حامل القلم في مجلس الأمن: إرث استعماري بلبوس دبلوماسي
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ السياسة والسياسات العامة
"حامل القلم" في مجلس الأمن ليس مجرد مصطلح دبلوماسي، بل هو مفهوم يحمل في طياته أبعادًا تاريخية وسياسية تعكس استمرارية الأنماط الاستعمارية في العصر الحديث. يشير هذا المصطلح إلى الدولة التي تتولى صياغة القرارات والمبادرات المرتبطة بملف معين يناقشه مجلس الأمن.
أصل المفهوم وتطوره
ظهر مفهوم "حامل القلم" بعد الحرب العالمية الثانية، مع تأسيس مجلس الأمن كأحد أجهزة الأمم المتحدة الرئيسية لحفظ السلم والأمن الدوليين. في البداية، كان هذا الدور غير رسمي ويعتمد على المبادرات الفردية للدول الأعضاء، لكنه تحول بمرور الوقت إلى ممارسة منظمة ضمن أعراف مجلس الأمن. غالبًا ما يُسند هذا الدور إلى إحدى الدول دائمة العضوية، خاصة تلك التي لديها مصالح مباشرة أو تاريخ استعماري في المنطقة المعنية، مما يجعل "حامل القلم" امتدادًا غير مباشر لنظام الهيمنة السياسية والاستعمارية.
على سبيل المثال، فرنسا تتولى عادة صياغة القرارات المرتبطة بدول غرب إفريقيا، بينما تركز بريطانيا على شؤون الشرق الأوسط، والولايات المتحدة على قضايا أمريكا اللاتينية. هذا التوزيع ليس عشوائيًا؛ بل هو انعكاس مباشر لتقسيم النفوذ الاستعماري القديم الذي أعاد إنتاج نفسه في شكل دبلوماسي.
السودان ورفض الوصاية
فيما يتعلق بالسودان، فإن قضية "حامل القلم" تأخذ بعدًا خاصًا. خلال الأزمات التي مرت بها البلاد، لا سيما في دارفور والنزاع بين الشمال والجنوب، كانت المملكة المتحدة عادة هي "حامل القلم"، وهو أمر يثير تساؤلات حول مدى استقلالية القرارات الدولية المتعلقة بالسودان.
إن قبول السودان بهذا الوضع يعني ضمنيًا الاعتراف بمبدأ الوصاية الذي يتنافى مع سيادة الدولة وكرامتها الوطنية. من الناحية الفعلية، يسمح مفهوم "حامل القلم" للدول الكبرى بالتدخل في شؤون الدول النامية تحت مظلة الشرعية الدولية، وهو ما يُعد استمرارًا لنهج استعماري قديم لكنه مغلف بخطاب حقوق الإنسان والسلام العالمي.
دعوة لموقف صارم
ينبغي على السودان أن يرفض علانية هذه الوصاية، ليس فقط لاعتبارات سياسية، بل أيضًا لدلالاتها الرمزية. إن مواجهة هذه الممارسات تبدأ بإعادة تعريف الأدوار داخل مجلس الأمن، والمطالبة بإشراك أوسع للدول المتضررة في صياغة القرارات التي تؤثر على مصيرها.
في عالم يدعي أنه تجاوز مرحلة الاستعمار، يظل مفهوم "حامل القلم" شاهدًا على أن النظام الدولي لم يتحرر بعد من إرث الهيمنة. على السودان، وباقي الدول المتضررة، أن تُبقي أعينها مفتوحة، وأن تعمل على تفكيك هذه الهياكل الموروثة، لتؤكد أن السيادة ليست مجرد شعار، بل ممارسة حقيقية لا تقبل التأويل أو المساومة.
"حامل القلم" ليس مجرد أداة تنظيمية؛ إنه طوق استعماري جديد، وعلينا أن نكسر هذا الطوق."
quincysjones@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
الفريق خالد ثالث يطالب المجتمع الدولي بالضغط على الإمارات
طالب الفريق خالد ثالث رئيس حركة شباب التغيير والعدالة المجتمع الدولي بالضغط على الإمارات، والعمل على إيقاف هذه المؤامرة ضد السودانيين من قبل الإمارات وآخرين من دول الجوار والمحيط الإقليمي.وأشار خالد ثالث في تصريح ل(سونا) الى أن السودان رفع شكوى رسمية في مجلس الأمن الدولي ضد الإمارات لما تقوم به من دعم وايواء لمليشيا الدعم السريع المتمردة، مبينا ان الإمارات تقف خلف كل الإنتهاكات والفظائع التي تحدث بالسودان، وان الإمارات هي صاحبة هذا المشروع وان المليشيا هي أداة للتنفيذ.وتطرق ثالث إلى مشروع القرار الأخير في مجلس الأمن الدولي والذي طرحته بريطانيا والذي إستخدمت فيه روسيا حق النقد (فيتو) ، وقال “نشكر روسيا على اتخاذها هذا الموقف الصحيح والشجاع وإيقاف تمرير القرار” ، مبينا أن القرار كان يمكن أن يمهد الطريق لتنفيذ أجندات مرسومة مسبقا لمشروع يستهدف السودان ينفذ بواسطة عملاء بالداخل والخارج.وتحدث خالد ثالث عن الموقف الأمريكي في ظل الزيارة الأخيرة للمبعوث توم بيرلو، مشيرا إلى ان الموقف فيه بداية لتسجيل موقف مغاير قد يكون تكتيكي أو غير ذلك لأن الموقف لم يكن كذلك، مشيرا إلى ان ذلك يأتي مع نهاية عهد الإدارة الامريكية الحالية.وطالب رئيس حركة شباب التغيير والعدالة المجتمع الإقليمي والدولي وخاصة مجلس الأمن بأن يقوموا بدور إيجابي لتحقيق الغايات التي انشأت من اجلها المؤسسات الدولية وهي الحفاظ على الامن والسلم الدوليين.وأشاد خالد ثالث بدور البعثة الدبلوماسية السودانية في نيويورك بقيادة السفير الحارث واصفاً بانهم كانوا جنودا أقوياء وبذلوا مجهودا كبيرا ومقدرا في الدفاع عن الوطن ومساندته في حرب الكرامة.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب