أزمة اليمن… تصعيد متجدد أم تهدئة مستمرة؟؟ (تقرير خاص)
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
يمن مونيتور/ إفتخار عبده
كان اليمنيون يتطلعون بأمل كبير لسلام دائم في اليمن منذ أن بدء سريان الهدنة، لكن هذا الأمل تلاشى مع مرور الوقت، في ظل التعقيدات السياسية التي يشهدها الواقع اليمني.
وقد تعثرت المساعي الإقليمية والدولية في الوصول إلى حل شامل للأزمة اليمنية، نتيجة سلوك جماعة الحوثي المتعددة، والمستمرة في خرقها للهدنة واعتداءاتها المكتررة، وعدم إيفائها بالالتزامات.
ويشكل التصعيد الحوثي الأخير الذي تشهده مختلف الجبهات تهديدا حقيقيا وكبيرا لجهود السلام في اليمن؛ فهل أزمة اليمن تمضي نحو تصعيد متجدد أم إلى تهدئة مستمرة؟
وبهذا الشأن يقول المحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي، إنه “هناك قناعة لدى كثير من اليمنيين أن السلام المأمول وفقا لتطلعاتهم ما زال بعيدا؛ إذ إن المؤشرات على الأرض تشير إلى أن الأوضاع مرشحة للتصعيد”.
وأضاف الفاتكي ل “يمن مونيتور” المليشيات الحوثية تحشد وتجند الآلاف بل إنها تجري تجارب على أسلحة مختلفة حازت عليها من إيران فضلا عن قيامها بمناوآت عسكرية إضافة لتهديدات قادتها التي تظهر بين الفينة والأخرى والتي من خلالها تهدد بالعودة لاستهداف السعودية “.
وأردف” كما أن الآلة العسكرية الحوثية لم تكف عن التصعيد في جبهات القتال ضد قوات الشرعية والمناطق السكنية الآهلة بالسكان في المناطق المحررة، وقناصة الحوثي لم يوقفوا استهدافهم للمدنيين، فخلال الستة الأشهر سجلت التقارير الحقوقية قتل وجرح المليشيات الحوثية أكثر من خمسين مدنيا في مدينة تعز فقط “.
هدنة بين الحوثيين والتحالف
وأشار الفاتكي إلى أن” الهدنة الحالية هي هدنة بين المليشيات الحوثية والتحالف العربي ومن الممكن أن تنهار في أي لحظة إذا أوعزت إيران لمليشيا الحوثي بالتصعيد فيما لو أخفقت في تحقيق مكاسب على صعيد ملفها النووي أو الإفراج عن أموالها المجمدة أو إذا أرادت إيران ابتزاز السعودية عبر مليشيات الحوثيين للحصول من السعودية على تنازلات أخرى في مناطق أخرى كلبنان مثلا بالضغط على الرياض في موضوع حقل الدرة الغازي “.
وبين” ستصعد المليشيات الحوثية من عملياتها العسكرية ضد الجيش الوطني وستحاول تحقيق بعض الاختراقات لتقوي من أوراقها أمام المجتمع الاقليمي والدولي، في الوقت ذاته ستستمر في تصعيدها الإعلامي ضد الرياض ما لم تأذن لها إيران بالقيام ببعض العمليات العسكرية كإطلاق صواريخ على بعض السفن التجارية أو إطلاق طائرات مسيرة على بعض الأهداف داخل السعودية “.
ووضح” في تصوري أن المجتمع الإقليمي والدولي يتجه لإنهاء الحرب في اليمن من خلال حلول لا تتعارض مع مصالحه وتأمين خطوط الملاحة الدولية لكن هذا مرهون بتوافقات مجموعة الرباعية أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات إضافة لإيران حول الملف اليمني وهذا لن يتحقق “.
