عربي21:
2025-05-02@14:40:36 GMT

العرب بانتظار ترامب الثاني

تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT

تتماشى تركيبة إدارة دونالد ترامب القادمة، مع طموحات وخطط اليمين الفاشي في إسرائيل، وتمنحه دفعة قوية لتنفيذ كل رغباته على الأرض، بحسب مواقف ورسائل المرشحين لمناصب مهمة في الإدارة الأمريكية لإسرائيل، والتي لا تبشر بالخير ولا بإمكانية الحديث عن أي بارقة أمل تعيد الأمور لمجراها بحسب التمسك العربي الرسمي بهذه البارقة الفاقعة التي حللت ألغاز وأحاجي بعض فهلوة السياسة الفلسطينية والعربية، التي تتعاطى مع قضاياها باستخفاف مذل.



فالوضع العربي الراهن لا يبعث على الارتياح، وغير قادر على حمل حدٍ ادنى من إمكانية شروط فاعلية عربية مشتركة تتصدى لمخاطر تتغلل في جسدها. وبعد فقدان النظام الرسمي العربي "التضامن" كصيغة نشأت في فترة من الفترات وتبخرت مع التطبيع والصمت عن الجرائم والعجز عن ردها، تطرح مجددا مسألة عدم فهم سياق المشروع الاستعماري الصهيوني في فلسطين، فرجال ترامب الجدد لديهم مواقف تتعلق بالقضية الفلسطينية، ومن مسألة العدوان على غزة ومن الإبادة الجماعية ومن العرب والمسلمين عموما، بعضهم يتشارك أفكار سموتريتش وبن غفير ومائير كاهانا وعوباديا يوسف، ولديهم إيمان تلمودي وتوراتي بتفوق العرق اليهودي على "الأغيار" وبحلم العودة لـ"يهودا والسامرة".

الوضع العربي الراهن لا يبعث على الارتياح، وغير قادر على حمل حدٍ ادنى من إمكانية شروط فاعلية عربية مشتركة تتصدى لمخاطر تتغلل في جسدها
الشخصيات المرشحة لقيادة السياسة الخارجية في إدارة ترامب، من وزير الدفاع بيتر هيغسيث ووزير الخارجية ماركو روبيرو الى سفير أمريكا في إسرائيل مايك هاكابي، ومبعوث الإدارة الامريكية للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لديهم جميعا تناغم مشترك مع طروحات اليمين الفاشي في إسرائيل، منهم من يؤمن بضرورة هدم الأقصى لبناء الهيكل ويرفض بالمطلق فكرة حل الدولتين، وبحق إسرائيل في السيادة على كل الأرض الفلسطينية باعتبارها جزءا من الدولة اليهودية، وبدعم جرائم الإبادة التي تقترفها في غزة. وهذه الشخصيات سيتم التعامل معها عربيا، كجزء من ثوابت معهودة في السياسة الأمريكية التي لا تحيد عن الصيغ الإسرائيلية.

والسؤال: ماذا بقي للحاكم العربي والسياسي الفلسطيني من رؤية أو قوة ليدافع فيها عن "السلام" والحق الفلسطيني؟ خسارة القوة الذاتية وتهميش المجتمعات العربية، بعد استسهال القسوة الإجرامية لإسرائيل في فلسطين ولبنان وسوريا وغيرها في المنطقة العربية، واليوم كما الأمس لأن تجارب السياسة العربية والفلسطينية الرسمية لا تعلّم كثيرا على ما يبدو، بما فيها التجارب الحية التي ما زالت ماثلة في جرائم الإبادة الفلسطينية وسقوط كل الأوهام وتسويغ القبول بها.

