إعلاميو وقادة الجيش وأكبر تزوير للحقائق في تاريخ السودان
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
تحولت الحرب في السودان من معركة مشاة ضد مشاة إلى معركة إعلامية ضد قوات الدعم السريع المسيطرة على العاصمة. وهذا الحال البائس لمؤيدي الحرب الواقفين مع جيشهم الهمام قد أصاب المشهد السياسي بأكبر ضرر. فمعظم الرأي العام تمت سواقته بالخلا في أضخم مجهود حربي إعلامي ظلامي لتشويه الحقائق من أجل إخفاء دور الكيزان في شن الحرب وتأجيجها.
الكوز الدرديري الذي كان آخر وزير خارجية وهو المسيري الذي مثل القبيلة في تحكيم أبيي بدأ مقالا ضد أهله الماهرية فقال في سطره الأول إن "الانتصارات العظيمة التي حققها الجيش على الدعم السريع...الخ". لم أواصل قراءة بقية مقاله فضحكت لهذا الكوز الكذاب الذي كان يحرس وزارته جنود الدعم السريع ولم ينبس حينذاك ببنت شفة حول تغريبتهم التي نكدت بحاله، ومثل الدرديري المنافق كثيرون يهدفون إلى لي عنق الحقيقة.
قناة الجزيرة المنحازة للجيش، لأن حميدتي مدعوم من الإمارات، تستضيف كل يوم الصحفي ضياء الدين البلال ليطمئن الحيارى المساكين من مؤيدي الجيش بأن النصر آتٍ. ضياء لعلاقة مصالحه مع الكيزان صار متحدثاً باسم الجيش بدل أن يكون محايداً ليقدم الحقيقة للمشاهدين.
نموذج ضياء كثير بداية بحسن طرحة، وعادل الباز، ومحمد محمد خير، ومزمل أبو القاسم وهؤلاء ينسقون مع اللايفجاية في موضوع سواقة الناس بالخلا ومع ذلك لم يتقدم الجيش قيد أنملة منذ لحظة اعتقال مفتشه العام في أول يوم للحرب.
في مقابل هؤلاء الإعلاميين المفترض فيهم مراعاة ضمائرهم إن لم تكن المهنية أصبح الانصرافي والبعشوم والفاتنة الفتانة عائشة الماجدي ورشان اوشي أبواقا لتزييف الحقائق، وما على الواقفين مع الجيش سوى الحصول على المساواة النفسية عند هؤلاء المتواطئين مع الكيزان. ولكن حين يسمع أو يرى المؤيدون للحرب الوقائع المختلفة لحالة الحرب الافتراضية في الفيسبوك يغبون المعرفة حتى يقوم ضياء، وقناة طيبة، والانصرافي في اليوم التالي بغسل أدمغتهم مرة ثانية من وقائع الحرب الحقيقية التي ينقلها جنود الدعم السريع في لايفاتهم العاجلة، وهي توضح صورة وصوت سيطرة جيش حميدتي على كل الخرطوم ما عدا الأسلحة الثلاثة للجيش، وهي الأخرى محاصرة مثل حصار خرج أيام الحرب العراقية الإيرانية.
الأكاذيب الكثيرة لمؤيدي الحرب التي بدأت من أول يوم منعت الجيش من الدعم الشعبي للمخمومين وضللته من الاستنجاد بالراغبين في صفوفه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وعندما فطن الجيش لهذا الموضوع بعد سقوط مقاره ومحاصرة قائده دعا للاستنفار ولكن أصبح الدعامة على وشك الاستيلاء على سلاح المدرعات والمهندسين ووادي سيدنا وإعلان الخرطوم محررة من جيش الكيزان.
عندما شاهدت أبناء أهلي البسطاء في المسيكتاب وشندي وبربر يتدربون على الجري وحمل السلاح وبقية المطلوبات العسكرية للإعداد لمعارك ضد الدعم السريع بكيت بحرقة وألم. والسبب هو أنهم سيكونون وقود للحرب ولا ناقة ولا جمل لهم فيها بينما أبناء الكيزان فرحون في رواندا يتحدثون بإنجليزية المولود في بريطانيا بعد أن ألحقهم الكوز الفاسد مأمون حميدة بجامعة ررواندية.
