خفايا اغتيال محمد عفيف.. سوريا أوّل المُستهدفين
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
الضربةُ الإسرائيليَّة التي طالت رأس النبع وأودت بحياة مسؤول العلاقات الإعلاميّة في "حزب الله" محمد عفيف لا تحملُ رسالة إلى الحزب فحسب بل تشملُ أيضاً سوريا بشكل مُباشر.
في الواقع، كان الاستهداف مزودجاً، فمع استهداف إسرائيل لعفيف، كانت الضربة مُركّزة أيضاً باتجاه حزب البعث العربي الإشتراكي الذي يُمثّل سوريا في لبنان، فالمركز الذي استشهد عفيف داخله يعود للحزب ما يعني أنّ الغارة طالت الأخير أيضاً.
هذه المرة الأولى التي يُستهدف فيها مقرٌّ لـ"حزب البعث" في لبنان خلال الحرب الحالية، في حين أنّ الخطوة نفسها لم يسبق أن حصلت أيضاً في سوريا.. فما دلالاتها؟
تقول مصادر معنيّة بالشأن العسكريّ لـ"لبنان24" إنّ قصف "البعث" في لبنان يشير إلى أنّ "حلفاء حزب الله" دخلوا أيضاً على خطّ الإستهداف، فالأمرُ لم يعد مُقتصراً على الحركات والجهات التي شاركت بالقتال مع "حزب الله"، بل بات يشملُ أيضاً "حلفاء السياسة والمحور" كـ"البعث".
لهذا السبب، تُرجح المصادر أن تدخل هذه الأطراف دائرة الخطر الفعليّ إن قرّرت إسرائيل حقاً توسيع هجماتها ضدّ لبنان في حال فشل مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل. عملياً، فإنّ حلفاء الحزب يستشعرون الخطر، وتقولُ المعلومات إن تدابير عديدة تمّ اتخاذها على صعيد العديد من الأطراف الحليفة له، بهدف تجنّب الإستهدافات الإسرائيلية المباغتة.
أمام كل ذلك، فإنَّ لجوء عفيف إلى مركز "البعث" لا يعتبر "الحدث"، وفق المصادر، باعتبار أنَّ الأخير كان يتردّدُ إلى المكان دائماً، وغالباً ما كان يعقد اجتماعات هناك انطلاقاً من دوره الإعلاميّ.
لكن في المقابل، فإنّ المسألة الأكثر إثارة للتساؤلات ترتبط بما صرّح به أمين عام حزب البعث علي حجازي عن أن هناك شخصاً سوري الجنسية يُدعى أحمد الجاسم، جرى توقيفه بتهمة تصوير مراكز لـ"البعث"، في حين أن الجيش، الذي أوقف السوري، لم يُحذر الحزب من الأمر، كما قال حجازي.
هنا، تُطرح تساؤلات فعلية عن حقيقة هذا الأمر لاسيما أنه لم يصدر أي تعليق بإطاره من أي جهة معنية، في حين أنّ الأنظار تحومُ حول تاريخ تبلغ قيادة "البعث" بأمر الجاسم وعن الإجراءات التي تم اتخاذها للحماية أقله على صعيد عفيف الذي كان معروفاً بتردّده إلى هناك.
في هذا الإطار، تسألُ مصادر مطلعة: "إن كان البعث قد تلقى إشارات بشأن الجاسم، فما هي الإجراءات التي اتخذها في ظل الحرب؟ وقائياً، الحماية مطلوبة إلا إذا كانت مسألة الجاسم غير محسومة وغير مُثبتة ومرتبطة بتكهنات حتى إثبات العكس".
وبمعزلٍ عن هذا الأمر، يبقى الأساس من استهداف "البعث" هو مُحاكاة إسرائيل لسوريا بلغة النار وبخطابٍ القصف، فاستهداف حزبٍ يمثلها في لبنان لا يعني إلا استهدافاً لها، وقد تزامن ذلك مع نداءات إسرائيلية تهدف للضغط على سوريا ودمشق بهدف قطع خطوط الإمداد مع "حزب الله" عبر أراضيها.
