عواصم " وكالات":

قال الكرملين اليوم الاثنين إن قرار الولايات المتحدة السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة أمريكية الصنع لضرب الأراضي الروسية سيؤدي إلى زيادة التوتر وتعميق انخراط الولايات المتحدة في الصراع، مُتهما إدارة الرئيس جو بايدن بتأجيج الصراع.

وتقول روسيا للغرب منذ أشهر كيف ستفسر مثل هذا القرار، وإن من شأنه أن يزيد من خطر المواجهة مع حلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وعند سؤاله عما ذكرته رويترز وصحيفة نيويورك تايمز عن أن إدارة بايدن اتخذت قرارا يتيح لأوكرانيا شن هجمات بأسلحة أمريكية في عمق الأراضي الروسية، أشار المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى أن التقارير لم تستند إلى أي بيان رسمي.

وقال بيسكوف "إذا جرى بالفعل صياغة مثل هذا القرار ونُقل لنظام كييف، فهذه جولة جديدة من التوتر وموقف جديد نوعيا من ناحية تورط الولايات المتحدة في هذا الصراع".

وأضاف بيسكوف أن الرئيس فلاديمير بوتين أوضح موقف روسيا بشكل قاطع عندما تحدث في سانت بطرسبرج في سبتمبر أيلول.

وقال بوتين في 12 سبتمبر إن موافقة الغرب على مثل هذه الخطوة تعني "المشاركة المباشرة لدول حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والدول الأوروبية في الحرب في أوكرانيا" لأنه سيتعين استخدام البنية التحتية العسكرية لحلف الأطلسي ومشاركة قواته في تحديد الأهداف وإطلاق الصواريخ.

وقال بيسكوف "من الواضح أن الإدارة المنتهية ولايتها في واشنطن تنوي اتخاذ خطوات لمواصلة "صب الزيت على النار "ومواصلة إثارة التوتر حول هذا الصراع".

وذكرت رويترز أمس الأحد نقلا عن مسؤولين أمريكيين ومصدر مطلع أن إدارة بايدن اتخذت قرارا يتيح لأوكرانيا شن هجمات بأسلحة أمريكية في عمق الأراضي الروسية.

كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن إدارة بايدن اتخذت القرار.

وذكرت المصادر التي نقل عنها التقريران أن هذه الخطوة جاءت جزئيا ردا على وصول جنود كوريين شماليين إلى منطقة كورسك الروسية للمساعدة في صد توغل أوكراني.

ما جانبه، قال مسؤول روسي مقرب من الكرملين تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن الخطوة الأمريكية، إذا تأكدت، ستكون استفزازية للغاية بالنسبة لإدارة منتهية ولايتها لكنها لن تغير نتيجة الحرب.

وكان استيلاء أوكرانيا على جزء من منطقة كورسك هذا العام هو المرة الأولى التي تُستخدم فيها أسلحة أمريكية على أرض روسية ذات سيادة مُعترف بها دوليا منذ أرسلت روسيا قوات إلى أوكرانيا في أوائل عام 2022.

وقالت النائبة بالبرلمان الروسي ماريا بوتينا اليوم الاثنين "هؤلاء الأشخاص، إدارة بايدن، يحاولون تصعيد الموقف إلى أقصى حد بينما لا يزالون... في مناصبهم".

وتابعت "لدي أمل كبير في أن (دونالد) ترامب سيلغي هذا القرار إذا تم اتخاذه لأنهم يخاطرون بشدة ببدء الحرب العالمية الثالثة وهو أمر ليس في مصلحة أحد".

وحذر مسؤولون روس مرارا من أن الغرب يلعب بالنار من خلال استكشاف حدود ما قد تتسامح معه أو لا تتسامح معه قوة نووية مثل روسيا.

وغيّر بوتين العقيدة النووية الروسية لتقول إن أي هجوم تقليدي على روسيا بمساعدة قوة نووية يمكن اعتباره هجوما مشتركا على روسيا.

وفي أواخر أكتوبر، قال بوتين إن وزارة الدفاع تعمل على طرق مختلفة للرد إذا ساعدت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي أوكرانيا على ضرب عمق روسيا بصواريخ غربية بعيدة المدى.

