كيف تتحرّك علاقات موسكو وطهران؟
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
قال الكاتب والمحلل السياسي جوزيف إبستاين، إن السياسة الخارجية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترتكز على البراغماتية وليس الولاء الأيديولوجي أو التحالفات الراسخة، وهذا ما يفسر التحولات الأخيرة في التحالفات الروسية واستعدادها لإعادة تشكيل العلاقات حتى مع شركاء قدامى على شاكلة إيران.
أرجأت روسيا تسليم أسلحة متقدمة إلى إيران
وأوضح إبستاين، زميل معهد يوركتاون في واشنطن ومدير الشؤون التشريعية في مؤسسة الحقيقة في الشرق الأوسط EMET، في مقاله بموقع مجلة "نيوزويك" الأمريكية أن العقيدة السياسية لبوتين، التي تشكلت من خلال تدريبه على رياضة الجودو، تقدر المرونة، مشيراً إلى أن هذا المبدأ أثر في قدرة روسيا على إعادة تنظيم علاقاتها الدولية بسرعة.
واستشهد الكاتب بالتحالف الذي دام 30 عاماً مع أرمينيا، ورغم ذلك امتنعت روسيا عن مد يد العون إليها عندما استعادت أذربيجان إقليم ناغورنو قره باغ. وبالمثل، تحولت موسكو نحو العداء مع إسرائيل بعد عقود من التعاون.
Russia Would Sell Out Iran in a Heartbeat | Opinion https://t.co/R1FJ5P1uNx
— Newsweek Opinion (@NewsweekOpinion) November 18, 2024ورأى الكاتب أن هذه التغييرات تظهر استعداد روسيا لإعطاء الأولوية لمصالحها على التحالفات التاريخية.
التعاون والتباعدرغم قيام كل من روسيا وإيران بتعزيز شراكتهما مؤخراً عبر صفقات تبادل الأسلحة، وربط الأنظمة المصرفية للالتفاف على العقوبات الغربية، والتخطيط لمعاهدة استراتيجية، يلاحظ إبستاين أن تعاونهما يتسم بتوترات كبيرة، خاصة في سوريا. فقد دعمت الدولتان الحكومة السورية خلال الحرب الأهلية، لكن أهدافهما تختلف اختلافاً جوهرياً.
ففي حين تسعى روسيا إلى الاستقرار والسيطرة على سوريا باعتبارها تابعة إقليمياً لها، تستخدم إيران سوريا كقاعدة لمواصلة صراعها مع إسرائيل.
وقبل حرب أوكرانيا في عام 2022، كانت روسيا تتمتع بنفوذ مهيمن في سوريا، حيث كانت أنظمة صواريخ إس-400 تسيطر فعلياً على المجال الجوي. وسمحت هذه الهيمنة لموسكو بموازنة علاقاتها مع كل من إيران وإسرائيل، فتارة تسمح بتهريب أسلحة إيرانية لسوريا وتارة أخرى تغض الطرف عن الضربات الإسرائيلية. ومع ذلك، يقول الكاتب، إن تركيز روسيا على حرب أوكرانيا أضعف وجودها في سوريا، مما مكن إيران من ملء الفراغ مؤقتاً.
التحولات الديناميكية في سورياعلى مدى العام الماضي، أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى إضعاف وكيل إيران، حزب الله، بشكل كبير، وبالتالي تقليص نفوذ إيران في سوريا وتعزيز موقف روسيا بشكل غير مباشر.
وأشار الكاتب إلى أن موسكو اتخذت مؤخراً تدابير لتقليص وكلاء إيران، مثل منع عملياتهم في جنوب سوريا والامتناع عن تفعيل دفاعاتها الجوية أثناء الضربات الإسرائيلية. ويؤكد هذا الصدام في المصالح على الطبيعة الهشة للتحالف الروسي الإيراني.
وتجنبت إسرائيل، التي تدرك موقف روسيا البراغماتي، الإجراءات التي قد تستفز موسكو، مثل توريد الأسلحة إلى أوكرانيا.