في هذه الأجواء التي تحافظ فيها إدارة ترامب على إيصال رسائل التشجيع لإسرائيل، جاءت تصريحات وزير المالية الإسرائيلي العنصري، بتسلئيل سموتريتش، بشأن إصدار تعليمات للتجهيز لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة خلال العام المقبل. الأرضية اللازمة لتشريع الضم جاهزة بالاستيطان ومصادرة الأرض وتصعيد عدوان المستعمرين على سكان المدن الفلسطينية، والتعليمات تسقط آخر الثياب التي يتستر بها كل ناطق باسم حل الدولتين والسلام المزعومين، لكن ما الذي يحدث عندما تقتل إسرائيل كل الأوهام الفلسطينية والعربية، وتقضي على آخر خيط لـ"السلام" مهما كان هامشيا؟

فاللجوء الصهيوني لسياسة العدوان الشامل وحرب الإبادة الجماعية في غزة، ونقلها إلى لبنان، ثم الاستباحة المهينة للسيادة السورية دون رد نظام الأسد عليها، وغياب الثقل العربي، ينذر بأن مسألة الضم وإعادة استيطان غزة وفرض التهجير هي سياسة صهيونية؛ وفق خطة واضحة للوصول لهذا الهدف غير المرتبط بـ"طوفان الأقصى" وتصدي المقاومة للعدوان الإسرائيلي على غزة، بل نتيجة طبيعية لهذه السياسة وخططها. وإيقاع النقاشات ومضامينها واتجاهاتها عند اليمين الفاشي لحكومة نتنياهو عن الضفة يشير إلى أن ما سيجري فرضه سيكون أسوأ بدرجات عما يحصل في غزة.

ضم الضفة بالنسبة لإسرائيل، كحكومة ومؤسسات أمنية وأحزاب دينية عنصرية، لها نظرة مختلفة عن غزة وما يطلق عليه "يهودا والسامرة" ومكانتها التاريخية في الأسطورة الصهيونية؛ بمستوطناتها الضخمة وتداخلها الكبير مع المناطق المحتلة عام 48، وطبيعتها الجغرافية ومكانتها الاستراتيجية جعلتها هدفا لأطماع السيطرة والضم، لذلك أي حديث بعد ذلك متعلق بحل الدولتين والسلام والتطبيع خاضع بصورة مطلقة لشروط الاحتلال ومصالحه، وسيظهر مجددا النظام العربي وما تبقى من وظيفة السلطة الفلسطينية أمام حالة مذهلة من الارتباط والخضوع والارتهان للمحتل الإسرائيلي وللإدارة الأمريكية.

درس الاستغلال الذاتي للفرص يستدعي أولا وقبل كل شيء على الصعيد الفلسطيني؛ الإسراع في إعادة بناء العامل الذاتي بطريقة مختلفة عما عهدناه من الاستغراق في التحسر على المجتمع الدولي ومناشداته والاسترسال في البكاء على المنابر في طلب "احمونا"
الجاهزية العربية للتعاون مع إدارة ترامب، تنطلق من مشتركات أصبحت أكثر نضجا بما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وحالة الشلل والموات التي ميزت السياسة العربية بمواجهة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وجرائم الإبادة الجماعية، ينظر إليها إسرائيليا وأمريكيا على أنها أسباب مشجعة لفرض السيطرة والإملاءات، بغض النظر عن حالات الشجب والإدانة العربية لسياسة وجرائم الاحتلال، والتي أصبحت مفرداتها مدعاة للسخرية والتهكم من بعض المعلقين الإسرائيليين أنفسهم، خصوصا بعد قمة الرياض العربية الإسلامية الثانية، والتي تحولت لشماتة صهيونية فاقعة عن الخطاب السياسي العربي.

الوضوح الذي تقدمه إسرائيل وأمريكا في ارتكاب الجرائم وحمايتها، والذي يتجاوز سردية وذريعة القضاء على حركة "حماس" في غزة إلى تحويلها لمكان غير صالح للحياة، ثم وضوح الخطط والسياسات المتبعة لكل الضفة والقدس، يفرض على الجانب العربي والفلسطيني أن لا يستخدم أدوات التضليل والوهم ذاته للمشهد الفلسطيني والعربي، لأن الحقائق الإسرائيلية على الأرض تقول أن لا أحد ناجٍ من دائرة الاستهداف الصهيوني.