من جانبه، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الاثنين أنه تفقد قواته التي تدافع عن مدينة بوكروفسك، وهي مركز لوجستي رئيسي للقوات الأوكرانية على الجبهة الشرقية والتي يقترب منها الجيش الروسي تدريجيا.

وقال زيلينسكي على تلجرام "بوكروفسك. زرت موقع اللواء 25 المجوقل (...) الذي يدافع عن المدينة".

وأضاف "إنها منطقة متوترة. وبفضل قوة الجنود لم يتم احتلال الشرق بالكامل من قبل روسيا"، في حين أن أقرب المواقع الروسية تبعد أقل من 10 كيلومترات عن هذه المدينة.

تعد مدينة بوكروفسك، أحد أبرز أهداف القوات الروسية في هذا القطاع من الجبهة، مركزا مهما للوجستيات الجيش الأوكراني حيث تربط العديد من الحصون في دونباس برا.

وتتواجد القوات الروسية الآن على بعد بضعة كيلومترات من المدينة التي تضم أيضا منجما كبيرا لفحم الكوك، وهو معدن ضروري لإنتاج الفولاذ لتلبية الاحتياجات العسكرية.

المانيا: أوكرانيا قادرة على ضرب مواقع عسكرية روسية

من جهتها، أبدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تأييدها لتقارير أمريكية أفادت بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن سمح لأوكرانيا باستخدام صواريخ طويلة المدى ضد أهداف معينة في روسيا.

وقالت بيربوك، المنتمية لحزب الخضر، في تصريحات لإذاعة "برلين-براندنبورج" إن الأمر يتعلق الآن "بألا يضطر الأوكرانيون إلى انتظار تحليق صاروخ عبر الحدود، بل أن يتمكنوا من تدمير قواعد الإطلاق العسكرية التي يطلق منها الصاروخ"، مضيفة أن هذا ضمن حق كل دولة في الدفاع عن نفسها.

وذكرت بيربوك أنه من المعروف منذ فترة طويلة أن الخضر "ينظرون إلى الأمر بنفس الطريقة التي ينظر بها شركاؤنا في شرق أوروبا، وكذلك مثل البريطانيين الفرنسيين والأمريكيين".

وقالت بيربوك إن بعض الأماكن في أوكرانيا قريبة للغاية من الحدود مع روسيا، ما يجعل الدفاع الجوي غير مجد، لأن الصاروخ يضرب بسرعة كبيرة جدا، وأضافت: "إذا سقطت الصواريخ والطائرات المسيرة على بلدنا، وإذا تعرضت مستشفيات الأطفال للهجوم، وإذا تعرضت إمدادات الطاقة للهجوم، وإذا تعرضت حياتنا الطبيعية للهجوم، فسندافع عن أنفسنا أيضا".

وأفادت تقارير إعلامية بأن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته بايدن سمح لأوكرانيا باستخدام صواريخ "أتاكمز" للدفاع عن القوات المسلحة الأوكرانية في منطقة كورسك التي تحتلها غرب روسيا. ورفض البنتاجون ومجلس الأمن القومي الأمريكي التعليق على التقارير، لكنهما لم ينفياها أيضا.

فرنسا: ضرب اوكرانيا للأراضي الروسية يبقى "خيارا"

من جهة اخرى، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو اليوم الاثنين أن استخدام القوات الأوكرانية صواريخ فرنسية لضرب الأراضي الروسية يبقى "خيارا"، بعدما سمحت واشنطن لكييف باستخدام صواريخها البعيدة المدى لضرب عمق روسيا.

وأكد مسؤولون أمريكيون أن التحول في سياسة واشنطن الذي تطالب به أوكرانيا منذ فترة طويلة، يأتي ردا على نشر كوريا الشمالية قوات لدعم موسكو في الحرب. ويرجح أن تدفع هذه الخطوة الحلفاء الأوروبيين إلى مراجعة مواقفهم.

واستشهد بارو بتصريح بهذا الصدد أدلى به الرئيس إيمانويل ماكرون في مايو مؤكدا أن باريس منفتحة على النظر في السماح باستخدام صواريخها لضرب الأراضي الروسية.