الأمور هذه برمّتها تؤكد أن إسرائيل باتت تُوسّع استهدافاتها باتجاه سوريا انطلاقاً من لبنان، فالمسألة الآن لم تعد مرتبطة باستغلال أجواء لبنان للقصف بل يتصلُ أيضاً بضرب نفوذ دمشق في لبنان ناهيك عن إستهداف الحزب ضمن مراكز حزبية لأطراف مؤيدة له.
ما يتبين أيضاً هو أن عملية رأس النبع لا تُوحي فقط باستهداف بل تؤسس لـ"شرخٍ أو تذبذب في العلاقة" بين الحزب وحلفائه وذلك لكي يبتعد عن الأماكن المتصلة بهم خوفاً من أن تكون مخروقة أو أن يتم تسريب معلومات عنها تؤدي إلى اغتيالات جديدة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله فی لبنان
إقرأ أيضاً:
تقرير أمريكي: حزب الله أداة استراتيجية لطهران على حساب سيادة لبنان
ذكر معهد المجلس الأطلنطي الأمريكي أن حزب الله تطور خلال العقود الأربعة الماضية من ميليشيا لبنانية محلية إلى منظمة عسكرية وسياسية تعمل كذراع لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
ورغم ادعائه الدفاع عن السيادة اللبنانية، فإن الحزب يُظهر ولاءً راسخًا للمرشد الأعلى الإيراني، وهو ما ينعكس سلبًا على أمن لبنان واستقراره، وفقًا لتقرير المعهد.
وتشير وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن إيران تموّل حزب الله بنحو 700 مليون دولار سنويًا، تُخصص للأسلحة والعمليات والخدمات الاجتماعية. كما تتولى قوة القدس تدريب عناصر الحزب، وفق مركز كارنيجي.
وفيما تؤكد وثيقة تأسيس حزب الله (1985) الولاء المطلق للمرشد الإيراني بموجب "ولاية الفقيه"، يبرز التزام أيديولوجي يجعل مصالح طهران أولوية على حساب لبنان، حسب التقرير.
ووسع الحزب عملياته خارج الحدود اللبنانية، حيث أرسل آلاف المقاتلين إلى سوريا لدعم نظام الأسد، وشارك في العراق واليمن عبر تدريب ودعم الميليشيات الشيعية والحوثيين، حسب وزارة الخزانة الأمريكية.
إلى جانب العمل العسكري، يدير الحزب شبكات دولية لغسيل الأموال وتهريب المخدرات، ويُتهم بالضلوع في تفجيرات إرهابية أبرزها هجوم آميا بالأرجنتين عام 1994، حسب المركز الوطني الأمريكي لمكافحة الإرهاب.
هذا الدور، حسب المعهد، جعل لبنان يدفع أثمانًا باهظة، بدءًا من حرب 2006 التي أدت لمقتل أكثر من 1200 لبناني وخسائر بلغت 2.8 مليار دولار، مرورًا بـ الشلل السياسي نتيجة هيمنة الحزب على المؤسسات، وانتهاءً بعقوبات مالية أضرت بالاقتصاد، كما ورد في تقارير مجموعة الأزمات الدولية وفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية.
ورغم هذه السيطرة، تتزايد الانتقادات داخل لبنان، حتى من بعض المثقفين الشيعة. وكتب لقمان سليم، الذي اغتيل عام 2021، أن "حزب الله بات جيشًا أجنبيًا تابعًا لقوة إقليمية".
وختم المعهد بأن حزب الله تجاوز كونه لاعبًا محليًا، ليغدو جزءًا من استراتيجية إيرانية توسعية، تقوّض سيادة لبنان وتجره إلى صراعات إقليمية.