وحالاً أدركت بعد هذا الاهتمام الطبقي بأبناء الذوات الكيزانية أنها هي لله بالنسبة لأبناء السودان المستنفرين المساكين، وهي للجاه لأبناء الكيزان الذي يرعاهم المجاهد الطبيب في جمع المال. وقبل أيام قرأت أنه تم تفويج خمسة وأربعين طالبا من أبناء الكيزان والانتهازيين عبر بورتسودان ولا أدري هل حرر لهم الكوز الوزير جبريل خطابات إلى بنك السودان لدعمهم بالدولار أم اليورو؟.
الحقيقة المرة التي يجب أن يسمعها المغرر بهم هي أن ترسانة الكيزان الإعلامية حولت الحرب التي شنوها بهدف الرجوع السلطة إلى مهزلة وطنية وقع في فخاخها مثقفون أمثال عشاري ومحمد جلال ورئيس قسم الاخبار في قناة العربية وبركة ساكن الذي سحب تأييده للجيش والحرب بعد هزيمة الكيزان على يد شباب الدعم السريع وبالتالي لم يجد الكيزان سوى قحت ليحملوها مسؤولية فشلهم لإعادة المشروع الحضاري.
السودانيون يعايشون الآن أكبر خداع كيزاني في تاريخهم بعد هزيمة جيشهم الذي وقع فريسة لمليشيا قام الكيزان بتقنينها في زمن البشير وحررها البرهان من المادة الخامسة فصار حميدتي رئيسا موازيا في موازاة البرهان الذي أتى به ليحميه من كيزان الجيش. وخلافا لما قال البرهان حفر الكيزان بالإبرة لضرب علاقة الرجلين ولما تمكنوا من فتنتهما دخلوا الحرب داعمين إعلاميا وعسكريا بكتائب الظل والبراء ولكن اتضح أن هذه الكتائب تضم أيضاً المغرر بهم وليس أبناء زمقان أو صلاح كوش أو كرتي أو أسامة عبدالله أو الشيخ المنافق عبد الحي يوسف. إنه "الشيخ" الذي احتال بلحيته والفتيا وحصل من مال الشعب السوداني على خمسة ملايين دولار حيث أنشأ بها قناة طيبة البلبوسية في تركيا. ومن سخرية القدر ويا لعجبي شاهدت عبد الحي ينحني أمام أردوغان الحامي الأكبر للعلمانية ويطالبه بالوقوف بجانب الشعب السوداني، وهو في داخله يقصد تنظيمه الذي ما وجد ملاذا آمنا مثل تركيا.
فقادة الكيزان بعد أن راجعوا حسابات الحرب على الأرض قرروا ادخار القوة والإبقاء على تغبيش وعي الناس وتحميل المسؤولية مرة على قحت، وفي ذات الوقت يبحث مؤيدو الجيش عن كباش فداء آخرين. فتارة يلقون باللوم على ياسر عرمان ومحمد الفكي وخالد سلك. ومرات يقولون بوجود مؤامرة داخل قادة الجيش من أبناء غرب السودان ثم يخلقون عدوا خارجيا يرون أنه جاء من تشاد والنيجر. ومرات يلمح ياسر العطا بجبنه المعهود لمحمد بن زايد بأنه هو السبب حتى إن الانصاري الحارث الذي إعاد إنتاجه الكيزان وجعلوه حاملا لأوساخهم فشل في الإجابة على الصحفية فقال لها: "أرسلي لي في الخاص حتى أخبرك باسم الدولة التي تتآمر على السودان" وهو يقصد في داخله الإمارات نفسها التي سارع البرهان بتعزية قادتها في مصابهم.
