ذكري تأسيس الحزب الشيوعي: وقفة للتقييم وتعلم دروس الماضي
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
تمر الذكرى ال 77 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني (16 أغسطس 1946 – 16 أغسطس 2023)، وهي مناسبة عزيزة على كل الشيوعيين، الحاليين والسابقين، والديمقراطيين، والذين تحالفوا مع الحزب الشيوعي، يوما ما، والوطنيين، الذين عرفوا معدن الحزب الشيوعي في الفضاء العام. وبقدر ما هي مناسبة احتفالية للاعتزاز بالمسيرة الطويلة، والنضال الشاق، والتضحيات الجسام.
هذا يوم خالد وسط الشيوعيين والماركسيين والاشتراكيين والديمقراطيين، وكل من يحسب نفسه في مواقع التقدم. فقد تصدت مجموعة من الشباب، في العشرينات من أعمارهم، لمهمة تاريخية ضخمة وهائلة أيضا. بلا سند من طائفة، أو قبيلة، أو بيوتات تجارية، ولم يملكوا غير ايمانهم بشعبهم، وضرورة النضال من اجل تحرره من الاستعمار، ومن أجل تقدمه ورفاهيته. تحركوا زرافات ووحدانا نحو مواقع العاملين، في مواقع كدحهم. ونجحوا في مساعدة تلك الفئات في تكوين نقاباتها واتحاداتها ومنظماتها. فقد كانوا، في الصفوف الامامية، لتأسيس نقابات العمال، واتحادات المزارعين، واتحادات الطلاب، ومنظمات الشباب والنساء والسلام، ومنظمات التضامن مع حركات التحرر الوطني. تميز أعضاء الحزب، في كل تلك التنظيمات، بنكران الذات، ونظافة اليد، وتقدم الصفوف في المعارك، والتعفف عند المغانم. وطيلة 77 عاما لم يسجل على الشيوعيين خيانة الأمانة أو استغلال النفوذ للثراء، الأمر الذي نال تقدير شعبنا.
قدم الشيوعيون تضحيات جسيمة، فقدموا ارواحهم فداء الوطن، وتحملوا ببسالة التعذيب في اقبية الدكتاتوريات العسكرية، وفقدوا وظائفهم واعمالهم، وتم محاصرتهم لمنعهم من سبل كسب العيش، بأعداد قوائم الحظر من التخديم. أختصر، وأقول بكامل الشجاعة، ان ما امضاه الشيوعيون في السجون، منذ تأسيس حزبهم، فاقت الالف عام بكثير. وما ذلك بكثير على شعب السودان.
مثل هذه الذكري، لحزب متميز ومصادم، لا يمكن ان تمر بدون وقفة مع الذات، ومع الحلفاء، ومع مجموع الشعب السوداني، لتقييم التجربة. فالحركة قانون أساسي في الطبيعة وفي المجتمع. ولا يوجد شيء ساكن وجامد. والتنظيمات الاجتماعية والسياسية هي في حالة حركة مستمرة، وهذه الحركة تولد التغيير، سواء التقدم للأمام، أو التراجع للخلف. وهنا نأتي للسؤال المحوري: خلال حركة الحزب الشيوعي، خلال اكثر من ثلاث ارباع قرن، اين تقدم وأين تراجع؟ ما هي أسباب ذلك التقدم ما هي سماته؟ أين حدث التراجع وما هي أسبابه؟ هل واكب برنامج الحزب التغييرات العاصفة التي هزت العالم، وأهمها الانهيار المدوي للاتحاد السوفيتي؟ ما هي الدروس التي خرج بها من تلك التجربة؟
وجد كتابي (هل يمكن تجديد الحزب الشيوعي السوداني؟)، الذي صدر في الذكري السبعين لتأسيس الحزب الشيوعي، قبولا جيدا من القراء. ولكن عدد من الرفاق استنكروا العنوان، واستغربوا لدعوة كتاب من خارج الحزب لتقييم تجربته. أعتقد انها كانت تجربة ناجحة، وأتمنى ان نصدر اسهامات مماثلة تشمل كافة القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
الآن، وعلى شرف الذكرى ال 77، أدعو لمواصلة الحوار العقلاني والجاد حول تجربة الحزب الشيوعي السوداني، وهل فعلا يحتاج لتجديد، وما هو التجديد المطلوب، وما هي آليات تحقيقه؟
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحزب الشیوعی
إقرأ أيضاً:
دروس أميركية ورسائل أوروبية لترامب في افتتاح مؤتمر ميونخ
انطلقت أعمال الدورة الـ61 لمؤتمر ميونخ للأمن، اليوم الجمعة، وشهدت الجلسة الافتتاحية توجيه رسائل أوروبية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، في حين بدا نائبه جيه دي فانس وكأنه يوجه "دورسا" لأوروبا وطالبها بتحمل المزيد من المسؤولية عن أمنها.
