كلمة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
بورتسودان (سونا) أكد نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي مالك عقار اير ان السودان لا زال يمر باختبار كبير يهدد أمنه واستقراره مالم تتوحد كلمة وإرادة أبنائه لوضع مصلحة البلاد اولا بعيداً عن اي مطامع ذاتية او سياسية. وقال سيادته في خطابه الذي بثه تلفزيون السودان مساء اليوم أن خارطة الطريق لحل الازمة تبدأ بالتوصل لوقف اطلاق نار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وتحديد مواقع لتجميع قوات الدعم السريع بعيداً عن المناطق المدنية للفصل بين القوات والالتزام بعدم تعريض المواطنين لخطر الاقتتال وذلك حتي تكتمل عملية وضع إجراءات خارطة طريق الترتيبات الامنية لتلك القوات.
وشدد عقار على ان طريق الانتخابات التي تقوم على أساس الدستور واختيار الشعب السوداني لقيادته يجب ان يكون هو الطريق الوحيد لتولي مقاعد الحكم ومسئولية البلاد. وأوضح نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي مالك عقار اير ان الفشل في تأسيس وهيكلة الدولة السودانية قاد البلاد الي الهاوية المظلمة التي سقط فيها شعب السودان الصامد. واثني سيادته علي البسالة العظيمة التي تقاتل بها القوات المسلحة والقوات النظامية الاخري في دحر المتمردين لافتا إلي ان الحرب ستتوقف في نهاية الأمر علي مائدة التفاوض.
وأبان عقار أن دواعي الحرب المعلنة من قبل قوات الدعم السريع وقيادتها المتمردة من بناء الدولة الديمقراطية ومحاربة الإسلامين وإنهاء حكم دولة 56 طغت عليها سلسلة الجرائم والإنتهاكات التي إرتكبتها من قتل واغتصاب وتهجير واحتلال بيوت ونهب ممتلكات المواطنين واحتلال المؤسسات الخدمية. وأضاف أنه رغم مرور بلادنا بالحروب الاهلية و النزاعات المسلحة في مناطق عديدة من السودان الا ان حدة الانتهاكات والجرائم ضد المدنيين لم تبلغ مبلغ انتهاكات قوات الدعم السريع. وفيما يلي تورد (سونا) نص الكلمة: -
الشعب السوداني الصامد التحية لكم ، اينما حللتم والسلام عليكم ورحمة الله.
اتحدث اليكم اليوم ، من مدينة بورتسودان ، لأستعرض معكم اولويات الفترة القادمة ، بعد ان أكملت جولة من اللقاءات الخارجية ، مع رؤساء ، ووزراء حكومات ، ومبعوثي ، وسفراء دول ، وقيادات إقليمية ودولية ، وموظفين أمميين.
لقد خاطبتكم بعد قبولي لتكليف، منصب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي ، والذي جاء خلال هذه الفترة العصيبة ، من تاريخ بلادنا ، التي تواجه ، اكبر تهديد لوجودها ، ووحدتها كدولة ، ولسيادة أراضيها. لقد تعهدت لكم في ذلك الخطاب ، بانني وزملائي ، سنبذل كل جهودنا وطاقتنا ، للعمل على انهاء هذه الحرب ، بأعجل ما يمكن ، وتخفيف آثارها الانسانية ، والمعاناة الواقعة على شعبنا. واليوم ، اجدد وعدي لكم من داخل السودان ، بعد نجاح جولة اللقائات الخارجية ، في احباط العديد من المؤامرات ، التي كانت تحاك ضد بلادكم ، وسيادة ووحدة اراضيها.
