تعتبر الحياة الزوجية هي كعجينة اللينة يشكّلها الزوجان على الصورة التي يريدان أن يعيشا عليها. فإن أرادا السعادةَ والألفة كانت لهما، وإن أرادا الشقاء كان لهم كذلك، لكن ما الذي يفصل بين السعادة والشقاء؟

هو سؤال طرحناه في على بعض الأزواج، ولكل كان له رأي:

أم وليد من الطارف متزوجة منذ عشرين سنة تقول:

“السعادة الزوجية لا تكتمل إلا بالحب”

فبالحب تقول أن كلا الزوجين يحرصان على فهم متطلبات الآخر وفهم حقوقه، كما أن الاحترامَ مهم؛ لأنه ينشئ أسرة متماسكة، وترى أن الحياة الزوجية لا يمكن أن تستمر إذا لم يكن فيها حبٌّ، وإذا فُقِد الحبُّ فُقِد الاحترامُ.

أما الأخت نورة من العاصمة متزوجة منذ خمس عشرة سنة تقول:

“الاحترام هو الأهم في الحياة الزوجية”

لأن الاحترام هو الذي يولد الحبَّ بين الزوجين، فكلما احترم الزوجُ زوجتَه أحبته، وكذلك الزوجة كلما احترمت زوجَها أحبها أكثر وأكثر، وهو مهم أكثر من الحب.

ووافقتها في هذا الرأي أم إبراهيم متزوجة منذ خمس سنوات إذ قالت:

الاحترام أولا، لأنه هو الذي يجلب الحب والمودة، وإذا احترمت الزوجةُ زوجَها أحبها، والعكس صحيح.

ويقول السيد محمد من جلفة متزوج منذ سنتين:

إن الاحترام هو سيد المبادئ

وهو الذي يفتح نافذة واسعة يمكن من خلالها رؤية الكثير من المبادئ كالتعاون، والانتماء، والوضوح، والحب، والصداقة، والتنازل وغيرها، بوضوح وبطريقة تحدد ملامح تلك العلاقة، وأن يعي كل من الطرفين الآخر ويفهمه، وألا يجعل شخصيته هامشية، وأن يستطيع فهم الطرف الآخر دون إذلال له أو اقتحام لشخصيته، ففي هذه الحالة يشعر كل من الطرفين بقيمته مع الآخر وتقبل الآخر له بدرجة يصلُ فيها إلى تقبل عيوب الآخر قبل مزاياه، مع السعي الجاد لتعديل تلك العيوب بأساليبَ مهذبة.

فيجب على كلا الطرفين احترامُ الآخر ليصل إلى المحبة الصادقة التي تعني العطاء بلا حدود، وكذلك من الواجب عليهما الشعورُ بقيمة ذلك الاحترام، وأقول لمن يقول: إن المحبة تأتي قبل الاحترام: كيف تحب الشيء ما لم تحترمه؟

أما أم إسلام من بجاية متزوجة من عشر سنوات:

“يجب أن توافق بين الأمرين”    

الحب وشيء من الاحترام للذات والرغبات والاختلافات ينتج أفراحًا وسعادة، فلا انفكاك بين حب واحترام، أما إن كان هناك احترام فسيولد المودة التي ذكرها الله في القرآن، فيحترم كل من الزوج والزوجة حقوقَ وواجباتِ الآخر، ومن ثم إن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها حتى تسير القافلة.

ومن هنا نستخلص أن الحياة الزوجية لها شكلها وسماتها الخاصة، وتختلف عن أي علاقة إنسانية أخرى، فهي علاقة أمان، وسكينة، ومودة ومحبة، وتفاهم وراحة بال، فالاحترامُ يعزز مشاعر الحب سواء كان بكلمة حلوة أو موقف رحيم أو نظرة دافئة أو لمسة حنون، والحب فطرة فطر الله عليها قلوبَ عباده بداية من حب الله سبحانه وتعالى، ثم حب الرسول  صلى الله عليه وسلم، وحب الوالدين، وحب الإخوة، وحب الأبناء، وبلا شك حب شريك الحياة، أما الاحترامُ فهو مناخ صحي للحياة الزوجية.

المصدر: النهار أونلاين

كلمات دلالية: الحیاة الزوجیة متزوجة من

إقرأ أيضاً:

من نحن؟

أكتب في انتظار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يفترض أن تقف بموجبه آلة المجزرة الإسرائيلية، بعد أكثر من ٤٦ ألف ضحية فلسطينية أمام أعين العالم، غير الضحايا في لبنان وسوريا. والسؤال الذي يدفعني للكتابة هنا يشبه كتابة ما بعد الصدمة، من أنا؟ ومن هؤلاء؟ من نكون نحن ومن الآخر، والآخرون؟ ليقع هذا وأشباهه؛ لأن ما حدث مزلزل، ومباشر ظل يصلنا لحظة وقوعه، ونحن آمنون نواصل حياتنا كما هي، بل وربما سافرنا وارتحلنا وعدنا، ونحن نتفرج، على المجزرة، لزمن طويل، ممدد بالفظاعة والخجل والعجز والكذب على الذات؛ وهذه مأساة حقيقية مزرية للإنسان المعاصر، أن تتحول المجزرة إلى موضوع فرجة مباشرة، على الهاتف.

