يبحث مسؤولون أوروبيون على مختلف المستويات الحرب الروسية على أوكرانيا بعد مرور ألف يوم على اندلاع شرارتها.

ويعكف المسؤولون على التباحث بشأن مصير الحرب والدعم المقدم لكييف، وذلك في عدد من اجتماعاتهم المقبلة وأبرزها اجتماع وزراء الدفاع في الاتحاد الأوروبي والجلسة الاستثنائية للبرلمان الأوروبي، وكلاهما في بروكسل إلى جانب مؤتمر للأمن في برلين واجتماع آخر في وارسو، إضافة إلى ما تناولته قمة مجموعة العشرين التي اختتمت أمس في العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو.

ففي ريو دي جانيرو، رحّب قادة دول مجموعة العشرين -في بيان مشترك صدر مساء أمس الاثنين- "بكلّ المبادرات ذات الصلة والبناءة التي تدعم التوصّل إلى سلام شامل وعادل ودائم" في أوكرانيا بما يتّفق مع مبادئ الأمم المتحدة، ويشيع علاقات "سلمية وودّية وطيّبة" بين الدول المتجاورة.

لكن كما حدث في قمة العام الماضي في الهند، لم يتضمن الإعلان إدانة صريحة للحرب الروسية على أوكرانيا، على عكس الموقف القوي الذي تم اتخاذه في قمة بالي 2022، وبدلا من ذلك، تم الاكتفاء بالإشارة العامة إلى "المعاناة الإنسانية الهائلة والتأثير السلبي للحروب والصراعات حول العالم"، بما في ذلك تأثيرها على الأمن الغذائي والطاقة.

وفي بروكسل، يعقد وزراء الدفاع في الاتحاد الأوربي بمشاركة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) اجتماعا لبحث أوجه الدعم التي يمكن أن تقدمها أوروبا لأوكرانيا في حربها مع روسيا بمشاركة وزير الدفاع الأوكراني.

كما يعقد البرلمان الأوروبي جلسة استثنائية في بروكسل أيضا بمناسبة مرور ألف يوم على الحرب الروسية على أوكرانيا، ومن المقرر أن يلقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كلمة عبر الفيديو أمام أعضاء البرلمان بهذه المناسبة.

ومن المتوقع كذلك أن يُعقد في العاصمة البولندية، وارسو، اجتماع بمشاركة وزراء خارجية بولندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وأوكرانيا لبحث الحرب الروسية على أوكرانيا.

في الأثناء، بدأت في العاصمة الألمانية أعمال مؤتمر برلين للأمن بمشاركة عدد كبير من قادة الأركان في الجيوش الأوروبية، أبرزها دول النرويج والسويد وفنلندا وبريطانيا وليتوانيا وهولندا وإستونيا، وسيبحث المؤتمر قضايا الحرب على أوكرانيا و"الردع الدفاعي" الأوروبي والتحول الرقمي في الحروب.

وتحيي أوكرانيا -اليوم الثلاثاء- ذكرى مرور ألف يوم على الحرب مع روسيا في وقت تخوض فيه قواتها المنهكة قتالا على جبهات عديدة، وتتعرض فيه العاصمة كييف لضربات متكررة بطائرات مسيرة وصواريخ روسية، ويستعد فيه المسؤولون لعودة دونالد ترامب للبيت الأبيض في يناير/كانون الثاني المقبل.

وفي دفعة معنوية للبلاد، أعطى الرئيس الأميركي جو بايدن الضوء الأخضر لاستخدام الصواريخ الأميركية ضد أهداف في عمق روسيا، مما قد يحد من خيارات موسكو في شن الهجمات وإمداد الجبهة، رغم أن خبراء عسكريين حذروا من أن هذا التطور لن يكون كافيا بمفرده لتغيير مسار الحرب المستمرة منذ 33 شهرا.