ان بلادنا لا زالت تمر باختبار كبير ، يهددنا جميعاً ، ما لم تتوحد كلمتنا وإرادتنا لوضع مصلحة البلاد اولاً ، بعيداً عن اي مطامع ذاتية او سياسية. خلال جولتي ، وفي لقاءاتي مع القوى السياسية ، والمجموعات المدنية السودانية ، والاعلاميين والمواطنين السودانيين في الخارج ، الذين اجبرتهم ظروف الحرب لمغادرة البلاد ، استعرضت وناقشت تفاصيل خارطة الطريق ، التي ستعمل حكومة السودان في الفترة القادمة من اجل تنفيذها لايقاف هذه الحرب. تبدأ خارطة الطريق بالتوصل لوقف اطلاق نار ، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة ، وتحديد مواقع لتجميع قوات الدعم السريع المتمردة ، بعيداً عن المناطق المدنية للفصل بين القوات ، والالتزام بعدم تعريض المواطنين لخطر الاقتتال ، وذلك حتي تكتمل عملية وضع إجراءات ، خارطة طريق الترتيبات الامنية لتلك القوات ، ويعقب ذلك ، بداية العملية الإنسانية ، بإيصال المساعدات الانسانية للمواطنين ، في المناطق المتضررة من الحرب ، كما وسنقوم بالتركيز ايضا ، على ضمان حياة طبيعية ، بقدر الامكان للمواطنين السودانيين ، في ولايات السودان ، غير المتأثرة بالحرب ، وهذا من الاولويات التي ساشرف ، على أن يقوم بها الجهاز الحكومي التنفيذي ، في الفترة القادمة.
ستعقب هذه الخطوات ، الشروع في تصميم عملية سياسية شاملة ، تضم جميع القوى السياسية المدنية ، الراغبة والمهتمة بتاسيس الدولة السودانية ، ويكون الهدف منها هو ، مخاطبة القضايا التأسيسية للدولة السودانية ، من اجل بناء نظام دستوري وسياسي مستقر ، وابتعاد القوى السياسية عن الصراع ، حول تشكيل فترة الانتقال ، لتقاسم مقاعد السلطة او الحكم.
ان طريق الانتخابات ، التي تقوم على أساس الدستور ، واختيار الشعب السوداني لقيادته ، يجب ان يكون هو الوحيد ، لتولي مقاعد الحكم ومسئولية البلاد.
ان الفترة التاسيسية ، التي ستعقب ايقاف هذه الحرب ، ستكون لانجاز مهام ، تتعلق بالاصلاح واعادة الاعمار ، بالاضافة لتهيئة البلاد لممارسة سياسية راشدة ، تؤسس لبناء الدولة السودانية ، وتستهدي بشعارات الحرية والسلام والعدالة ، التي رفعتها ثورة ديسمبر المجيدة. ستتضمن هذه التهيئة ، كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية ، ليعاد بناؤها على أُسس وطنية وقومية ، تسمح لبلادنا ان تقف على قدميها مرة اخرى ، بعد هذا الاختبار العصيب ، لننطلق في رحلة التنمية والاعمار.
وكل هذه الخطوات ، ستكون علي مسمع ، ومتابعة الشعب السوداني ، لاسيما و أنني أتشاور مع ، مختصين إعلاميين ، من رؤساء تحرير صحف ، وكُتَّاب ومحللين ، ومقدمي برامج ، علي التأسيس لإعلام سوداني ، يمكنه ان يعكس واقعنا كماهو ، ويعبر عن تطلعات السودانيين.
الشعب السوداني الصابر
ان الوضع يُحِّتم علينا ، تشكيل حكومة لتسيير دولاب الدولة ، لتنفيذ مهمتين اساسيتين ، اولاهما ، تقديم الخدمات ، وإعادة البناء وتعمير ما دمرته الحرب ، وثانيهما ، العمل مع القوي السياسية ، لهيكلة وتأسيس الدولة ، والتحضير وتهيئة الظروف لقيام ، مؤتمر تأسيسي ودستوري ، يقودنا الي قيام الإنتخابات والتبادل السلمي للسلطة.
أولويات الفترة القادمة:
١/ تنزيل ودعم تنفيذ ، خارطة الطريق لايقاف الحرب ، وتسهيل كافة عمليات الاغاثة الانسانية ، وتيسير وصول المساعدات ، للمواطنين المحتاجين ، في كل اقاليم السودان. ٢/ استمرار التواصل مع كافة الاطراف ، وهو ما لم ولن اتوقف عنه ، للحد من رقعة انتشار الحرب ، ومنع انتشارها لمناطق جديدة. ٣/ ضمان انسياب المرتبات ، للعاملين في الخدمة المدنية ، ومجال تقديم الخدمات الاساسية للمواطنين . وهنا ، لا يسعني الا ان اتقدم ، بتحية الشكر والامتنان والتقدير ، للاطباء ، والمهندسين والعمال ، في قطاع الكهرباء والمياه ، والمعلمين ، وغيرهم من الابطال العظماء ، الذين واصلوا تقديم خدماتهم الهامة ، لابناء وبنات شعبنا ، في هذه الظروف القاهرة ، وكذلك الشباب والشابات المتطوعين ، في غرف الطوارئ ولجان المقاومة ، الذين لم توقفهم مخاطر الحرب ، من العمل على تخفيف المعاناة ، وتوفير حوجات المواطنين.
