مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وجهة لصناع الإبداع حول العالم (فيديو)
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
عرضت قناة "القاهرة الإخبارية" تقريرا عن ندوة “أيام القاهرة للسينما”.. استراتيجيات توزيع الأفلام القصيرة.
سهير جودة لـ الوفد: ترميم أفلام زمان حدث عظيم في مهرجان القاهرة السينمائي جولة للإعلاميين الأفارقة بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي رفقة الناقد عصام زكريا.. صور مهرجان القاهرة السينمائيوقالت مراسلة القاهرة الإخبارية، خلال التقرير، إن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وجهة لصناع الإبداع حول العالم، "هكذا وصف الحضور فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي واستمرار ندوات أيام القاهرة للسينما حيث انطلقت حلقة نقاشية حول آفاق خطط توزيع الأفلام القصيرة".
وأضافت: "تبادل المتحدثون من خلفيات ثقافية مختلفة خبراتهم حول الاستراتيجيات الفعالة لخطوات وصول الأفلام للمهرجانات العالمية والاستفادة منها كمنصة استراتيجية للعروض الأولى".
وتابعت: "فرصة يحظى بها الحضور من الشباب الشغوف بعالم السينما لتعلم كيفية إعداد خطة توزيع شاملة تهدف إلى تعزيز مشاركة الجمهور وضمان الاستدامة المالية للأفلام القصيرة".
إبداعات سينمائيةوأكدت: "إبداعات سينمائية تسهم في ترك بصمة محلية ودولية من خلال بناء شبكة علاقات مهنية تتيح لصناع الأفلام الوصول لأسواق متنوعة مما يدفع عجلة الصناعة السينمائية ويعزز استدامة الأفلام القصيرة".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مهرجان القاهرة السينمائى بوابة الوفد الوفد السينما الأفلام مهرجان القاهرة السینمائی الدولی
إقرأ أيضاً:
القصة القصيرة وأنا
يا له من سؤال مغوٍ! ماذا تعني لك القصة القصيرة؟ أحب هذا السؤال، أنتظره، وأحبني وأنا أفرح به، وأبحث دائمًا عن قصّاصين عرب وغير عرب تحدثوا عن علاقتهم مع القصة القصيرة. صحوت على أب يتأخر في النهوض من السرير، لم يكن أبي نائمًا، كان مستلقيًا ومحاطًا بالكتب المبعثرة ما بين حضنه وأطراف السرير، للجاحظ، والمنفلوطي، ومحمد وأحمد مندور، ويوسف إدريس، ومقامات الهمذاني. كل هذا المشهد أتذكره بوضوح سعيد، وأتذكر تذمر أمي من تأخر أبي في الاستلقاء، فلديها مهمة ترتيب الكتب والسرير وكنس الغرفة وغيرها، لكن الكتاب الذي كنت ألاحظ أنه يحظى بحضنه هو كتاب البخلاء للجاحظ. كان أبي يقرأ بصوت عالٍ لي قصص الكتاب، وكان يضحك كلما قرأ فقرة، ولم أكن أشعر بتفاعل مع ضحكاته، لأنني لم أكن أفهم شيئًا، كل ما كان يهمني هو انتباه أبي لي في حمى غرقه في قصص جاحظ العينين. كنت ابن عشرة أعوام، فارغًا تمامًا من كل شيء سوى حضن أبي المليء بالكتب، وغضب أمي.
بدأت قصتي مع الكتابة من شرارة غيرتي من الكتب التي تنافس حبي للوالد، كنت أحاول دومًا الاندساس بين سطرين يقرؤهما أبي من كتاب، وكنت أفوز مرات وأخسر مرات أخرى. كان الجاحظ الساخر حين ينتصر يرمقني بسخرية وكأنه يقول: "هو دوري الآن، اذهب بعيدًا يا ولد"، وحين كنت أفوز أنا، كنت أركل الجاحظ بقدمي، صائحًا به: "اذهب بعيدًا يا دميم الوجه". وكانت خسارتي حضن أبي ترتبط فورًا بتأييدي لغضب أمي من أبي: "نعم يا أبي، هيا انهض، فأمي تريد أن ترتب سريرك الفوضوي وكتبك البليدة"، وحين كنت أفوز كنت أصيح بأمي: "وماذا يعني لو تأخر أبي قليلًا في النهوض؟ اذهبي يا أمي إلى غرف أخرى، وأجّلي ترتيب هذه الغرفة، فأبي مشغول بالقراءة، وبي". وحين كانت أمي تلاحظ أني سعيد، كانت تستجيب لطلبي وتذهب إلى غرفة أخرى.
وهكذا بدأت أفكر: ما الذي يحبه أبي في هذه الكتب؟ ما هو السحر فيها؟ وبدأت أمسك كتاب الجاحظ تحديدًا، أشمّه، فأشعر برائحة مختلفة، من رائحة كتاب الجاحظ الذي استعاره أبي من مكتبة مدرسته قبل 40 عامًا ولم يعده. ومن فضولي لمعرفة ما كان يشد انتباه أبي، دخلت عالم القراءة، وحين بدأ أبي يشعر بتجاوبي مع قصص الجاحظ، بعد سنوات قادمة، صار يختار لي كلمة من جريدة ويطلب مني وضعها في جملة مفيدة. أتذكر كلمة يرجئ: "يرجئ رئيس الوزراء زيارته لليمن بسبب حالة الطقس". طار أبي من جملة طفله المفيدة، طفله الذي لم يتجاوز الثلاثة عشر عامًا، ومع طيران أبي فهمت معنى الاندهاش، ومعنى أن يطير الإنسان بسبب سحر في جملة.