ولفت الكاتب النظر إلى أن هذا الضبط سمح لإسرائيل بالحفاظ على درجة معينة من التعاون مع روسيا، وخاصة فيما يتعلق بسوريا.
'It’s getting harder and harder ... within six months you basically won’t be able to do anything. The logical endpoint of this is turning Russia into Iran,' said a senior Russian investor, referring to strict financial sanctions against Tehran https://t.co/ivZdAnIlL6 pic.twitter.com/qBBTLGjG57
— Financial Times (@FT) May 6, 2024على سبيل المثال، أرجأت روسيا تسليم أسلحة متقدمة إلى إيران، مثل مقاتلات سو-35 وأنظمة صواريخ إس-400؛ وهي المعدات التي قد تعزز القدرة العسكرية الإيرانية وتعطل التوازن الإقليمي.
وأوضح الكاتب أن تردد روسيا يأتي في إطار قرار استراتيجي لمنع إيران من اكتساب نفوذ مفرط، وهو ما قد يقوض قدرة موسكو على السيطرة على مناطق رئيسة. علاوة على ذلك، فإن نشر مثل هذه الأنظمة ضد إسرائيل قد يكشف عن نقاط ضعفها، مما قد يعرض التكنولوجيا العسكرية الروسية للخطر إذا تم تقاسم هذه النقاط الضعيفة مع الولايات المتحدة.
وسلط إبستاين الضوء على منطقة أخرى من التوتر بين روسيا وإيران، وهي جنوب القوقاز. وأثار اهتمام روسيا بإنشاء ممر عبر أرمينيا لربط أذربيجان بإقليم نخجوان انتقادات حادة من إيران، التي تنظر إلى هذا باعتباره تهديداً لمكانتها الجيوسياسية.
وتعكس مثل هذه النزاعات الهشاشة الأوسع للشراكة الروسية الإيرانية، حيث تجد الدولتان نفسيهما في كثير من الأحيان على خلاف في مناطق ذات مصلحة مشتركة.
وأوضح الكاتب أن تصرفات روسيا، بدءاً من مناوراتها في سوريا إلى جنوب القوقاز، تهدف إلى التوسع والرغبة في تعظيم النفوذ العالمي.
وعلى النقيض من الاتحاد السوفييتي، الذي كان مقيداً بالتزامات أيديولوجية، تعمل روسيا ببراغماتية جامحة. وتسمح هذه الانتهازية لموسكو بإعادة تموضعها بسرعة استجابة للظروف المتغيرة.
وبرهن إبستاين على ذلك مشيراً إلى الاستخدام المحتمل لروسيا لنفوذها في سوريا لتأمين تنازلات في مفاوضات السلام بشأن الحرب الأوكرانية؛ فقد تضع روسيا نفسها كوسيط، من خلال الحد من شحنات الأسلحة الإيرانية عبر سوريا، وبالتالي تكتسب تأييد القوى الغربية أو تعزز قوتها التفاوضية.
تدرك إيران الطبيعة التبادلية لعلاقتها مع روسيا. وكما أشار السفير الإيراني مهدي سبحاني مؤخراً، "نحن لسنا حلفاء. لدينا بعض الاختلافات، ولدينا بعض المصالح المتبادلة".
ورأى إبستاين أن هذا الاعتراف يعكس فهم إيران بأن روسيا لن تتردد في التخلي عن الشراكة إذا كانت تخدم طموحات موسكو الأوسع.
من هنا يؤكد الكاتب أن علاقة روسيا بإيران علاقة مصلحة وليست تحالفاً، مشيراً إلى أن النهج الانتهازي لروسيا يظل سمة مميزة لسياستها الخارجية في عهد بوتين سواء في سوريا أو القوقاز أو ديناميكيات الشرق الأوسط الأوسع، وأن المسؤولين في إيران يدركون حقيقة تلك الشراكة المحفوفة بالمخاطر، وهو ما يجعلها شراكة قابلة للانفصام عندما تحين الفرصة لأحد الطرفين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية لبوتين روسيا إيران سوريا إسرائيل حرب أوكرانيا حزب الله الحرب الأوكرانية أوكرانيا روسيا بوتين إيران سوريا إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الکاتب أن فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
قطر وبريطانيا تدعوان لوقف النار بغزة وتشيدان بمحادثات واشنطن وطهران
دعت قطر وبريطانيا إلى "وقف فوري" لإطلاق النار في قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، وأعلنتا دعمهما لمباحثات الملف النووي الإيراني بين واشنطن وطهران.