٤/ التواصل مع القطاع الخاص ، واناشدهم هنا ، بعدم السماح لاقتصاد الحرب ، بزيادة معاناة المواطنين. وسنتعاون معهم ، لتسهيل كافة العقبات ، التي تقف ، امام استمرار استيراد السلع الاساسية ، وخصوصاً الأدوية ، والمستلزمات الطبية ، والمطلوبات الغذائية ، وغيرها من المستلزمات الضرورية للحياة.
٥/ ان حكومة السودان وقواتها النظامية ، ستتعامل بحسم ، مع قضية مراجعة وضع المجرمين ، الذين فروا من السجون. وندرك ان هذا الامر ، يشكل تهديداً امنياً ، بالغ الخطورة ، وايضاً ، قضية قادة النظام السابق ، الذين خرجوا من السجون ، وهي قضية حساسة ذات طابع أمني سياسي ، تتطلب الحسم.
الشعب السوداني الكريم
ساقوم في الايام القادمة ، بالاجتماع مع ولاة الولايات المختلفة ، للعمل على تنفيذ خطة ، لتسيير دولاب الدولة ، واستعادة الحياة الطبيعية في البلاد ، بقدر الامكان. وسنحرص ، على مخاطبة ملف اوضاع مواطنيننا ، في معسكرات النزوح ، واللجوء في دول الجوار ، والعالقين في المعابر ، وهي قضية تناولتها ، في لقاءاتي الخارجية ، مع حكومات دول الجوار ، ومع المانحين ، للتوصل الي اجراءات ، لتخفيف المعاناة الواقعة عليهم.
في الختام ، اوجه عدداً من الرسائل:-
الرسالة الاولى: لشعبنا الصامد ، الذي تكاثرت عليه غوائل الزمان:
لا يسعني ، الا ان اعتذر لكم ، عن الفشل السياسي ، والفشل في تأسيس وهيكلة الدولة السودانية ، وهو الذي قاد بلادنا ، الي هذه الهاوية المظلمة ، ولابد من استعادة معاييرنا السياسية ، ونبدأ بعملية النقد الذاتي. لقد خبرت بنفسي ، مأسي ومصائب الحرب ، لاربعة عقود من عمري ، فقدت فيها ، اهلي واحبابي واعزائي . ولهذا ، اجدد لكم التزامي ، بالعمل المستمر ، وتسخير كافة جهودي وطاقاتي ، من اجل ايقاف هذه الحرب ، وتقصير أمدها ، وتخفيف آثارها ، على بلادنا وشعبنا.
الرسالة الثانية: للقوات النظامية ، من قوات الشعب المسلحة ، المؤسسة الوطنية العريقة ، وهي تقاتل ، في هذه الحرب ببسالة ، وجهاز المخابرات العامة ، صمام الأمن والأمان ، وقوات الشرطة ، عين السودان الساهرة ، التي تؤدي واجبها في صمت ، برغم الظروف القاهرة ، وهنا ، أُثني علي دورهم جميعاً: ان الحرب ستتوقف في نهاية الامر ، على مائدة التفاوض ، وهذه الحرب ، لها اسباب سياسية ، متعلقة بتركة الفساد ، وسوء ادارة التعددية السودانية ، التي ورثتها بلادنا ، على مر الحكومات المتعاقبة ، لاسيما في عهد النظام المخلوع. ولهذا فان ، بناء وتأسيس دولة سودان ما بعد الحرب ، التي تعالج بشكل نهائي ، أسباب مشكلة الحروب في السودان ، لا سبيل له ، الا عبر تنفيذنا العاجل لخارطة الطريق ، وهذه الخارطة ، تهدف من ضمن اخرى ، للوصول الى ، جيش مهني وطني واحد ، والغاء اي مظاهر وجود عسكري ، أو شبه عسكري ، خارج قيادة القوات المسلحة السودانية ، وأُذكر ، بان واجبنا الوطني الأساسي ، هو حماية المواطنين والدستور ، وضمان امنهم وسلامتهم.