وواصل” في تقديري في المدى القريب أو المتوسط يعزو ذلك لتداخل وتشابك الملف اليمني مع ملفات أخرى وتضارب أجندة الرباعية فيه على الأقل في هذه الآونة إضافة لانشغال الدول المؤثرة في القرار الدولي بالحرب الروسية الأوكرانية التي خطفت الأضواء وأخذت شغل الدول الكبرى الشاغل على حساب بؤر ملتهبة وساخنة أخرى منها اليمن “.
في السياق ذاته يقول الناشط السياسي، عبد الحميد المجيدي” تجاوزت الحرب في اليمن ثماني سنوات ولم يظهر أفق للسلام رغم كثرة دعوات السلام داخليا وإقليميا ودوليا “.
وأضاف المجيدي ل” ليمن مونيتور “مع أن الأمم المتحدة قد عينت ما يقارب أربعة مبعوثين لتلك المهمة الغائبة في زمن الحرب والدمار إلا أنه لم تظهر نتائج مثمرة لمبعوثيها على الإطلاق”.
وأردف “من باب الإنصاف فقد ظهرت ملامح منذ أكثر من عام لهدنة تكررت أكثر من مرة استفاد منها الحوثي في التعبئة وكان يخرقها وبشكل دائم ومتكرر دون رادع من أحد؛ ذلك لأنه يعتبر هو اللقيط المدلل للمجتمع الدولي ولم يحاسب أو يردع على كل تلك الجرائم التي ارتكبها”.
وأشار المجيدي إلى أنه “اليوم يتكرر الحديث بين الحين والآخر سواء عن الهدنة الغائبة أو مفاوضات السلام التي ليس لها أثر ولا وجود في واقع الحياة، وفي الحقيقة أن دول الإقليم هي التي تتحكم بالحرب والصراع في اليمن وتعمل على تغذيته غير عابئة ولا مكترثة بضحايا وواقع الشعب اليمني وقد سخر الإقليم الأطراف للعمل لخدمته وخدمة مصالحه فقط لا غير دون أي اعتبار لليمن واليمنيين”.
وتابع “اليوم يتجدد إلى مسامعنا بين الحين والآخر تجدد التصعيد والحرب وهناك أخبار عن المفاوضات لإنهاء الحرب في اليمن وللأسف الشديد وبكل صراحة فإن كل خيارات السلم غير واردة على الإطلاق ذلك لأن مليشيات الحوثي الإجرامية تريد سلاما مفصلا على مقاسها تماما وهي غير جادة في مفاوضات السلام على الإطلاق؛ ذلك لأنها هي المستفيد الوحيد من هذه الحرب العبثية اللعينة التي دمرت اليمن واليمنيين على حد سواء”.
وبين “مع أن دول الإقليم سواء كانت إيران أو دول التحالف لايزالون يتصارعون في اليمن والضحايا والخسائر من اليمن؛ ونحن نرى هنا ومن واقع ما عايشناه وعلى مدى تسع سنوات فإن الحوثي لن يقبل بالسلام إلا بعودة كل الأطراف للخضوع والانقياد لتلك الجماعة المارقة”.
استنزاف الأطراف اليمنية
وأكد “لذا سيبقى الوضع بهذه الصورة بين صراع متجدد وهدنة متجددة دونما استقرار؛ فالجميع وكما يبدو أنهم مجمعون على وضع اليمن بهذا الشكل؛ لاستنزاف الأطراف اليمنية والعمل على إضعافها بهذا الشكل”.
ولفت إلى أنه “ما يعزز هذا هو أن الشرعية اليمنية لم تعد لها قرارا تأخذه ويخدمها ويخدم اليمن بل أن كل القرارات صارت خاضعة للتحالف وبالمقابل فإن قرارات مليشيا الحوثي مرهونة بموافقة إيران دون غيرها؛ ولذا سيتجدد الصراع وستتجدد الهدنة بين فترة وأخرى دون الوصول إلى حل ينهي هذه الحرب اللعينة التي أكلت الأخضر واليابس”.
