متصلة: زوجي يضربني ثم يذهب للمسجد ليصلي بالناس إماما.. الأزهر يجيب
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
أكدت هبة إبراهيم، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، فى ردها على سؤال متصلة حول إن زوجها يصلى بالناس ويصوم ويضربني منذ 9 سنوات: أن الضرب لا يتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي، حتى لو كان الزوج ملتزمًا بالصلاة أو يلتزم ببعض الشعائر الدينية.
وأوضحت عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، خلال تصريح لها، اليوم الاثنين: "أحيانًا يكون الناس غير مدركين أن أصل الدين هو المعاملة الطيبة مع الآخرين، فالدين ليس مجرد عبادات أو شعائر فقط، بل هو أيضًا معاملة حسن مع الناس، إذا كان الزوج يلتزم بالصلاة ويؤدي الفروض، فهذا شيء جيد، لكن لا بد أن يعكس ذلك في معاملته مع زوجته، فالدين يطلب من المسلم أن يحسن معاملة أهله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: 'خيركم خيركم لأهله'، لذلك، لا يجوز أبدًا أن يضرب الزوج زوجته أو يهينها، سواء بالكلام أو بالفعل".
وأضافت هبة إبراهيم: "سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يضرب أحدًا قط، لا إنسانًا ولا حتى حيوانًا، والزوجة حقها على زوجها هو المعاملة بالرفق والرحمة، ولا يمكن تبرير ضرب الزوجة تحت أي ظرف كان، لأن ذلك لا يتماشى مع تعاليم الدين، الإسلام يدعونا إلى الرفق في التعامل مع الأهل، ويجب أن يكون هذا هو الأساس في العلاقة بين الزوجين".
وتابعت: "من المهم أن تتواصل السيدة مع مركز الأزهر العالمي للفتوى على الرقم 19906، حيث يمكننا التدخل لحل هذه المشكلة بطريقة فعّالة، نحن هنا لمساعدتها في الوصول إلى حل يرضي الله ويراعي حقوقها كزوجة، ويُصلح الوضع مع زوجها".
وأضافت: "لكن في البداية يجب دائمًا محاولة التعامل مع المشكلة بهدوء، وعدم التصعيد إذا كان الزوج في حالة عصبية أو انفعالـ ومع الوقت، قد يكون هناك مجال لإقناعه بأن هذه التصرفات غير مقبولة في الإسلام، وأن المعاملة الطيبة هي التي يجب أن تسود".
واختتمت قائلة: "أدعو هذه السيدة وكل امرأة تعاني من مثل هذه المشاكل أن تتواصل معنا، الضرب والإهانة لا يجوز في أي حال من الأحوال، والدين يوجب على الرجل أن يكون لطيفًا ورحيمًا مع زوجته، يجب أن تعيش الأسرة في جو من الاحترام المتبادل والتفاهم، وأي تصرف مخالف لذلك لا يتماشى مع قيم الإسلام".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر الضرب الصلاة الزوج الأسرة
إقرأ أيضاً:
إيفا ميروفيتش.. عاشقة جلال الدين الرومي
د. هيثم مزاحم **
شهد التصوف الإسلامي انتعاشًا كبيرًا خلال العقدين الماضيين بعد صعود التطرف الديني وانتشار الإرهاب باسم الدين على مدار العالم. فالكثير من المسلمين اليوم تحولوا إلى التصوف لتلبية احتياجاتهم الروحية. وقد شهد العقد الماضي عودة الاهتمام بالأعمال الصوفية، ولا سيما أعمال جلال الدين الرومي التي شهدت ترجمات جديدة من الفارسية إلى العربية والتركية ولغات أخرى.
وقد جذبت رواية «قواعد الحب الأربعون» للروائية التركية أليف شفق، والتي تُرجِمَت إلى نحو 30 لغة، اهتمام القراء الأتراك والغربيين والعرب، بسبب تسليطها الضوء على الرومي وعلاقته بمرشده شمس الدين التبريزي.
