الجزيرة نت تكشف عن حصاد لقاءات المبعوث الأميركي ببورتسودان
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
الخرطوم- بعد نحو 9 أشهر من تعيينه، أجرى المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو، أمس الاثنين، مشاورات مع المسؤولين في بورتسودان في أول زيارة له إلى البلاد، في حين يرجح مراقبون أنها ستكون الأخيرة ولم تحقق اختراقا يعزز سجله السياسي ويحسب لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الديمقراطية قبل أسابيع من مغادرتها البيت الأبيض.
وانخرط بيرييلو في مباحثات مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه مالك عقار ووزير الخارجية علي يوسف وقوى مدنية وسلطان قبيلة المساليت سعد بحر الدين وممثلي المجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة، بشأن الأوضاع الإنسانية وفرص وقف الحرب والعملية السياسية.
وكان مقررا أن يزور بورتسودان في أغسطس/آب الماضي، لكنه اشترط لقاء المسؤولين في مطار المدينة بسبب ما سماه التزامه ببروتوكول أمني لعدم وجود سفارة أميركية في السودان، لكن مجلس السيادة رفض ذلك.
خريطة طريقوقال سفير السودان لدى الولايات المتحدة محمد عبد الله إن لقاء البرهان مع بيرييلو كان "مطولا وشاملا وصريحا، وناقش الأزمة الراهنة والأضرار التي لحقت بالمواطنين جراء استهداف قوات الدعم السريع الممنهج للمدنيين والنازحين واللاجئين".
وأضاف عبد الله أنه تم الحديث أيضا حول خريطة طريق حكومية لإيقاف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية ورتق النسيج الاجتماعي، فضلا عن العملية السياسية كمخرج نهائي لما بعد الحرب، وطرح المبعوث الأميركي مقترحات في هذا الصدد ووافق عليها رئيس مجلس السيادة، حسب بيان إعلام المجلس.
وفي ختام زيارته، قال المبعوث الأميركي بيرييلو إن واشنطن تؤيد إنهاء الحرب ووقف الفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني، ورحب بالتقدم الأخير في توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين حتى تبلغ كل ولايات البلاد، خاصة المساعدات الطارئة للمناطق المعزولة.
وأوضح بيرييلو -عبر منشور في منصة إكس- أن السبيل الوحيد لإنهاء معاناة الشعب السوداني هو وقف الحرب ومنح السودانيين السيطرة على مستقبلهم، وأكد تأييده لمطالب ممثلي المجتمع المدني الذين التقاهم في بورتسودان.
مواجهةكما كشفت مصادر قريبة من مجلس السيادة -للجزيرة نت- أن لقاء البرهان مع بيرييلو، الذي استمر نحو 90 دقيقة، اتسم بالشفافية وتمت مواجهته بمواقفه تجاه الحكومة خلال الفترة السابقة وباتهامها بالتعنت في عملية السلام وعرقلة المساعدات الإنسانية.
وأفادت المصادر ذاتها -التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها- بأن المبعوث قدم توضيحات بشأن مواقفه وتعاطي واشنطن مع الأزمة و"كانت أقرب ما تكون إلى اعتذار مبطن"، وتم التوافق على استمرار التواصل والحوار، وطلبت منه الحكومة دعم خطتها لحل الأزمة التي ستعرض على مجلس الأمن.
وطرحت الحكومة السودانية في وقت سابق خريطة طريق لإنهاء الحرب عبر 4 مراحل تشمل:
الفصل بين القوات. معالجة الأوضاع الإنسانية. تسوية قضية الحرب بدمج كل المجموعات المسلحة في جيش مهني موحد. عملية سياسية للتوافق على وثيقة لإدارة البلاد خلال مرحلة تأسيسية تعقبها انتخابات عامة.واستبق المبعوث الأميركي زيارة بورتسودان بجولة في المنطقة شملت كينيا وإثيوبيا ومصر، أجرى خلالها مشاورات مع المسؤولين في العواصم الثلاث لتحريك جهود حل الأزمة السودانية وأبدى تفاؤله بتطورات إيجابية قبل نهاية العام. كما التقى في القاهرة ممثلي تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" وقوى الحرية والديمقراطية-الكتلة الديمقراطية وتحالفي التراضي الوطني والحراك الوطني.