الرسالة الثالثة: لقوات الدعم السريع وقيادتها: أُترُكوا عنكم الغلو ، وانظروا بعين المسئولية ، الي ما حدث ويحدث ، فإن دواعي الحرب المُعلنة من طرفكم ، من بناء الدولة الديمقراطية ، ومحاربة الإسلامين ، وإنهاء حكم دولة 56 ، كلها طغت عليها ، سلسلة الجرائم والإنتهاكات ، التي إرتكبتموها ، من قتل ، واغتصاب ، وتهجير ، واحتلال بيوت ونهب ممتلكات المواطنين ، واحتلال المؤسسات الخدمية ، وهذه الجرائم ، جعلت بينكم وبين الشعب السوداني هوة كبيرة.
رغم تجربة بلادنا للحروب الاهلية ، و النزاعات المسلحة ، في مناطق عديدة من السودان ، الا ان حدة الانتهاكات ، والجرائم ضد المدنيين ، لم تبلغ مبلغ انتهاكات قواتكم ، فاناشدكم مرة اخرى ، لكف يد قواتكم ، عن المواطنين والمواطنات ، وترك الغلو ، وألا تأخذكم العزة بالاثم ، و ان تعوا انه ، لا وجود لجيشين في دولة واحدة.
الرسالة الرابعة: لشباب و نساء بلادي الابطال ، في غرف الطوارئ ولجان المقاومة: انتم ، روح هذه البلاد ، وقلبها النابض ، ومستقبلها ، ومناراتها المشرقة ، وانتم كالذهب ، لم تزدكم نيران المصائب ، الا بهاءاً واشراقاً ونقاءاً ، فلكم كل التحية والتقدير ، لمجهوداتكم في الاحياء والمدن ، لتخفيف معاناة السودانيين . نساء بلادي ، اللائي تعرضن ، لإنتهاكات متعددة ، بما فيها ، العنف ضدهن ، من إغتصابات فردية وجماعية ، لن نترك هذه الجرائم ، تمر بلا مسائلة ، كما واناشد الناشطين و الناشطات ، ومنظمات المجتمع المدني ، بالإستمرار في توثيق ، كل جرائم العنف ضد النساء.
الرسالة الخامسة للقوى السياسية والمدنية السودانية: التقيت ، بكثير منكم في جولتي الخارجية ، وسأعيد على مسامع شعبنا ، ما قلته لكم ، وإتفق معي كثيرون منكم عليه: لا يمكن ، استمرار منهج المنافسة الحزبية ، والسعي لتحقيق مكاسب ذاتية ضيقة ، على حساب الوطن والمواطن ، ولا يمكن ، الإستمرار في الرهان علي المجهول ، وإن محاولة سيطرة مجموعة ، او كتلة ، او حزب بعينه ، علي الساحة السياسية ، وثقافة اقصاء الاخر اصبحت مرفوضة للشعب السوداني ، ويجب ان لا نُجَرِّب المُجَرَّبْ. انني امد يدي لكم ، مرة أُخرى ، لنعمل معاً ، على ايقاف هذه الحرب اللعينة ، كهدف اول ووحيد في هذه المرحلة ، وتخفيف اثارها على شعبنا ، ولنترك كافة الخلافات الاخرى ، لنتناقش حولها ، ونتفق عليها ، في مائدة حوار سوداني – سوداني ، تضمنا جميعا.
الرسالة السادسة: للمؤتمر الوطني والاسلاميين: لا اريد ، ولا احد يستطيع ، ان يزايد عليكم في سودانيتكم ، ولا في ممارسة حقوقكم الكاملة ، ككل السودانين. وفي ممارسة حقوقكم ، فقد أُتيحت لكم بطريقة أُحادية ، إدارة الدولة السودانية لثلاثين عاماً. وليس هنالك مؤرخ ، باستطاعته ، ان يتجاوز في كتاباته ، أن أثناء حكمكم إنفصل الجنوب ، وهذا قليل من كثير. سيصعب عليكم ، اقناع الشعب السوداني ، بانكم الافضل ، المؤتمر الوطني كتنظيم سياسي ، يخطيء ويصيب ، لذلك يجب أن تعودوا ، الي نقد فترتكم منذ بدايتها ، وليس من واقع ما بعد ١٣ ابريل ، فراجعوا اين اصبتم واين أخطأتم ، وان فوضي ما بعد ١٣ ابريل ، لن تكون بديلاً ، تستمدون منه شرعيتكم كبديل مجرب ، احفظوا بضاعتكم انها منتهية الصلاحية.
