ملف استجواب الوزراء تحت المجهر: إصلاحٌ منتظر أم تسقيطٌ ممنهج؟
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
19 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: يثار مجددًا في الأوساط السياسية العراقية ملف استجواب الوزراء داخل البرلمان، ملف لطالما كان مصدر جدل وقلق، حيث يُنظر إليه أحيانًا كأداة للمساءلة السياسية، وأحيانًا أخرى كوسيلة للتسقيط والابتزاز.
ووفق معلومات تداولتها مصادر مطلعة، استلم البرلمان العراقي رسميًا طلبات لاستجواب عدد من الوزراء الحاليين في حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
النائب ياسر الحسيني، نائب رئيس اللجنة الاقتصادية النيابية، صرح بأن البرلمان رصد ملاحظات عديدة على أداء بعض الوزراء، وأكد في تصريحات خاصة أن “الأيام القادمة قد تشهد استجوابات مرتقبة تفتح ملفات ثقيلة”.
هذا التصريح أثار موجة من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر مواطن عراقي عبر تغريدة أن “الاستجوابات إن لم تكن مدعومة بمعلومات موثقة، فهي لا تعدو كونها عرضًا سياسيًا لتصفية الحسابات”.
عملية الاستجواب البرلماني في العراق تمر بإجراءات معقدة؛ تبدأ بجمع توقيعات لا تقل عن 25 نائبًا لتقديم الطلب رسميًا، ثم تُدرس القضية من قبل هيئة المستشارين، مع ضرورة موافقة هيئة رئاسة البرلمان. خطوة أخرى تُضاف إلى هذا التعقيد، وهي أخذ موافقة رئيس الوزراء على تحديد موعد للاستجواب. هذه السلسلة من الخطوات تُثير قلق البعض من أن تتحول إلى “متاهة إدارية” تُفقد الاستجوابات أهميتها.
وقال مصدر سياسي مطلع، فضّل عدم الكشف عن اسمه، إن “الاستجوابات أصبحت سيفًا ذا حدين، فهي أداة محاسبة ضرورية، ولكن في الوقت ذاته قد تُستخدم لعرقلة عمل الوزراء لأسباب سياسية أو شخصية”.
وأفادت تحليلات أن ارتباط بعض الوزراء بجهات سياسية قوية قد يُعطل عملية الاستجواب، إذ تحدثت مصادر عن وجود ضغوط سياسية تُمارس خلف الكواليس لتأجيل أو إلغاء جلسات الاستجواب المرتقبة.
على صعيد آخر، ذكرت مصادر أن “بعض الملفات المطروحة للاستجواب تتعلق بمخالفات واضحة، بينما تتسم ملفات أخرى بالغموض أو بالصبغة الانتقائية”. وأشارت الى أن “البرلمان بحاجة إلى تعزيز نزاهة الاستجوابات لضمان تحقيق العدالة دون تأثيرات خارجية”.
الآراء المختلفة تعكس انقسام الشارع العراقي حول هذه القضية. وبينما يرى البعض في الاستجوابات فرصة لتحسين الأداء الحكومي، يشير آخرون إلى أنها مجرد “مسرحية سياسية”، كما كتب أحد النشطاء قائلاً: “كل هذه الاستجوابات تنتهي دون نتائج حقيقية، وتبقى مجرد زوبعة إعلامية”.
توقعات مستقبلية تشير إلى أن استمرار تعقيد إجراءات الاستجواب، بالإضافة إلى التأثيرات السياسية المباشرة، قد يدفع بالمواطنين لفقدان الثقة بالعملية السياسية برمتها. وقال تحليل سياسي نُشر على إحدى المدونات العراقية: “إذا لم تُعالج هذه الظاهرة بحيادية وشفافية، فإنها ستُضعف دور البرلمان وتزيد من فجوة الثقة بين المواطن والمؤسسات”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
حصاد مر للقطاع الصحي في غزة خلال 2024.. تدمير ممنهج يمارسه الاحتلال
يئن القطاع الصحي في قطاع غزة تحت وطأة استهداف مستمر وغير مسبوق تنفذه قوات الاحتلال، في محاولة لإيقاف الخدمات الطبية، وحرمان الفلسطينيين من حقهم في العلاج، ضمن سياسة أضحت واضحة، وتهدف إلى قتل وتشريد الأهالي.
