تباينت الآراء الإسرائيلية تجاه موقف النظام السوري برئاسة بشار الأسد، من الحرب التي يخوضها جيش الاحتلال مع حزب الله اللبناني، وسط غارات جوية مكثفة وتقدم بري في جنوب لبنان، تزامنا مع رشقات صاروخية متواصلة من الحزب صوب المستوطنات والمدن الفلسطينية المحتلة.

وقال الأكاديمي الإسرائيلي "كافير تشوفا" إنه "في الصراع المستمر بين إيران وحزب الله ضد إسرائيل، هناك نقطة مفصلية تسمح بتغيير جذري للوضع الراهن، وخلق واقع جديد، ففي السنوات الأخيرة، تمكنت إيران من تثبيت نفوذها على دول المنطقة مثل العراق وسوريا ولبنان".



وأضاف في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" وترجمته "عربي21": "ما خلق "حلقة النار" حول إسرائيل، مقابل ضعف أعداء إيران في السنوات الأخيرة مثل داعش والسعودية والعراق، بشكل كبير، مما سمح لها بتعميق قبضتها على الشرق الأوسط، وكانت نقطة التحول التي ساعدت التوسع الإيراني هي سقوط نظام الرئيس صدام حسين في العراق".

وتابع بقوله: "عندما ينشغل الروس اليوم بالقتال في أوكرانيا، فإن نظام الأسد يبدو معلّقا بخيط رفيع، وإسرائيل، التي تكاد تكون وحيدة في مواجهة إيران، ما يجعل من توسعها عرضة لأن يضرب في اللحظة المناسبة، ومن المحتمل أن الإطاحة بنظام الأسد قد تسمح لإسرائيل وحلفائها بإضعاف قبضتها على المنطقة، والحدّ من نفوذ حزب الله".



وأشار إلى أن "النظام العراقي السابق زمن صدام حسين كان بمثابة حاجز أمام طموحات إيران، في ظل 1400 سنة من التنافس التاريخي بين الشيعة والسنة، وقد حاربها صدام لمدة ثماني سنوات، لكن بعد سقوطه انفتحت فرص جديدة أمامها، فقد بدأت في تعزيز مكانتها في العراق، ووسعت فيما بعد نفوذها إلى سوريا ولبنان، بينما تتعاون الآن مع حزب الله ونظام الأسد".

وزعم أن "ضعف روسيا اليوم في الشرق الأوسط قد يكون فرصة ذهبية لدولة الاحتلال، ما يستدعي إجراء مناورة عسكرية إسرائيلية سريعة من هضبة الجولان إلى دمشق، والإطاحة بقوات النظام وبقايا الجيش السوري، وفي الوقت نفسه إمداد المعارضة المسلحة في الجنوب السوري بالسلاح والمال، وفي الشمال يتمكنوا من محاربة القوات الإيرانية التي ستبقى في سوريا، بما في ذلك حزب الله والميليشيات الأخرى، وهو طريق الإمداد الذي يشمل الأسلحة والمقاتلين والبضائع، التي تتدفق من سوريا إلى لبنان".

وأوضح أنه "إذا تدخلت إيران لحماية نفوذها في سوريا ضد قوات المعارضة، فقد يتعين عليها نقل قوات وموارد إضافية إلى سوريا، مما سيحدّ من قدرتها على العمل في وقت واحد ضد إسرائيل في ساحات أخرى، الأمر الذي يتطلب من تل أبيب التخطيط لمثل هذه الخطوة، والأخذ بعين الاعتبار ردّ فعل تركيا، التي لديها مصالح متضاربة في المنطقة، من التنافس التاريخي مع روسيا، وعدم الرغبة بأن تكون شريكا كاملا في التحركات الإسرائيلية".

مخاطر كبيرة
وزعم أن "الدعم المتزايد للقوى السنية في العراق، الذي قد يأتي من دول الخليج، وفي المقام الأول السعودية، قد يؤدي لتكثيف الضغوط على إيران، كما أن الإطاحة بنظام الأسد قد تشجع المعارضة الإيرانية المضطهدة، بحيث قد تؤدي الاضطرابات المدنية لتقويض استقرار النظام الإيراني، وتجعل من الصعب عليه مواصلة تثبيت موقعه المؤثر في الخارج".