من جهة أخرى، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مشاورات منفصلة مع نظيريه السعودي والإماراتي، ومبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي أنيتا ويبر ومبعوث الأمم المتحدة للسودان رمطان لعمامرة بالقاهرة، ركزت على ضرورة تسريع حل الأزمة السودانية.
زيارة وداعوتعليقا على زيارة المبعوث الأميركي إلى بورتسودان، يرى المحلل والباحث السياسي فيصل عبد الكريم أنها تأتي مع اقتراب نهاية مهمته ومغادرة الرئيس بايدن البيت الأبيض، بعد فشل واشنطن في إحراز تقدم بشأن إنهاء الحرب في السودان التي تجاوزت 18 شهرا.
وعدّها "رحلة علاقات عامة" لتحسين صورته وتجنب اتهامه بالتقصير بعدم زيارة الدولة المكلف بملفها، لأن الفترة المتبقية من عمر إدارة بايدن لن تسعفه بتحقيق اختراق في جدار الأزمة السودانية، لغياب الإرادة السياسية لدى أطراف الحرب وعجز واشنطن عن استخدام سلاح "الجزرة والعصا" خلال الفترة السابقة، كما يقول للجزيرة نت.
أما أستاذ العلوم السياسية محمد سعد الدين فيعتقد أن زيارة بيرييلو -رغم تأخرها- وعقد مجلس الأمن جلستين بشأن السودان، وخاصة التي عُقدت الاثنين الماضي، ومواجهة روسيا لمشروع القرار البريطاني لحماية المدنيين باستخدامها حق النقض (الفيتو)، يعكس زيادة اهتمام المجتمع الدولي بالأزمة السودانية.
ووفقا لحديث سعد الدين للجزيرة نت، فإن السودان يقترب من أن يكون مسرحا لصراع دولي وساحة حرب بالوكالة في حال لم تتوافق القوى الفاعلة في المشهد السوداني والمؤثرة على أطراف النزاع، على تسوية لإنهاء الحرب.
ورجح أن تتعامل الإدارة الأميركية الجمهورية الجديدة مع الملف السوداني عبر حلفائها في المنطقة ولن تنخرط مباشرة فيه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المبعوث الأمیرکی الأزمة السودانیة مجلس السیادة
إقرأ أيضاً:
الإمارات.. مساعٍ دؤوبة لإنقاذ السودان من المجاعة والحرب
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةتقود دولة الإمارات العربية المتحدة، جهوداً دولية دؤوبة لإنقاذ ملايين السودانيين من مخاطر المجاعة والحرب، عبر مساعدات إنسانية وإغاثية لتخفيف تداعيات الأزمة، ومبادرات سياسية ودبلوماسية لحل النزاع سلمياً.
ورغم الادعاءات الباطلة التي تروجها القوات المسلحة السودانية ضد الدولة، إلا أن المؤسسات الإماراتية لا تكل ولا تمل من العمل مع المنظمات الإقليمية والعالمية لضمان حياة كريمة للشعب السوداني الشقيق.
حرب ومجاعة
أوضحت الباحثة في الشؤون الدولية، إيرينا تسوكرمان، أن عقوداً من الصراع، والاستبداد، والتشرذم الداخلي، تركت السودان ممزقاً مؤسسياً واجتماعياً، مشيرة إلى أن الأزمة الإنسانية التي تفاقمت بسبب النزاع الدائر الآن أدت إلى نزوح جماعي، ومجاعة، وعنف عرقي مستهدف، وتدمير البنية التحتية المدنية، وانهيار أنظمة الرعاية الصحية، ما جعل ملايين السودانيين يتحملون عبء انعدام القانون والحرمان الشديد.
