أدى سيطرة الصين على إنتاج "الأنتيمون" وقرار بكين بحظر تصديره إلى نقص خطير في المعدن الهام لآلة الحرب الأمريكية، ما سيسبب إزعاجا كبيرا للإدارة الأمريكية المقبلة.

"الأنتيمون"، معدن بالغ الأهمية، هو عنصر أساسي في آلة الحرب الأمريكية، وهو ضروري لمعدات الاتصالات ونظارات الرؤية الليلية والمتفجرات والذخيرة والأسلحة النووية والغواصات والسفن الحربية والبصريات وأجهزة التصويب بالليزر.

وذكر تقرير منصة "أويل برايس" المتخصصة في تغطية أخبار وأسواق النفط والطاقة، تضاعفت أسعار الأنتيمون هذا العام بسبب نقص العرض، وحظر التصدير الصيني، ما جعله فرصة استثمارية جذابة.

من جانبه.. حذر الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجان جيمي ديمون، من أن الصين وروسيا تسعيان لتفكيك العالم الغربي، مشيرًا إلى أن الوصول إلى المعادن الحيوية التي تشكل وقودا للجيش الأمريكي أصبح الأكثر إلحاحا في العصر الحالي.

وذكر تقرير منصة "أويل برايس"أن المعادن الحيوية تتعلق بمكانة القوى العظمى والسيطرة العالمية حيث تتصدر الصين ذلك المشهد بفضل سيطرتها على غالبية هذه المعادن من التعدين إلى التكرير.

وتابعت" بالتزامن مع مواجهه الولايات المتحدة صعوبة في اكتشاف مصادر محلية أو صديقة تحتاج القوات الأمريكية بشدة إلى هذه المعادن ومن المعادن الحيوية التي تحدد مصير القوى العظمى عالميًا هو، الأنتيمون الذي يعد عنصرا حيويا في الجيش الأمريكي.

وتسيطر الصين على حوالي نصف إنتاج الأنتيمون في العالم وقد أوقفت صادرات الأنتيمون إلى الولايات المتحدة اعتبارًا من سبتمبر الماضي، فيما تنتج الصين نحو 70% من المعادن النادرة في العالم وتتحكم في حوالي 50% من إمدادات الأنتيمون العالمية.

وبينما كانت الصين تتقدم بسرعة كانت الولايات المتحدة غافلة عن اكتشاف وتطوير احتياطيات جديدة من المعادن الحيوية، وفق ما أورده تقرير منصة "أويل برايس".

وفي ذروة الحرب التجارية، هددت الصين بتقييد صادرات بعض المعادن النادرة، وهو ما تم تنفيذه هذا العام مع المعادن الألمانية والجاليوم ثم الأنتيمون في سبتمبر الماضي، ليجد الجيش الأمريكي الان نفسه في نقص حاد بشأن عنصر أساسي في خطوط إنتاجه العسكرية، بينما تلوح الحرب في الأفق من أوروبا إلى الشرق الأوسط وسيحتاج إلى كميات كبيرة من الأنتيمون لتلبية احتياجات زيادة إنتاج القذائف في منشآت التصنيع الجديدة بعد سنوات من تقليص المخزونات.

وقد أسست الصين لهيمنتها على المعادن الحرجة على مدى عقود من الزمان، ولكن في السنوات الأخيرة، كثّفت الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى، جهودها لتأمين إمدادات المعادن الأساسية بعيداً عن نفوذ بكين.

وفي الوقت نفسه، تستخدم الشركات الأمريكية أكثر من 50 مليون رطل من الأنتيمون سنويًا في مركبات مقاومة للحريق والبطاريات والذخائر والإلكترونيات والزجاج المتخصص.

وتعد شركة ميليتاري ميتالز المنقب الرئيسي في كندا عن معدن الأنتيمون حيث وضعت نفسها للتو على خريطة المعادن الحرجة من خلال بعض عمليات الاستحواذ الاستراتيجية الذكية، كما

تقوم "ميليتاري ميتالز" بحملة استحواذ على الأنتيمون، تمتد من سلوفاكيا إلى نوفا سكوتيا في كندا وأخيرًا إلى الولايات المتحدة، وهي تخطط لإعادة سرد قصة الأنتيمون الأمريكية من خلال استكشاف مواقع جديدة وإعادة تطوير مواقع تاريخية يمكن أن تحد من سيطرة الصين على ما يُعتبر معدنًا عسكريًا.