وتُعد الرباعيات من أجمل الأشعار التي نظمها الرومي، وقد ترجم مختارات منها من الفارسية إلى العربية عيسى علي العاكوب بمساعدة الباحث الإيراني مرتضى قشمي. كما نقل العاكوب إلى العربية بعض آثار الرومي، وكتاب «الرومي والتصوف» للباحثة الفرنسية إيفا دوفيتري ميروفيتش.
وكانت ميروفيتش قد قامت بترجمة جل أعمال الرومي وهي: «فيه ما فيه»، «ديوان المثنوي»، «ديوان شمس تبريز» ثم «الرباعيات» إلى الفرنسية، وقامت الكاتبة المغربية عائشة موماد في ترجمة مختارات من الرباعيات إلى العربية اعتمادًا على الترجمة الفرنسية.
وكانت أول ترجمة للرباعيات إلى اللغة الفرنسية على يدي آصف شلبي سنة 1946، وتضمنت 276 رباعية. ثم قامت ميروفيتش بمشاركة جمشيد مرتضوي بترجمة نسخة تضمنت أكثر من ألف رباعية نشرت لأول مرة سنة 1987 في فرنسا.
تقول موماد إن ميروفيتش قد اعتمدت في ترجمتها للرباعيات من الفارسية على نشرة العلامة بديع الزمان فروزنفر التي تضمنت نحو ألفي رباعية، لكن موماد اكتفت بترجمة البعض منها فقط لاستحالة تقديم النصوص كاملة من دون أن تفقدها جماليتها الأصلية.
أما ميروفيتش فتقول في مقدمة كتابها: "هذا النوع من النظم الشعري يختلف عن نظم المثنوي أو الغزليات، يجعلك تواجه صعوبة شديدة في الترجمة، ليس حول إيصال المعنى للمتلقي، حتى وإن كان عميقًا، فإنه يظهر دائمًا في شكل مفهوم، بل حول الأسلوب والإبداع الأدبي. لقصر أبيات الرباعية، تتكثف فيها مجموعة من الصور والإيحاءات، تنتمي إلى ثقافة معينة، ويصعب عليها المرور بسهولة إلى لغة ثانية".
من هنا، ارتأت ميروفيتش القيام بانتقاء دقيق للرباعيات، لكي لا تشوّه جمالية تلك الأشعار، "حيث تتشابك ظلال الأحوال الروحية من رغبة وشوق وحزن وحلم وعشق إلهي".
وقد حذت موماد حذو ميروفيتش فاختارت ترجمة خمسين رباعية فقط، كي لا تحرّف المعاني العميقة أو تشوّه جمالية النص.
أما الباحث المصري خالد محمد عبده الذي قدّم للترجمة، فتناول حضور الرومي في الثقافة العربية، الذي بدأ بإصدار مطبعة بولاق أجمل طبعات المثنوي، وشرحه العربي، وتطور بعد إنشاء معهد اللغات الشرقية بكلية الآداب في الجامعة المصرية، إذ أضحى المثنوي وقتها مادة للدراسة والترجمة، بفضل الأساتذة الأوائل الذين درسوا على أيدي المستشرقين المتخصصين في الأدب الفارسي.
وإذ يشير عبده إلى قلة الاهتمام المغربي سابقًا بالتصوُّف الفارسي وتحديدًا الرومي، باستثناء كتابات محمد ناعم وأحمد موسى، يلاحظ اهتمامًا مختلفًا مع عائشة موماد، التي قدّمت لنا للمرة الأولى في اللغة العربية ترجمات عن الفرنسية لإيفا ميروفيتش وليلي أنفار وأستاذ إلهي ونهال تجدد وغيرهم ممن اهتموا أو استفادوا من دروس الرومي، فنقلت موماد شهادة الشيخ خالد بنتونس شيخ الطريقة العلاوية في حق ميروفيتش عن الندوة التي أقيمت في قونية للحديث عن إيفا إلى اللغة العربية، وعرّفتنا موماد كيف دخلت ميروفيتش إلى عالم العشق المولوي. فعبر ترجمتها كتب محمد إقبال من الفارسية والإنجليزية إلى الفرنسية، تعرفت ميروفيتش على الرومي وفُتحت لها أبواب العشق والمعرفة على مصاريعها.