هذا النوع من الرعب المعمم الذي يهز أركان الكيان الإنساني جعلني، بالإضافة لأسباب أخرى، أتوقف عن متابعة الأخبار منذ مدة، مندفعًا للبحث عن فهم ما، آملًا في أن الانهماك في البحث سيخفف شيئًا ما من أساي الشخصي، ذلك أن مجرد التفكير بالرقعة العربية الشاسعة من الخراب الذي يحيط بإسرائيل المتوحشة مرعب، حديقة خلفية لجيش إسرائيل، في دول الطوق أو ما تبقى من كل الأنظمة العربية التي ضعفت وتهلهلت وانهارت وكان آخرها النظام البعثي في سوريا؛ تلك الأنظمة التي سقطت مخلّفة وراءها الخراب، والفوضى، بعد العمران والنظام والاستقرار الشكلاني على الأقل لعقود طويلة، لكنني أنظر بتأثير اللحظة فأراه العمران والنظام الذي فشل في البقاء، لم يعرف كيف يصعد ببلده، ولا كيف يطور ذاته، رغم كل التحالفات المزعومة، ولا كيف يستوعب متغيّرات المنطقة، ولا كيف يحمي نفسه في النهاية من فساده وانحلاله وسقوطه ومعاركه المخزية، تاركًا الإنسان العادي مكشوفًا عاريًا أمام كل من يملك السلاح، أجمل أحلام شبابه الهجرة، بكل ما تحمله الهجرة من معان، تلك الأنظمة التي ظلت طوال عقود تتبجح بأسطوانات الأمن والأمان والقبضة الحديدية والحكم العسكري.

للثقافة العامة يد فيما حدث ولا يمكن ألا نلوم الثقافة، لقد تعودنا على إلقاء اللوم على غيرنا منذ الحقبة الاستعمارية، وقد خرج الاستعمار القديم منذ منتصف القرن الماضي، فعدنا نلقي اللوم على الهيمنة والنفوذ، بوصفها الاستعمار الجديد، ما بعد الكولونيالي، كما تعودنا على إلقاء اللوم على أشقائنا وإخوتنا، وباختصار تعودنا على إلقاء اللوم على الآخر، وهو الأمر نفسه الذي ما زلنا نفعله إلى اليوم، حتى أصبح الأمر عادة قارّة نعود إليها عند كل مشكلة، صغرت أو كبرت، سياسية كانت أو شخصية؛ لم لا يكون الآخر مجرد شماعة وهناك مشكلة فينا نحن؟ فعلينا أن نصغي حتى للتهم الموجهة إلينا من أعدائنا، إن إلقاء اللوم على الآخرين سهل، وهو يعفي الذات من المساءلة، فهل نحن نتهرب من أنفسنا ومن مواجهة أخطائنا؟ ومنذ متى ونحن نفعل ذلك؟

لا تفيدنا ثقافة إلقاء اللوم على الآخر في شيء، وبهذه الطريقة نحن نطالب الآخر بأن يصلح من نفسه، ولا نطالب أنفسنا بإصلاح ذواتنا، نطالب الآخر بأن يحسن من أساليبه معنا، وهو يفعل ذلك بدوافعه الذاتية بالمناسبة دون توقف، لكن كل ذلك مبني على فهمه ومنظوره لذاته، ومبني على فهم ودراسة لنا نحن، بوصفنا ظاهرة يريد مواصلة السيطرة عليها واستغلالها؛ والمكتبة مليئة بالكتب الأجنبية عنا، ونحن نذهب إليها لنعرف من نحن، أو لنعرف ماذا حدث بالضبط، أو على الأقل لنحصل على رواية أدق عن روايتنا نحن للأحداث، لكن عبارة سقراط الكلاسيكية لا تقول اعرف نفسك فحسب، بل أعرف نفسك بنفسك.

في المقابل يمكننا المواصلة بعيدًا في جلد الذات، والنواح على الذات كأننا أمام جثة، لكن تلك إحدى مصائبنا الأخرى التي استغرقت فكرنا حتى صارت لازمة تتكرر، وكأننا أمام خيارين متطرفين، إلقاء اللوم على الآخر أو قتل أنفسنا عبر جلد ذواتنا واحتقار أنفسنا، والعبارات الجاهزة أكثر من أن تعد وأن تحصى، هكذا نحن، نقول، وكأننا لا نعرف من نحن بعد كل هذه القرون، وكأننا لم ندرس أنفسنا، ولم ننظر لوجوهنا في مرآتنا، أو في أي مرآة، يبدو كما لو أننا لم نحاول الإجابة، أو أن الإجابة التي قدّمها لنا مفكرونا وعلماؤنا لا قيمة لها، فنحن لا نبني عليها شيئًا، بل نهرب طوال الوقت للماضي السحيق، لما قبل كل هذا، للحظة قديمة، صنم ما، نتمسح به ونرفض كل صورة أخرى، ونحن أسرى تلك الصورة التي يقدمها الفقه القديم معتمدًا على كتب التراث بوصفها الصورة التي يجب أن نكون عليها، تلك الصورة نفسها التي حين حاول متحمسونا بعثها في الحاضر أنتجوا لنا القاعدة وداعش والنصرة، وأشباهها.