ويشارك أكثر من 800 ضيف في مؤتمر ميونخ الذي يستمر حتى بعد غد الأحد، بينهم قادة ورؤساء حكومات وكبار مديري شركات عالمية، لا سيما شركات الدفاع، بالإضافة إلى أكاديميين وممثلين عن منظمات غير حكومية.
وفي كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وقوف أوروبا إلى جانب أوكرانيا "لتحقيق سلام عادل ودائم مع ضمانات أمنية قوية"، وتعهدت بالعمل على تسريع انضمام كييف إلى الاتحاد الأوروبي، وقالت إن "مستقبل أوكرانيا مع الأسرة الأوروبية".
وطالبت فون دير لاين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن يثبت أنه "تخلى عن طموحاته بتدمير أوكرانيا"، وجاء ذلك بعد حديث ترامب عن اتفاقه في اتصال مع بوتين على بدء محادثات السلام من أجل أوكرانيا قريبا وتبادل الزيارات الودية. كذلك، أشارت الإدارة الأميركية إلى أنه سيتعيّن على أوكرانيا التخلي عن أراض لصالح روسيا، وأن انضمام كييف إلى الناتو هو أمر "غير عملي".
إعلانوحذرت فون دير لاين من الدخول في "سباق عالمي بحرب الرسوم الجمركية"، في إشارة إلى خطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرض الرسوم، وأكدت أن استهداف أوروبا بالرسوم "لن يمر مرور الكرام"، وتعهدت بالرد بالمثل.
من جانبه، قال جيه دي فانس إن هناك إمكانية "لتحقيق تسوية معقولة بين أوكرانيا وروسيا"، وأكد أن الإدارة الأميركية لديها الكثير من المخاوف بشأن الأمن الأوروبي، واعتبر أن "توجه الدول الأوروبية إلى زيادة إنفاقها العسكري أمر رائع".
وقدم دي فانس مجموعة من الطلبات لأوروبا تضمنت دعوة لاتخاذ "قرارات صعبة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية" واعتماد "العملية الديمقراطية لحل المشاكل التي تواجهونها" وانتقادا لـ"تراجع حرية التعبير في بعض الدول الأوروبية"، وحث المسؤولين الأوروبيين على وقف الهجرة غير النظامية، وقال إن الناخبين لا يريدون فتح "البوابات" أمام الملايين.
فانس وشتاينمايروقبل انطلاق المؤتمر، التقى جيه دي فانس الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، وقال إنه والرئيس ترامب "على قناعة راسخة بأن أوروبا بالطبع حليف مهم للغاية للولايات المتحدة"، مضيفا أنه من المهم أيضا إدراك أن "على أوروبا أن تضطلع في المستقبل بدور أكبر في أمنها".
من جانبه، أكد شتاينماير ضرورة فتح فصل جديد في العلاقات الألمانية- الأميركية، وقال "يتعين علينا الاستمرار في تحمل المسؤولية عن أمننا المشترك".
ومن المقرر أن يجتمع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بنائب الرئيس الأميركي في وقت لاحق اليوم، وتخشى الجهات الأوروبية الداعمة لكييف من أن يجبر ترامب أوكرانيا على الدخول في اتفاق سلام سيئ من شأنه أن يقوي الرئيس الروسي قرب حدود أوروبا.
وأفاد ترامب الخميس بأن "شخصيات عالية المستوى" من موسكو وكييف وواشنطن ستجتمع في ميونخ الجمعة، لكن الرئاسة الأوكرانية أشارت إلى أنها لا تتوقع المشاركة في محادثات مع مسؤولين روس، وأوضحت أنه "حاليا، لا يوجد أي أمر مطروح على الطاولة".
إعلانويبحث مؤتمر ميونخ عددا من القضايا، بينها الحرب الروسية الأوكرانية، والتوتر في الشرق الأوسط، والإنفاق الدفاعي، كما يركز على العلاقات بين الغرب والصين، وتوترات التجارة العالمية، والصراعات في السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأزمات المناخ، والأمن الغذائي والطاقة، والذكاء الاصطناعي وتنظيم التكنولوجيا.
ويشهد المؤتمر نحو 350 جلسة بشأن زيادة الإنفاق الدفاعي في حلف شمال الأطلسي، والحوكمة العالمية، والأمن العالمي، والمرونة الديمقراطية، والمناخ.