ومؤخراً، أعلنت الشركة أنها قد اشترت أحد أكبر رواسب الأنتيمون في أوروبا في سلوفاكيا والتي تحتوي على موارد تاريخية وتقع هذه الموارد في قلب أوروبا، وهي مصدر واعد من الحقبة السوفيتية تم اكتشافه لأول مرة في الخمسينيات مع تطوير سابق في الثمانينيات والتسعينيات وقد خضعت لمرحلتين من الاستكشاف، بما في ذلك الحفر واستخراج الأنفاق.

في مشروع "تروجاروفا" للأنتيمون، الذي يمكن أن يحول سلوفاكيا إلى مركز رئيسي للمعادن الحيوية في أوروبا، تشير "ميليتاري ميتالز" إلى أن التطوير تحت الأرض لهذا المورد التاريخي الممول من الحكومة السلوفاكية قد توقف في التسعينيات "قبل الوصول إلى أغنى أجزاء الرواسب".

في ذلك الوقت، مع نهاية الحرب الباردة، لم يكن الدافع موجودًا، لكن اليوم الوضع مختلف تمامًا يمكن أن يصبح مشروع "تروجاروفا" في الاتحاد الأوروبي - الذي يحتوي على موارد تاريخية تزيد عن 61، 998 طن من الأنتيمون بقيمة تقديرية تبلغ حوالي 2 مليار دولار بأسعار السوق الحالية - صانع ملوك عسكرية.

وتشير التقارير إلى أن أسعار الأنتيمون شهدت ارتفاعًا حادًا، مع تحقيق عوائد استثمارية تصل إلى 800% على الأسهم في الشركات الصغيرة المتخصصة في الأنتيمون.

وتُظهر "ميليتاري ميتالز" إمكانيات كبيرة، حيث تُقدّر قيمتها السوقية بـ23 مليون دولار مقارنةً بـ700 مليون دولار لشركة "بيربيتو"، مع إمكانيات واعدة في مشاريعها الجديدة.

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة "ميليتاري ميتالز"، سكوت إلدريدج، إن هناك أزمة إمدادات كبيرة قادمة في الأنتيمون حيث ارتفعت الأسعار من 12 ألف دولار للطن إلى أكثر من 37 ألف دولار، مضيفا أنه "مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، تجد القوات العسكرية الأمريكية والأوروبية نفسها تحت ضغط لتأمين إمدادات جديدة من الأنتيمون، في حين تسعى الصين للحفاظ على سيطرتها على هذا المعدن الحيوي".

اقرأ أيضاًبقيمة 40.09 مليار دولار.. البنك المركزي الصيني يجري عمليات إعادة شراء عكسية

جامعة بنها تتعاون مع جامعة ووهان الصينية لتعزيز البحث العلمي

مجلس الأمن الروسي: العلاقات مع الصين مبنية على مبادئ الاحترام المتبادل والمساواة والثقة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أمريكا الصين الصين وأمريكا حرب الصين وأمريكا الولایات المتحدة المعادن الحیویة الصین على معدن ا

إقرأ أيضاً:

معلومات الوزراء يكشف لماذا تتصدر الصين سوق الملابس الجاهزة عالميًا.. الأرقام تكشف السر

أوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن الصين تعد أكبر مُصَدِر للملابس الجاهزة على مستوى العالم، حيث بلغت عائدات صادرتها من هذا القطاع في عام 2023 نحو 153.9 مليار دولار أمريكي كما يضم هذا القطاع الحيوي في الصين قوى عاملة ضخمة تشمل نحو 7.83 ملايين شخص وتمثل النساء أكثر من 60% منهم وفقًا لإحصاءات عام 2019 مما يعكس دور المرأة البارز في دعم هذا القطاع. جاء ذلك خلال تقرير أصدره المركز حول أهم التجارب الدولية الرائدة في صناعة الملابس الجاهزة سواء على مستوى الانتاج أو التصدير، حيث تم التطرق إلى تجارب كل من الصين، وبنجلاديش، وفيتنام، باعتبارهم نماذج رائدة في هذا المجال.

وأشار المركز خلال التقرير إلى أن صناعة الملابس الجاهزة تنتشر في الصين عبر 322 ألف مؤسسة مما يبرز أهميتها كإحدى الصناعات الأكثر تأثيرًا في الاقتصاد الوطني لديهم، وتتميز صناعة الملابس الجاهزة الصينية بتكاملها التام حيث تشمل مراحل الإنتاج جميعًا من تصنيع الخيوط إلى الإنتاج وتعتمد بشكل كبير على المواد الخام المحلية مما يعزز استقلاليتها وكفاءتها التشغيلية، ويتم توجيه جزء كبير من الإنتاج للسوق المحلية بينما يخصص الجزء الآخر للتصدير مع التركيز على تلبية الطلب العالمي بمنتجات عالية الجودة، وتعد البدل النسائية والرجالية من أكثر أصناف الملابس الجاهزة مبيعًا على التوالي على مدار الأعوام السابقة.