وتشهد المنظومة الصحية واقعا مأساويا جراء استهداف الاحتلال للمستشفيات وإخراجها عن الخدمة، وحصارها المفروض على القطاع ومنعها دخول الأدوية ومستلزمات الصحة، وإيقافها حركة خروج المرضى والجرحى للعلاج خارج القطاع.
وخلال عام 2024 عاني القطاع الصحي من عمليات تدمير وتخريب مكثفة، واستهدافات لم تتوقف حتى اللحظة، خصوصا في مناطق شمال قطاع غزة التي يكثّف فيها الاحتلال عمليات القصف والتدمير والتحييد للمرافق الطبية المختلفة، في خطة تهدف إلى تهجير الأهالي من الشمال إلى الجنوب، عبر كشف الغطاء الطبي عنهم بتدمير المستشفيات، ومنعهم من تلقي الخدمات العلاجية اللازمة لإنقاذ حياتهم.
وتاليا ترصد "عربي21" أشكال الحرب التي تشنها قوات الاحتلال على القطاع الطبي:
استهداف المستشفيات والمراكز الطبية
نالت المستشفيات والمراكز الطبية نصيبها من حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة، ما تسبب في تدمير وتخريب العشرات منها وإخراجها عن الخدمة، ليصبح الآلاف من المحتاجين؛ خارج الغطاء الطبي يواجهون مصيرهم المحتوم بالموت.
آخر فصول هذه الاستهدافات انصبت على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، والذي يتعرض يوميا لسلسلة من عمليات القصف والاستهداف والتدمير البطئ، في محاولة لإخراجه عن الخدمة.
وقف مستشفى كمال عدوان حجر عثرة أمام خطة الاحتلال لتطهير شمال قطاع غزة من السكان، في إطار عملياته المستمرة منذ 75 يوما على التوالي، إذ رفضت إدارة المستشفى ممثلة بالدكتور حسام أبو صفية المغادرة صوب غزة، رغم التهديد بالقتل والاعتقال، وتدمير المستشفى على رؤوس من فيه.
يمثل بقاء المستشفى رغم عمله بالحد الأدنى بفعل شح الإمكانيات، أحد عوامل الصمود في شمال قطاع غزة، ويعتبر دافعا مهما لرفض الأهالي أوامر الإخلاء التي دأب الاحتلال على تنفيذها واقعيا بالقصف والقتل والتدمير اليومي، واستهداف كل معاني الحياة هناك.
ولذلك، يعمد الاحتلال إلى تحييد المستشفى، ووقفه عن العمل، أملا في دفع من تبقى من الأهالي في الشمال إلى المغادرة، فرغم انتشار الجوع في إطار سياسة الاحتلال لتفريغ المنطقة، لا يمكن أن تستمر الحياة هناك أيضا، دون غطاء طبي.
وتعرض مستشفى كمال لعمليات قصف عدة، واستهداف لطواقمه الطبية، منذ بداية العدوان قبل أكثر من عام، لكنه لا يزال يعمل بالحد الأدنى، جنبا إلى جنب مع مستشفيي العودة، والإندونيسي.
#شمال_غزة_يباد#غزة_ابادة_جماعية
مدير #مستشفى_كمال_عدوان شمال قطاع غزة الطبيب حسام أبو صفية يتحدث عن الأوضاع الكارثية في المستشفى في ظل القصف المتواصل وحصار الاحتلال. pic.twitter.com/rvG7lpMQhZ — Samar Jaber (@Waseem_Bassam1) December 19, 2024
وتعرضت عدة مستشفيات في القطاع خلال العام الجاري للتدمير الكلي أو الجزئي، منها مستشفى الشفاء الذي يعد الأكبر في قطاع غزة.