وقال بارو لدى وصوله إلى بروكسل للمشاركة في اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي "قلنا بصراحة أن هذا خيار يمكن أن ندرسه إن كان الأمر يتعلق بالسماح بضرب أهداف يشن منها الروس حاليا هجمات على الأراضي الأوكرانية". وأضاف "لذا، لا جديد" في هذا الموضوع.

الى ذلك، تمسك المستشار الألماني أولاف شولتس برفضه تسليم صواريخ كروز طويلة المدى من طراز "تاوروس" إلى أوكرانيا، حتى بعد تغيير الحكومة الأمريكية مسارها.

وقال نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية فولفجانج بوشنر في برلين اليوم الاثنين: "نعم، تم إبلاغ الحكومة الألمانية بهذا الأمر، ولا، ليس له أي تأثيرات على قرار المستشار بعدم تسليم تاوروس".

وذكرت تقارير إعلامية أمريكية أن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن سمح لأوكرانيا باستخدام صواريخ "أتاكمز" التكتيكية التي يبلغ مداها عدة مئات من الكيلومترات ضد أهداف في روسيا لأول مرة. ويهدف هذا في المقام الأول إلى المساعدة في صد الهجوم المضاد الذي تشنه القوات الروسية وربما الكورية الشمالية على رأس الجسر الأوكراني في منطقة كورسك.

وقالت متحدثة باسم وزارة الدفاع الألمانية إن الأسلحة التي سلمتها ألمانيا لأوكرانيا صارت "أسلحة أوكرانية، ويسمح بالطبع باستخدامها في إطار القانون الدولي"، وأضافت: "وجميع الأسلحة التي نوردها لا تندرج ضمن فئة الأسلحة بعيدة المدى".

من جهة ثانية، تفترض الحكومة الألمانية أن الصين تدعم روسيا بطائرات مسيرة. وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على هامش اجتماع للاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم الاثنين: "هذا يجب أن تكون له عواقب وستكون".

وذكرت بيربوك أن الحرب التي يشنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتن على أوكرانيا تمثل أيضا هجوما على الحرية في أوروبا وتؤثر على المصالح المحورية لكل الدول الأوروبية.

وكانت الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية قد أكدت من قبل أنها تتحقق حاليا من مؤشرات على إنتاج طائرات مسيرة في الصين لاستخدامها في الحرب الروسية ضد أوكرانيا. وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي: "تلقينا تقارير من مصادر استخباراتية عن وجود مصنع في الصين ينتج طائرات مسيرة يتم توريدها إلى روسيا واستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا".

وأضاف المسؤول أنه يجرى العمل حاليا على معرفة ما إذا كان هناك تعاون مباشر بين الصين وروسيا في مجال المعدات العسكرية، مضيفا أنه إذا تم تأكيد ذلك فمن الممكن فرض عقوبات.

ووفقا لدبلوماسيين، يشتبه في أن إنتاج الطائرات المسيرة في الصين مشروع مشترك بين روسيا والصين وإيران.

وتنفي الصين صحة هذه الاتهامات حتى الآن. وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية لين جيان في بكين قبل وقت قصير من اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أن الصين اتخذت دائما موقفا مسؤولا فيما يتعلق بصادرات الأسلحة ولم تزود أطراف الصراع أبدا بأسلحة فتاكة، مضيفا أن الصين تفرض قيودا صارمة بموجب القانون على الطائرات المسيرة التي تستخدم لأغراض عسكرية وتلك التي يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية.

وقال لين إن بكين تأمل ألا تطلق بعض الدول والأفراد تكهنات لا أساس لها من الصحة ضد الصين، وألا تشوه سمعة البلاد دون أي أساس واقعي.

بوريل يدعو الى السماح لأوكرانيا بتنفيذ ضربات داخل روسيا

من جهته، عبر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اليوم الاثنين عن أمله في أن تتفق الدول أعضاء التكتل على السماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة المقدمة لها في تنفيذ ضربات داخل روسيا.

