أصوات تحت الحصار.. القمع يكمّم أفواه شيعة ينتقدون الحرب في لبنان
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
"الخوف يمنعني من الكلام، من دون أن يلغي رفضي لهذه الحرب التي لا تخدم سوى مصالح إيران، ولم تجلب للبنان سوى الموت والدمار والخراب"، بهذه الكلمات يعبّر حسن، أحد أبناء الطائفة الشيعية في لبنان، عن عجزه عن التعبير عن رأيه في الحرب الدائرة بين لبنان وإسرائيل.
ويضيف حسن أنه يشعر بالقلق من أن يصبح الضحية الجديدة في لائحة الأشخاص الذين تعرضوا لأنواع مختلفة من التهديد والعنف، لمجرد أنهم أعلنوا معارضتهم لسياسات حزب الله.
ومنذ اندلاع المعارك على جبهة جنوب لبنان، يعيش حسن ولبنانيون آخرون في حالة من التوتر الداخلي، حيث يجدون أنفسهم عالقين بين رفضهم للحرب من جهة، والخوف من العواقب التي قد تترتب على التعبير عن هذا الرفض من جهة أخرى، ويقول حسن لموقع "الحرة" أن "الخطر أصبح يحاصرنا من كل الاتجاهات: من الغارات الجوية، ومن عناصر ومؤيدي حزب الله وحركة أمل الذين يتربصون بكل من يتجرأ على المجاهرة برأيه الذي لا يتوافق معهم".
ويضيف "نعيش في ترهيب دائم. خسرت وعائلتي منزلنا في جنوب لبنان، وبيتنا في الضاحية الجنوبية مهدد بالدمار. ومع ذلك، يمنع علينا أن نعبّر عن مشاعرنا أو عن خسارتنا لجنى عمرنا. إذا لم نعلن أن ذلك فداء لحزب الله والمقاومة، نكون عملاء. كما يجب على الإنسان أن يكتم حزنه في حال فقد عزيزاً، إذ عليه أن يعلن أن ذلك فداء للمقاومة. لا بل باتت العائلات التي تفقد أحبائها تتلقى التهاني، حيث أصبحنا نسمع 'هنئيا' بدلاً من 'ألهمك الله الصبر'. فأي تكبر على الجراح هذا؟ وأين هي مشاعر الإنسان في كل ذلك؟"
هذه الحالة من الخوف بين أبناء الطائفة الشيعية، تبرز الأثر العميق الذي خلّفته الحرب، ليس فقط على الجبهة العسكرية، ولكن أيضاً في المجتمع اللبناني الذي يعاني من تزايد الضغوطات على حريات الأفراد في التعبير عن آرائهم، لتضاف إلى الضغوطات التي يعيشها اللبنانيون، لاسيما "الشيعة" الذين اضطر عدد كبير منهم للنزوح نتيجة القصف، وسط معاناة اجتماعية واقتصادية ونقص في الخدمات الأساسية.
وتصاعدت حملات قمع حرية التعبير وإسكات الأصوات المعارضة بشكل ملحوظ منذ فتح حزب الله جبهة جنوب لبنان في أكتوبر 2023، وفقاً لما تؤكده الباحثة والصحفية في مركز سكايز، وداد جربوع، وتوضح أن هذا التصعيد "جاء في ظل انقسام اللبنانيين بين مؤيد ومعارض للحرب الدائرة"، معتبرة أن "هذه الحملات تبدو جزءاً من محاولة لفرض سردية واحدة تتماشى مع رؤية حزب الله وحلفائه الداعمين لجبهة غزة".
صدمة الواقعمنى هي الأخرى تعارض الحرب بشدة، مشيرة إلى أنها من صور جنوب لبنان، "المدينة العريقة التي كانت رمزاً للتآلف بين سكانها، قبل أن تفرّق بينهم الأجندات والأحزاب المتضاربة"، وتضيف أن "الحرب الأخيرة عمّقت جراح المدينة وغيّرت ملامحها تحت وطأة القصف المكثف".
وتقول منى في حديث لموقع "الحرة": "في عام 2000، عندما تحرر الجنوب، نجح حزب الله في إقناع شريحة واسعة من أبناء الطائفة الشيعية بأن وجوده ضروري لحماية لبنان، ولكن بعد حرب 2006 والحرب الأخيرة التي زَجّ بها البلد، بات واضحاً أن هدفه لم يعد حماية الوطن، بل أن سياساته هي التي تجلب له الخراب".
وتشير إلى أنها فقدت منزلها ومنزل جدها، وتعرضت منازل عدد من جيرانها للتدمير بسبب الحرب، وتقول "لا نعرف الأسباب الحقيقية لهذه الخسائر، أو ما يسميه الحزب ومؤيدوه بالتضحيات."
"الشيعة، كمعظم اللبنانيين، لم يكونوا راضين عن تورط لبنان في حرب مع إسرائيل"، كما يؤكد الصحفي علي الأمين، ويشرح أن "أبناء المناطق الجنوبية، وخاصة تلك الحدودية مع إسرائيل، كانوا يدركون تماماً أن أي حرب ستترك تأثيرات مباشرة عليهم، سواء من حيث التدمير أو التهجير أو غيرها من الأضرار، وفي ذات الوقت كانوا مؤمنين بأن حزب الله لن يخوض حرباً مع إسرائيل، وأن سلاحه كان دفاعياً وظيفته حمايتهم من أي اعتداء، وذلك كما كان يروج الحزب. ومن هذا المنطلق، استثمر البعض منهم مليارات الدولارات في بناء منازل ومشاريع اقتصادية في تلك المناطق. لكن الواقع اليوم أثبت أن تلك التوقعات كانت خاطئة".
