رؤية عبر الجدران.. هل يمكن لجهاز الواي فاي أن يصبح عينا سرية؟
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
في الوقت الحالي، لدى جميع المنازل أجهزة استقبال وإعادة توجيه إشارات الإنترنت المنزلية عبر الشبكات اللاسلكية "واي فاي" (Wi-Fi)، إذ تعد الآلية الأفضل لاستقبال إشارات الإنترنت ومشاركتها عبر المنزل أو منطقة محددة، ورغم التطور الكبير الذي وصلت له أجهزة الاستقبال هذه وقدرتها على استقبال وإرسال إشارات مختلفة، فإنها تظل في النهاية، مجرد أجهزة لإرسال واستقبال إشارات شبكات الإنترنت، ولا يوجد لها أي ميزة أو استخدام إضافي.
على الأقل، كان هكذا الوضع قبل أن تعمل مجموعة من الباحثين في جامعة كارنيغي ميلون من أجل تطوير تقنية تتيح استخدام أجهزة "الواي فاي" المنزلية لتتبع ومراقبة حركة البشر في الغرف عبر الحوائط، وذلك دون تركيب أي معدات إضافية باستخدام أجهزة توجيه متوفرة في كل منزل، ولكن كيف ذلك؟
الرؤية دون التقاط الصورتضافرت جهود العلماء في السنوات الأخيرة من أجل تحقيق مفهوم رؤية البشر ومراقبتهم دون استخدام كاميرات أو معدات باهظة، وذلك لأنها آلية تتيح للجهات المختلفة مراقبة الأفراد دون التطفل على خصوصيتهم بشكل مباشر، إذ يهدف هذا المفهوم في النهاية لمراقبة الأفعال دون مراقبة الشخص الذي يقوم بها أو حتى تصويره أثناء فعلها.
وبينما تصبح مثل هذه التقنيات متاحة عبر استخدام مستشعرات "ليدار" (LiDAR) الباهظة، فإنها غير عملية، كونها تتطلب تثبيت المستشعرات وأجهزة استقبالها في المكان الذي ترغب في مراقبته، وهو الأمر الذي يصعب تنفيذه بشكل واسع فضلا عن تكلفته.
لذا، سعى العلماء لتسخير إشارات الهواتف المحمولة من أجل هذا الغرض، وقد نجح فريق من جامعة "إم آي تي" (MIT) في ذلك عام 2013، إذ استخدام إشارات الهواتف المحمولة لمراقبة الأفراد عبر الحوائط، وفي عام 2018، تمكن فريق آخر من الجامعة ذاتها من استخدام إشارات "الواي فاي" لالتقاط حركة البشر ووضعهم على أشكال عصيّ متحركة لا تماثل الشخصيات البشرية.
وأخيرا جاء فريق جامعة كارنيغي ميلون بمشروعها الجديد، الذي تمكن من توليد أشكال بشرية تحاكي أشكال الأشخاص الموجودة خلف الحوائط والتقاط حركاتهم وتسجيلها عبر استخدام أجهزة التوجيه المنزلية، وهو ما يمثل قفزة عن آخر ما وصلت إليه فريق جامعة "إم آي تي" في السنوات الماضية.
جهاز استقبال منزلي (شترستوك) تقنيات متعددة لتحقيق غرض واحدكانت الجهود السابقة لتحقيق هذه الغاية تعتمد بشكل مباشر على تقنية بمفردها، أي أن التقاط الإشارات وإعادة ترجمتها يعتمد على تقنية واحدة، ولكن ما قام به فريق جامعة كارنيغي ميلون كان معتمدا بشكل أساسي على المزج بين عدة تقنيات من بينها الذكاء الاصطناعي للوصول إلى النتيجة النهائية الدقيقة.
في البدء، اعتمد الفريق على نظام يدعى "دينيسي بوز" (DensePose)، وهو نظام طوره فريق بحثي في لندن بالتعاون مع باحثي "فيسبوك" للذكاء الاصطناعي، ويهدف هذا النظام إلى تحويل كل نقطة في جسم الإنسان إلى "بيكسل" في صورة يمكن أن تتعرف عليها الحواسيب، وذلك من أجل تحسين دقة التعرف على أجزاء الجسم بشكل أساسي.
