عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
ليلى عماشا
في زمن مضى، كان لفظ “المعسكر” يستحضر صورة ميدان تدريب وقتال، سواتر وطلقات، بزّات عسكرية وعبق البارود.. اليوم، اتّسعت دلالة “المعسكر”، ليُضاف إليها ميدان الكلمة الموقف، والصورة المقاتلة، والصوت المحارب.. دخل الإعلام ساحة المعركة والنّار، وباستشهاد القائد الحاج محمّد عفيف، عرفنا نموذج الإعلاميّ الاستشهادي في ميدانه.
حين ورد نبأ استشهاد الحاج محمّد عفيف، لم تسجّل أعين النّاس علامة تعجّب واحدة، فالأعجب ألّا يُستشهد، في معركة نزل ميدانها بكلّ عتاده، وكثّف فيها خلاصات جهاده، كأنّه من جهة يستعجل العبور إلى السماء، ومن جهّة يجتهد في تقديم النموذج الأعمق والأنشط والأصدق والأنقى عن الجهاد الإعلامي قبل المضيّ شهيدًا كما أراد وكما استحقّ.
“لم يخفنا القصف فهل تخيفنا التهديدات؟!” قالها الحاج محمد عفيف ردًّا على سؤال حول التهديد باستهدافه خلال مؤتمره الصحافيّ في الغبيري. رفع التحدّي مع العدوّ إلى أقصاه. وقف أمام أعين المسيّرات والطائرات الحربية المعادية، قال كلمة المقاومة، تحدّث باسمها فحلّ على قلوب المشتاقين للسيّد حسن أنيسًا يطمئنهم، يجهّز قلوبهم لخبر النصر: “قطعًا سننتصر”..
بقلبه المثقل بالفقد وبالحزن المؤجّل، بوعيه المدرك لطبيعة دوره وأهمّيته، بوضوح رؤياه ودقّة اختياره للكلمات، بمقدرته العالية على الاحتواء التي شملت حتى الخصوم، بقوّة يقينه بالنّصر وإدراكه لحتميّته مهما غلت الأثمان، خاض الحاج محمد عفيف طريق ذات الشوكة غير آبه سوى بأداء دوره الجهاديّ على أتمّ وجه، فنال البرّ شهيدًا حين أنفق في درب الجهاد كلّ ما يحبّ..
صوت معسكر المقاومة والناطق باسم ميدانها، قائد كتيبة الإعلام المحارب والجنديّ الأشجع فيها، كان قد أسرّ لصديق له يسأله عن حاله أنّه في مرحلة ما بين الحياة والموت، في معرض تعليقه على قول الصديق بأنّه انتقل من الإعلام إلى السياسة.. قال بأنّه بعد ارتقاء “حبيبه وروحه التي بين جنبيه” على حدّ توصيفه، “ميّت يمشي على قدمين”… أيّ ميّت يا حاج يخوض حربًا كالتي خضتها وينتصر كما انتصرت! أيّ حزن ثوريّ جميل دفعك لدخول ميدان الاستشهاد مستخدمًا السّلاح الذي تتقنه حدّ الذوبان فيه: العمل الإعلامي! قبل فترة ليست بطويلة، خاض الحاج محمد عفيف صراعًا مع مرض عضال وشُفي منه ببركة الله، لا ليكسب أيامًا في الحياة الدنيا أكثر وإنّما كي يخرج منها بأحسن خاتمة.. قدّر الله أن يكافئه بشهادة بطولية، ليس لشيء سوى لأنّ دربه الجهادية استحقت ختامًا برتبة شهيد..
ورد النبأ، وكان انتظار بيان العلاقات الإعلامية يحاكي الفقد إيلامًا. فالقائد الذي يصدر بيانات ارتقاء الشهداء ويزفّهم قمرًا بعد قمر، عزيزًا بعد عزيز، صار درّة البيان وهو الخبر..
يُجمع كلّ الذين التقوا بالحاج محمد في الفترة الأخيرة على رؤيتهم بريق الشهادة في عينيه وهما تكتنزان الدّمع على سيّدنا الشهيد وتؤجّلانه.. يشهدون بأنّ من صوته فاح عبق الاستشهاديين، وشوهد فيه طيف صلاح غندور وعلي أشمر وهما يتجهزان لعمليتيهما الاستشهاديّتين.. بل شوهد طيف كلّ شهيد عبر، كلّ عزيز ارتقى.. يؤكدون على أن خبر استشهاده بعد الاستهداف الآثم لم يصدمهم، وإن شقّ صدورهم بلوعة الفقد وألم الفراق.. يبتسمون ملوّحين له وهو يختم حياته بأحسن الخواتيم ويرتقي إعلاميًا محاربًا وقائدًا جهاديًا بطلًا وصديقًا صادقًا وعزيزاً..
تبدع المقاومة الإسلامية في لبنان في صناعة النماذج الحقيقية والبطولية في كلّ ميادين الجهاد.. يبدع حزب الله في تقديم أرقى التجارب الإنسانية على مختلف المستويات، من القادة الشهداء إلى الكشفيين الشهداء، من المسعفين الأبطال إلى العمائم المجاهدة.. من الإعلام الميداني المجاهد إلى القتال الميدانيّ الإعلاميّ.. وتسجّل في كلّ هذا بطولات ومآثر سيحكي عنها الزمان ألف دهر..
