رفيا عبود

 

 

تعد العلاقات الثقافية والاجتماعية بين سوريا والصين من الجوانب المهمة التي تعكس تاريخًا طويلًا من التفاعل والتبادل بين الحضارتين، على الرغم من المسافات الجغرافية الكبيرة، إلّا أن الروابط الثقافية والاجتماعية قديمة وتعود إلى عدة قرون.

وتعود العلاقات بين سوريا والصين إلى العصور القديمة، حيث كانت سوريا نقطة التقاء طرق التجارة الشهيرة، مثل طريق الحرير.

وقد ساهمت هذه الطرق في تبادل السلع والثقافات والأفكار بين الشرق والغرب. كانت دمشق وحلب من المدن التي شهدت حركة تجارية نشطة، مما أتاح للثقافات المختلفة، بما في ذلك الثقافة الصينية، أن تتفاعل وتتبادل المعرفة.

وفي العصر الحديث، بدأت العلاقات الثقافية بين سوريا والصين تأخذ طابعًا أكثر تنظيمًا. تم تبادل الزيارات الثقافية والفنية، حيث قامت فرق فنية سورية بزيارة الصين لتقديم عروض فنية، كما قامت فرق صينية بزيارة سوريا. هذه الفعاليات ساهمت في تعزيز الفهم المتبادل وتعريف الشعوب بتاريخ وثقافة كل منهما.

كما شهدت هذه العلاقات نمطًا آخر من التقارب فقد شهدت عدة ارتباطات أسرية بين الشعبين وأصبح الزواج بالفترة المتأخرة عناوين تكتبها الصحافة عن عقود بين شبان وشابات ومن أشهرها الارتباط الاخير الذي تم بين الشابة آية والرجل "يان" الذين شكلا حالة جميلة واكدا على قوة العلاقات وتطورها على أكثر من صعيد.

وشهدت السنوات الأخيرة زيادة في التعاون الأكاديمي بين الجامعات السورية والصينية. تم تبادل الطلاب والأساتذة، مما ساعد على تعزيز المعرفة والبحث العلمي في مجالات متعددة. تقدم العديد من الجامعات الصينية منحًا دراسية للطلاب السوريين، مما يتيح لهم الفرصة للدراسة في بيئة تعليمية متقدمة.

وتعد الفنون والآداب من المجالات التي تعكس عمق العلاقات الثقافية بين البلدين. يتم ترجمة الأدب السوري إلى اللغة الصينية والعكس صحيح، مما يسهم في تعريف الشعبين بأدب وثقافة الآخر. كما يتم تنظيم معارض فنية تتضمن أعمال فنانين من كلا البلدين، مما يعزز الحوار الثقافي.

ورغم الروابط القوية، تواجه العلاقات الثقافية والاجتماعية بين سوريا والصين تحديات عدة، منها الظروف السياسية والاقتصادية في المنطقة. ومع ذلك، تظل الفرص متاحة لتعزيز هذه العلاقات من خلال المزيد من التعاون في مجالات التعليم والفنون والبحث العلمي.

وختامًا.. إن العلاقات الثقافية والاجتماعية بين سوريا والصين تمثل نموذجًا للتعاون والتفاعل الإيجابي بين الحضارات، ومن خلال تعزيز هذه الروابط، يمكن لكل من البلدين أن يستفيد من تجارب الآخر ويعزز الفهم المتبادل، مما يسهم في بناء مستقبل أفضل للشعبين.

** صحفية سوريَّة

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الممر الاقتصادي بين باكستان والصين.. هل يصمد في وجه التحديات؟

سلط موقع "نوتيتسي جيوبوليتيكي" الضوء على التقارب الاقتصادي بين الصين وباكستان من خلال مشروع الممر الاقتصادي المشترك، معتبرا أن هذا التقارب يواجه تحديات كبيرة بسبب الأوضاع الداخلية في باكستان والصراع على النفوذ بين القوى العالمية.

وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الصين وباكستان أعادتا تأكيد التزامهما بتطوير المرحلة الثانية من الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، والذي يُعد ركيزة أساسية في مبادرة الحزام والطريق الصينية.

وجاء هذا الإعلان في 11 كانون الثاني/ يناير 2025، عقب الاجتماع الثنائي الذي جمع نائب وزير الخارجية الصيني سون ويدونغ، ووزيرة الخارجية الباكستانية آمنة بلوش، في بكين.

تضمن اللقاء الجولة الرابعة من المحادثات الدبلوماسية والاجتماع الخامس لمجموعة العمل المشتركة للتعاون الدولي بين الصين وباكستان، حيث قام ممثلو البلدين بتحديد الخطوات الضرورية لتعزيز هذه الشراكة الاقتصادية الحيوية.


وذكر الموقع أن الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني بدأ رسميا في عام 2015، ويمثل واحدًا من أكثر الاستثمارات الصينية أهمية في جنوب آسيا، حيث تم تخصيص عشرات مليارات الدولارات للبنية التحتية والطاقة والتنمية الصناعية في باكستان.

وتركز المرحلة الثانية، التي أُطلق عليها اسم "CPEC 2.0"، على الصناعات المتقدمة، وتطوير المناطق الاقتصادية الخاصة، والطاقة النظيفة والاستدامة، بالإضافة إلى الزراعة وتحسين ظروف المعيشية في باكستان.

