أن يظل سياسيٌ يحلم بالجلوس على كرسي السلطة منذ نومة إظافره السياسية، فهذا وحم سياسي واضح المؤشرات ، فكثير من السياسيين السودانيين يتوحمون بالسلطة ليل نهار حتى لو تعلق الأمر بالتآمر على وطنه والتحالف مع أعداء بلاده، أو يعانق آخر يوم في حياته،وما أن يظفر بما سعى إليه وأشتهاه،يتنكر لمعارفه وأصدقائه وبعض أقاربه،فالسلطة بالنسبة له مجرد طبق شهي يغذي طوحاته وأحلامه المحدودة، الخالية من أي برنامج شامل يهدف به تطوير وطنه فيترك بصماته على جبين الإنجازات الوطنية، فضلاً عن ذلك، فإنه يرى السلطة مجرد باب مشرع يلج من خلاله إلى عالم الفساد الواسع بمختلف أشكاله وتجلياته الذي يحقق طوحاته الذاتية والثراء السريع .
فهذه النزعة تؤكد بجلاء أنوية بعض السياسيين السودانيين بمختلف توجهاتهم اليمينية واليسارية وأقصى هذين الاتجاهين ،كما أنها تعتبر برهاناً جلياً على إنعدام الرؤية السياسية البرامجية،فالتجارب الديمقراطية في العالم كما هو معلوم ،تقوم على ما يقدمه السياسيون من أطروحات ومبادرات وبرامج تخاطب الناخبين وتتودد إلى قناعاتهم،فالناخبون لا يهمهم مظهر السياسي أو ما يملك من مال وأطيان،بل يجذبهم مايقدمه من برنامج طموحة وعمق التزامه الأخلاقي بتعهداته الانتخابية.
تسبب هذا النوع من السياسيين في إفشال قيام الدولة المدنية الديمقراطية،فهم لا يومنون أساساً بالديمقراطية كمؤسسة راسخة أرست دعائم دولة البرامج والشفافية والمؤسسية ،دولة القانون والمساءلة القائمة على الكفاءات ،فهذه المعطيات ترهبهم مما يجعلهم تواقين إلى إتباع أي نوع من الأنظمة وخاصة النظم العسكرية التي تلجأ دوما للاستعانة بفاقدي السند الاخلاقي ومجهولي المبادئ والقيم والبرامج الديمقراطية ، فهولاء جل همهم وجهدهم منصب في كيفية إعتلاء صهوة السلطة التي توفر لهم ما يتوحمون به من وزارة،او سفارة أو أي إدارة دستورية كانت .
هذه المعطيات تدلنا على منسأة الديمقراطية القائمة على البرامج كركيزة أسياسية للصعود على كرسي المسئولية وليس السلطة،فهؤلاء لابد ان يدركوا بأن المنصب ليس سلطة يتسلط بها على من إنتخبوه،بل هى مسئولية وبرنامج تنموي خدمي شامل يقدمه للناس ويلتزم بتنفيذه وفق إطار زمني محدد،وفي حال فشله لايحق له طرح نفسه كمرشح أو مسئول،ويظل يتوحم سياسيا بالسلطة دون ان ينالها وتبقى وحمة السلطة على جهه الشاحب وطنياً.
msharafadin@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
تعرف إلى فرس النهر القزم.. تاريخ طويل من التحديات والقصص الملهمة
إعداد: عائشة خمبول الظهوري
ولادة «مو دينج» في تايلاند عام 2024 لم تكن مجرد حدث عادي في حديقة الحيوانات؛ فقد سُلطت الأضواء مجدداً على واحد من أكثر الأنواع غموضاً وتهديداً بالانقراض، أفراس النهر القزمة، هذا الحيوان الذي يبدو بحجم الخروف يحمل في داخله تاريخاً طويلاً من التحديات والقصص الملهمة.
في عام 1927، دخل فرس النهر القزم «بيلي» التاريخ كهدية غير مألوفة للرئيس الأمريكي كالفين كوليدج، رحلة بيلي من الغابات المطيرة في غرب إفريقيا إلى البيت الأبيض ثم إلى حديقة الحيوان الوطنية في واشنطن حيث تم تدمير موائله الطبيعية لصالح توسعات زراعية، ومع ذلك استطاع بيلي أن يُحول محنته إلى فرصة، إذ أنجب 23 عجلاً، مما شكل حجر الأساس لبرامج تكاثر هذا النوع في الأسر.
اليوم، مع بقاء أقل من 2000 من أفراس النهر القزمة في البرية وأكثر من 1600 في حدائق الحيوان، يتجلى التناقض الصارخ بين ندرتها في موائلها الطبيعية وازدهارها في الأسر. هذا النوع المراوغ، الذي يفضل الليل ويعيش في عزلة، أصبح رمزاً للمعركة المستمرة لحفظ التنوع البيولوجي.
قصة «بيلي» و«مو دينج» ليست مجرد حكاية عن حيوانات غريبة، بل درس في ضرورة الموازنة بين استكشاف العالم الطبيعي والحفاظ عليه، لضمان مستقبل مستدام للحياة البرية.