وختم بالقول إن "هذه خطوة حساسة تنطوي على مخاطر كبيرة، وتتطلب تخطيطًا دقيقًا، وإدارة المخاطر والتعاون الوثيق مع الحلفاء الإقليميين والدوليين، صحيح أنها قد تفتح أمام دولة الاحتلال فرصة فريدة يجب استغلالها، بهدف تغيير ميزان القوى في المنطقة، لكنها في الوقت ذاته تبدو مقامرة قد تزيد المنطقة تعقيداً، وفي كلا الحالتين فإن مثل هذه الخطوة من شأنها أن ترسم وجه الشرق الأوسط في السنوات المقبلة".

أنشيل فوهرا الصحفي المقيم في بروكسل، نشر له موقع زمن إسرائيل، مقالا مطولا حول "نجاح الأسد في البقاء بعيدًا عن الحرب الإقليمية المستمرة، لأن نظامه لم يكن أبدًا مهتمة حقًا بالتحرش بإسرائيل، وقد حاول طيلة عام كامل من الحرب الدائرة في المنطقة، عدم تفاقم العلاقات معها، لكنه سعى لإرضاء إيران من خلال السماح باستخدام أراضيه لنقل الأسلحة لحزب الله، ومع ذلك، يبدو أن دولة الاحتلال لديها مطلق الحرية في قصف الأصول الإيرانية، والقضاء على منشآتها وجنرالاتها داخل الأراضي السورية".

الحياد في الحرب
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "نظام الأسد يأمل بأن يُكافأ على هذا الموقف، وصولا لتخفيف موقف الغرب تجاهه، بما فيها إمكانية تخفيف العقوبات المفروضة عليه، لاسيما بعد أن تبين أنه الأكثر وضوحاً في استغلال القضية الفلسطينية لتحقيق احتياجاته الخاصة، لأنه عندما بدأ الصراع بين إسرائيل وحماس في أكتوبر 2023، تصور البعض أن سوريا قد تنضم للحرب، وتفتح جبهة أخرى، لكن السوريين الذين تواصلت معهم أكدوا أن الأسد لن ينضم للصراع".

ولفت إلى أن "الأسد الأب والابن لديهما دائما اتفاق صامت للحفاظ على هدوء الحدود مع إسرائيل، وبالتالي فإن سوريا لن تتدخل في حرب غزة، بزعم أن إسرائيل تشكل أداة للعلاقات العامة، وكبش فداء مناسب لتحميلها المسؤولية عن إخفاقاتها، ومحاولة كسب تعاطف الرأي العام العربي في مختلف أنحاء المنطقة، رغم أن النظام السوري شجع على تنظيم مظاهرات كبيرة دعماً للفلسطينيين في غزة، لكنها هذه المرة كانت قليلة، والدعم النضالي كان ضعيفاً، ولم يسمح بمظاهرات كبيرة ضد إسرائيل، ولم يدع لدعم محور المقاومة".



وبيّن أنه "رغم القصف الإسرائيلي المستمر على الأراضي السورية، بشكل رئيسي على العناصر والأصول الإيرانية، فقد ظلت حكومة الأسد على الحياد منذ اندلاع الصراع الحالي قبل أكثر من عام، لأن أولوياته هي بقاء نظامه، ورغم نجاحه في قمع المعارضة، لكن البلاد لا تزال منقسمة، و40% من الأراضي خارج سيطرته، مع العلم أن إسرائيل حذرته من استخدام بلاده في أنشطة ضدها، لأنها ستدمر نظامه، حتى أن منزل شقيقه تعرض للقصف الإسرائيلي".

ونوه إلى أنه "رغم أن نظام الأسد يعتبر نفسه قوميا عربيا، لكن قضية فلسطين بعيدة كل البعد عن أولويته القصوى، ولديه أسباب أكثر للبقاء خارج الحرب، ويأمل أن يكافأ على ضبط النفس، وربما حتى تخفيف موقف الغرب تجاهه، بما في ذلك إمكانية تخفيف العقوبات، مع العلم أن دولة الإمارات العربية لاعب رئيسي في إعادة تسويقه، وقد حذرته من مغبة التصعيد فور اندلاع حرب غزة".

واستدرك قائلا: "الأسد ليس مستعداً لمسامحة حماس على وقوفها بجانب المعارضة، وعندما قتلت إسرائيل إسماعيل هنية في إيران، لم تقدم سوريا تأبيناً مفصلاً له، رغم أنها تصالحت رسمياً مع الحركة في 2022، وهو ما يناسب السعودية والإمارات، التي يعتمد عليهما الأسد لتمويل إعادة إعمار سوريا، وهما تهتمان بإضعاف حماس، وكبح تهديد الإسلام السياسي".

