لماذا تكون آثار السكتة الدماغية أشد لدى البعض؟
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة جالواي في أيرلندا عن العوامل التي تزيد حدة السكتة الدماغية إذا حدثت، وقد بينت الدراسة التي نُشرت في مجلة علم الأعصاب أن الأشخاص الذين يعانون من بعض المشكلات الصحية مثل ارتفاع ضغط الدم، أو عدم انتظام ضربات القلب (الرجفان الأذيني)، أو المدخنين، ليس لديهم خطر أعلى للإصابة بالسكتة الدماغية فحسب، بل قد يصابون أيضا بسكتات دماغية أكثر حدة من الأشخاص الذين لا يعانون من هذه العوامل.
تحدث السكتة الدماغية عندما يتوقف إمداد جزء من الدماغ بالتروية الدموية، أو ينخفض بشكل كبير، مما يؤدي إلى انقطاع إمداداته من الأكسجين والمواد المغذية، وفي دقائق تبدأ خلايا الدماغ بالموت. ولأن خلايا الدماغ لا تتجدد فإن هذا قد يؤدي إلى ضرر دائم في المخ.
وهناك 3 أنواع من السكتات الدماغية هي أولا: السكتة الإقفارية وتنتج عن انقطاع وصول الدم إلى الدماغ نتيجة انسداد أحد الشرايين المؤدية إليه. وثانيا: السكتة النزفية وتحدث بسبب حصول نزيف في أحد الأوعية الدماغية. وثالثا: السكتة الإقفارية العابرة وهي نوع من السكتة المؤقتة التي تحدث نتيجة انقطاع أو انخفاض مؤقت في إمدادات الدماغ من الدم، وتستمر 5 دقائق على الأقل، وبعد ذلك يعود إمداد الدم إلى وضعه الطبيعي.
وقالت مؤلفة الدراسة كاتريونا ريدين، الحاصلة على الدكتوراه في الطب بجامعة جالواي في أيرلندا وعضو الأكاديمية الأميركية لعلم الأعصاب، "يمكن أن تؤدي السكتة الدماغية إلى الإعاقة أو حتى الموت، ومع ذلك، هناك عدد من عوامل الخطر التي يمكن للأشخاص السيطرة عليها بتغيير نمط الحياة أو الدواء، وفق موقع يوريك أليرت.
وأضافت "تؤكد نتائجنا على أهمية إدارة عوامل خطر السكتة الدماغية، خاصة ارتفاع ضغط الدم والرجفان الأذيني والتدخين من أجل منع السكتة الدماغية الشديدة التي تعيق الحياة".
أعراض السكتة الدماغية تتمثل في الصداع الشديد المفاجئ والشلل المفاجئ بأحد جانبي الجسم واختلالات الإحساس (وكالة الأنباء الألمانية) تحليل عوامل الخطرشملت الدراسة ما يزيد عن 26 ألف شخصا من 32 دولة بمتوسط عمر 62 عاما، ومن هذه المجموعة أصيب نصف الأشخاص بسكتة دماغية، وكان النصف الآخر من الأشخاص الذين لم يصابوا بسكتة دماغية.
من بين المصابين بسكتة دماغية، أصيب 4848 شخصا بسكتة دماغية شديدة و8612 شخصا بسكتة دماغية خفيفة إلى متوسطة، وقد تم تعريف السكتة الدماغية الشديدة بأنها السكتة التي كانت نتائجها تتراوح بين عدم القدرة على المشي أو رعاية الذات دون مساعدة، والحاجة إلى رعاية تمريضية مستمرة حتى الموت، وتم تعريف السكتة الدماغية الخفيفة إلى المتوسطة بأن نتائجها تتراوح بين عدم وجود أعراض، والحاجة إلى بعض المساعدة في الرعاية الشخصية، مع بقاء القدرة على المشي دون مساعدة شخص آخر.
قارن الباحثون مدى أهمية عوامل خطر السكتة الدماغية الشديدة والسكتة الدماغية الخفيفة إلى المتوسطة مع الأشخاص الذين لم يصابوا بسكتة دماغية، كما قارن الباحثون أيضا مدى أهمية عوامل الخطر لدى المصابين بالسكتة الدماغية فقط.
