العيد الوطني .. معنى ودلالات
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
يأتي العيد الرابع والخمسون حاملًا معه كل معاني الاعتزاز والفخر لنا كعُمانيين حيث نعُده مناسبة غالية وعزيزة على نفوسنا؛ لأنه يعني لنا الكثير، ويُمثل لنا رمزًا خالدًا وذكرى مُتجددة، ففي مثل هذا اليوم من كل عامٍ نسترجع بكل فخرٍ واعتزازٍ فصول ملحمة رائعة ورائدة قادت المشروع العُماني إلى فضاء آخر وحمل معه ملامح الدولة العصرية، دولة المنجزات والمؤسسات.
وفي هذه المناسبة المجيدة نشعر ببهجة كبيرة لاقتران النهضة كمشروع حضاري عزز اللحمة الوطنية للأمة العُمانية، وبهذا فإن دلالة نوفمبر ترمز لمعنى أكبر وأعمق، مجسدة ميلاد نهضة وطن ومعبرة عن فصول من البناء والعطاء، فعُمان الخير تشهد -من فضل الله تعالى- وبخط تصاعدي أوج الجِد وقمة المجد في ظل الحكم الرشيد لسلطاننا القائد هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه. إن التعامل مع هذه الذكرى يتطلب مزيدًا من الجد والاجتهاد، ومعاهدة الله والسلطان الأب على العمل الدائب، حتى نواصل معه البناء والعطاء، وتعميق معنى الانتماء لهذا الوطن، والتعاون الدائم على البذل والوفاء. وفي مثل هذا اليوم يجب علينا أن نعي معنى العيد من خلال استحضار وتحقيق الدلالات المهمة التالية كلما احتفلنا بالعيد الوطني: أولًا: العيد الوطني يوجب علينا جميعًا أن نحمد الله تعالى، وأن نشكره بالقول والعمل والنية على ما نحن فيه من نعمٍ كثيرة لا يمكن أن نُحصي عددها، والتي من أجلَّها وأعظمها أننا -ولله مزيد الحمد والشكر- نعيش في وطنٍ واحدٍ مُتجانسٍ آمنٍ مُستقرٍ. ثانيًا: العيد الوطني يعني التأكيد على تمسكنا بولائنا لقيادتنا وعقيدتنا السمحة وأن نعلم جميعًا أنه لا عز لنا، ولا مجد، ولا فخر إلا بالتمسك الصادق بهذا الولاء في كل شأنٍ من شؤون الحياة. ثالثًا: العيد الوطني يعني أن يُحب الإنسان وطنه الذي يعيش فيه، وأن يترجم هذا الحب أقوالًا صادقةً، وأفعالًا نافعةً خيرة، وألّا يدّخر جهدًا في خدمته والتضحية لأجله بكل ما يستطيعه ويملكه من إمكاناتٍ وطاقاتٍ وقدرات واستعدادات. رابعًا: العيد الوطني يعني أن يظل الإنسان العُماني محورًا فاعلًا وثابتًا لكافة خطط وبرامج التنمية الشاملة في كافة مناحي الحياة، وأن يعي تمامًا دوره الفاعل في تلك الخُطط والبرامج. خامسًا: العيد الوطني يعني أن يتحقق للإنسان العُماني المزيد من الوعي الحضاري الذي يؤهله لتحقيق معنى الانتماء. سادسًا: العيد الوطني يعني الحفاظ على الأمن والاستقرار داخل الوطن، وعدم السماح لأي عابثٍ أو حاقدٍ أو حاسدٍ أو دخيلٍ بالإخلال بأمن الوطن أو المزايدة عليه، واستشعار هذه المسؤولية العظيمة عند كل فردٍ من أفراد المجتمع فيصبح الجميع عيونًا ساهرةً لحماية الوطن وحفظ أمنه واستقراره. سابعًا: العيد الوطني يعني التأكيد على المزيد من الإخلاص في العمل، وبذل الجهود الكفيلة -إن شاء الله تعالى- بتحسين الإنتاج وجودة المخرجات في مختلف المجالات والميادين العلمية والعملية. ثامنًا: العيد الوطني يعني أن يعي كل مواطن صغيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا أو أُنثى، دوره الفاعل في مهمة بناء الوطن انطلاقًا من قوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته». تاسعًا: العيد الوطني يعني إتاحة الفرصة لأبناء الوطن لتحقيق معنى الانتماء للوطن، وتنشئتهم على حب العمل الجاد، ودعوتهم للمشاركة في مختلف القضايا الاجتماعية، ومنحهم الثقة في أنفسهم للنقاش والسؤال والحوار الجاد، والمشاركة الفاعلة ووضع الحلول، حتى يتحقق ارتباطهم بالوطن، ويصدق انتماؤهم له. عاشرًا: العيد الوطني يعني تكريس معنى ومفهوم الوحدة الوطنية في نفوس أبناء المجتمع جميعًا، ولا سيما أن بلادنا معنيةٌ بتحقيق الأنموذج الرائع والمثل الحقيقي لتلك الوحدة التي دمجت شمال البلاد بجنوبها، وربطت شرقها بغربها، فكانت نتيجة ذلك وحدة الأرض والفكر والمشاعر والطموحات والآمال. نعم إن الانتماء للوطن يتحقق في أجمل صوره وأروع معانيه، عندما نعلم ونتيقن أن العيد الوطني ليس يومًا واحدًا في العام، ولا ينحصر في وقتٍ مُتكررٍ كل عام، كما أنه ليس مناسبةً، تنتهي بانتهاء تاريخها المحدد؛ لكنه عند العُمانيين يوم يمتد ويستمر كل أيام العام، لذلك فالجميع مدعو للعمل على تعزيز الانتماء للوطن وأن نُترجم الأقوال إلى أفعال، وأن نحول الطموحات والآمال إلى حقائق وأعمال، وأن نتأمل بصدق في نهضتها ومنجزاتها التي أجابت وبصدق عن هذه الأسئلة المحورية: كيف كنا؟ وأين نحن؟ وإلى أين نتجه؟ إن الإجابة لا تحتاج إلى كثير من الجهد، فمسار التكوين قد أتى أُكله، قائد وعد فأنجز وأوفى وبادله شعبه ولاء وحبًا، فما أجمل وما أروع أن نرى عُمان في عيدها الوطني وهي تسعد بحضارةٍ أصيلة مُعاصرة، تنطلق في عالميتها استنادا إلى المبادئ التالية: - مواكبة العصر والأخذ بكل جديد مفيد فيه من أفكار مستنيرة وعلوم نافعة وتقنيات متجددة مع التمسك دائما بالقيم والمبادئ الرفيعة والتقاليد والعادات الأصيلة. - الأخذ بأسباب التطور وفي مقدمتها الإرادة القوية والعزيمة الصادقة ومواجهة التحديات والإصرار على تذليل الصعوبات والعقبات والعمل بلا كللٍ أو مللٍ وفي إخلاصٍ وتفانٍ وحبٍ للبذل والعطاء. - استغلال الطاقات والمهارات والاستثمار في الموارد من أجل بناء حاضر مشرق عظيم والإعداد لمستقبل زاهر كريم. - مسؤولية الأجيال من أبناء عُمان في صيانة المنجزات والحفاظ عليها من كل سوء والذود عنها ضد كل عدوٍ حاقدٍ أو خائنٍ كائدٍ أو متربصٍ حاسدٍ فهي أمانة كبرى في أعناقهم يسألون عنها أمام الله والتاريخ والوطن. حفظ الله عُمان وهي ترفل في نعمة الأمن والأمان وحفظ لها قائدها المفدى وأيده بتوفيقه وأسبغ عليه نعمة الصحة والعافية والعمر المديد، وأعاد الله العيد عليه أعوامًا مديدة وأعيادًا عديدة، وكل عام والعُمانيون بألف خير. |
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الأزهري يُحيي روحاً أصيلة
تحية تقدير وإعزاز للعالم الجليل الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، على تدشين مبادرة «عودة الكتاتيب» والتي تأتي ضمن المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»، فالكتاتيب المصرية كان لها دور ريادي في تنشئة أجيال عظيمة على قيم القرآن الكريم ومبادئ الإسلام السمحة وخرج من الكتاتيب رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فتركوا بصمات لا تمحى وخلد التاريخ أسماءهم.
نعم يا معالي الوزير صدقت فعودة الكتاتيب للقرى والنجوع خطوة مهمة لإحياء روح أصيلة في تاريخ مصر، فالكتاتيب تبني الشخصية على أسس راسخة من الأخلاق الرفيعة، والفهم العميق لمعاني الدين، والانتماء الصادق للوطن، وهي بالفعل مصابيح تنير طريق أبنائنا في مواجهة الفكر المتطرف والتحديات الفكرية.
في مصر اختفت الكتاتيب وحل محلها «الحضانات» التي بالكاد تعلم الأطفال الحروف والأرقام، ويعتبرها الغالبية العظمى من السيدات العاملات أماكن ترفيهية يضعن بها أطفالهن حتى يعدن من العمل، أما الكتاتيب فكانت مؤسّسات تعليمية ومنارات تخرَّج في جنباتها آلافًا حفظوا القرآن الكريم، وتعلَّموا قواعد القراءة والكتابة، وتربَّوا على المبادئ والأخلاق الحميدة، ثم أصبحوا بعد ذلك قادة، ومنابر، وأصحاب فكر في المجتمع، يُشار إليهم بالبنان في قراءة القرآن بجميع رواياته، وفي مجالات العلوم المختلفة.
وكانت الكتاتيب المصرية دائماً مصنع العظماء من رجال الدين والأدب والشعر وكبار المفكرين والعلماء، لذا اعتمد محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة على خريجي الكتاتيب في تأسيس المعاهد الأزهرية وحقق من خلالهم نهضة تعليمية شاملة، ومن أبرز خريجي الكتاتيب المصرية المفكر والمترجم رفاعة الطهطاوي والأديب طه حسين.
ويشهد التاريخ أن الفضل يرجع للكتاتيب المصرية في الحفاظ على اللغة العربية في مصر إبان فترة الاحتلال البريطاني (1882- 1954)، فكانت الكتاتيب حافظة لهوية مصر العربية وسبباً لاعتزاز المصريين بعدم تأثر لغتهم العربية بلغة المحتل الأجنبي.
نعم يا معالي وزير الأوقاف ما أحوجنا اليوم إلى كتاتيب الأمس ولكن بتكنولوجيا اليوم، كتاتيب عصرية تتولى تحفيظ القرآن وتعليم اللغة العربية وتغرس الوعي والانتماء في نفوس أبنائنا، وهو الغرس الأهم الآن في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن، فعلينا جميعًا أن نعي ما يدور وما يحاك من مخططات، فالوعي هو السبيل الأهم للحفاظ على الوطن، وبالوعي نعزز الترابط والتماسك، ونوحد الصفوف والجهود فنصبح جبهة داخلية قوية تذود عن الوطن وتدعم جيشنا العظيم.
وفقكم الله لخدمة وطننا العزيز .. وحفظ الله مصر من كل سوء
[email protected]