ومضت بي الأيام، كان صوت أبي وهو يقرأ لي قصص البخلاء ما زال يرن في داخلي، صوته، وضحكاته، واندهاشاته. ذهبت مباشرة إلى القصة القصيرة وكأنها كانت بانتظاري. تخلل هذا الذهاب بضع قصائد تافهات، سرعان ما هربتها بخجل إلى سطح البيت، غطيتها بأكياس طحين، لم أدرِ ما حدث لها، أظن أنها تبخرت أو احترقت تحت أشعة تموز الفلسطينية. فيما بعد، كتبت قصصًا كثيرة، كان أبي أول الناقدين: "اخرج من زياد، تخلَّ عن الرنين، وأشح عن الزخرف، كن أنت، وكن الحقيقة والبسطاء، وإياك أن تصرخ كثيرًا".
عام 98 كان هناك موقع إلكتروني اسمه دروب، كنت أنام فيه، بالمعنى الحقيقي لا المجازي. أمي قالت لي يومها: "أدروب أمك أم أنا؟". تعرفت فيه على عديد من ساردي العالم العربي، كانت مشكلتنا الكبرى نحن أدباء فلسطين الشبان، عطشنا إلى الاحتكاك بالأدباء العرب. جاءت الشبكة العنكبوتية لتحقق لنا ذلك. كان أنيس الرافعي المغربي الاسم الأبرز بين ساردي دروب، كان لطيفًا جدًا ومثقفًا إلى أبعد الحدود، وأهم من ذلك، كان متحمسًا لفن القصة. كنت أقرأ قصصه وأقول لأبي: "أريد أن أصبح مثل أنيس". صار أنيس صديقي، وصارت قصته القصيرة بشكلها المجنون، الحر، الصادم نموذجي. كنت أناديه بالمعلم، وأتخيل مشهد مناداة ماركيز الصغير لهيمنغواي العظيم على رصيفيّ شارع في باريس: "مرحبًا أيها المعلم".
هذه دعوة إلى مزيد من الاهتمام بهذا النوع الأدبي المظلوم، القطة التي تتحول إلى نمرة أحيانًا، كما وصفها أنيس، تستحق فقط أن ندعها في حالها، وألا نسخر منها، ونتذمر من قصر نفسها، وانحيازها إلى الهامش في المدينة والقلب، بحاجة فقط إلى ألا نعرقل روحها حين تنهض وتنمو وتحكي وتصمت وتطير. يحتاج العالم إلى القصة القصيرة، والقصة الومضة، تمامًا كما يحتاج الرواية. العالم، بكل صخبه وجنونه وموته، يحتاج إلى الكثافة، والكثافة ابنة القصة، وهي أبهى رد على ثرثرة الحروب، وصوت الطغاة، وشخير الجنرالات. وغير صحيح أبدًا أن الرواية هي سيدة العالم وأميرة النص المهيمن على العقول والقلوب، وأنها القادرة على تصوير الوجع الشخصي ومشكلات الإنسان الوجودية، ومقاربة المفارقات، والسخرية من العالم. لدى القصة القصيرة طريقة طازجة دومًا لعمل ذلك كله.
القصة حب صغير خائف ينمو في منعطف معتم من منعطفات المدينة، منعطف لا تمر منه عربات فارهة، ولا مطاعم قربه أو مقاهٍ. القصة سعلة أمٍّ مريضة، وشهقة مراهقة مترددة، برق في ليلة مستبدة، صورة يلتقطها مصور مصاب بانفصام قلب. ترفض القصة الأعباء، وتمقت الرسائل، وتركل الهمَّ الوطني ركلًا، ليس لأنها ضد الوطن، أبدًا، بل لأنها ضد استخدام الوطن استخدامًا وظيفيًا، مباشرًا وشعاريًا.
القصة صديقة حميمة للهامس، والملمح له، والمشار إليه إشارة. هي أخت الصمت وابنة عم الفراغ. لا تستوعب التاريخ ولا تحبه، والتاريخ أيضًا غير معجب بالقصة. الرواية تتحمل ذلك، بين التاريخ والرواية حالة تفاهم وحب، ومن المحتمل أنهما مارسا الحب يومًا ما. وطأة التاريخ أثقل مما تتحمله القصة. القصة بنت صغيرة في الثانوية العامة، ذكية بعيون براقة، لكنها حزينة دومًا، ويداها هشتان، تلك الهشاشة الذكية والناعمة. تحب بهمس، وتنتظر حبيبها الغامض بشفافية وهدوء. لا يهمها تاريخ المكان الذي تنتظر حبيبها فيه، ولا يدخل في صلاحيات قلبها أن تحاول تحليل تاريخ الحب ورموزه العالميين، هي تنتظر بصمت فحسب.
لا دروس يمكن أن يجرؤ أحد على إعطائها للقصة، على الرغم من شفافيتها، وخجلها، وصغر قامتها. تعطي القصة العالم أهم درس في العالم، وهو الكثافة. لو فهم هذا العالم الدرس، لمحت الحروب، وهدأت الصراعات.
كيف نتجاهل قطة تفعل ذلك كله، وشكلها ذلك كله، وروحها ذلك كله؟ احذروا غضب القطة، احذروا غضب القطة.