الرسالة السابعة والاخيرة: لدول الجوار والمجتمع الاقليمي والدولي:
انني ، إذ اتقدم لكم بالشكر ، على جهودكم ، في تقديم مبادرات لإيقاف الحرب في السودان ، وهو جهد نتمنى ، ان يستمر ، ويكلل ، بتوحيد هذه المبادرات و المنابر. واكرر هنا مرة اخرى ، ان تعدد المبادرات ، ومنابر التفاوض وجهود الوساطة ، لا يساعد في حل الازمة ، بل يؤدي وبشكل كبير ، الي إطالة أمد الحرب والاقتتال.
على دول الجوار والمجتمع الإقليمي ، ان ينتهزوا الفرصة لتفعيل مبدأ ، حل الإشكالات الإفريقية في البيت الإفريقي ، و علي المجتمع الدولي ، ان يعمل على توحيد كلمته ، وان يتفق للعمل بحياد ، ودون انحياز لاي طرف ، من اجل دعم جهود ايقاف هذه الحرب ، ولاسيما الامم المتحدة ، التي أُنشِئَت بهدف ، مراعاة سلام وتطلعات الدول الاعضاء ، دون ان تفرض عليهم ، إملاءات ، وهنا ندعوا ، الأمين العام للأمم المتحدة ، للاستماع إلي مطالب السودان ، كدولة عضو ، دون فرض شخصيات ، غير مرغوب بها ، للإستمرار في التدخل في الشان السوداني ، كما حدث مع ، رئيس بعثتكم إلي السودان ، ان السودان وحكومته ، ليسا ضد الامم المتحدة ، ولا البعثة التي هي من آلياتكم ، وتَحَفُظُنا فقط ، علي طريقة عمل مندوبكم ، ولنعمل معاً ، للحفاظ علي العلاقة الجيدة بيننا ، وعليه ، نعيد طلبنا ، بتغيير رئيس البعثة بالسودان. و مع ذلك ، اذكر بان التوصل الي الحل ، هو في ايدي السودانيين.
هناك معاناة انسانية كارثية ، تحدث في بلادنا ، ولا يليق بالعالم التعامل معها بدونية ، وبمعايير منقوصة ، واود ، ان ألفت نظركم ، الى نقص جهود الاغاثة الانسانية ، للسودانيين المتأثرين بالحرب ، هو امر معيب ، في وجه الانسانية جمعاء ، وكذلك الفت نظركم ، الى ضرورة مراعاة ، الثقافة الغذائية للمواطنين السودانين ، عند اختيار مواد الاغاثة ، في مناطق السودان المختلفة.
الشعب السوداني الأبي ان بلادنا تمر بوقت عصيب ، ولكن يجب علينا ، ان نستمر في العمل بجهد ، من اجل استعادة السلام والاستقرار ، والأمن والأمان ، الى سوداننا العزيز ، حتي ينتصر و يزدهر. حفظ الله السودان ، وشعب السودان والسلام عليكم ورحمة الله تعالي و بركاته
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: نائب رئیس مجلس السیادة قوات الدعم السریع الشعب السودانی الفترة القادمة خارطة الطریق دول الجوار الی ما من اجل الا ان
إقرأ أيضاً:
السودان وحرب الأمر الواقع
السودان وحرب الأمر الواقع
ناصر السيد النور
لم تحسم الحرب في السودان على مدى استطالتها الزمنية الممتدة لأكثر من عام ونصف، ونهجها المتوحش في الممارسة والنتائج وبطبيعية الحال النهاية غير المتحققة في نهايتها. وربما شكل هذا التردد في النتيجة جزء من سياق عملياتها العسكرية والسياسية في تداخل غير محسوم أيضا بين الوطني والسيادي والقبلي والجهوي. وأصبحت بالتالي تلك الحرب المفتوحة على كل الاحتمالات ما يكمن تصوره في الحروب وما لا يمكن احتماله بالمفهوم الإنساني العام. وإذا كان طرفاها قوات الجيش والدعم السريع يملكان من خيارات الحرب أكثر من ضرورات السلام فالأرجح أن تنساق وراء هذا المنطق بجوانبه العسكرية والسياسية حشود الحرب لضمان استمراريتها أي كانت الكلفة البشرية وما خلفته من كوارث إنسانية تنذر بمؤشراتها المؤسسات والمنظمات الدولية دون أن تلقى أي استجابة تحد من حدتها ولو على صعيد وقف القتال هدنة.