أمّا بعد، فقد زفّت المقاومة “قائدًا إعلاميًا كبيرًا وشهيدًا عظيمًا على طريق القدس، الحاج محمد عفيف النابلسي، مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، والذي ارتحل إلى جوار ربه مع خيرة من إخوانه المجاهدين في غارة صهيونية إجرامية عدوانية، بعد مسيرة مشرّفة في ساحات الجهاد والعمل الإعلامي المقاوم.” زفّت المقاومة إلى أهلها عقلًا حكيمًا وقلبًا سليمًا وعمرًا جميلًا وصبرًا طويلًا وإخلاصًا وفيرًا وشوقًا طال إلى الرّفاق واشتعل إلى السيّد حسن.. وكما الجسم المقاوم، كلّ أهل المقاومة يا حاج محمّد، تداعوا أمام النبأ إلى تهنئتك بفوزٍ عظيم مستحقّ، وكلّ أهل الإعلام أجمعوا على الشهادة بأن ما رأوا منك إلّا خيرًا .. أجمعوا على التبسّم لصورتك شهيدًا على طريق القدس وقالوا:”هنيئًا!”
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الحاج محمد عفیف د عفیف شهید ا
إقرأ أيضاً:
إنسان تختتم ورشة “مُعِين” لتمكين أيتام المملكة من مهارات العمل التطوعي
الجزيرة – جواهر الدهيم
اختتمت الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض “إنسان” ورشة عمل مبادرة “مُعِين” التطوعية بنسختها الرابعة، وذلك في الكلية التقنية الرقمية للبنات بالرياض، وبمشاركة 17 جمعية خيرية وطالبات الكلية، وبدعم من المجلس الفرعي التخصصي لجمعيات الأيتام بالمملكة. والهلال الأحمر السعودي وفريق النور التطوعي.
وهدفت الورشة إلى تمكين مستفيدي جمعيات الأيتام بالمملكة من مهارات القيادة في العمل التطوعي وتزويدهم بالمعارف اللازمة التي تساهم في تمكينهم من أداء العمل التطوعي المؤسسي باحترافية وكفاءة عالية ليكونوا قادة تطوع وصناع أثر.
وتخلل الورشة كلمة أ. محمد بن سعد المحارب مدير عام الجمعية نوّه فيها بالدعم الذي يحظى به القطاع غير الربحي من قبل الحكومة الرشيدة في مختلف المجالات، وحرصها على تمكين المستفيدين بمختلف المسارات وتوفير الممكنات لهم ليساهموا برفع نسبة الناتج المحلي وزيادة مشاركتهم في النهضة التنموية التي تشهدها المملكة.
وأضاف المحارب تأتي ورشة عمل “مُعِين” لتمكين مستفيدي جمعيات الأيتام بالمملكة من مهارات القيادة في العمل التطوعي في نسختها الرابعة استمراراً لمبادرة “مُعين” التطوعية التي أطلقتها الجمعية عام 2021 وتستهدف كل عام شريحة من شرائح المجتمع تصمم له برامج لرفع كفاءة الأعمال التطوعية لتساهم مساهمة فاعلة في المسؤولية الاجتماعية. وذلك حرصاً من الجمعية على تفعيل دورها الاجتماعي واهتمامها بقيم التطوع وأهميته بوصفه أحد ركائز التنمية المجتمعية، لما له من دور في التنمية الوطنية، وأثره الإيجابي على الفرد والمجتمع، وسعياً منها لتحقيق مستهدفات التطوع والمساهمة بتحقيق رؤية 2030 التي دعت للوصول إلى مليون متطوع.
اقرأ أيضاًالمجتمعالأمير فهد بن سلطان يستعرض المخطط المحلي لمدينتَي تبوك وتيماء
وأوضح المحارب أن الجمعية اعتمدت مجموعة من العوامل المساعدة منذ تأسيس وحدة التطوع في ديسمبر من عام 2020 من ضمنها تسهيل عملية استقطاب الكفاءات وتدريبها، وغرس ثقافة التطوع ومفهومه لدى أفراد المجتمع، وإتاحة وتنوع فرص التطوع بالجمعية بحيث تكون مناسبة لمختلف فئات المجتمع من قبل متطوعين متخصصين بمختلف المجالات. وقد تم اعتماد عدد من المؤشرات لقياس أثر المبادرة أبرزها عدد المتطوعين والساعات التطوعية وفرص التطوع والعائد الاقتصادي من المشاركات التطوعية.
وأشار المحارب أن الجمعية حققت من خلال مبادرة “مُعِين” التطوعية مخرجات إيجابية ومشجعة للاستمرارية تمثلت في حصول الجمعية على الجائزة الفضية في مسابقة تجربة العميل للأعوام 2023 – 2024. وحصولها على المركز الأول ضمن الجائزة الوطنية للعمل التطوعي 2022 في مسار تفعيل العمل التطوعي. إضافة لارتفاع مؤشرات التطوع، كما شهدت المبادرة نموًا متسارعًا عامًا بعد آخر، حيث وصل عدد المتطوعين بجمعية إنسان لهذا العام حتى نهاية نوفمبر 3500 والساعات 76.599 والفرص 1319 وتجاوز العائد الاقتصادي خمسة مليون، وبلغ إجمالي المتطوعين منذ انطلاقة المبادرة أكثر من 10.000. إضافة لاختيار مبادرة “مُعِين” التطوعية من قبل المعيار الوطني السعودي للتطوع؛ لتضمينها في كتاب يضم أبرز التجارب الناجحة في العمل.
وفي ختام الورشة كرم أ. محمد المحارب الجهات الداعمة والمشاركين والشركاء والمتطوعين لدورهم وتفاعلهم مع ورشة “مُعِين” لتمكين أيتام المملكة من مهارات العمل التطوعي.