كما أن هذا التحول الجذري في السياسة الأميركية قد يُلغى عندما يعود ترامب إلى البيت الأبيض، خاصة بعدما أثار تعهده بإنهاء الحرب بسرعة -من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك- تساؤلات عن مستقبل المساعدات العسكرية الأميركية والجبهة الغربية الموحدة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الروسیة على أوکرانیا ألف یوم على

إقرأ أيضاً:

اندفاع ترامب للتوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا يمنح بوتين الأفضلية

على مدار أكثر من 3 سنوات من الحرب، رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التخلي عن مطالبه الصارمة، التي تهدف إلى تقويض الأمن الأوروبي وتحويل أوكرانيا إلى دولة فاشلة. ولكن في غضون أسبوع واحد فقط، وافق دونالد ترامب على معظم هذه المطالب.

وتقول صحيفة "فايننشال تايمز"، إن الرئيس الأمريكي تبنّى موقفاً داعماً لروسيا بشكل علني، حيث تواصل مع بوتين لتنظيم مفاوضات في الرياض دون إشراك كييف أو حلفائها الأوروبيين، متبنّياً العديد من نقاط الحديث التي يستخدمها الكرملين.

وخلال الـ24 ساعة الماضية، ألقى ترامب باللوم على أوكرانيا في اندلاع الحرب، واتهم الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنه "ديكتاتور" وقام بأداء "فظيع".

Trump’s rush to strike a deal on Ukraine hands Putin the advantage https://t.co/1DitMYGJUq

— Financial Times (@FT) February 19, 2025 بوتين يستفيد من استعجال ترامب

وفي هذا السياق، صرّح سيرغي رادشينكو، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة جونز هوبكنز للصحيفة، بأن هذه التحركات جعلت بوتين يبدو "شامخاً وفخوراً"، مشيراً إلى أن روسيا والولايات المتحدة الآن يتفاوضان على قدم المساواة، وليس كطرفين غير متكافئين.

وأضاف أن تسرّع ترامب في التوصل إلى اتفاق يمنح موسكو أفضلية كبيرة، حيث قال: "ترامب هو من يسابق الزمن، وقد يقدم تنازلات قد تضر بالمصالح الأمريكية على المدى القصير، بينما يمكن لبوتين أن ينتظر".

ومن جهته، أشاد بوتين بالمفاوضين الأمريكيين في الرياض، واصفاً إياهم بأنهم "مختلفون تماماً" عن الوسطاء السابقين، مؤكداً أنهم كانوا "منفتحين على عملية التفاوض دون أي تحيزات أو أحكام مسبقة".

وفي المقابل، ترى الإدارة الأمريكية أن هذه المحادثات فرصة لاختبار مدى جدية موسكو في إنهاء النزاع، لكنها لا ترغب في إطالة أمد المفاوضات بينما تواصل روسيا الحرب.

التنازلات الأمريكية والمخاوف الأوروبية

وتتضمن العروض الأمريكية لموسكو، إدراج قضايا اقتصادية وجيوسياسية ضمن المفاوضات، كحافز لإنهاء الصراع وإعادة العلاقات الثنائية.

ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن روسيا تعتبر هذا التقارب انتصاراً بحد ذاته.

ولم تحدد إدارة ترامب حتى الآن ما يمكنها انتزاعه من روسيا، مقابل تقديمها تنازلات ضخمة مثل استبعاد انضمام أوكرانيا إلى الناتو، والتخلي عن مطالب استعادة الأراضي التي تحتلها روسيا. وفي سياق ذلك، قال ترامب: "على زيلينسكي أن يتحرك بسرعة، وإلا فلن يتبقى له بلد".

ردود فعل أوروبية غاضبة

وأثارت الخطوة الأمريكية نحو تطبيع العلاقات مع روسيا قلقاً عميقاً في أوروبا، خاصة بعد أن أشار مبعوثو ترامب إلى أن الضمانات الأمنية الأمريكية "ليست أبدية"، وأن موسكو لم تعد تشكل تهديداً وجودياً للقارة الأوروبية.