وقد شهدت صناعة الملابس الجاهزة طفرة هائلة منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في ديسمبر 2001، ومع إلغاء اتفاقية المنسوجات العالمية نهاية عام 2004 ورفع القيود التجارية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في السنوات اللاحقة تمكنت الصين من تعزيز موقعها كأهم لاعب في تجارة الملابس الجاهزة العالمية حتى أصبحت الصين شريكًا رئيسًا للعديد من الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والأسواق الصاعدة في آسيا وإفريقيا مما يعكس تأثيرها العالمي المتزايد.

وفي عام 2023، بلغت نسبة صادرات الصين من الملابس الجاهزة والمنسوجات إلى الولايات المتحدة الأمريكية نحو 20.7% ونحو 16.8% إلى الاتحاد الأوروبي، ونحو 10.7% لدول جنوب شرق آسيا، و7.7% لليابان، و44.1 للدول الأخرى، ويعكس هذا النمو الاستثنائي قدرة الصين على تحويل الصناعة التقليدية إلى محور أساسي لدعم اقتصادها الوطني وتعزيز مكانتها في سلسلة القيمة العالمية، مما جعلها نموذجًا للتطور الصناعي والاستدامة الاقتصادية. وعلى الرغم من النجاح الذي حققته الصين فإن قطاع الملابس الجاهزة يواجه بعض التحديات، تتمثل في انخفاض الطلب الخارجي، لذا قامت الصين بتطوير استراتيجيات تجارية مبتكرة واستكشاف أسواق جديدة مما يعزز مكانتها كقوة رئيسة في سوق الملابس الجاهزة والمنسوجات العالمية.

ولتعزيز مكانة الصين عالميًا وللاهتمام بجودة المنتج تم إطلاق خطة التنمية الخمسية الرابعة عشرة (2021- 2025)، والتي أطلقها المجلس الوطني للصناعات النسيجية والملابس، وتُركز على تحولات استراتيجية في القطاع، تهدف إلى التكيف مع التحديات المستقبلية، ومن أهم الأولويات التي أوضحتها الاستراتيجية فيما يتعلق بصناعة الملابس الجاهزة:

1- إعادة صياغة أهداف النمو: حيث تسعى الصين إلى تعزيز التكنولوجيا والابتكار، مما يدفع الصناعة نحو تقديم منتجات ذات قيمة مضافة.

2- تعزيز السوق المحلية: تعتزم الصين الاعتماد على السوق المحلية لدعم النمو ومن المتوقع أن تصل مبيعات الملابس بالتجزئة إلى 415 مليار دولار بحلول 2025.

3- التوسع العالمي: تسعى الصين إلى التوسع العالمي في قطاع الملابس من خلال استثمار مصانعها في الخارج وتعزيز الشراكات التجارية عبر "مبادرة الحزام والطريق" كما تركز على تلبية احتياجات الأسواق المختلفة من خلال تطوير منتجات مبتكرة مع الحرص على دمج مفاهيم الاستدامة والتكنولوجيا في عمليات الإنتاج مما يعزز قدرتها التنافسية على الصعيد العالمي.

4- الاستدامة البيئية: تهدف الصين إلى تطوير صناعة أكثر استدامة تعتمد على إعادة التدوير والاقتصاد الدائري لتقليل الأثر البيئي.