وقال بوريل قبل اجتماع مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل "قلت مرارا إن أوكرانيا يجب أن تكون قادرة على استخدام الأسلحة التي قدمناها لها، ليس فقط في الدفاع بل وفي استهداف المهاجمين".

وأضاف "لا زلت أرى أن هذا ما يتعين فعله. وأنا على يقين من أننا سنناقش الأمر مجددا. وآمل أن تتفق الدول الأعضاء على ذلك".

اما وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني فكرر اليوم الاثنين، في بروكسل، موقف بلاده بشأن الأسلحة الموردة إلى أوكرانيا، مشددا على أنه "لا يمكن استخدامها إلا داخل الأراضي الأوكرانية فقط".

وأعلن تاياني على هامش اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أن "موقفنا بشأن استخدام أوكرانيا للأسلحة لم يتغيّر. لا يمكن استخدامها إلا داخل الأراضي الأوكرانية".

ومن شأن هذه الصواريخ التي يبلغ مداها الأقصى عدة مئات من الكيلومترات أن تسمح لأوكرانيا باستهداف مواقع لوجستية للجيش الروسي ومطارات تقلع منها مقاتلاتها.

إلى ذلك أعلن تاياني أنه "يؤيد عقد مؤتمر للسلام بحضور الروس والصينيين والهنود والبرازيليين".

وأضاف "آمل أن تتمكن بكين من لعب دور إيجابي في جعل موسكو تفهم أن هذه الحرب العبثية يجب أن تتوقف".

وقال "من المؤكد أن وجود الجنود الكوريين الشماليين ليس علامة جيدة"، في إشارة إلى نشر كوريا الشمالية قوات في روسيا لدعمها في الحرب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: خارجیة الاتحاد الأوروبی لأوکرانیا باستخدام الولایات المتحدة باستخدام صواریخ الأراضی الروسیة الیوم الاثنین منطقة کورسک إدارة بایدن أن الرئیس فی الصین فی الحرب

إقرأ أيضاً:

ماذا تصنع الطائرات الأمريكية المسيرة إم كيو-9 فوق مناطق سيطرة المليشيات الحوثية .. وكيف خضعت الصواريخ الروسية للجيش اليمني السابق للتطوير على يد إيران ؟

 

رأى تقرير أمريكي، أن مزاعم اسقاط الحوثيين للمسيرات الأمريكية "إم كيو-9" يخدم أهدافهم على المستوى المحلي، بالإضافة إلى أجندتهم الإقليمية والدولية، من خلال علاقتهم مع إيران وغيرهم من خصوم الولايات المتحدة الأمريكية.

 

في 28 ديسمبر 2024، أعلن متحدث الحوثيين انهم أسقطوا طائرة مسيرة أمريكية من طراز إم كيو-9 "MQ-9 Reaper" كانت تحلق فوق محافظة البيضاء في اليمن بصاروخ ارض-جو، وبعد أربعة أيام، تباهى الحوثيين بأسقاط طائرة مسيرة أمريكية ثانية في مأرب، لتكون أول ضربة حوثية لطائرة من ذات الطراز في عام 2025.

 

ووفق تقرير لمركز أبحاث المجلس الأطلسي الأمريكي «Atlantic Council» "تمثل هذه الهجمات أحدث حلقة في سلسلة طويلة من الضربات الحوثية الناجحة ضد الطائرات بدون طيار الأمريكية منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، مما يبرز قدرات الحوثيين الهجومية المتنامية".

 

وأشار التقرير الأمريكي إلى أنه، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، نجح الحوثيون في تحويل إسقاط طائرات بدون طيار من طراز "إم كيو-9" الى دعاية ترويجية للترويج لأدائهم العسكري محليًا وخارجيًا.

 

وإذا استنتج الحوثيين بان مواصلة الهجمات على الطائرات الأمريكية تؤتي ثمارها، فمن المرجح ان يكثفوا هجماتهم على الأصول الأمريكية، ويمكن أن تصميم الجماعة القوي على تصعيد المواجهة العسكرية مع واشنطن. وفق التقرير

 

وفي محاولة لاستمرار الضربات ورد في 19 فبراير/ شباط الجاري، أن الحوثيين أطلقوا صواريخ ارض-جو على طائرة مقاتلة أمريكية من طراز F-16 وطائرة بدون طيار من طراز "إم كيو-9" (لكن الصواريخ لم تضرب أهدافها). 