البقاء السياسي
وأضاف أن "الأسد الذي لا يستطيع طرد الإيرانيين بشكل مباشر من بلاده، لكن إسرائيل تتمتع بحرية التصرف في قصف أصولهم، والقضاء على جنرالاتهم داخل الأراضي السورية، في ضوء تفاهمها مع روسيا لفعل ما يتعين عليها القيام به في المجال الجوي السوري، مع نشر تقارير عن سحب إيران لقواتها من جنوب سوريا لتقليل خسائرها".

وختم بالقول إن "عدم انخراط سوريا في الصراع الحالي يسلط الضوء على الفشل الصارخ لاستراتيجية "وحدة الساحات" الإيرانية، كما يكشف أن البقاء السياسي يسبق الاصطفاف الأيديولوجي، وأن سوريا في وضعها الحالي لن تشكل مشكلة لدولة الاحتلال الاسرائيلي".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية النظام السوري الحرب الاحتلال اللبناني حزب الله لبنان حزب الله الاحتلال النظام السوري الحرب صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نظام الأسد حزب الله

إقرأ أيضاً:

من حفار القبور إلى قيصر.. سوريون لاحقوا الأسد دوليا وكشفوا هوياتهم بعد سقوطه

بعد أكثر من عقد من توثيق الجرائم في الخفاء، بدأت شخصيات سورية بارزة كانت وراء ملاحقة نظام بشار الأسد المخلوع على الساحة الدولية، بالخروج إلى العلن، كاشفة عن هوياتها للمرة الأولى.

آخر هذه الشخصيات هو "حفار القبور" الذي كشف عن هويته في مداخلة أمام المؤتمر العربي المنعقد في جامعة "هارفارد" الأمريكية،  أمس الأحد.

وتحولت هذه الشخصيات التي تسببت بفرض عقوبات غربية قاسية على النظام المخلوع بما في ذلك "قانون قيصر"، إلى المطالبة برفع العقوبات المفروضة على سوريا بعد سقوط الأسد من أجل دفع عجلة إعادة الإعمار والاقتصاد المنهار.

ما المهم في الأمر؟
يمثل خروج هذه الشخصيات إلى العلن بعد سنوات من التخفي، محطة بارزة في مساعي استكمال محاسبة رموز النظام المنهار ضمن إطار "العدالة الانتقالية"، والمطالبة بتوسيع نطاق الملاحقات ليشمل المتورطين بالفساد والانتهاكات من الصف الأول وحتى المنفذين.

كما من المتوقع أن تساهم مطالباتهم في المساعدة برفع العقوبات المفروضة على سوريا في دعم مساعي الحكومة السورية الرامية إلى إعادة البناء ودفع عجلة الاقتصاد المنهار من خلال العمل على رفع العقوبات الغربية.

من هم هؤلاء؟

حفّار القبور
كشف المعروف بلقب "حفار القبور" عن هويته الحقيقية، بعد سنوات من التخفي ساهم خلالها في توثيق وفضح الجرائم التي ارتكبها نظام بشار الأسد المخلوع بحق المعتقلين السوريين.

وخلال مداخلة في المؤتمر العربي المنعقد بجامعة هارفارد الأمريكية، الأحد، عرّف "حفار القبور" نفسه بأنه محمد عفيف نايفة، من سكان العاصمة دمشق.




وأشارت وكالة الأنباء السورية "سانا"، إلى أن شهادات نايفة "أسهمت بفضح الجرائم التي ارتكبها النظام البائد بحق المعتقلين، بما في ذلك إلقاء آلاف الجثث في مقابر جماعية، بينها أطفال عذبوا حتى الموت".

وتولى نايفة مهمة دفن ضحايا التعذيب في مقابر جماعية منذ اندلاع الثورة السورية في  آذار /مارس عام 2011 وحتى تشرين الأول /أكتوبر عام 2018، قبل أن يتمكن من مغادرة البلاد.

وقال نايفة في شهادته أمام الكونغرس الأمريكية إن "الجثث كانت تأتي من فروع الأمن، في حالة متعفنة وعليها تشوهات".

وبدلا من الأسماء، كانت الجثث وبينها جثث أطفال تحمل أرقاما، وتنقل في شاحنات مبردة، وهي لضحايا تعذيب في معتقلات نظام الأسد المخلوع.

كما تحدث "حفار القبور" في شهادته عام 2022، عن 3 شاحنات مبردة تحمل كل واحدة منها بين 300 و600 جثة، كانت تأتي الأفرع الأمنية والمستشفيات العسكرية في دمشق مرتين في الأسبوع الواحد.