كما تناول مركز المعلومات من خلال التقرير تجربة بنجلاديش، مشيراً إلى أن صناعة الملابس الجاهزة بها تعد نموذجًا رائدًا للتصنيع المستدام، حيث تمكنت من تحقيق التوازن بين التوسع الصناعي وحماية البيئة وهو ما جعلها على رأس الدول المصنعة للملابس الخضراء في العالم، هذا إلى جانب إسهام هذه الصناعة بشكل كبير في الاقتصاد القومي لبنجلاديش، حيث بلغت نسبة مساهمة صناعة الملابس الجاهزة 10.4% في الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2022 /2023، كما وفرت أكثر من 4 ملايين فرصة عمل مما يعكس دورها المهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وتسهم صناعة الملابس الجاهزة بنسبة 84.58% من إجمالي صادرات بنجلاديش للعام 2022/ 2023، حيث تصدر منتجاتها إلى أكثر من 150 دولة حول العالم، وتلبي احتياجات أكثر من 100 علامة تجارية عالمية كما تشكل هذه الصناعة قطاعًا ذا أولوية عالية للحكومة التي تدعم هذا القطاع من أجل زيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني، كما تتبنى بنجلاديش ممارسات صديقة للبيئة في صناعة الملابس الجاهزة، حيث تمتلك بنجلاديش أكبر عدد من مصانع الملابس الحاصلة على شهادة LEED (الريادة في الطاقة والتصميم البيئية) في العالم، كما تضم الصناعة نحو 150 مصنعًا حاصلًا على الشهادة، و500 مصنع آخر ينتظر الاعتماد من مجلس المباني الخضراء بالولايات المتحدة الأمريكية، مما يجعل بنجلاديش رائدة في صناعة الملابس الخضراء، ومن الجدير بالذكر أن 9 من أفضل 10 مصانع للملابس الخضراء على مستوى العالم تقع في بنجلاديش، بالإضافة إلى 40 مصنعًا من بين أفضل 100 مصنع حول العالم يقع أيضاً فيها.

شهدت صادرات الملابس الجاهزة تطورًا ملحوظًا على مر السنوات، خلال الفترة من (2010/ 2011) إلى (2022/ 2023)، حيث ارتفعت من 17.91 مليار دولار إلى 46.99 مليار دولار مما يعكس تطور القطاع كركيزة أساسية للاقتصاد لدولة بنجلاديش، وهذا النمو يعُزى إلى عدة عوامل منها التكاليف التنافسية للعمالة، والسياسات الحكومية الداعمة، وارتفاع الطلب العالمي على الملابس الجاهزة، خاصة من الأسواق الأوروبية والأمريكية.

على الرغم من ذلك، شهدت الصادرات تراجعًا واضحاً في عام (2019/ 2020)، لتصل إلى 27.95 مليار دولار، وهو ما يفُسر بالتأثيرات السلبية لجائحة كورونا على التجارة العالمية وقطاع التجزئة، لكن سرعان ما تعافى القطاع في الأعوام التالية، حيث ارتفعت الصادرات بشكل ملحوظ في (2020/ 2021)، واستمرت في النمو حتى بلغت ذروتها في (2022/ 2023) ويعكس هذا الأداء قدرة الصناعة على التكيف مع الأزمات واستعادة مكانتها في الأسواق الدولية مع استمرار التركيز على تحسين جودة المنتجات.

وتعتبر دول الاتحاد الأوروبي هي أكبر سوق لاستيراد الملابس الجاهزة من بنجلاديش بقيمة بلغت نحو 23.4 مليار دولار خلال عام 2023، تليها الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 8.3 مليارات دولار، ثم المملكة المتحدة بقيمة 5.3 مليارات دولار، وكندا 1.5 مليار دولار، أما فيما يتعلق بالأصناف الأكثر تصديرًا من الملابس الجاهزة، فتأتي في مقدمتها (فئة البنطلون، والقمصان والتي شيرت والقمصان المحبوكة)، وذلك على مدار الأعوام الماضية.

وتعد صناعة الملابس الجاهزة من الصناعات التي تمتثل للمعايير الدولية للسلامة وصحة العمال في بنجلاديش ولم يأت ذلك من فراغ فقد واجهت الصناعة العديد من التحديات المتعلقة بقضايا، مثل حقوق العمال، وسلامة مكان العمل، والاستدامة البيئية، وبعد حوادث مثل انهيار رانا بلازا في عام 2013 سلَّطت مثل هذه الحوادث الضوء على الحاجة الملحة إلى تحسين معايير السلامة ورفاهية العمال، ومنذ ذلك الحين أدت الضغوط والمناصرة الدولية إلى زيادة الوعي والجهود المبذولة لمعالجة هذه القضايا حيث قامت الحكومة والجهات المعنية في بنجلاديش بتحسين معايير الأمان من خلال مبادرات مهمة، مثل "اتفاقية الحرائق وسلامة المباني في بنغلاديش"، و"تحالف سلامة العمال"، و"مجلس استدامة الملابس الجاهزة". وقد أثمرت هذه الجهود عن تحويل الصناعة إلى قطاع يمتثل للمعايير الدولية للسلامة وصحة العمال، وذلك يراعي فيه الجودة والنواحي الاجتماعية.