   

بالنسبة لجماعة الحوثي فإن فرض خسائر فادحة على أسطول الطائرات بدون طيار الأمريكية يخدم أهدافا تكتيكية واستراتيجية ورمزية على المستويين المحلي والإقليمي. -بحسب التقرير- الذي اعتبر "إن الضربات ضد طائرات "إم كيو-9" بدون طيار تعمل على إضعاف انظمة الاستخبارات والاستهداف الأمريكية وتساعد الحوثيين في تعزيز الدعم المحلي والإقليمي".

 

وأشار التقرير "مع علاقات الحوثيين بالصين وروسيا وإيران، فإن طائرات "إم كيو-9" التي تم إسقاطها قد تنتهي في أيدي خصوم الولايات المتحدة"، لافتا أن "الولايات المتحدة تحتاج تعديل استراتيجيتها لنشر طائرات "إم كيو-9" لضمان تكون اقل عرضة لهجمات الجماعة المسلحة".

 

استخدم طائرات "إم كيو-9" في اليمن

 

إن زيادة الهجمات على الطائرات بدون طيار الأمريكية والحملة المناهضة للشحن البحري تشكلان عنصرين رئيسيين في أحدث هجوم للحوثيين، فمنذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، احتجز الحوثيون حرية الملاحة والتجارة البحرية في البحر الأحمر رهينة، وشنوا الهجمات على السفن التجارية. 

 

وبإطلاق حملتهم المناهضة للشحن البحري، وجه الحوثيون ضربة قاسية لحركة الملاحة البحرية في الشريان التجاري الذي يربط البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، ووسعت أهدافها لتشمل أي سفينة مملوكة أو تديرها خطوط شحن دولية تخدم سفنها موانئ إسرائيل.

 

منذ عام 2002، نشرت الولايات المتحدة بانتظام طائرات بدون طيار مثل "إم كيو-9" لمهام المراقبة والهجوم في اليمن، وخاصة لجمع المعلومات الاستخباراتية والقضاء على عملاء تابعين لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

 

وعلى الرغم من نشرها المطول، كان عدد الطائرات بدون طيار الأمريكية التي فقدت بسبب النيران المعادية ضئيلا، حيث أسقط الحوثيون ثلاث طائرات "إم كيو-9" فقط بين عامي 2017و2019.

 

وخلال حملة الحوثيين ضد الملاحة البحرية، كان هناك تصعيد ملحوظ في الكفاءة التكتيكية للجماعة ضد الطائرات بدون طيار الأمريكية. فمنذ نوفمبر 2023، أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن أسقاط 14 طائرة بدون طيار من طراز "إم كيو-9"، في سلسلة من الهجمات التي استهدفت الأصول الأمريكية في محافظتي مارب وصعدة بشكل أساسي. 

 

إن تكثيف وتيرة العمليات ومعدل النجاح المتزايد لهجمات الحوثيين على الطائرات بدون طيار الأمريكية امر غير مسبوق، مما يُظهر تحسن مهارات الميليشيا في التصويب وتوسيع قدراتها الهجومية.

 

في حين انه ليس من الواضح ما هو بالضبط متعلق بقوة الصواريخ الحوثية، وبالتالي ما يعزز هذه القدرة الهجومية، يمكن استخلاص فكرة تقريبية من العروض العسكرية الحوثية ومن مصادرة المواد العسكرية من المراكب الشراعية التي تهرب المساعدات الفتاكة من إيران.

 

 تشمل ترسانة الحوثيين من الصواريخ ارض-جو صواريخ روسية الصنع من مخزونات الجيش اليمني قبل الحرب، مثل صاروخ ارض-جو SA-6 / Faster (Innovator) وعائلة صواريخ ثاقب (Piercer)، بالإضافة الى ذلك يزعم الحوثيون انهم ينتجون تصاميم صاروخية محلية. 