شهد "الشفاء" شهد تدميرا وقتلا للمرضى والجرحى بداخله، فضلا عن اعتقال آخرين، حين اقتحمت قوات الاحتلال المستشفى الواقع غرب غزة، في آذار/ مارس 2024، وانسحبت منه بعد عدة أيام تاركة خلفها تدميرا وتخريبا واسعين.
وتظهر البيانات والإحصاءات الصادرة عن مكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن جيش الاحتلال أخرج 34 مستشفى و80 مركزا صحيا عن الخدمة، في حين استهدف 162 مؤسسة صحية و135 سيارة إسعاف.
منع دخول المواد الطبية
تمنع قوات الاحتلال دخول المواد والمستلزمات الطبية والأدوية المنقذة للحياة، وصلت في بعض الأحيان حد منع دخول الأكفان، ما دفع الفلسطينيين لاستخدام الأغطية لتكفين الشهداء.
ويأتي هذا المنع في إطار الحصار المطبق الذي تفرضه قوات الاحتلال، وسياسة "التقطير" بشأن دخول المساعدات، حيث لا تسمح سوى بدخول كميات محدودة جدا من الغذاء والمستلزمات الطبية الأخرى، بما لا يتجاوز 5 في المئة فقط من حجم الاحتياجات الهائل في القطاع. وفق إحصائيات محلية.
وعلى سبيل المثال، أعلن مدير مستشفى "كمال عدوان" حسام أبو صفية، الخميس، أن جيش الاحتلال منع دخول قافلة أممية محملة بوقود ومستلزمات طبية مخصصة لدعم المشفى شمالي قطاع غزة، مشيرا إلى وجود عجز في المستلزمات الطبية والتخصصات الجراحية اللازمة للتعامل مع طبيعة الإصابات التي تصل إلى المستشفى.
استهدف الكوادر الطبية
شنت قوات الاحتلال عملية استهداف ممنهجة للكوادر الطبية في شتى أرجاء قطاع غزة، بالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية، حيق قتلت وأصابت مئات من الأطباء والمسعفين والعاملين في القطاع الصحي، فضلا عن اعتقال وتهجير العشرات من أماكن عمليهم داخل المستشفيات والمراكز الطبية.
آخر هذه الجرائم، كانت استهداف وقتل الدكتور سعيد جودة طبيب العظام الوحيد في جباليا، شمال قطاع غزة، حين كان متجها من مستشفى كمال عدوان إلى مستشفى العدوان، لإنقاذ حياة أحد الجرحى، حيث تعمدت طائرة تابعة للاحتلال بإطلاق النار عليه مباشرة، فأردته شهيدا.
وباستشهاد الطبيب سعيد جودة يرتفع عدد شهداء القطاع الصحي في قطاع غزة إلى 1750 منذ بداية الحرب.
منع علاج الجرحى في الخارج أو دخول الطواقم الأجنبية
يواصل الاحتلال منع خروج الآلاف من الجرحى المحتاجين إلى العلاج خارج البلاد، بفعل استمرار إغلاق معبر رفح منذ آيار/ مايو الماضي، حين اجتاحت قوات الاحتلال مدينة رفح وعاثت فيها تخريبا وتدميرا.
في المقابل تمنع قوات الاحتلال دخول الطواقم الطبية الأجنبية إلى قطاع غزة، لدعم ومساندة الكوادر الطبية التي تئن تحت ضغط ونزيف القطاع الصحي المتهالك بفعل استمرار استهداف المرافق الصحية والكوادر الطبية، لكنها تسمح لعدد قليل جدا من الدخول إلى القطاع، بعد جهود حثيثة تبذلها المنظمات الدولية، لا سيما منظمة الصحة العالمية.
وفي آخر حصيلة، أكدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أن 25 ألف مريض وجريح يحتاجون لإجلاء طبي فوري من القطاع، من بين أكثر من 106 آلاف جريح مسجلين في المستشفيات والمراكز الطبية في قطاع غزة.