وقد أسهمت المرأة بشكل كبير في دعم صناعة الملابس الجاهزة في بنجلاديش حيث أصبحت تمثل نسبة كبيرة من القوى العاملة، حيث تشارك بنسبة 65% من إجمالي القوى العاملة في هذا القطاع ومعظمهم من المناطق الريفية، و90% منهم أميون، مما أسهم في تعزيز إنتاجية القطاع ودعم الاقتصاد الوطني، وقد ساعد وجود المرأة في الصناعة على تحسين جودة الإنتاج حيث تسُند إليها المهام التي تتطلب الدقة والاهتمام بالتفاصيل مما يعزز الكفاءة الإجمالية للقطاع، كما أتاحت هذه الصناعة فرص عمل واسعة للنساء من خلفيات اقتصادية متواضعة مما ساعد على تحسين مستوياتهن المعيشية وتعزيز استقلالهن المالي، إلى جانب ذلك أسهمت مشاركة المرأة في تغيير النظرة المجتمعية إلى دورها الاقتصادي مما عزز مكانتها كعنصر أساسي في التنمية، علاوة على ذلك أتاح القطاع للنساء فرصًا لاكتساب الخبرات المهنية من خلال العمل والتدريب مما أسهم في بناء قدراتهن وتعزيز مهاراتهن، فعمل المرأة في هذا القطاع لم يدعم فقط الاقتصاد الوطني بل أيضًا ساعد العديد من الأسر على تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.

كما استعرض التقرير التجربة الفيتنامية حيث يعُد قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة في فيتنام من أهم القطاعات الاقتصادية إذ يمثل نحو 16% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد مما يبرز أهميته في الاقتصاد الفيتنامي كما تعُتبر فيتنام ثالث أكبر مصدر للمنسوجات على مستوى العالم بعد الصين وبنجلاديش كما شهدت صادرات المنسوجات والملابس الفيتنامية في الفترة (يناير - يوليو 2024)، ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 6.3% لتصل إلى 20.2 مليار دولار وذلك بعد الانخفاض الذي شهده القطاع عام 2023، حيث انخفضت قيمة صادرات المنسوجات بمقدار 4.1 مليارات دولار بنسبة انخفاض قدرها 9.2% في صادرات المنسوجات والملابس الجاهزة.

وفيما يتعلق بالعوامل الرئيسة التي أسهمت في نمو صادرات المنسوجات في فيتنام، فتتمثل في الآتي:

1- زيادة الطلب العالمي: ارتفع الطلب العالمي على المنسوجات والملابس الجاهزة الفيتنامية بفضل الطلب المتزايد في أسواق رئيسة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وآسيا كما أدى التعافي من تداعيات جائحة كوفيد - 19 إلى زيادة الطلبات العالمية حيث تسعى الدول إلى إعادة تخزين مخزوناتها وتلبية احتياجات السوق من المنتجات الاستهلاكية.

2- تنويع أسواق التصدير: حققت فيتنام تقدمًا كبيرًا في تنويع أسواقها التصديرية حيث لم تقتصر صادراتها على أسواقها التقليدية، مثل: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي فقط بل نجحت في توسيع شبكة علاقاتها التجارية لتشمل الأسواق الناشئة في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط مما ساعد على تعزيز صادراتها من المنسوجات والملابس الجاهزة.

3- الاستثمارات في التكنولوجيا والابتكار: استفادت صناعة المنسوجات في فيتنام من الاستثمارات الكبيرة في تقنيات الإنتاج والابتكار كما اعتمدت الشركات المحلية على الأتمتة، والرقمنة، والممارسات المستدامة، مما ساعد على تحسين الكفاءة وجودة الإنتاج، وهو ما انعكس إيجاباً على زيادة صادراتها.

4- اتفاقيات التجارة الاستراتيجية: لعبت الاتفاقيات التجارية، مثل: اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادي (CPTPP) التي وقعت عليها فيتنام في 14 يناير 2019، واتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وفيتنام (EVFTA) في 30 يونيو 2019 دورًا كبيرًا في تسهيل صادرات المنسوجات الفيتنامية. فقد قدمت هذه الاتفاقيات إعفاءات جمركية، وسهلت وصول المنتجات الفيتنامية إلى الأسواق الدولية مما جعلها أكثر قدرة على المنافسة في السوق العالمية وتعزيز قدرة فيتنام على زيادة حصتها في سوق المنسوجات العالمية وجذب عملاء جدد وهو ما أسهم في أن تكون فيتنام لاعبًا رئيسًا في هذا القطاع.