أما نحن فلا نملك صورة لنا الآن، وحتى الصور القديمة لنا هي صور متلاعب بها، بالفوتوشوب التاريخي، لأغراض سلطوية وسياسية وتاريخية، بل هناك الكثير من الصور المحجوبة والممنوعة من التداول، لنا نحن، وبيننا نحن، وكل تلك الظلمة تمنعنا من معرفة من نكون نحن، ليس في الماضي فحسب، بل الآن، من نحن الآن؟ ولا عجب بعدها أن يذهب كل منا في جهة ، وأننا قابلون دومًا للخلافات وافتعال المشاكل بل والحروب مع بعضنا البعض، وأن كل تقدم وتطور شكلاني أقمناه يبقى فترة قبل أن يسقط وينهار بنا معه.

هل نعتقد أننا نتقدم فعلًا؟ وأن لا وجه للشبه بين قاهرة وبغداد عشرينيات القرن الماضي ودبي والرياض عشرينيات هذا القرن؟

بعض الأسئلة تعود باستمرار باحثة عن إجابة أكثر دقة وعمقًا، الشاب الذي يبحث عن جذوره وتاريخه ويحاول معرفة من يكون مدفوعًا بسؤال من أنا؟، كما تعلمنا رواية جوستاين غاردنر عالم صوفي، هو مثال مصغّر عن المؤرخ الذي يفني عمره وجهده في البحث والتنقيب في تاريخ الأمة، مدفوعًا بسؤال من كنا؟ أو من نكون؟ والسؤال نفسه له غرض وجداني أكبر في داخل الفرد أو الجماعة أو البشرية كلها، لا يمكننا حصره بالطبع، لكننا يمكن أن نقول أن من أغراضه الواضحة محاولة تعيين موقع الفرد وسط الجماعة، والجماعة وسط الجماعات الأخرى، والأمة بين الأمم، والبشرية في الأرض.

بشكل أو بآخر نحن في محاولة فهم، محاولة للاقتراب من الحقيقة برأي كارل بوبر، ما دامت الحقيقة اليقينية والقطعية والنهائية غير ممكنة بالإثبات الفيزيائي لنظرية النسبية، هكذا ستكون كل محاولة في هذا السبيل محكومة بأنها مجرد اقتراب واحد أو حتى أكثر بقليل، من وجوه الحقيقة الألف.

عادة سيروي الأب لابنه رواية مشذبة، رسمية، عن نفسه، بوصفه واقعًا تحت تأثير سلطة الأب، وسيروي الابن مشاهداته عن الأب، ويكوّن تصوره الخاص عن أبيه وعن نفسه، وكذلك تفعل كل سلطة، أما ما هي الصورة الأقرب للأب، والابن، فتلك حكاية ستختلف حولها الآراء من واقع اختلاف الخطاب ومحركاته وسلطته، لكن هناك دومًا حاجة إلى تصور ما عن الذات، تنبني عليه أفعال تلك الذات المستقبلية، ولا شيء أفضل من الصدق الخالص والحقيقة إذا أريد لذلك البناء والعمل التالي أن يدوم.

إذًا من نحن؟ من كنا ومن نحن اليوم؟ ما الذي أنتجنا؟ وأين نحن اليوم؟ ما هو تصورنا الذاتي عن أنفسنا؟ كيف رأينا وكيف نرى أنفسنا؟ بما نحن كبشر، وككتل بشرية وجماعات تخضع لتأثيرات ، بينية وثقافية وسياسية وبيئية، ذلك هو مناخ الأسئلة التي تحملها هذه الزاوية، وهذه هي الفاتحة.

إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • من نحن؟
  • حق الزوجة على زوجها: الإنفاق والعاطفة في العلاقة الزوجية
  • هل يأكل الشيطان من طعام الشخص الذي لم يذكر التسمية؟ صحح معلوماتك
  • إمام المسجد النبوي: هذه الآية تختصر مسار الحياة في كلمات بليغة ومعانٍ عميقة
  • مؤمن الجندي: ما الذي لا يستطيع المال شراؤه؟
  • مبروكة: سنرسم عالماً ثقافياً جديداً قائماً على الاحترام والحوار والمشاركة
  • مطر: تمنيت على سلام الاهتمام بطرابلس والشمال
  • كيفية ممارسة العلاقة الزوجية في الإسلام؟.. انتبه لـ 10 حقائق
  • محمد بن زايد: علاقاتنا أسسها الثقة والاحترام والمصالح المتبادلة
  • النمر ينصح الأزواج بالرأفة بشريكهم مريض القلب والضغط