تحديات كبيرة
أوضح الموقع أن المشروع يواجه تحديات كبيرة رغم التفاؤل المعلن، حيث إن انعدام الاستقرار السياسي في باكستان، والأزمة الاقتصادية، والمشكلات المزمنة في قطاع الطاقة، تشكل اختبارًا لقدرة إسلام آباد على الوفاء بالتزاماتها.

وشهدت منطقة غلغت-بلتستان في أقصى شمال باكستان، وهي منطقة رئيسية في الممر الاقتصادي، في الفترة الأخيرة احتجاجات من السكان المحليين بسبب الظروف المعيشية القاسية والانقطاعات الطويلة للتيار الكهربائي في مناخ شديد البرودة.

وقال الموقع إن هذه الاحتجاجات أدت إلى إغلاق طريق قراقرم السريع، وهو شريان رئيسي للتجارة بين الصين وباكستان، مما أعاق مرور الشاحنات المتجهة نحو الحدود، وأظهر مدى هشاشة البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية.

أكبر دائن لباكستان
حسب الموقع، يقوم التعاون الاقتصادي بين الصين وباكستان يقوم تاريخيًا على علاقة ذات منفعة متبادلة، لكنه ليس خاليًا من الاختلالات. وتُعد الصين أكبر دائن لإسلام آباد، حيث يرتبط 13% من إجمالي الدين الباكستاني بمشاريع بنية تحتية ممولة من بكين.

ووفقًا للبيانات الرسمية، أقرضت الصين باكستان ما يقرب من ضعف ما قدمه كل من البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي، مما خلق تبعية اقتصادية تثير مخاوف على الصعيدين الداخلي والدولي.

مع ذلك، ترى باكستان في الاستثمارات الصينية الجديدة فرصة لتخفيف أزمتها الاقتصادية وسد فجوات البنية التحتية التي تعيق تطورها.

التعاون العسكري
إلى جانب الاقتصاد، تمتد الشراكة بين الصين وباكستان إلى المجالين العسكري والاستراتيجي، وتُعد إسلام آباد أكبر مستورد للأسلحة الصينية، حيث تستورد 40% من صادرات بكين من الأسلحة.

وذكر الموقع أنه خلال الفترة بين عامي 2017 و2021، تجاوز حجم التعاون العسكري بين البلدين  نظيره بين الصين وروسيا. وشمل التعاون التدريبات المشتركة، وتبادل الخبرات التكنولوجية، والتعاون في مجال الصناعات الدفاعية.


ويؤكد هذا التحالف العسكري على دور باكستان كحليف رئيسي للصين في المنطقة، مما يُسهم في موازنة النفوذ الهندي والأمريكي في البلاد، وفقا للموقع.

طموحات متباينة
أضاف الموقع أن الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني يُعد عنصرا أساسيا في استراتيجية بكين لتعزيز نفوذها الجيوسياسي والتجاري في جنوب آسيا. ويمثل ميناء جوادر، المتصل بالممر الاقتصادي، نقطة حيوية للوصول إلى بحر العرب وتوسيع المسارات اللوجستية نحو إفريقيا والشرق الأوسط.

واعتبر الموقع أن هذا الممر يبقى رغم التحديات مشروعًا استثنائيا قادرًا على النهوض باقتصاد باكستان وتعزيز مكانة الصين كقوة عالمية، لكن استدامته تعتمد على قدرة إسلام آباد على تحقيق الاستقرار الداخلي، وعلى استعداد بكين لمواصلة الاستثمار في بلد يعاني من مشاكل سياسية واقتصادية كبرى.

وفي المرحلة الثانية من المشروع، تراهن باكستان على الخروج من حالة الركود الاقتصادي، بينما تسعى الصين لاختبار نفوذها العالمي، ويرى الموقع أن السؤال الذي يُطرح الآن: "هل ستتمكن هذه الشراكة من الصمود أمام التحديات التي يفرضها سياق دولي يزداد تعقيدًا؟".

مقالات مشابهة

  • عادل حمودة: طبيعة ترامب الزئبقية ستفتح المجال لروسيا والصين في الشرق الأوسط
  • روسيا وفرنسا والصين أبطال «دولية» تنس دبي للشباب
  • رئيس حزب الاتحاد: علاقات مصر والصين قوية وبلغت ذروتها في عهد السيسي
  • بوتين وبزشكيان يجريان مباحثات معمقة حول تطورات سوريا والمنطقة
  • واشنطن: زيادة عدد الرؤوس النووية لن تشكل رادعا لروسيا والصين
  • خطوة تاريخية ... اليابان تفتح بعثة دبلوماسية لدى حلف الناتو وسط توتر إقليمي متصاعد مع روسيا والصين
  • في مؤتمر صحفي مع الشرع.. هذا ما قاله رئيس وزراء قطر عن العلاقات مع سوريا
  • الممر الاقتصادي بين باكستان والصين.. هل يصمد في وجه التحديات؟
  • وزارة الثقافة تعقد الاجتماع التنسيقي الأول لتنظيم الأيام الثقافية المصرية في قطر
  • بريطانيا والصين ترحبان باتفاق وقف إطلاق النار في غزة