 

ومع ذلك فإن هذه التصاميم اما متغيرات من انظمة الأسلحة الإيرانية أو تستند الى التكنولوجيا الإيرانية، مثل صاروخ صياد-2C، وسلسلة صقر (صاروخ 358 الإيراني)، وعائلة صواريخ برق (سلسلة طير الإيرانية).

 

استراتيجية الحوثيين

 

من الناحية التكتيكية، تهدف عمليات أسقاط الحوثيين لطائرات MQ-9 بدون طيار في المقام الأول الى حجب انظمة الاستخبارات والاستهداف الأمريكية، التي تعمد عليها القوات الأمريكية من خلال تجميع البيانات والتخطيط لضربات جوية مشتركة مع المملكة المتحدة على أهداف برية معادية في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.

 

وعلى الرغم من تصميمها لتكون طائرة بدون طيار من الطراز الأول "للصيد والقتل"، تلعب طائرة "إم كيو-9" أيضا دورًا مهمًا في جمع المعلومات الاستخباراتية والمراقبة والتعرف عليها بفضل قدرتها على التحمل لمدة 24 ساعة وارتفاعها التشغيلي الأقصى الذي يبلغ 50 ألف قدم.

 

واعتمدت الضربات الدقيقة الأمريكية والبريطانية، التي استهدفت رادارات الحوثيين ومواقع التخزين والانطلاق الجماعة على طائرة "إم كيو-9" وكان لها دور كبير بضرب المرافق والمخابئ تحت الأرض في المناطق الجبلية الوعرة في اليمن. ولأن الحوثيين يخفون المواقع الاستراتيجية فقد اعتمد التحالف الغربي على الطائرات بدون طيار لجمع معلومات استخباراتية قابلة للتنفيذ حول المنشآت العسكرية.

 

دعاية الحوثيين

 

بالنسبة للحوثيين، فإن إسقاط الطائرات الأمريكية بدون طيار يحمل أيضا قيمة رمزية، إذ أن المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل جزء لا يتجزأ من أساسهم الأيديولوجي، ويريدون أن يُنظر إليهم على انهم قادرون على الوقوف في وجه الولايات المتحدة، ومن أجل ذلك قام الحوثيين بالدعاية بشكل مكثف لإسقاط طائرة "إم كيو-9".

 

على سبيل المثال، كما لاحظ محمد الباشا (مؤسس شركة الاستشارات Basha Report)، حول الحوثيون الطائرة الأمريكية بدون طيار الى الشخصية الرئيسية لأغنية ساخرة بعنوان "بورة" -وتعني أنها بلا قيمة- تسخر من القدرات القتالية الضعيفة للطائرة بدون طيار.

 

كما سعى الحوثيون الى تعزيز الشرعية السياسية المحلية واكتساب الاعتراف الإقليمي من خلال مهاجمة الأصول الجوية الأميركية. ان إسقاط الطائرات الأميركية بدون طيار يعزز الروح المعنوية لأنصار الحوثيين في وقت عصيب للغاية تحت وطأة الضربات الجوية الغربية والإسرائيلية.

 

ومن وجهة نظر إقليمية، سمح ادعاء تدمير طائرات "إم كيو-9" للحوثيين بتصوير أنفسهم على انهم العضو الأكثر فتكًا في محور المقاومة الذي تقوده إيران وكسب تعاطف الأصوات المناهضة للولايات المتحدة والمؤيدة للفلسطينيين في العالم العربي.

 

ولكن مزاعم الحوثيين تستحق الشكوك، فالجماعة المتمردة معروفة بعملياتها الدعائية، بما في ذلك استخدام تصريحات غير قابلة للتحقق لتضخيم تصور أدائها العسكري، ومنذ بداية الحملة ضد السفن، كثيرا ما تفاخر الحوثيون بشن ضربات ناجحة على الأصول البحرية الأميركية المنتشرة في البحر الأحمر، على الرغم من ان القيادة المركزية الأميركية سارعت الى القول إن مثل هذه المزاعم كاذبة. 