ثم طور الفريق شبكة عصبية حاسوبية عميقة قادرة على استشعار إشارات "الواي فاي" والأشياء التي تحجبها ومعدل الارتداد من الإشارات، فضلا عن معدل اختراقها للأسطح، لتعمل هذه التقنيات معا في النهاية وتتمكن من توليد صورة ثلاثية الأبعاد للجسد البشري دون عرض أي تفاصيل للشكل والوجه والجنس واللون وغيرها من الخصائص الفريدة لكل إنسان.
استطاع الفريق الوصول إلى هذه النتيجة عبر استخدام أجهزة توجيه "واي فاي" تعمل بهوائيات "1 دي" (1D)، وهي نوع بدائي من هوائيات توجيه "واي فاي"، وتحديدا اعتمد الفريق على زوج من أجهزة التوجيه الخاصة بشركة "تي بي لينك" (TP-Link) يكلف كلاهما 30 دولارا فقط، وذلك مقارنة مع أجهزة ومستشعرات "إل إي دي آر" (LiDAR) التي تبدأ تكلفتها من 700 دولار تقريبا.
ومن الجدير بالذكر أن الاعتماد على تقنية "دينسي بوز" أتاح للفريق التقاط حركات المستخدمين والبشر بشكل مكثف داخل الغرفة، بدلا من الاكتفاء فقط بتحديد أماكن الأشخاص والأشياء داخل الغرفة كما كان يحدث مع التقنيات السابقة.
استخدامات متعددةوضح الفريق في الورقة البحثية المنشورة في موقع الجامعة أن هذه التقنية لها استخدامات عديدة ومتنوعة، بدءا من مراقبة كبار السن والمرضى دون اقتحام خصوصيتهم في غرف المستشفيات وحتى تتبع واكتشاف الأنشطة المريبة والعنف المنزلي.
وأضاف الفريق أيضا أن هذه التقنية تحمي خصوصية الأفراد بشكل غير مسبوق، كونها لا تحتاج إلى التقاط صورة أو مقطع فيديو من أجل مراقبة الأفراد، مؤكدا أن هذه التقنية تحل محل تقنية "آر جي بي" (RGB) المنتشرة في العدسات والمستشعرات المختلفة.
وأشار الفريق أيضا إلى أن المعدات المستخدمة في التقنية رخيصة نسبيا ومنتشرة في كل منزل ولا تحتاج إلى تثبيت أي معدات أو مستشعرات خاصة، وهو ما يؤكد تفردها وسهولة استخدامها في مختلف الأماكن حول العالم.
مخاوف أمنيةرغم أن الفريق يرى مزايا عديدة في التقنية، فإن انتشارها يقوض من حرية وخصوصية الأفراد والمستخدمين، إذ يمكن الآن عبر هذه التقنية تتبع وجود أي شخص وتصرفاته داخل منزله وفي أكثر الأماكن حميمية، وذلك دون الحاجة لاختراق المنزل وتثبيت معدات أو أدوات مراقبة خاصة.
ويعني ذلك أن الشخص قد يكون مراقبا من قبل جهات خارجية أو شركات أخرى دون أن يدرك ذلك، ومع الحماية الضعيفة التي يتمتع بها أغلب أجهزة توجيه "واي فاي"، فضلا عن السلوكيات الأمنية الضعيفة للعديد من المستخدمين، يصبح كل جهاز "واي فاي" آلة مراقبة وتجسس مزروعة في كل منزل دون أن يشعر أحد بها.
من غير المعلوم إن كانت التقنية مطروحة للبيع أم لا، فضلا عن إمكانية استخدامها بشكل تجاري، ولكن من الأكيد أن السلطات الدولية والجهات الحقوقية الدولية لن تتركها تمر دون تشريعات وقوانين تنظمها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات استخدام أجهزة هذه التقنیة الوای فای فضلا عن وای فای من أجل
إقرأ أيضاً:
هل تغني مكالمات الواي فاي عن الشبكات التقليدية؟ المميزات والعيوب بالتفصيل
مع التطور السريع في تقنيات الاتصال، باتت مكالمات الواي فاي (Wi-Fi Calling) واحدة من أبرز الخدمات التي تعتمد على البنية التحتية الرقمية لتحسين تجربة المستخدمين في الاتصال.