تقول ميروفيتش: "لقد كرّست كل حياتي للشاعر الصوفي الكبير مولانا جلال الدين الرومي، لأني وجدت أن رسالته تخاطب الوقت الراهن. إنها رسالة حب، ذات بعد أخوي".
كيف تعرفت ميروفيتش على عالَم الرومي؟
في عام 1970 سافرت إيفا من باريس إلى مصر، وهناك درّست في جامعتي الأزهر وعين شمس. وحول اعتناقها الإسلام، تقول: "تعرّفتُ على الدّين الإسلامي بطريقة أكاديمية في بادئ الأمر، ودرستُ مؤلفات الشاعر الباكستاني إقبال دراسة عميقة. ودرست ما يتخلل شريعة الإسلام والسُّنة من أمور مبهمة على الفهم العادي، لكي أتعرّف على حقيقته، فقرأت للفيلسوف الغزّالي مثلًا وغيره كثيرين. واكتشفتُ أن الإسلام دينٌ حيّ. وقد كنتُ محبّة دومًا لتعريف البيضاوي وتفسيره للإيمان إذ يرى أن الإيمان يقتضي باختصار وتركيز أن يتقبّل الإنسانُ الشيء على أنه حقيقي مع سلامة القلب والعقل. وقد رأيتُ أن الإسلام وحده هو الكفيل بأن يحقق لي هذا الإيمان".
حصلت إيفا على دكتوراه الدولة في الفلسفة، كما درست العلوم الإسلامية واللغة الفارسية لتنشر كتابها «التصوف والشعر في الإسلام» وبخاصة عن الرومي والدراويش المولوية. وتخصصت في الفلسفة الإسلامية، ولا سيما التصوف الفارسي، وقامت بدراسة الكثير من المخطوطات وتلخيصها ونقلها إلى القارئ الأوروبي في لغة مبسّطة ومفهومة. فهي كانت تحلم بأن تعرّف الشعب الفرنسي والشعوب الناطقة بالفرنسية بالرسالة الجمالية للإسلام، وقد تمكنت من تحقيق حلمها عندما ترجمت أغلب أعمال الرومي.
ولجت ميروفيتش إلى عالم الرومي عن طريق الشاعر الهندي محمد إقبال القائل: "صيّر الرومي طيني جوهرًا…. من غباري شاد كونًا آخر". فقد قرأت كتاب إقبال، "إعادة بناء الفكر الديني للإسلام" فوجدت فيه إجابات للعديد من أسئلتها عن ديانتها المسيحية. تأثرت إيفا بمؤلفات إقبال، ونقلت قسمًا من أفكاره وأشعاره إلى الفرنسية. لكن التأثير الحقيقي كان من إقبال الذي لفت انتباهها إلى الروميّ، فكتبت دراستها "الرومي والتصوف" عام 1977 بعدما كتبت أطروحتها للدكتوراه عام 1968 عن "التصوف والشعر في الإسلام".
في آخر محاضرة ألقتها في مدينة قونية التركية، حيث مرقد الرومي، في 26 مايو 1998، صرّحت إيفا للحضور قائلة: "أودُّ أن أدفن في قونية كي أبقى تحت ظلال بركات مولانا إلى يوم الحساب". وقد توفيت إيفا في 24 يوليو من العام نفسه عن 89 سنة ودُفنت في مقبرة قرب باريس. لكن بعض أصدقائها الأتراك ساهموا في نقل جثمانها إلى قونية في 17 ديسمبر 2008 في "احتفالية يوم العُرس"، التي تقام في ذكرى رحيل الرومي.
** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية - لبنان
رابط مختصر