في عام 2023 شكلت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر وجهة لصادرات المنسوجات الفيتنامية بقيمة بلغت 11 مليار دولار، تليها اليابان بنحو 3 مليارات دولار، ثم الاتحاد الأوروبي بنحو 2.9 مليار دولار، وكوريا الجنوبية بنحو 2.4 مليار دولار، وهو ما يوضح توزيع الصادرات الفيتنامية بشكل متنوع بين الأسواق العالمية، وسجلت صادرات المنسوجات الفيتنامية إلى الاتحاد الأوروبي نموًا بنسبة 1.63% متجاوزة 1.9 مليار دولار مع ارتفاع ملحوظ في واردات بعض الدول، مثل هولندا بنسبة 19.97%، وجمهورية التشيك بنسبة 48.98% إلى جانب زيادات كبيرة في لوكسمبورج وسلوفاكيا بنسبة 24.76%، و 55.32% على التوالي.

وتسهم صناعة الملابس الجاهزة في توفير فرص عمل لنحو 2.5 مليون فرصة عمل مما يعزز دورها في دعم الاقتصاد المحلي وتشكل النساء الغالبية العظمى من القوى العاملة في هذا القطاع، حيث يمثلن 90% من العاملين بالقطاع، وهو ما يبرز التزام فيتنام بتوفير فرص عمل للنساء ويعكس الدور المحوري الذي تلعبه المرأة في تنمية هذه الصناعة، وعلى الرغم من أن العديد من العاملات يفتقرن إلى التعليم العالي والمهارات القيادية اللازمة لتطوير مسارهن المهني فإنهن يثبتن كفاءتهن العالية في المهارات الفنية مما يجعل هذه الصناعة مصدرًا رئيسًا لتحقيق التقدم المهني، كما أن هناك تقدمًا ملحوظًا في جهود تحسين ظروف العمل حيث بدأ التركيز على زيادة الوعي بالمهارات القيادية من خلال برامج التدريب والتطوير وهو ما يسهم في تعزيز ثقة العاملات وتمكينهن في مهنهن، ورغم التحديات التي تواجه بعض العاملات في الحصول على تغطية شاملة من التأمينات الاجتماعية فإن هناك تحسنًا تدريجيًا في هذا المجال مع التزام الحكومة والشركات بتوفير التأمين الاجتماعي مما يعزز استقرارهن الاقتصادي، وتشير هذه الجهود إلى إمكانية تحسين بيئة العمل وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية مما يسهم في خلق بيئة عمل أكثر استدامة وعادلة ويعزز دور المرأة في تطوير هذه الصناعة.

وأشار التقرير إلى مستقبل صناعة المنسوجات والملابس في فيتنام حيث تتسم صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة في فيتنام بأنها إحدى الصناعات الواعدة حيث تستمر الدولة في تعزيز استثماراتها في البنية التحتية وتطوير التعليم المهني للقوى العاملة، وهذه الجهود تجعل فيتنام في موقع قوي لمواصلة ريادتها في سوق المنسوجات العالمية.

مقالات مشابهة

  • أسعار الذهب ترتفع مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية
  • معلومات الوزراء يكشف لماذا تتصدر الصين سوق الملابس الجاهزة عالميًا.. الأرقام تكشف السر
  • شركات التكنولوجيا الأمريكية تحذر من تفوق الصين في الذكاء الاصطناعي
  • عاجل | الجيش الإسرائيلي: هاجمنا قبل قليل قدرات عسكرية متبقية في محيط قاعدتين في تدمر وتي فور في سوريا
  • لكبح قدرات الميليشيا المتمردة على استهداف الملاحة البحرية.. الطيران الأمريكي يواصل ضرباته لمراكز الحوثيين الإستراتيجية
  • تايوان تهدد بالتصعيد ضد الصين
  • أبل تعتزم تأسيس صندوق جديد للطاقة النظيفة في الصين بقيمة 99 مليون دولار
  • 29.7 مليار دولار تبادل تجاري.. مجلس الأعمال السعودي الأمريكي.. 30 عاماً من الشراكة والاستثمارات الواعدة
  • السيطرة على المواقع الحيوية بداية لفصل المعركة الأخيرة.. الجيش السوداني يستعيد معالم العاصمة ويقترب من الحسم
  • تطهير البلاد من الدعم السريع | ماذا بعد سيطرة الجيش السوداني على القصر الجمهوري بالخرطوم؟