وأعرب أحد المسؤولين الأوروبيين عن مخاوفه، قائلاً: "بالنظر إلى السجل الكارثي لمحاولات التقارب السابقة، لا أرى سبباً يدفع الوفد الأمريكي للثقة في نظرائهم الروس. يجب علينا مواصلة الضغط الاقتصادي والعسكري".

Ukranian President Volodymyr Zelenskyy says Donald Trump 'lives in a place of disinformation'.https://t.co/I2ge3iUDfI

???? Sky 501, Virgin 602, Freeview 233 and YouTube pic.twitter.com/I0WkkFSDmJ

— Sky News (@SkyNews) February 19, 2025 بوتين يستغل نقاط ضعف ترامب

وأوضح ألكسندر غابويف، مدير مركز كارنيغي روسيا-أوراسيا في برلين، أن بوتين يضغط على "نقاط ضعف ترامب"، مضيفاً: "بوتين يطرح رؤية مفادها أننا دولتان مسيحيتان بيضاوان نتشارك القيم المحافظة ويمكننا حل القضايا معاً، مثل الحد من التسلح وقضايا الشرق الأوسط. كما يلمح إلى أن روسيا تملك موارد ضخمة من المعادن النادرة يمكن أن تفيد الولايات المتحدة."

وتابع "يجري تصوير التقارب مع روسيا كفرصة كبرى، بينما يتم تحميل إدارة أوباما وبايدن مسؤولية العلاقات المتوترة، وهو ما يرضي غرور ترامب".

Trump is living in a Russian "disinformation space," says Zelensky https://t.co/C6lbtbxpwS

— TIME (@TIME) February 19, 2025 هل سيفشل هذا التحالف؟

ورغم كل هذه التحركات، قد تصطدم جهود التقارب الأمريكي-الروسي بمشكلات هيكلية كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بالاختلال في موازين القوى والقضايا العالقة في الحرب الأوكرانية.

وتؤكد ماريا شاجينا، الباحثة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن أي استثمارات أمريكية-روسية مشتركة في القطاعات الاستراتيجية مثل التكنولوجيا قد تشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي، كما هو الحال مع الصين.

ومن ناحية أخرى، يرى بعض المسؤولين الأمريكيين أن تحسين العلاقات مع موسكو قد يؤدي إلى فك ارتباط روسيا عن الصين، الداعم الاقتصادي الرئيسي للحرب. لكن سيرغي رادشينكو يحذر من أن بوتين سيستغل كل التنازلات الأمريكية، ثم يعود إلى الصين لتعزيز موقعه التفاوضي، قائلاً: "بوتين ليس أحمقاً".

مقالات مشابهة

  • ترامب: نقترب من توقيع اتفاق مع أوكرانيا بشأن المعادن
  • موسكو: هناك القليل من التفاصيل بشأن تسوية الصراع في أوكرانيا 
  • قوات أوروبية بأوكرانيا.. تعكير للمفاوضات الأميركية الروسية أم للضغط على موسكو؟
  • الاتحاد الأوروبي ردا على ترامب: أوكرانيا ديموقراطية وروسيا برئاسة بوتين ليست كذلك
  • ترامب يشكر ولي العهد السعودي على استضافة بلاده لمحادثات بشأن الحرب الروسية الأوكرانية
  • اندفاع ترامب للتوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا يمنح بوتين الأفضلية
  • ترامب: روسيا "في موقع قوة" في المفاوضات بشأن أوكرانيا
  • أوكرانيا تنفي تصريحات بوتين بشأن تقدم القوات الروسية من كورسك
  • عقوبات أوروبية جديدة تضرب شبكة الشحن الروسية.. ماذا تشمل؟
  • عاجل. الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات جديدة على روسيا وسط تحركات ترامب للتفاوض بشأن أوكرانيا