جاء ذلك في بيان مشترك نشرته الخارجية القطرية، الثلاثاء، عقب انتهاء أعمال الحوار الاستراتيجي القطري البريطاني الثاني 2025، الذي استضافته العاصمة الدوحة في 27 نيسان / أبريل الجاري.
وأفاد البيان بأن وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن ونظيره البريطاني ديفيد لامي، ترأسا الحوار الاستراتيجي القطري البريطاني السنوي الثاني في الدوحة، معربين عن ترحيبهما بزيادة التدفقات الاستثمارية بين البلدين.
وبلع إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 5.6 مليارات جنيه إسترليني عام 2024، وتقدر قيمة الاستثمارات القطرية في الاقتصاد البريطاني بأكثر من 40 مليار جنيه إسترليني، وفق البيان المشترك.
وفي الشأن الدفاعي، أقرت قطر بأن "الوجود البريطاني في قاعدة العديد الجوية المرموقة يُظهر الالتزام المتبادل بين الطرفين تجاه الأمن الإقليمي".
وأعلنت قطر اتفاقها مع المملكة المتحدة على "العمل بشكل مشترك مع شركاء آخرين للطرفين لتعزيز القدرات الصناعية الدفاعية لكل منهما من خلال التعاون في سلاسل التوريد، ودعم الصادرات من كلا البلدين"، بحسب البيان.
وأكد الوزيران القطري والبريطاني على "التزامهما بتعميق التعاون العسكري، ما يمهّد الطريق نحو تطوير مشترك للقوات البرية والجوية والبحرية ذات المستوى العالمي".
وأوضح البيان أن الحوار الاستراتيجي المقبل بين البلدين سيعقد في العاصمة لندن عام 2026.
وبشأن الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين بقطاع غزة، دعا الوزيران إلى "العودة الفورية إلى وقف إطلاق النار مع إيجاد أفق سياسي جاد لإقامة الدولة الفلسطينية".
واتفقا على أن "المؤتمر الدولي رفيع المستوى للأمم المتحدة المقرر عقده في حزيران / يونيو المقبل سيعمل على تحقيق نتائج عملية بشأن حل الدولتين".
وأعرب وزير خارجية بريطانيا عن "تقدير المملكة المتحدة العميق والمستمر لجهود الوساطة القطرية التي لا غنى عنها من أجل التوصل لوقف مستدام لإطلاق النار في غزة وتأمين إطلاق سراح بقية الأسرى".
وأدان الوزير القطري "بشدة استئناف إسرائيل للحرب في غزة وسياساتها غير المقبولة تمامًا في منع وصول المساعدات الحيوية".
وفي 18 آذار / مارس الماضي تنصل الاحتلال الإسرائيلي من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي بدأ في 19 كانون الثاني / يناير الماضي، واستأنفت الإبادة الجماعية بقطاع غزة، رغم التزام حركة "حماس" ببنود الاتفاق.
وبدعم أمريكي مطلق يرتكب الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 170 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وفيما يتعلق بالمفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، أعرب الوزيران دعمهما للمسار الدبلوماسي الذي "يوفر أفضل فرصة لخفض التصعيد وتحقيق الاستقرار في المنطقة".
والسبت، استضافت سلطنة عمان جولة ثالثة من مفاوضات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة.
وسبق أن انطلقت الجولة الأولى من المفاوضات بسلطنة عمان في 12 نيسان / أبريل الجاري، ولاقت ترحيبا عربيا، ووصفها البيت الأبيض بأنها "إيجابية للغاية وبناءة".