطها عموما بالسلع، وليس الأشخاص، وبالتالي فإن الأغنياء يستحوذون عموما على قدر أكبر من الإنفاق لأنهم يستهلكون أكثر.

وأشار إلى أن دعم الوقود الأحفوري يفرض عبئا ثقيلا على ميزانيات الحكومة، وإلغاؤه تدريجيا أمر أساسي لمواجهة أزمة المناخ وتسهيل الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.

اقرأ أيضاً

الحكومة المصرية تعلن اتخاذ إجراءات جديدة للحماية الاجتماعية

الإنفاق على الطاقة

وقالت المنظمة: "في حين أن الأثرياء يتلقون معظم دعم الطاقة بالقيمة المطلقة، إلا أنّ الزيادات في أسعار الوقود والكهرباء يشعر بها بشكل أكثر حدّة الأشخاص ذوو الدخل المنخفض الذين سيدفعون حصة أعلى من دخلهم مقابل سلع أو خدمات ضرورية لحقوقهم".

وحسب البيان، وجدت دراسة عن برنامج صندوق النقد الدولي في مصر نشرتها "مؤسسة فريدريش إيبرت" في يونيو/حزيران 2023 أن "إنفاق العائلات على الطاقة ساهم بنحو 40% من الزيادة في تكلفة المعيشة بين ديسمبر/كانون الأول 2015 وأغسطس/آب 2019.

وبينت المنظمة أن الزيادة في الإنفاق على الطاقة بالنسبة للعائلات التي تعيش في فقر شديد شكلت نحو 35.7% من دخلها عام 2015، في حين شكلت بالنسبة لفئة الدخل الأعلى نحو 21.5%.

بينما وجد مسح أجرته المنظمة في لبنان، حيث تقاعست الحكومة عن ضمان حق الجميع في الحصول على كهرباء ميسورة التكلفة، أن بعد إلغاء دعم الوقود، بالإضافة إلى عديد من العثرات والإخفاقات الحكومية، أنفقت فئة الـ 20% الأدنى دخلا 88% من دخلها على الكهرباء التي توفرها مولدات الديزل.

وتابع البيان: "في مصر، حيث يعيش نحو 60 مليون شخص في حالة فقر أو قريبا منها، يصل برنامَجا التحويلات النقدية الرئيسيان اللذان وُضعا بعد إلغاء دعم الوقود، ,تكافل وكرامة,، إلى 5 ملايين عائلة فقط، أي نحو 17.5 مليون شخص"

ولفت إلى أن العائلات تُستبعَد من البرنامج إذا كانت تمتلك سيارة أو أكثر من فدان واحد (4,200 متر مربع) من الأرض، أو لديها وظيفة حكومية أو معاش تقاعدي، أو تتلقى تحويلات من الخارج، أو لديها وظيفة رسمية في القطاع الخاص، وفقا لمراجعة البنك الدولي العام 2022، حوالي نصف العائلات المؤهلة لا تحصل على مستحقات.

بينما في الأردن، وصل برنامج التحويلات النقدية، المسمى أيضا "تكافل" والذي وُضع بعد إلغاء دعم الوقود، إلى 120 ألف عائلة في العام 2022، أي أقل من عائلة من كل خمس عائلات تعيش تحت خط الفقر بالرغم من الزيادة الحادة في الفقر منذ جائحة "كوفيد-19"، حسب البيان.

اقرأ أيضاً

«المالية الإماراتية» تنفي فرض ضريبة القيمة المضافة على دخل الفرد

وأكد البيان أن الدول الأطراف في "العهد الدولي" تتحمل التزامات باحترام الحق في الضمان الاجتماعي في جميع هذه المجالات وحمايته، وإعماله، بما يشمل جعل البرامج ذات الصلة متوفرة، ويسهل الانضمام إليها، ومقبولة، وقابلة للتكييف.

وحسب البيان، وثّقت مجموعة متنامية من الأبحاث، منها تلك التي نفذتها منظمة العمل الدولية ومجموعة "مسارات التنمية" الاستشارية، التي تدعم الدول النامية في تصميم سياسات للحماية الاجتماعية، أن برامج الحماية الاجتماعية الموجَّهة غالبا ما تكون فيها هوامش خطأ عالية فيما يتعلق باستبعاد الأشخاص المؤهلين وشمول العديد من غير المؤهلين، بسبب استخدام بيانات غير دقيقة أو قديمة.

وأشارت المنظمة إلى أن بعض الحكومات لجأت إلى تقنيات مكلفة لمعالجة هذه المشاكل، مضيفة أنها وجدت أن التقنيات الآلية التي تختار المستفيدين من برنامج تكافل الأردني، الذي طُوّر بتمويل كبير من البنك الدولي، تقوّضها أخطاء الاستبعاد، والسياسات التمييزية، والصور النمطية عن الفقر.