تستغل إسرائيل نفس الظروف التي مكنتها من الاستعلاء على المجتمع الدولي وقوانينه، لتطوير ترسانة من العدوان والعقوبات الجماعية على عموم الشعب الفلسطيني، ويستغل بعض النظام العربي ظروف ما بعد القضاء على الثورات العربية لخلق رقابة بوليسية استبدادية واجتماعية واسعة النطاق على الشارع العربي، تسمح للاحتلال التحرر من قيود الطرد والمقاطعة والتجريم أمام المحاكم الدولية، لأن هناك مجالا عربيا آخر تميز بتراجع الحقوق والحريات والأحزاب السياسية بشكل مرعب.

أخيرا، درس الاستغلال الذاتي للفرص يستدعي أولا وقبل كل شيء على الصعيد الفلسطيني؛ الإسراع في إعادة بناء العامل الذاتي بطريقة مختلفة عما عهدناه من الاستغراق في التحسر على المجتمع الدولي ومناشداته والاسترسال في البكاء على المنابر في طلب "احمونا"، بينما الواقع العربي المنتظر لترامب الثاني يتجهز للتضحية بما تبقى من أرض وحق وكرامة إنسانية بعد صمت ومشاركة في الجريمة.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب اليمين إسرائيل العربي الفلسطينية غزة إسرائيل امريكا فلسطين غزة العرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات رياضة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

الإمارات تستعرض خطة انطلاقة «المرصد العربي لتنمية المرأة اقتصادياً» في جامعة الدول العربية

بمتابعة حثيثة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات)، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، شاركت دولة الإمارات ممثلةً في الاتحاد النسائي العام في اجتماع رفيع المستوى للمندوبين الدائمين لدى جامعة الدول العربية لمناقشة خطة الانطلاقة الرسمية لمشروع «المرصد العربي لتنمية المرأة اقتصادياً»، الذي أقيم في مقر جامعة الدول العربية في جمهورية مصر العربية، وذلك في إطار متابعة تنفيذ القرار الصادر عن الدورة (33) لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة العربية عام 2024، بشأن إقرار المبادرة التي تقدمت بها دولة الإمارات حول «المرصد العربي لتنمية المرأة اقتصادياً».
وترأّست وفد دولة الإمارات في الاجتماع، الذي عُقد بمقر الأمانة العامة للجامعة في القاهرة، سعادة نورة خليفة السويدي الأمينة العامة للاتحاد النسائي العام، ومشاركة المهندسة غالية علي المناعي، رئيسة الشؤون الإستراتيجية والتنموية في الاتحاد النسائي العام.
وشهد الاجتماع حضور معالي السفيرة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، وسعادة مريم الكعبي، سفيرة دولة الإمارات لدى جمهورية مصر العربية ومندوبتها الدائمة لدى الجامعة، وعدد من سفراء الدول العربية.
ويأتي هذا الاجتماع في إطار دعم العمل العربي المشترك وتعزيز دور المرأة في تحقيق التنمية المستدامة، حيث تعمل جامعة الدول العربية، بمشاركة فاعلة من الدول الأعضاء، على تفعيل الآليات الإقليمية التي تدعم التمكين الاقتصادي للمرأة.
وتعكس هذه المبادرة التزاماً جماعياً بتعزيز دور المرأة في الاقتصاد العربي، من خلال مبادرات نوعية تُسهم في معالجة التحديات البنيوية، وتُرسّخ منظومات مستدامة تُعزّز مشاركة النساء في مسارات التنمية، بما يتوافق مع أولويات الأجندة التنموية العربية (2023-2028) وأهداف التنمية المستدامة 2030.
وفي هذا الإطار، أوضحت معالي السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد، رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية، أن المبادرة تعكس الرؤية الطموحة لدولة الإمارات العربية المتحدة في دعم ريادة المرأة وتعزيز مساهمتها في الاقتصاد، من خلال تأسيس منظومة إقليمية متكاملة تُسهم في توسيع فرص النمو والتمكين الاقتصادي للنساء في الدول العربية.
وقالت سعادة نورة خليفة السويدي، الأمينة العامة للاتحاد النسائي العام، إنه انطلاقاً من التزام دولة الإمارات العربية المتحدة الثابت بدعم وتعزيز العمل العربي المشترك، والذي يُعتبر أساساً لتحقيق التكامل والتنمية المستدامة في العالم العربي، جاءت مبادرة الإمارات بإطلاق مشروع رائد على مستوى المنطقة وهو «المرصد العربي لتنمية المرأة اقتصادياً» لإحداث نقلة نوعية في واقع المرأة العربية عبر تأسيس أول منظومة متكاملة لإشراك كافة الجهات ذات العلاقة بالدول العربية في دعم نمو الأعمال والاقتصاد للمرأة العربية.
وأوضحت سعادتها أنه تمت مناقشة هذه المبادرة خلال الدورة الثالثة والأربعين للجنة المرأة العربية التابعة لجامعة الدول العربية، برئاسة سلطنة عمان، وتم إدراج المبادرة ضمن جدول أعمال الاجتماع الوزاري لتلك الدورة، وقد أسفرت المناقشات عن صدور القرار رقم (18) من لجنة المرأة على المستوى الوزاري، والذي نصّ على الموافقة على مبادرة الإمارات وتوصية برفعها إلى مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة لاعتمادها رسمياً، وخلال قمة العرب في البحرين تم اعتماد إنشاء المرصد بتاريخ 16 مايو 2024.
من جانبها، استعرضت المهندسة غالية علي المناعي، رئيسة الشؤون الاستراتيجية والتنموية في الاتحاد النسائي العام، خلال الاجتماع، الرؤية الطموحة والأهداف الاستراتيجية لـ«المرصد العربي لتنمية المرأة اقتصادياً»، وطرحت توجهات التوسع المستقبلية وخطط الاستدامة لتعزيز دور المرصد إقليمياً.
كما تطرقت إلى إطار الحوكمة الشاملة، وآلية تشكيل اللجنة التنفيذية وفرق العمل الفرعية، مع تحديد واضح لمهامها وأدوارها، إلى جانب استعراض الخطة التنفيذية التي تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في دعم وتمكين المرأة اقتصادياً في العالم العرب، ووضع خطط لضمان استدامة المشروع.
وفي الختام، تم فتح الباب لنقاش مفتوح مع سعادة السفراء المندوبين الدائمين، وعرض مخرجات الاجتماع.