يمكن أن تؤدي السكتة الدماغية إلى الإعاقة أو حتى الموت (الجزيرة) العوامل التي تزيد خطر وشدة السكتات الدماغيةكشف الباحثون أن عوامل الخطر التي تزيد احتمالية الإصابة بالسكتة الدماغية هي:
أن يكون ضغط الدم أعلى من 140/90 مليمتر زئبق. الرجفان الأذيني. مرض السكري. ارتفاع نسبة الكوليسترول. التدخين. جودة النظام الغذائي. الخمول البدني. الإجهاد النفسي والاجتماعي. زيادة الدهون في الجسم حول الخصر.وقال ريدين: "تؤكد نتائجنا على أهمية السيطرة على ارتفاع ضغط الدم، وهو عامل الخطر القابل للتعديل الأكثر أهمية للسكتة الدماغية على مستوى العالم. وهذا مهم بشكل خاص بالنسبة للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي لديها معدلات متزايدة بسرعة من ارتفاع ضغط الدم والسكتات الدماغية في سن أصغر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات السکتة الدماغیة ارتفاع ضغط الدم الأشخاص الذین بسکتة دماغیة عوامل الخطر
إقرأ أيضاً:
كيف تكون كاتبا في عصر ترامب الثاني؟
ترجمة: أحمد شافعي
أول ما خطر لي عندما استيقظت الأسبوع الماضي على خبر انتخاب دونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية هو أن أكتب. وليس هذا بغريب عليَّ. فعهدي بنفسي منذ أكثر من ستين عاما أنني أكتب في الفترات الصعبة.
ذلك ما فعلته في أعقاب معارك الحقوق المدنية في ستينيات القرن العشرين، وحرب فيتنام، وهجمات الحادي عشر من سبتمبر وعند بداية الوباء. في أوقات الأزمات والاضطرابات التاريخية، يسهل الشك في أن الكتابة الجيدة يمكن أن تساعد في إصلاح الكثير من عِلل العالم. لكنني كلما وجدت نفسي تائها، أو غاضبا، أو موجوعا، أو حائرا، يكون الجواب على كيفية اجتياز ذلك واحدا: ضع القلم على الورقة.
ومن واقع تجربتي، تستوجب الكتابة الجيدة أربعة أشياء: دقة اللغة ـ ولعلها الأهم على الإطلاق ـ وحرية قول أي شيء، والاحترام، والحب ـ ولعله الأهم على الإطلاق. ولا تختلف مسؤوليات الكاتب اليوم في كثير أو قليل عن مسؤوليات أي كاتب في أي عصر. لكن حضور الرئيس المنتخب دونالد ترامب وشخصيته وسلطته الكبيرة الراهنة تجعل الوفاء بهذه المسؤوليات جميعا أشد صعوبة وإلحاحا.
الدقة والحرية والاحترام والحب: هذه الخصال غائبة تماما عند ترامب وفي رؤيته لبلدنا. فشعاره «أرجعوا عظمة أمريكا من جديد» على سبيل المثال غير دقيق عمدا. فما معنى «العظمة» أصلا؟ أن تكون أغنى؟ أقوى؟ فماذا عن أن تكون أرحم؟ لا أظن.
الحرية؟ لقد أعرب عن احتقار سافر للنظام الديمقراطي واقترح النكوص على الحريات من شتى الأنواع، من حرية المرأة في اتخاذ القرارات بشأن جسمها وحتى حرية المهاجر في طلب الحلم الأمريكي والاحترام؟ شتائمه العنصرية تنطق في وجوهنا. والحب؟ صحيح، فعلا، لا يبدو عنده من حب إلا حبه لنفسه.
بتولي شخصية مثل ترامب مسؤولية بلد، تزداد كثيرا أهمية أن نبدي، نحن المواطنين، هذه الخصال بأنفسنا، وأن نجليها نحن الكتّاب في عملنا.
ولكن كيف ذلك؟
لنبدأ بالدقة: الفارق بين الكلمة شبه الصحيحة والكلمة الصحيحة مثلما قال مارك توين هو كالفارق بين حشرة البرق [نوع من الفراشات] والبرق نفسه. والسبب البسيط لكون الدقة ضرورة للكتابة هو أنها تتيح لكل من الكاتب والقارئ فهما واضحا مشتركا. وغالبا ما يصفو ذلك إلى العثور على الاسم الصحيح. ولقد وصف إيمرسن الأسماء بأنها «أشياء اللغة الناطقة». والقاعدة الصحيحة هنا هي أنك إن احتجت إلى ثلاث صفات لتعيين شيء ما، فأنت تستعمل الكلمة غير الصحيحة لهذا الشيء.
على المرء أن يتحرى الدقة في جميع مظاهر الكتابة. على المرء أن يؤثر الترقب على الدهشة. قد تكون الدهشة مثيرة لكنها إثارة رخيصة. وكثير من أفضل الأعمال الأدبية تبلي أحسن البلاء دونما دهشة. فمنذ أولى سطور «هاملت» نعرف أن الأمير سوف يموت قتيلا. ولكننا نشاهد المسرحية المرة تلو المرة لنرى كيف ستمضي به الحياة إلى نهايته المحتومة.
