الذكاء الاصطناعي الشامل.. الوحش الحقيقي!
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
مؤيد الزعبي
صحيحٌ أن أدوات الذكاء الاصطناعي باتت موجودة في كل المجالات تقريبًا فأحدها يكتب نصًا وآخر يرسم صورة أو يصمم تصميمًا أو يصنع فيديو أو حتى يؤلف موسيقى ويقلد فنانًا أو يحاورك ويسمعك كما لو كان طبيبًا أو صديقًا أو يدافع عن حقوقك كما لو كان محاميًا.
وهناك أدوات تتشكل على هيئة روبوتات وسيارات وثلاجات وهواتف وأجهزة مختلفة، كل هذا جميل ومذهل ولكن طالما أن كل هذه الأدوات لم تتجسد في نظام واحد شامل فالوحش الحقيقي لم يظهر بعد، فتخيل معي عزيزي القارئ كيف سيكون تأثير الذكاء الاصطناعي لو كان نظامًا متكاملًا يرسم ويكتب ويعزف ويحمل ويبني ويصنع ليس كل واحد على حدة إنما كيان واحد متكامل، وقتها سيكون الوحش قد خرج وظهر للعلن، وعندما أقول لك كلمة "وحش" لا أقصد أبدًا المعنى السلبي؛ بل أعني أن قدرات الذكاء الاصطناعي ستصبح كالوحش قادرة على القيام بكل شيء نجده اليوم صعبًا أو مستحيلًا.
كل ما نراه اليوم من تطورات في عالم الذكاء الاصطناعي مازالت متفرقة، فما يصنعه شات جي بي تي وشبيهاته من أنظمة التوليد اللغوي ما هي إلا كلمات وأفكار يولدها، لم يحرك بها ذراعًا آلية ليبتكر ويصنع، ولم يمسك ريشة فنان ويبدأ بالرسم، إنما يرسم إلكترونيًا ويكتب إلكترونيًا، وحتى لو سألته كيف بالإمكان أن تصنع طائرة مسيرة كمثال سيقدم لك الطريقة لكنه لن يذهب للمعمل أو المصنع ويصنعها بنفسه، ولو تحدثت معه عن كيفية بناء مفاعل نووي بطريقة مبتكرة وصديقة للبيئة سيقدم لك إجابة شافية ووافية ولكنه لا يملك السلطة ولا حتى الأذرع لتنفيذ فكرته، فهو مجرد مولد للكلمات والرسومات والصور، ولهذا أخبرتك أن الوحش مل يظهر بعد، فتخيل عندما تصبح هذه الأدوات عبارة عن عقول وأذرع وأرجل وأنظمة متكاملة حينها ستكون قادرة على كتابة فكرتها وتضع خطتها ولديها أذرع تنفذ ما في عقولها.
وإذا ذهبت لأدوات تصنيع الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي فصحيح أن نتائجها مذهلة ومتطورة فعندما تحول لك النص لفيديو، أو تقوم بتحويل فيديوهاتك لنماذج وأشكال غاية في الروعة إلا أنها حتى الآن لم تصبح نظامًا شاملًا قادرًا على إنشاء محتوى متكامل، وليست قادرة على إنشاء فيديو نستطيع القول بأنه احترافي من حيث الصورة والانيميشن والقصة والمؤثرات والنص، وبالطبع لم تصل قدرات الذكاء الاصطناعي لأن تصنع فيلمًا ولا حتى قصيرًا، فصحيح أن الأدوات موجودة بكل جانب على حدة إلا أنها غير شاملة في برنامج واحد، ولهذا تخيل عزيزي القارئ عندما تصبح هذه الأدوات متكاملة فحينها ستصنع لك فيلمًا سينمائيًا لو أردت، وربما لن تصنع لك ربما تصنع لنفسها وتصبح هي التي تدير قطاع المحتوى بأكمله، وسنجد حينها ذكاء اصطناعي قادر على كتابة سيناريو فيلم ويراجعه ويدققه ومن ثم يبدأ بتجهيزه وتنفيذه ونشره وترويجه دون أي تدخل منك، وربما نجدك تتفاوض معه لشراء حقوق بث أو استخدامه.