 

وعلى نحو مماثل، يمثل إسقاط طائرة "إم كيو-9" وسيلة قوية لجذب الانتباه للترويج لقدرات الحوثيين في الحرب الجوية الهجومية، وسواء كانت هذه المزاعم حقيقية أم لا، فإنها تعمل على تضخيم القوة القتالية المفترضة للحوثيين وتلميع صورتهم كميليشيا قادرة على مواجهة القوات الأميركية وجها لوجه.

   

شركاء الحوثيين الخطيرين

 

ورغم إسقاط طائرات "إم كيو-9" فوق اليمن، فإن العواقب السلبية لهذه الهجمات الحوثية على الأصول العسكرية الأميركية قد تمتد الى ما هو ابعد من حدود البلاد، فبعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، كان هناك تسارع ملحوظ في التعاون العسكري والتنسيق الدبلوماسي والدعم الرمزي بين الحوثيين وإيران (الداعم والراعي للجماعة (وروسيا، والصين، وغيرها من الجماعات المسلحة الإقليمية في محور المقاومة الذي تقوده طهران.

 

وعززت روسيا بشكل كبير من علاقاتها السياسية مع الحوثيين، حيث أظهرت تضامنها الدبلوماسي مع العمليات العسكرية للجماعة، وقدمت ثقلاً موازناً لموقف واشنطن المتشدد ضدها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

 

بالإضافة الى ذلك، كشفت الاستخبارات الأمريكية أن إيران توسطت في محادثات بين روسيا والحوثيين أدت الى تزويد موسكو للجماعة بصواريخ كروز روسية الصنع مضادة للسفن، كما أفادت بوجود مستشارين عسكريين روس في اليمن، والذين يزعم انهم زودوا الحوثيين ببيانات تتبع السفن وتوجيهات الاستهداف لزيادة دقة الهجمات على الشحن التجاري.

 

وعلى نحو مماثل لموسكو، يبدو أن بكين كثفت تعاملها مع الحوثيين منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ويقال إن بكين أبرمت صفقة مع الميليشيات لضمان المرور الأمن للسفن التجارية التي ترفع العلم الصيني. ويقال إن الحوثيين استفادوا من موقف الصين المحايد في مجلس الأمن التابع لشراء مكونات عسكرية مزدوجة الاستخدام صينية الصنع لدعم قاعدتهم العسكرية الصناعية المحلية.

 

وفي حين أن كل من هذه الجهات الفاعلة مدفوعة بأهداف استراتيجية مختلفة، إلا أنها شترك في مشاعر متجذرة متشابهة معادية للغرب، وهو القاسم المشترك الذي سعى الحوثيون الى الاستفادة منه لصالحهم.

 

وفي هذا الصدد، يمكن للجماعة المسلحة أن تقدم اليمن والبحر الأحمر كساحة معركة يمكن لخصوم واشنطن من خلالها وضع أيديهم على المعدات العسكرية الأمريكية، يمكن أن تضع القوى المعادية للغرب عينها على الوصول الى مكونات التكنولوجيا المصنوعة في الولايات المتحدة لأغراض متعددة: ويمكن أن تحاول عكس هندسة المكونات، وتصميم تدابير مضادة مخصصة، والحصول على معلومات حساسة محتملة مخزنة في طائرات "إم كيو-9".

 

بالنسبة لإيران يعد الوصول الى المعدات العسكرية الأمريكية جائزة مرغوبة منذ فترة طويلة. على سبيل المثال، في منتصف عام 2019، سارعت إيران الى استعادة طائرة MQ-4C Triton التابعة للبحرية الأمريكية والتي أسقطها الحرس الثوري الإيراني فوق مضيق هرمز. لكن إمكانية الوصول الى التكنولوجيا المصنوعة في الولايات المتحدة قد يكون مفيدًا للأخرين أيضا، بما في ذلك الصين، التي تواجه منافسة متزايدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

 

جدوى استخدام طائرات "إم كيو-9"

 

تشكل طائرة "إم كيو-9" العمود الفقري لأسطول الطائرات بدون طيار في الولايات المتحدة، حيث توفر للمخططين العسكريين الأميركيين عمقًا تكتيكيًا في المناطق الداخلية الوعرة في اليمن. ومع ذلك، وعلى الرغم من تفوقها التقني على قوة الصواريخ الحوثية، فقد أثبتت ضعفها أمام انظمة الأسلحة المضادة للطائرات الأساسية. 