بدوره يقول، حمزة الجبيحي، ناشط إعلامي “أزمة اليمن هي تصعيد دائم وأما التهدئة فهي مجرد تهدئة صورية لا علاقة لها بالواقع، فالحوثيون في تصعيد مستمر وتهديد مستمر في جبهات تعز ومأرب والجوف وفي كل الجبهات وعلى كافة الأصعدة”.
وأضاف الجبيحي ل “يمن مونيتور” الحوثيون لا يمكن أن يرضخوا للسلام إلا إذا انكسروا عسكريا في الميدان وحينها سيرضخون لقرار 16/22 وسيرضخون لمخرجات الحوار الوطني، سيرضخون لقرارات المبادرة الخليجية، ولن يرضخوا لهذا إلا إذا انكسروا عسكريا في الميدا؛ لأنهم لا يفهمون إلا لغة القوة العسكرية “.
ولفت إلى أن” الحوثيين دائما ما يدعون إلى الموت تحت مسمى الجهاد وتحت مسميات كثيرة، وبالتالي فالوضع في اليمن هو إلى تصعيد دائم ومتجدد وذلك بسبب تعطش الحوثيين للحرب والدماء “.
وأكد أن” أي هدنة يدعونها فهي من طرف واحد وهو طرف الشرعية وأما الحوثيون فهم مستمرون في التصعيد، والقنص بشكل شبه يومي لمواطني مدينة تعز وخاصة للذين يسكنون في خطوط التماس من النساء والأطفال “.
واختتم” الوضع في اليمن هو إلى تصعيد متجدد ولن يستقيم أبدا، ولن يتحقق السلام إلا إذا انكسر الحوثيون عسكريا وحينها هم من سيطالبون بالسلام، وليس من الحافظ للكرامة أن تظل الشرعية تستجدي السلام؛ فلا بد من أن يرضخ الحوثي حتى يطالب بالسلام “.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: السلام الهدنة اليمن الملیشیات الحوثیة فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
8400 انتهاك «حوثي» بحق نساء اليمن
أحمد شعبان (عدن، القاهرة)
أخبار ذات صلةكشفت تقارير حقوقية عن أن الانتهاكات الموثَّقة بحق النساء في اليمن تجاوزت 8400 حالة منذ بداية الصراع في البلاد عام 2015 وصولاً إلى نهاية العام الماضي (2024). وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، والذي احتفل به العالم، أمس، رصد «المركز الأميركي للعدالة» عدداً من الانتهاكات لحقوق النساء على أيدي جماعة «الحوثي» في اليمن، منها حوالي 1900 حالة اعتقال تعسفي، وآلاف حالات القتل.
وأوضح المركز أن المرأة اليمنية «تعاني بشكل مزدوج، ليس فقط الانتهاكات المباشرة، بل أيضاً تبعات النزوح القسري الذي أجبر أكثر من 4 ملايين يمني على ترك ديارهم»، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.
وأكد تقرير المركز الأميركي للعدالة أن «العديد من النساء تعرَّضن لفقدان أزواجهن، نتيجة لعمليات الاختطاف أو القتل خلال الاشتباكات المسلحة»، منذ انقلاب «الحوثي» على الشرعية في اليمن. ولفت المركز إلى آثار الانهيار النفسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تعرضت لها النساء اليمنيات، الأمر الذي فرض عليهن عبئاً هائلاً وتحدِّيات جسيمة في تأمين المعيشة. كما بيّن أن «الأزمة الإنسانية في اليمن واحدة من أشد الأزمات تعقيداً وتأثيراً على حياة المرأة»، وذلك بسبب الحرب التي يشنها «الحوثي».
وفي السياق ذاته، كشفت الأمم المتحدة عن أن ما يقرب من 10 ملايين امرأة وفتاة في اليمن يواجهن الجوعَ والعنف، وهن بحاجة إلى مساعدات منقذة للحياة، في ظل التأثير المدمر للأزمة الإنسانية على حياتهن. وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، توم فليتشر، في إحاطته خلال اجتماع مجلس الأمن بشأن اليمن: «تواجه 9.6 مليون امرأة وفتاة في البلاد الجوع والعنف وانهيار نظام الرعاية الصحية، وهن بحاجة ماسة إلى المساعدات المنقذة للحياة».