وكذلك الأمر في مسألة السيارات ذاتية القيادة، فنحن نجهز لسيارات تقود نفسها بنفسها وإلى الآن لم تكتمل الصيغة النهائية لهذه السيارة وحتى عندما تكتمل ستكون هذه السيارات ملكنا نحن البشر، ولكن ما أن تصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي هي التي تحركها وتنظم حركتها وتضع قوانينها وتطبقها على أرض الواقع حينها سنقول بأن هذا النظام لم يعد نظام ذكاء اصطناعي بل سيكون بمثابة وزارة للمواصلات والطرق، وكذلك الأمر عندما تصبح الربوتات هي الطبيب وأجهزة الفحص وهي نفسها المعامل والمختبرات وهي ذاتها من تعمل على تصنيع الأدوية وتقوم بتجريبها واختبارها، وأنا أتحدث أن يكون كل هذا ضمن نظام شامل متكامل، حينها سنجد الذكاء الاصطناعي وحشًا قادر على القضاء على الكثير من الأمراض وبنفس الوقت سيكون بمقدوره تحديد مصائرنا أو التأثير فيها فأنا أتحدث عن ذكاء اصطناعي شامل يدير بيوتنا وشوارعنا ومدننا ومكاتبنا وشركاتنا ومستشفياتنا ومدارسنا وجامعاتنا وكل شيء من حولنا.
ربما قد يصل لك عزيزي القارئ تصورًا بأن الذكاء الاصطناعي سيعمل مكان الحكومات في قادم الوقت وهو من سينفذ أعمالها بدلًا عنها، ولكن ماذا إن قلت لك أن الذكاء الاصطناعي الشامل سيكون قادرًا على إدارة ما هو أصعب من ملفات الحكومات أنفسها، سيكون قادرًا على إدارة حياتنا بأرضنا وسمائنا والدليل أننا نصنع اليوم أدوات ذكاء اصطناعي متفرقة تقوم بمهام هنا وهناك وقد شاهدنا العجب العجاب من قدراتها فكيف هو الحال لو كان النظام شامل.
لا أجد الأمر سيئًا أو مخيفًا؛ بل إنني على يقين بأن الذكاء الاصطناعي سيقدم لنا حلولًا لمشاكل لم نستطع نحن البشر القيام بها، خصوصًا وأننا على مفترق طرق من أمور كثيرة تهدد حياتنا؛ كالحروب والنزاعات وقضايا البيئة وانتشار الأمراض وعدم المساواة والتفاوت في معيشة الشعوب، كل هذا سيجد له الذكاء الاصطناعي تصريفًا ربما شاملًا، لكن كل ذلك مرهون بكيفية بنائه وتأسيسه وبرمجته، وهذا هو دورنا كبشر من الآن وصاعدًا، حتى نضمن تواجدنا في عالم الذكاء الاصطناعي الشامل.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أحمد عبد العليم: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مستقبل الإعلام (خاص)
شهدت الجامعة الكندية في مصر حدثًا بارزًا ضمن فعاليات مؤتمر "الذكاء الاصطناعي في الإعلام"، الذي جمع نخبة من الخبراء والأكاديميين لمناقشة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته.
وتميز المؤتمر بتكريم مخرج فيلم "الصقر" أحمد عبد العليم قاسم، الذي عرض فيلمه ضمن فعاليات مهرجان السينما الفرنكوفونية ومؤسس مبادرة "ستاند باي AI"، التي تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في إنتاج الأعمال الإعلامية والسينمائية.
نظمت الجامعة الكندية الندوة بحضور عدد من الشخصيات البارزة في مجال الإعلام والذكاء الاصطناعي، مثل د. حسن عماد مكاوي، رئيس جمعية خريجي الإعلام، ود. هويدا مصطفى، عميد كلية الإعلام بجامعة MUST، والمهندس زياد عبد التواب، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ود. عبد العزيز السيد، عميد كلية الإعلام بجامعة بني سويف، ود. إنجي لطفي، مؤسسة صفحة "أهل الميديا".