 

ورغم ان نشر الطائرات بدون طيار يظل بديلاً مفضلًا للطائرات المأهولة عند العمل في بيئة عالية الخطورة مثل اليمن. ومع ذلك، فإن معدل فقدان طائرات "إم كيو-9" بدون طيار في القتال منذ منتصف نوفمبر 2023 يستحق اهتمام الاستراتيجيين العسكريين الأميركيين. 

 

حيث تبلغ قيمة طائرات "إم كيو-9" حوالي ثلاثين مليون دولار لكل منها، يجعل وتيرة فقدانها غير قابل للاستدامة، حيث سقطت بمعدل طائرة واحدة شهريًا خلال حملة الهجمات في البحر الأحمر التي استمرت خمسة عشر شهرًا، وفقًا لمزاعم الحوثيين.

 

ورغم ان ترسانة الصواريخ الحوثية لا تزال تشكل تهديدا منخفض المستوى للأصول الجوية الأميركية، فقد أثبتت الجماعة قدرتها على إضعاف التفوق القتالي للولايات المتحدة جزئيا، وإضعاف التفوق الجوي الأميركي، وكشف نقاط ضعف كبيرة في طبقات الدفاع في طائرة "إم كيو-9".

 

وقد يسعى خصوم واشنطن الى الاستفادة من هذه الثغرات لتعزيز مصالحهم الاستراتيجية، فبعد التوصل الى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في يناير/ كانون الثاني، تعهد الحوثيون بتقليص هجومهم البحري، لكن حرية الملاحة الأمنة بعيدة كل البعد على أن يتم استعادتها في البحر الأحمر.

 

وينبغي لواشنطن أن تستغل الهدوء الحالي في هجمات الحوثيين لتعديل استراتيجية نشر الطائرات بدون طيار وتسريع دمج مجموعات الحماية الذاتية في طائرة "إم كيو-9" التي تعزز قدرتها على البقاء ضد النيران المعادية.

 

على سبيل المثال، يمكن ان تشمل هذه المجموعات أنظمة تدابير مضادة نشطة وسلبية ضد التهديدات السيبرانية والترددات الراديوية أو الأشعة تحت الحمراء.

 

ان الولايات المتحدة بحاجة أن تبقى حذرة، ومع بقاء الظروف الأمنية متقلبة في البحر الأحمر، فإن طائرات "إم كيو-9" على استعداد لمواصلة لعب دور بالغ الأهمية في تعزيز وعي الولايات المتحدة بالتهديدات التي يشكلها الحوثيون

مقالات مشابهة

  • أمريكا: لا يمكن إنهاء الحرب في أوكرانيا دون مشاركة روسيا بالمفاوضات
  • مظاهرات حاشدة في أوكرانيا تطالب بالإفراج عن أسرى الحرب المحتجزين لدى روسيا
  • ستسيطر على دول في ناتو..قطع الدعم الأمريكي لأوكرانيا يقلب الموازين لصالح روسيا
  • الكرملين: روسيا والولايات المتحدة تحاولان بكل جهد تحسين العلاقات المشتركة
  • دعوات إلى وقف الحرب في أوكرانيا والتفاوض مع روسيا
  • واشنطن بوست: إدارة بايدن تراجعت في آخر لحظة عن معاقبة إسرائيل
  • بعد تاريخ من العداوة لكييف..جي دي فانس يوبخ زيلينسكي في البيت الأبيض
  • بعد طرد زيلينسكي من البيت..أوكرانيا في مهب الريح بسبب المشادة مع ترامب
  • ماذا تصنع الطائرات الأمريكية المسيرة إم كيو-9 فوق مناطق سيطرة المليشيات الحوثية .. وكيف خضعت الصواريخ الروسية للجيش اليمني السابق للتطوير على يد إيران ؟
  • استبعاد أوكرانيا من المحادثات الأمريكية الروسية حول الحرب يشكل خطراً كبيراً على الجميع.. ما تأثيره على إفريقيا؟