عن الحرية: يعتمد الكاتب على الحرية التامة في أن يكتب ما يريد أن يكتب، ويقول ما يريد أن يقول، بأي شكل يختاره. والحرية هي التي تمنح الكاتب السلطة أو هي على حد تعبير فاكلاف هافل «سلطة المحرومين من السلطة».
حرية المرء الأساسية في أن يحكي قصة على أي نحو يشاء. قصة القصيدة، أو قصة المقالة، أو الرواية أو الرواية القصيرة أو المسرحية. مهما يكن القالب، تظل للقصة أهمية فائقة لدى الكاتب. فنحن في نهاية المطاف سلالة حكائين. نحب أن نكرم أنفسنا بوصفنا السلالة العقلانية، لكن في ضوء كثير من سلوك البشر، باتت هذه طرفة سخيفة. إنما نحن سلالة سردية.
لقد علم اليهود في آخر أيام الجيتو في وارسو أنهم منتهون إما بالدفتيريا أو بمعسكرات الاعتقال. ومع ذلك كتبوا قصائد وقصصا ورسائل، وجعلوها لفائف رشقوها في جدران الجيتو. علموا أن كتابتهم إذا ما اكتشفها الجنود النازيون فسوف يهزأون بها ويقضون عليها. ولم يكن لذلك من أثر. كان لديهم قصة عليهم أن يحكوها. وكان لزامًا عليهم أن يحكوا القصة. وانتهزوا نزر الحرية المتاح لهم ففعلوا ذلك.
عن الاحترام: في رواية «ميدل مارش» احترمت جورج إليوت شخصية إدوارد كازوبون متجمد العقلية عديم الإحساس حتى وهي تدينه لقسوته على دوروثي. كما احترم فيتزجيرالد هوس جاتسبي وإن تسبب في سقوط جاتسبي.
والكاتب يحترم جميع شخصياته؛ لأنه يدرك أننا كلنا معيبون، وأن كل الناس يفشلون. ويحترم كل وجهات النظر، حتى أشدها بغضا. والكتاب ممثلون للبشرية كلها وإذن فهم مرغمون على أن يعاملوا كل شخص وفكرة وصورة معاملة منصفة كريمة. فحتى شخص مثل ترامب الذي يختلف معه كثيرون (وأنا منهم) قلبا وقالبا لا بد في عيني كاتب أن يكون مثيرا للفضول بل وللتعاطف. ففي قصة «الصلصال» لجيمس جويس شخصية جو الخائن الغبي العدواني الخطير، ولكن جو هذا هو الذي يمنحه جويس إشراقة البكاء.
وأخيرا الحب، حب المرء لشخصياته، وللغته، ولأفكاره وصوره، ولقرائه، وللعالم بأسره.
وبدلا من النظر إلى العالم باعتباره ساحة للتنافس، يرى الكاتب العالم جمعا غفيرا من الناس، كلهم مشتركون في شعور بالدهشة، وفي مخاوف وأحلام متماثلة، وأحزان واحدة.
يفهم الكاتب أن كل من يقابلهم إنما يحملون العبء نفسه. ويشعر الكاتب بذلك العبء، في ماديسون بولاية ويسكونسن، وفي سانتياجو بتشيلي، وفي موسكو وبكين، ويحب كل من يحتملونه.
ونرجع مرة أخرى إلى ترامب والمناخ الذي يحتمل أن يرسخه. ما من دقة في فكر أو لغة. وحرية محدودة لا سيما للنساء. وما من احترام لأحد، أو لشيء في واقع الأمر. وما من حب إلا حب النفس.
هل يمكن أن ينجو الكتَّاب، وأن يزدهروا، في مناخ كهذا؟ خير لنا أن نفعل.
ولكي يحدث هذا، فإن فكرة الحب لا بد أن تشمل الشعب الأمريكي، الشعب كله، وليس أولئك الذين صوتوا لكامالا هاريس وحدهم.
ومهما يكن السبب في انتصار ترامب، فالحقيقة هي أن ترشحه صادف هوى لدى الكثيرين. وعمل الكاتب والتزامه يفرضان عليه أن يفهم سر ذلك الانجذاب، وأن يحفز ما أطلق عليه الكاتب إتش إل مينكن «الروح الداخلية» محاولا أن يقابل تلك الروح في محبة.
روجر روزنبلات مؤلف كتاب «ما لم تحرك قلب الإنسان: فن الكتابة وصنعتها» [Unless It Moves the Human Heart: The Craft and Art of Writing]
خدمة نيويورك تايمز