وإذا تجاوزنا ما أحدثته الحرب من انقسام داخلي وهذا متوقع في ظل بنية الدولة هشة ومجتمع تتعدد مكوناته الإثنية وتفاوته الذي تأسس عليه، فإن طبيعة هذه الحرب وضعت السودانيين أمام محنة وأزمة عصية على الحل. ونتج عنها تعقد المسارات المؤدية إلى الحرب بحثاً عن حل نهائي أو تفاوضا يسوي الخلاف على طريقة ما تنتهي إليه الحروب في نهاياتها التفاوضية. فالدولة القائمة بشرعية قائمة تمثل الجيش وقوات الدعم السريع طرف مقاتل يصعب تحديد هويته العسكرية بغير ما يطلق عليه كـ “مليشيا: تقاتل مدعومة لتنفيذ أجندة خارجية ذات بعد إقليمي تتهم فيه دول علنا مما أوجدت أزمات دبلوماسية بين السودان ومحيطه الإقليمي والدولي ودخل في صراع المحاور الدولية والإقليمية. صراع بغير إدارة سياسية في حالة الانقسام الداخلي وما اوجدته الحرب من منافذ تسمح بمرور الاجندات والتدخلات من أكثر من منفذ.
وإزاء التصعيد فقد شهدت الأيام الأخيرة خاصة في مدن دارفور حيث تصنف بـ “حواضن المليشيا” ينشط الطيران الحكومي في طلعاته الجوية مخلفا دمارا وقتلى مدنيين مما يزيد من الغبن الاجتماعي باستهداف مناطق دون غيرها. وبينما لم تزل قوات الدعم السريع في سيطرة مواقعها مع زيادة في الانتهاكات الإنسانية بحق ساكنيها مع ادانات دولية أيضا واستخدام المسيرات في مدن الوسط والشمال. وهذا المعادلة العسكرية عمقت من أزمة الحرب وفتحت الباب واسعا أمام تمدداتها المحتملة لتصبح حرب الكل ضد الكل كحرب أهلية تكون آلياتها المكونات المدنية والقبائلية وليس مؤسسات عسكرية رسمية. فأصبحت الحرب هي ما يعيد تكوين الدولة السودانية وفقا لدعوات انفصالية بررت بالحرب موقفها حسب تصورات الداعين لقيامها. فقد أظهرت الحرب دولا على الخارطة السودانية السيادية اعادت معها مخاوف قائمة في تاريخ الدولة السودانية ومجموعاتها الهامشية والمركزية الراسخ في خطاب الاحتجاج المطلبي بتساوي التنمية والفرص وما بين الانفصال والتهميش وغيرها من شعارات حاربت تحتها مسمياتها مختلف الكيانات عسكرية مختلفة.
ولكن في ظل خلو الساحة السياسية من المكونات المدنية الاحزاب في اليمين واليسار أو الحد الأدنى ما كان قبل الحرب تستعر النبرة العسكرية في الخطاب العام في مقابل خطاب مدني ذي طبيعة حربية كالخطاب الجهوي المتصاعد بأسباب الحرب يغيب الفعل السياسي وكل ما يمكنه الحد من المد العسكري الجارف. ولأن التنظيمات المدنية خلال هذه الأزمة ظلت مستبعدة من قبل حكومة بقيادة البرهان العسكرية منذ انقلابه على الحكومة الانتقالية أكتوبر/تشرين الأول 2021م والدعم السريع بتكوينه القتالي أصبح الصراع مستمرا منذ اندلاعه دون إدارة سياسية قد تسهم في فتح المجال لآفاق حلول بعيدا عن ميدان القتال. ويبدو أن الحرب بما احدثته من زلزال كبير في السودان بموروثه السياسي والاجتماعي اخرج الكثير من التنظيمات السياسية التقليدية من دائرة الفعل السياسي. وهذا التراجع السياسي قد ضخم من جانب آخر صعود الانتماءات الاجتماعية وحالة من الانفصام السياسي بين الدولة والقبيلة والجهوية فلم تعد الارتباطات السياسية ذات فاعلية لمخاطبة أزمة على الصعيد الوطني.