هذه التقنية تتيح إجراء واستقبال المكالمات الهاتفية عبر شبكات الواي فاي بدلاً من شبكات الاتصالات التقليدية، ورغم مزاياها المتعددة، إلا أنها ليست خالية من العيوب، في هذا التقرير، نستعرض مميزات وعيوب هذه الخدمة وتأثيرها على تجربة المستخدمين.
مميزات مكالمات الواي فايتحسين جودة المكالمات في المناطق ضعيفة التغطية
في الأماكن التي تعاني من ضعف إشارة الشبكات الخلوية، مثل المباني ذات الجدران السميكة أو المناطق النائية، تتيح مكالمات الواي فاي إجراء اتصالات بجودة صوت واضحة واستقرار أعلى.
تكاليف منخفضة أثناء السفر الدولي
تساعد مكالمات الواي فاي المسافرين في تجنب تكاليف التجوال الدولي الباهظة، حيث يمكنهم إجراء المكالمات باستخدام شبكة الواي فاي المحلية دون الاعتماد على شبكات الهاتف المحمول.
تكامل مع الأجهزة المتعددة
يمكن استخدام مكالمات الواي فاي عبر الأجهزة المختلفة، مثل الهواتف الذكية، الأجهزة اللوحية، وحتى الحواسيب المحمولة، مما يتيح مرونة أكبر للمستخدمين.
سهولة التفعيل
الخدمة لا تتطلب تطبيقات إضافية أو أجهزة خاصة، إذ يمكن تفعيلها بسهولة عبر إعدادات الهاتف، ما يجعلها متاحة لمعظم المستخدمين.
تحسين تجربة الاتصال في الأماكن المغلقة
تساعد مكالمات الواي فاي في تحسين الاتصال في المكاتب، المنازل، أو الأماكن التي تعيق الجدران أو العوائق الأخرى وصول إشارات الشبكات التقليدية.
الاعتماد على جودة اتصال الإنترنت
تعتمد جودة المكالمات بشكل كبير على سرعة واستقرار اتصال الواي فاي، في حال كان الإنترنت بطيئًا أو غير مستقر، قد تتأثر جودة الصوت أو ينقطع الاتصال.
مشاكل التبديل بين الشبكات
عند الانتقال من شبكة الواي فاي إلى شبكة الهاتف المحمول أثناء المكالمة، قد يحدث انقطاع أو تأخير إذا لم يكن الهاتف يدعم التبديل السلس بين الشبكات.
استهلاك البيانات
على الرغم من أن الخدمة تقلل من استخدام شبكة المحمول، إلا أنها تستهلك بيانات الإنترنت المنزلية أو شبكة الواي فاي، مما قد يؤثر على باقات الإنترنت المحدودة.
عدم التوافر على جميع الأجهزة والشبكات
ليست جميع الأجهزة أو شبكات المحمول تدعم مكالمات الواي فاي، مما يحد من انتشار الخدمة بين المستخدمين.
مخاوف أمنية
الاتصال عبر شبكة الواي فاي قد يعرض المكالمات لخطر التجسس أو الاختراق إذا لم تكن الشبكة آمنة، خصوصًا في الأماكن العامة.
مع انتشار شبكات الواي فاي عالية السرعة وتطوير تقنيات الأمان، من المتوقع أن تصبح مكالمات الواي فاي أكثر شيوعًا، ومع ذلك، يتطلب تحسين تجربة المستخدم معالجة العيوب المرتبطة بالخدمة، مثل التبديل السلس بين الشبكات وتحسين الأمان.
مكالمات الواي فاي تمثل خطوة مهمة نحو تحسين تجربة الاتصالات في العصر الرقمي، خصوصًا في ظل تزايد الحاجة إلى حلول اتصال فعّالة وموثوقة، وبينما تقدم مميزات كبيرة مثل تحسين جودة المكالمات وخفض التكاليف، إلا أنها تحتاج إلى تجاوز التحديات التقنية لضمان تجربة سلسة وآمنة للمستخدمين.