بعد هزيمة الجيش الواضحة للعيان لن يهدأ الكيزان حتى يروا الحرب القبلية كاملة الدسم وقد سيطرت على البلاد وجعلت مدنها وقراها رماداً. ولذلك نحث دعاة لا للحرب على تفويت الفرصة لهذا التجييش القبلي الكيزاني وردة فعله بالنسبة بحواضن الدعم السريع والا يصمت ثوار ديسمبر نتيجة لحملات التخوين الكيزانية والابتزاز باسم الوطنية والتشويش على حقائق الحرب التي أنفقوا فيها ملايين الدولارات.
نسيت أن أرسل تحياتي لأشرس السودانيين وأشرفهم الذين حاربوا الكيزان وحاولوا اغتيالهم شخصياتهم الرمزية ودون ترتيب هم: محمد الفكي وياسر عرمان وخالد سلك وماهر الجوخ وصلاح مناع وهناك كثيرون.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
ماذا تبقى في جعبة الجيش السوداني والحركة الإسلامية من خيارات لتفادي خسارة الحرب؟
كتب إبراهيم سليمان
منذ استيلائهم على السلطة بقوة السلاح في يونيو 89، أصبح الجيش السوداني والحركة الإسلامية، سيان، يكملان بعضهما البعض، لتحقيق غاية واحدة، ألا وهي الاستئثار بالسلطة والثروة والحفاظ عليهما بكافة السبل وكيفما اتفق، غض النظر عن التكلفة الأخلاقية والوطنية والإنسانية. سولت لهم أنفسهم في أبريل 2023م بأنه بإمكانهم، بضربة خاطفة، تدمير قوات الدعم السريع، وإبادتها، لقطع الطريق إمام مشروع الاتفاق الإطاري، واستعادة السلطة التي انتزعت منهم في أبريل 2019م، بمساندة قهرية ومعنوية مقدرة من قوات الدعم السريع.
يبدو أن سهولة نجاح انقلابهم في يونيو 89، جعلهم يستمرؤون المغامرات، ظانين أنهم يحتكرون "الرجالة" والشهامة والإقدام، وليس بمقدور أحد أن يقف في وجوه كتائبهم المتطرفة "ودبابيهم" الأصولية، لكن أثبتت لهم الأيام أن تقديراتهم خاطئة، وليست كافة الطيور عصافير وادعة، وإنما هنالك جوارح كاسرة، لحومها أمرّ من الحنظل.
يقول المثل، من يوقد نار الفتنة، يتدفأ بها، فالجيش السوداني، الذي يحمل بندقية الحركة الإسلامية، ليرهب بها الشعب السوداني، ويستخدمها في قهر الإرادة الشعبية، امتثلاً لقرار إشعال الحرب المتخذ من قبل كتائب الإسلاميين المتعطشة لإراقة الدماء، حفاظاً على الامتيازات الخرافية لقياداتها، وتنفيذا لالتزامهم التنظيمي في الخطأ والصواب، وفي المنشط والمكره.
منذ الوهلة الأولى لاندلاع الحرب، تبيّن للجيش السوداني، والحركة الإسلامية، فضاحة خطأهم، وبدلاً عن الجنوح للسلم، والجلوس للتفاوض لتدارك ذلك الخطأ المميت، طفقوا يهربون إلى الإمام، بتجريب الخيارات المطروحة أمامهم ميدانياً، لوقف وتيرة الهزائم المتصاعدة لقواتهم على كافة الجبهات، بدأوا باستدعاء المعاشيين من القوات النظامية، والكتائب غير النظامية، والمليشيات الشعبية، ولم ينتظروا حصيلة تلك النداءات العاجلة، فاعلنوا استنفاراً شامل للمواطن السوداني، مستهدفين شباب الحركة الإسلامية، ثم عرجوا إلى شراء بنادق الحركات المسلحة، التي تتاجر في الحرب، ولما لم يجدي كافة هذه الخيارات نفعا، فتحوا مخازن الأسلحة لتسليح أي مواطن يرغب في حمل السلاح، فشلت كافة هذه الخيارات التي طرحت تحت الفرية التي اطلقوا عليها "حرب الكرامة" في وقف تقدم وتمدد قوات الدعم السريع في ولايات السودان، والولاية تلو الأخرى.