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: هيومن رايتس ووتش لبنان مصر الأردن أنظمة الحماية الاجتماعية الحماية الاجتماعية الشرق الأوسط وشمال أفریقیا برامج الحمایة الاجتماعیة للحمایة الاجتماعیة الضمان الاجتماعی دعم الوقود فی المنطقة إلى أن

إقرأ أيضاً:

احتجاز وترحيل قسري.. مصير مظلم يواجهه السوريون في العراق

السومرية نيوز - محليات

أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، إن السلطات العراقية في بغداد وأربيل احتجزت ورحّلت تعسفا سوريين إلى دمشق وإلى أجزاء من شمال شرق سوريا.
ورحّلت السلطات العراقية بعض السوريين رغم حيازتهم وثائق عراقية رسمية تُمكّنهم من الإقامة والعمل في البلاد أو كانوا مسجلّين كطالبي لجوء لدى "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" (مفوضية اللاجئين).

ويستضيف العراق حوالي 280 ألف سوري، غالبيتهم العظمى في إقليم كردستان العراق.

وذكرت المنظمة أن "بعض المناطق السورية لم تشهد أعمالا قتالية نشطة منذ 2018، لكنها ما تزال غير صالحة لعودة اللاجئين بشكل آمن وكريم".

وبحسب المنظمة، تنتهك هذه الاجراءات التزامات العراق كطرف في "اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" وبموجب مبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي العرفي، أي عدم إعادة الأشخاص قسرا إلى بلدان يواجهون فيها خطرا واضحا يتمثّل في التعرض للتعذيب أو غيره من أشكال الاضطهاد.

فيما قالت باحثة في "هيومن رايتس ووتش" سارة صنبر: "ينبغي للعراق أن ينهي فورا حملته المقلقة من الاعتقالات التعسفية والترحيل للسوريين الذين فرّوا إلى العراق بحثا عن الأمان. بإعادة طالبي اللجوء قسرا إلى سوريا، يُعرّضهم العراق للخطر عن علم".

وفي آب 2023، حظر "مجلس القضاء الأعلى ترحيل أي لاجئ سوري من العراق.

مع ذلك، أطلقت السلطات العراقية، في 18 مارس/آذار 2024، حملة استهدفت الأجانب الذين يخالفون قواعد الإقامة، ما أدى إلى احتجاز وترحيل العديد من السوريين بعد مداهمة منازلهم وأماكن عملهم.

وفي 3 نيسان 2024، علّقت حكومة إقليم كردستان العراق إصدار تأشيرات الإقليم للسوريين، بناء على طلب الحكومة الفيدرالية في بغداد، حسبما ورد، وسط جهود أوسع لتنظيم العمالة الأجنبية.

وبين 19 و26 نيسان، تحدّثت هيومن رايتس ووتش مع سبعة سوريين عبر الهاتف وشخصيا في أربيل وبغداد، أربعة منهم كانوا في مطار أربيل الدولي في انتظار الترحيل.

وكان أربعة منهم يحملون تصاريح إقامة عراقية سارية وثلاثة كانوا مسجلين لدى مفوضية اللاجئين. حُجبت أسماء بعضهم لحمايتهم.

ولم تردّ وزارة الداخلية العراقية على طلبات هيومن رايتس ووتش المتعددة للتعليق.

وأفاد الأشخاص الذين قابلناهم بتعرضهم للاعتقال في مداهمات على أماكن عملهم أو في الشوارع، وقال اثنان إنهما اعتُقلا في مكاتب الإقامة أثناء محاولتهما تجديد تصاريحهما.

وبحسب ما ورد، لم تكترث السلطات لوضعهم كطالبي لجوء، ولم تُوفّر لهم فرصا ثابتة لاستئناف أوامر ترحيلهم.

مقالات مشابهة

  • رشيد الطالبي: حكومة أخنوش اجتماعية و الحكومات السابقة بقيت محصورة في الشعارات
  • مناشدات لحماية المدنيين في حرب السودان بعد دعوة «هيومن رايتس ووتش» لنشر قوات أممية
  • "هيومن رايتس ووتش": 30 قتيلا على الأقل في التظاهرات ضد الحكومة في كينيا
  • هيومن رايتس تدعو لوقف اعتقال وترحيل اللاجئين السوريين من العراق
  • اتهامات تطال الحوثيين بإخفاء العشرات قسرا بينهم 13 موظفا أمميا
  • عاجل.. ترامب: «بايدن» يدمر نظام الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي في أمريكا
  • "هيومن رايتس ووتش" تدعو العراق إلى وقف ترحيل اللاجئين السوريين قسرا لبلادهم
  • هيومن رايتس ووتش: العراق يرحل السوريين بشكل غير قانوني
  • رايتس ووتش تتهم العراق بتنظيم حملة ترحيل لسوريين تعسفا إلى سوريا
  • احتجاز وترحيل قسري.. مصير مظلم يواجهه السوريون في العراق