وأضاف فليتشر أن 1.3 مليون امرأة حامل وأم جديدة في اليمن يعانين سوء التغذية، مما يعرّض صحتهن للخطر، ويعرض أطفالهن للأمراض ومشاكل النمو طويلة الأمد، كما أن معدل وفيات الأمهات في البلاد هو الأعلى في منطقة الشرق الأوسط، حيث تواجه أكثر من 6 ملايين امرأة وفتاة مخاطر متزايدة جراء التعرض للإساءة.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن 1.5 مليون فتاة في اليمن ما زلن خارج المدرسة، مما يحرمهن من حقهن في التعليم، ويمنعهن من كسر حلقات التمييز والعنف، وذلك في ظل الحرب التي فرضها «الحوثي» منذ انقلابه على الشرعية.
وأوضح محللون سياسيون أن استكمال مسار السلام مع جماعة «الحوثي» يواجه مصاعب كبيرة، بسبب استمرار الجماعة في انتهاكاتها بحق الشعب اليمني والمنطقة، وأن السبيل الوحيد لوقف انتهاكات «الحوثيين»، ممارسة مزيد من الضغط العسكري لإجبارهم على القبول بسلام عادل وشامل.
وكشف المحلل السياسي اليمني، محمود الطاهر، عن أن «الحوثي» مستمرة في انتهاكاته، مما يؤكد عدم رغبته في مسار السلام، حيث يواصل إنشاء خلايا خارجية تتحرك وتدرب عناصر على صناعة الأسلحة والصواريخ، مشيراً إلى وجود علاقة وطيدة بينه وبين حركة «الشباب» الصومالية الإرهابية وتنظيم «القاعدة» الإرهابي.
وقال الطاهر لـ«الاتحاد»، إن جماعة «الحوثي» ما زالت تحشد في الداخل نحو مأرب، وبالتالي فإن العقوبات الدولية لم تؤثر عليها بالشكل المطلوب، وهي تتهرب من تنفيذ خريطة السلام في اليمن؛ ولذا لا بد من توحيد الصف الداخلي لمواجهة «الحوثيين» في ظل امتناعهم عن الاستجابة للدعوات السياسية للانخراط في عملية سلام حقيقية وجادة، منذ بداية الهدنة.
ويرى الطاهر أن الموقف الدولي الصحيح لوقف انتهاكات «الحوثي» وإجباره على الاستمرار في مسار السلام، يكمن في دعم الحكومة اليمنية سياسياً وعسكرياً، واستعادة مؤسسات الدولة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة.
ومن جهته، شدد المحلل السياسي اليمني، عادل الأحمدي، على أن جماعة «الحوثي» ما زالت تنتهج لغة الإرهاب والسلاح وتسطو بالقوة على المدن وتقوم بمحاصرتها، وتستخدم الملاحة الدولية ورقة ضغط لتهديد وابتزاز الإقليم والعالم.. وهذا سلوك عدواني يدل على رفض السلام وخيار التفاوض السياسي.
وحذر الأحمدي، في تصريح لـ«الاتحاد»، من أن التهديد «الحوثي» مستمر ما لم يتحرك المجتمع الدولي لمواجهة هذه الممارسات، معتبراً أن السلام والأمن والاستقرار في المنطقة مرهونة كلها بتحرك دولي ضاغط لهزيمة «الحوثي».
وطالب الأحمدي المجتمع الدولي بالتحرك لإنهاء انتهاكات وجرائم «الحوثي»، ولدعم القيادة اليمنية وتحالف دعم الشرعية في كل ما تتخذه سياسياً وعسكرياً من أجل أن يتخلى «الحوثيون» عن خيار الحرب والاستمرار في مسار السلام.