أمام هذا الواقع يظهر الفرق بين الرؤيتين بين مدنية بطرح مثالي تدعو لوقف الحرب وأخرى عسكرية بحتة لا ترى بديلا عمليا لإنهاء الحرب إلا عن طريق الحرب مهما كلف الثمن. وكلا من الرؤيتين في الموقف من الحرب تعبران عن حالة من الإحباط سادت التفكير السياسي السوداني وصنع القرار. وفي خضم هذا التنازع بين الموقفين تندرج الحرب الجارية ضمن الممارسة اليومية حتى للأطراف التي لا تخوضها فعلا. وتقيدت غالب هذه المكونات السياسية التي تتحرك عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا بموقف يحمل كل مفارقات الحرب بين استمرار إلى أبعد مدى في الحرب وما له من تكلفة وتداعيات سالبة شاملة وبين الخضوع لحقائق الواقع وما يعنيه من تنازل عن طموحات سياسية وشخصية في السلطة والحكم وهو أمر لم يعد وارادا في ظل ما يرفع من شعارات لديها استحقاقاتها الشعبية. ولذلك أصبح التغيير من أو الانتقال من حالة الحرب إلى السلم (إنهاء الحرب) أمرا تحذره كل الأطراف وفي الوقت نفسه تخشى استمرار الحرب نفسها.
ازاء هذه الرؤى المتضاربة هل باتت الحرب ضرورة يمليها الواقع الذي اوجدته الحرب نفسها على الساحة السياسية السودانية؟ ولماذا فشلت وتفشل كل المحاولات في الداخل والخارج في إيجاد مخرج من دائرتها؟ ولأن خطر التجاوزات السياسية والعسكرية والإنسانية والخلل الذي ألحقته الحرب ببنية الدولة والمجتمع لا يقل خطرا عن الحرب وكوارثها قد ساهمت جميعها في اندلاع الحرب ابتداء ومن ثم تمكنت من فرض منطقها في أن تكون الحرب لأجل الحرب. فإذا كانت مؤسسات الدولة بما فيها أطقمها الوزارية والعسكرية الحكومة التي لجأت إلى العمل خارج مقارها الرسمية في العاصمة السودانية جراء الحرب إلا أنها ظلت الطرف الذي يمثل الدولة في دائرة القرار الدولي وتبقى قوات الدعم السريع طرفا مناوئا خارج مظلة الشرعية القانونية التي يسعى لاكتسابها بالقوة. وأي تكن مسافة الوقوف من دائرة التحكم والقرار فإن أي طرف في الحرب تكون أهميته بقدر استجابته لضرورات السلام.
لا يمكن بحال أن تكون الحرب الداخلية أو الاهلية حربا ضرورة لا مفر من خوضها ففي الحالة السودانية فإن استمرار الحرب يعني إبادة مجتمعية عرقية وزوالا لدولة من على الخارطة بالمعنى الجغرافي والتاريخي. وعلى حجم ضحاياها وفظاعة انتهاكاتها وما يعلن من قبل طرفيها بالالتزام بحماية المدنيين أمام الضغط الدولي على الرغم من التجاهل المتعمد تجاه المواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان من قبل أطراف الحرب. ويستمر تدهور الوضع الإنساني بما لا يقاس بكل حروب العالم وكلما تأزمت الحلول وانسدت الآفاق نحو السلام تزداد العمليات العسكرية مع تدهور مروع في الحالة الإنسانية.
إن عدم إدراك وتقدير العالم لما وصلت إليه الكارثة الإنسانية التي نتجت عن الحرب باعتراف المسؤولين الأمميين على الرغم من الأزمات الإنسانية والإقليمية في النزوح والمجاعة التي خلفتها وشكلت تحديا أمام المنظمات الإنسانية لا يفهم منه إلا أن ما تشهده الساحة الدولية من حروب في مختلف المناطق بتأثيرات استراتيجية كبرى جعلت من حرب السودان المأساوية بؤرة مجهولة على افق الحل الدولي. ومن ثم بقيت الحرب خارج سلطة القوانين والشرعية الدولية وفوقها على مستوى الممارسة والمسؤولية الجنائية والالتزام الأخلاقي على نص المواثيق المنظمات الأممية المعنية بالسلم والأمن.
الوسومالجيش الدعم السريع حرب السودان