في غضون ذلك استعانوا بسلاح الجو المصري، لضرب حواضن قوات الدعم السريع في غرب السودان، في استهداف جهوي غير مسؤول، في محاولة يائسة لتركيعها وإرعاب حواضنها، وأخيراً استعانوا بالرئيس الأريتيري أسايس أفورقي، لتدريب وتسليح الأورطة الشرقية، التي تشكلت حديثاً عوضاً لفشل لما عرفت "بالمشتركة" من قوات الحركات المسلحة الدارفورية، التي تورطت في وقوفها مع الجيش، للمساعدة في عودة حزب المؤتمر الوطني لسدة الحكم. هذا بالإضافة إلى استجداء السند الروسي، والتملق للدعم الإيراني والتركي والقطري.
أمنياً مارست استخبارات الجيش السوداني، أبشع أنواع التنكيل جماعياً وفردياً على هويات المكونات المحسوبة افتراضاً على قوات الدعم السريع، فذبحوا أبرياء من الوريد إلى الوريد ذبح الخراف على الهوية، وبخروا البطون، ولاكوا الأكباد، وعقدوا محاكم التفتيش ونصلوا المشانق بالشبهات، وسمموا موارد مياه الشرف، ولم يتركوا شنيعة أو موبقة لم يرتكبوها كمحاولة يائسة لترهيب المواطن السوداني من الوقوف مع قوات الدعم السريع، ومساندتها.
شككوا في سودانية منسوبي قوات الدعم السريع، ووصفوهم بعرب الشتات، وأنهم مرتزقة، ولم يزدهم ذلك إلا إصرارا على البسالة والإقدام.
اتهموا دولة الإمارات العربية المتّحدة أنها تساند قوات الدعم السريع، وأنها تسعى لحرق السودان، وتخطط لتدمير مقدراتها، وصدعوا رؤوس عضوية مجلس الأمن بالشكاوى المتكررة والمتشنجة، مطالبين بالتحقيق في مزاعمهم السطحية، وملتمسين وصم قوات الدعم السريع بالإرهاب، وكانت حصيلتهم الدبلوماسية، عبارة صفر كبيرة. وظل الفريق البرهان، يرقع في حكومته الانقلابية غير الشرعية، المرة تلو المرة، ولكن يبدو أن الرتق قد اتسع على الراتق، وأخيراً ترك للمخابرات المصرية، اختيار وزير خارجية حكومة بورتسودان النازحة، من بين الدبلوماسيين السودانيين، فاختارت العجب العجاب، الذي يسعى بوتيرة حثيثة لإشعال حرب سودانية أثيوبية بالوكالة عن فرعون مصر!
لوحوا بالفصل وأومأوا بالانفصال، وعزموا على عقد امتحانات الشهادة السودانية مستثنين مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، ولوحوا بتغير العملة، وحظروا الحصول على جوازات السفر أو تجديدها على مكونات سودانية بعينها في كل دول العالم، وقطعوا خدمات الاتصالات وشبكات النت عن غرب السودان، واستجدوا الاحتلال المصري، لإنقاذ دولة ــ 56 التي تبقي السودان كحديقة خلفية وارفة لمصر، ولا يزال فرعون مصر، يتثاءب من هذا الطلب، ولم يكلف نفسه، مواراة تثائبه، أو أن يخفي تثاقله من هذا الخيار، الذي لا يحتمل مجرد الهظار.
ماذا تبقى في جعبتهم، ليخرجوه أملاً في حسم الحرب لصالحهم؟
لا شيء سواء استخدام السلاح الكيماوي، إن تمكنوا من الحصول عليه حصرياً، قبل تحرير الفاشر، والذي يعتبر بداية النهاية لدولةــ 56 المحتضرة، وهي مسألة وقت لا أكثر.
ebraheemsu@gmail.com
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 176//