افتتح المؤتمر بمشهد لافت أظهر التطور الكبير في استخدام الذكاء الاصطناعي، حيث شاركت "دانا"، المذيعة الافتراضية، في تقديم فعاليات المؤتمر إلى جانب الإعلامية هبة جلال، مما أثار إعجاب الحضور، كما أعلنت د. أمل الغزاوي عن تعيين "رفيق"، المعيد الافتراضي، كأحد الحلول لدعم العملية التعليمية، مما سلط الضوء على كيفية الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في الحياة الأكاديمية.
وفي تصريح خاص لـ"بوابة الوفد الإلكترونية"، أعرب المخرج أحمد عبد العليم عن فخره بالمشاركة في هذا المؤتمر البارز، حيث ألقى كلمة حول تجربته في قيادة مبادرة "ستاند باي AI".
وأوضح أن المبادرة تسعى إلى تحقيق الترابط بين الأجيال المختلفة من خلال استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أهمية فهم تطلعات جيل "Gen Z"، الذي وُلد في عصر الإنترنت، وجيل "Alpha"، الذي نشأ وسط تطور الذكاء الاصطناعي.
وقال "عبد العليم": "مبادرة ستاند باي AI ليست مجرد مشروع تقني، بل هي رؤية لتعزيز التواصل بين الأجيال المختلفة، وفي مشوار يمتد لثماني سنوات، حققت المبادرة نجاحات في إنتاج الأفلام والمحتوى الإعلامي باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما يجعلنا في طليعة المبدعين الذين يوظفون هذه التقنية لصناعة محتوى مميز".
حظي المخرج أحمد عبد العليم بتكريم خاص من د. ماجي الحلواني، إحدى أبرز الشخصيات الإعلامية، التي أشادت بدوره في تعزيز مكانة الشباب في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأشار عبد العليم إلى أن هذا التكريم هو تكريم لكل شباب مبادرة "ستاند باي AI"، الذين يواصلون العمل بجهد لتوثيق الفعاليات وإجراء لقاءات مع الخبراء والأكاديميين.
أكد "عبد العليم" أن المبادرة تسعى لتقديم أعمال إعلامية وسينمائية بلمسات متطورة، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا أساسيًا في عملية الإنتاج، وأضاف: "تمكنا من تحقيق إنجازات ملموسة في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، سواء في إعداد البودكاست أو إنتاج الأفلام القصيرة، مما يسهم في تقديم محتوى يلبي تطلعات الجمهور المعاصر".
اختتم "عبد العليم" تصريحاته بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة مساعدة، بل هو شريك في تطوير المجال الإعلامي.
وشدد على أهمية توعية الأجيال القادمة بأخلاقيات استخدام هذه التقنيات لضمان تحقيق أقصى استفادة منها دون المساس بالقيم الإنسانية.
يمثل مؤتمر "الذكاء الاصطناعي في الإعلام" خطوة هامة نحو استكشاف الإمكانيات الهائلة لهذه التقنية، ويعكس تكريم أحمد عبد العليم تقدير المجتمع الإعلامي لإبداعاته وجهوده الرائدة.
نبيل الحلفاوي.. قبطان الفن المصري وزواج قصير أثمر مخرجًا كبيرًا (تفاصيل) حصاد 2024| أفراح نجوم الفن تسطر لحظات من الحب والسعادة فوائد الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة في مكافحة الأمراض نوال الكويتية تثير الجدل بحذف لقبها الفني بعد سحب جنسيتها| الحقيقة وراء الشائعات نهلة أحمد حسن: تكشف عن مشروع سينمائي لتوثيق تضحيات الشهداء وبطولاتهم للأجيال القادمة|خاص خاص|نهلة أحمد حسن:"الصقر" فيلم يخلد بطولات والدي الشهيد ويحكي قصة إنسانية ملهمة خاص| أحمد قاسم: "الصقر".. ملحمة سينمائية تخلد بطولات أكتوبر وتحصد إشادة عالمية خاص| مصطفى وفيق:"مرار بطعم الشوكولاتة" يكشف تأثير التنمر الوظيفي بأسلوب فني ساخر أحدث التطورات في علاج مرض السرطان باستخدام العلاج الجيني أهمية الفحص المبكر للكشف عن أمراض القلب والأوعية الدموية