وشددت تسوكرمان، في تصريح لـ«الاتحاد»، على أهمية الجهود الدولية التي تقودها دولة الإمارات لإنقاذ الشعب السوداني من المجاعة والحرب، موضحة أنه رغم ادعاءات حكومة البرهان التي لا تستند إلى أي أدلة دامغة، تعمل الدولة على حشد جهود المجتمع الدولي والمنظمات الأممية لضمان حياة كريمة للسودانيين، سواء النازحين داخلياً أو اللاجئين في دول الجوار، ما يخفف كثيراً من تداعيات الأزمة الإنسانية.
وأشارت إلى أن السلام ليس مجرد غياب الحرب، بل إنشاء نظام متماسك تعمل فيه المؤسسات بشكل مستقل، ويتمتع فيه المواطنون بالحماية القانونية، وتستمد الدولة شرعيتها من الخدمة، لا من القوة، مؤكدة أن السلام ليس هبة تُمنح، بل حقٌّ يجب استعادته.
وأفادت الباحثة في الشؤون الدولية، أن الشعب السوداني عانى لعقود طويلة، ليس بسبب نقص الموارد أو الإمكانات، بل بسبب الحرمان الممنهج من الحكم الرشيد، والسياسات الخاطئة.
رؤية رشيدة
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية، الدكتور هيثم عمران، إن الإمارات تتبنى رؤية استراتيجية لسياستها الخارجية تقوم على دعم الاستقرار الإقليمي، ورفض التدخلات الخارجية السلبية في شؤون الدول، وتعزيز الحلول السلمية للنزاعات، وتُعد الأزمة السودانية واحدة من القضايا التي تنظر إليها الدولة من منطلق هذه الرؤية الاستراتيجية الرشيدة.
وذكر عمران لـ«الاتحاد»، أن الإمارات، منذ اندلاع النزاع في السودان خلال أبريل 2023، حذرت من خطورة الحل العسكري، حيث يؤدي إلى تعميق الانقسام وتفاقم المأساة الإنسانية، وأكدت أن أي حل يجب أن يكون سياسياً وسلمياً، ومبنياً على الحوار بين الأطراف السودانية المختلفة من دون إقصاء لأي مكون مدني أو عسكري.
وشدد على أن الإمارات دعمت بقوة مسار «إعلان جدة» الذي رعته المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، وتبنته الأمم المتحدة، منصة لإطلاق مفاوضات تهدئة وإنسانية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، كما أيدت الجهود الأفريقية بقيادة الاتحاد الأفريقي و«إيغاد»، وأكدت في مناسبات عديدة أن السودان يحتاج إلى دعم سياسي وليس تدخلاً.
وأضاف عمران، أن الإمارات تعتبر أن الحل السوداني - السوداني، السبيل الوحيد لتثبيت أي اتفاق دائم على وقف إطلاق النار، ما جعلها تركز في تحركاتها الإقليمية والدولية على دعوة الأطراف المتناحرة إلى طاولة حوار وطني شامل، يلبي تطلعات الشعب السوداني.
بؤرة صراع
في السياق، نوه المحلل السياسي التشادي، عبد الرحمن عمر، إلى أن جغرافية السودان الطبيعية والبشرية الغنية بالتنوع تمثل نقطة ارتكاز حول تحقيق السلام في المنطقة، مؤكداً أن الأطماع السياسية للقادة العسكريين جعلت من السودان بؤرة صراع دائمة، تصدر الحروب لدول الجوار، سواء غرباً إلى تشاد، أو جنوباً إلى جنوب السودان، أو شرقاً إلى إثيوبيا وإريتريا.
وقال عمر، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن النزاع الدائر في السودان نتيجة عدم الامتثال للخيار الشعبي الرافض لحكم «الإخوان» الذين انقلبوا على الحكومة المدنية، وأشعلوا نيران الفتنة والصراع، ويعملون الآن على عرقلة جهود التسوية السلمية.
وشدد على أن السودان بحاجة إلى حل سياسي وطني شامل، يعالج الأزمة من جذورها، ويقوم على الحوار والتفاوض، والاستجابة لمطالب الشعب السوداني الخاصة بالسلام والعدالة والتحول الديمقراطي، مؤكداً أن خيار السلام يُعد ضرورة ملحة لإنقاذ السودان من الانهيار والفوضى.