 

 

أخبار ذات صلة أحمد الفلاسي: نجاح «الألعاب الجامعية» يعكس رؤية تطوير الرياضة الإماراتية محمد بن راشد: بتوجيهات محمد بن زايد.. الإمارات مستمرة في الاستثمار في تعزيز قدراتها الاقتصادية وإمكاناتها السياحية المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • بمشاركة 64 جواداً.. انطلاق السباق الدوري الثاني للخيول العربية الأصيلة
  • بيوم الصحافة العالمي.. إعلاميو غزة هدف مباشر لجيش إسرائيل
  • الإمارات تستعرض خطة انطلاقة «المرصد العربي لتنمية المرأة اقتصادياً» في جامعة الدول العربية
  • منتدى القادة البريديين الثاني في المنطقة العربية يختتم أعماله في قطر
  • الجامعة العربية تنظم اجتماع لجنة تحكيم جائزة «التميز الإعلامي العربي» 5 مايو
  • "يديعوت أحرنوت": إسرائيل لم ترد بعد على طلب السلطة الفلسطينية المساعدة في إخماد حرائق القدس
  • عاجل- الخارجية الأمريكية: أنجزنا رؤية ترامب في السياسة الخارجية خلال 100 يوم فقط
  • بمشاركة سوريا… انطلاق أعمال المنتدى الثاني للقادة البريديين العرب في ‏قطر
  • دنابيع السياسة العربية.. من دنبوع اليمن إلى دنبوع فلسطين
  • المملكة: على إسرائيل احترام حقوق الإنسان الأساسية للشعب الفلسطيني