وكشف عن أسماء عدد من الضباط المشرفين على عمليات القتل، مدعما شهاداته بالأدلة التي قدمها المصور العسكري المنشق المعروف بـ"قيصر".

قيصر
الاسم الرمزي لـ"قيصر" ارتبط منذ عام 2014 بصور آلاف المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري.

كان قيصر يعمل مصورا في الطب الشرعي العسكري، ونجح في تسريب أكثر من 50 ألف صورة إلى خارج البلاد، بالتعاون مع صديقه "سامي".




وشكّلت هذه الصور القاعدة الأساسية لتشريع "قانون قيصر" في الكونغرس الأمريكي عام 2019، الذي فرض عقوبات على النظام السوري وداعميه.

ظل قيصر متخفيا طوال السنوات الماضية، وظهر في جلسات الاستماع بالكونغرس الأمريكي مقنعا. لكن سقوط نظام الأسد دفع صاحب أكبر عملية تسريب في سوريا إلى الكشف عن هويته في شباط /فبراير عبر شاشة قناة "الجزيرة".

اتضح حينها أن "قيصر" هو المساعد أول فريد المذهان رئيس قسم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في  العاصمة السورية دمشق، والذي ينحدر من مدينة درعا جنوبي البلاد.



قال المذهان في أول لقاء له عقب كشف عن هويته: "لقد حملتني أرواح (المعتقلين) الطاهرة أمانة على عنقي أن أوصل آهاتهم ومعاناتهم إلى العالم الحر، وأن أكون شاهدا أمام الله وأمام الإنسانية على مصيرهم المؤلم".

سامي
عمل "سامي" كهمزة وصل بين "قيصر" والمنظمات الحقوقية، وساهم بشكل أساسي في تسليم الصور إلى منظمة حقوقية دولية مقرها في أوروبا، ومن ثم إلى السلطات الأمريكية.

كما ساهم مع "قيصر" في تهريب أكثر من 26 ألف صورة لأقل من 7 آلاف ضحية قضت تحت التعذيب في سجون الأسد، فضلا عن قيامه بتنسيق لقاءات في الكونغرس الأمريكي، وكان حاضرا في الكواليس خلال تمرير قانون "حماية المدنيين السوريين" الذي عرف باسم قانون "قيصر".



وبعد سقوط نظام الأسد كان "سامي" من أوائل الشخصيات المعارضة المتخفية التي كشفت عن هويتها ليتضح أن اسمه الحقيقي أسامة عثمان، وهو من مواليد مدينة التل في ريف دمشق.

قال عثمان في أحد تصريحاته بعد سقوط النظام: "بشار الأسد شوهنا من الداخل ومن الخارج، أفسد علينا حياتنا. وكما يقولون أفسد علينا دنيانا، وأفسدنا عليه آخرته، وعند الله تجتمع الخصوم".

الصورة الأوسع
ساهمت شهادات قيصر وحفار القبور في توثيق جرائم الأسد بحق السوريين عقب اندلاع الثورة السورية، كما تسببت في فرض عقوبات قاسية عليه كان لها دور في دفعه نحو التآكل مع مرور الوقت.

ومن المقرر أن تلعب هذه الشهادات والأدلة الموثقة دورا مهما في مسار "العدالة الانتقالية" التي يطالب به السوريون وجرى النص عليه في "الإعلان الدستوري" من أجل طي صفحة نظام الأسد الدموية. 

مقالات مشابهة

  • ‏تسريب الهجوم البري الأمريكي في اليمن: قراءة استراتيجية في تكتيكات الحرب غير المعلنة
  • شطب عضوية سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين.. لهذا السبب
  • القبض على أحد مسؤولي نظام الأسد في اللاذقية.. عمل في سجن صيدنايا
  • بماذا تحلم إسرائيل في سوريا ما بعد الأسد؟
  • دريد لحام يظهر في مطار دمشق لأول مرة عقب سقوط الأسد.. غياب لأي احتفاء (شاهد)
  • إسرائيل تعلن توسيع «المنطقة العازلة» في غزة
  • السفير السوري في روسيا يطلب اللجوء بعد استدعائه إلى دمشق
  • سوريا ولبنان.. من الجوار الصعب إلى التعاون
  • من حفار القبور إلى قيصر.. سوريون لاحقوا الأسد دوليا وكشفوا هوياتهم بعد سقوطه
  • ترقبوا التطورات الكبرى: وزير الدفاع التركي يكشف عن موقف تركيا الحازم في سوريا