ويعتقد الأمين أن الفجوة بين خطاب حزب الله والمزاج الشيعي العام "قد اتسعت بعد موجة النزوح والتدمير، حيث يشعر معظم الشيعة الذين نزحوا بخسائر كبيرة وقلق وجودي، خاصة فيما يتعلق بإمكانية عودتهم إلى بلداتهم فضلا عن تعويض خسائرهم البشرية والمادية".
وتلفت منى إلى أنها تخشى التعبير عن معارضتها للحرب، خاصة في مكان عملها كي لا تخسر وظيفتها، كما أنها لا تتجرأ على كتابة موقفها على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة "أخاف أن أكتب ما أشعر به، فهناك دائماً من يترصد لإلحاق الأذى بالمعارضين للحزب وعائلاتهم شخصياً ومهنياً، رغم أنني أرفض احتلال أي شبر من وطني، لذلك أكتفي بمنشورات تمجد السلام وحب الوطن".
وتعبّر عن شعورها بمرارة قائلة "أشعر أن صوتي مخنوق، وأنني أعيش في غربة داخل مجتمعي ووطني".
قمع متعدد الأبعادكذلك يعارض حيدر ما يحدث في لبنان، "من الحرب إلى غياب الدولة وسيطرة حزب الله على قرار السلم والحرب"، ومع ذلك، يشعر بعدم القدرة على التعبير عن رأيه بحرية.
ويقول حيدر لموقع "الحرة" "أولاً وقبل كل شيء، عليّ أن أراعي أن لي أقارب وأصدقاء قتلوا أو أصيبوا في هذه الحرب. بالإضافة إلى ذلك، فإن المعارضين الذين يعبّرون عن آرائهم يتعرضون لضغوط وتهديدات من حزب الله وحركة أمل ومناصريهما. لهذا السبب، أُفضّل عدم الإفصاح عن قناعاتي في الوقت الحالي، خاصة في ظل استمرار إراقة الدماء. فضلاً عن أنني أواجه ضغوطات عائلية واجتماعية".
ويضيف حيدر أنه في إحدى المرات، قرر التعبير عن رأيه أمام عائلته بعد أن وصل إلى مرحلة كبيرة من التوتر من كل ما يدور حوله، إلا أن الرد الذي تلقاه زاد الضغط عليه، إذ قال "كان الجواب الذي سمعته أن كل الخسائر هي فداء لحزب الله وأمينه العام السابق حسن نصر الله، لذلك قررت عدم الإقدام على هذه الخطوة مرة أخرى قبل انتهاء الحرب".
تتعدد أساليب مواجهة اعتراضات الصحفيين، الناشطين، وحتى المواطنين العاديين من قبل مناصري تلك الأحزاب أو جيوشهم الإلكترونية بحسب جربوع، وأبرزها "التحريض، التخوين، والاتهام بالعمالة، نشر خطاب الكراهية، الاعتداءات الجسدية التهديد بالقتل، وحتى التهديد بالاغتصاب في حالة الناشطات والصحفيات".
كما يتم "استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الأخبار الكاذبة بهدف تشويه سمعة المعارضين. ومن الأمثلة على ذلك، الادعاء باعتقال ناشطين وصحفيين بتهم العمالة".
وتشير جربوع إلى أن الصحفي نبيل مملوك "تعرض لاعتداءات متكررة بالضرب والتهديد بسبب موقفه الرافض للحرب والدمار الذي تخلّفه"، موضحة أن "حملة تشويه طالت مملوك، حيث روّجت مزاعم كاذبة بأنه يزوّد الجيش الإسرائيلي بمعلومات عن مواقع إطلاق الصواريخ في مدينة صور، وأن الأجهزة الأمنية اعتقلته في محاولة واضحة للتحريض عليه وقمع حقه في التعبير".
وتشدد على أن "مملوك ليس حالة فردية، حيث يواجه العديد من الناشطين والصحفيين مصيراً مشابهاً، ومن بينهم مريم مجدولين لحام، رامي نعيم، وعامر حلاوي، وغيرهم".
سياسة قديمة متجددة"سياسة الترهيب التي يتبعها حزب الله، ليست جديدة" كما يقول الأمين، لكنها "ازدادت وضوحاً في ظل الحرب، بهدف توجيه رسالة إلى المجتمع الشيعي بأن الاعتراض على الحرب أو سياساته له كلفة باهظة، والمطلوب هو الصمت والالتزام بقواعد السلوك التي يحددها الحزب، وترديد ما يريده من بروباغاندا".
في المقابل، برزت كما يقول الأمين "أصوات كثيرة على المستوى الفردي والشخصي لاسيما في بعض مجتمعات النزوح، حيث نلمس حالة تمايز وتنامي الاعتراض، الذي يتخذ أشكالاً متعددة مثل الاعتراض على الأوضاع السيئة التي يعيشونها، أو الحديث عن تخلي إيران عنهم وعن حزب الله".
ويلفت الأمين إلى أن "حالات الاعتراض قد لا تظهر بشكل علني في الوقت الراهن، نظراً لهيمنة أجواء الحرب وقرقعة السلاح التي تخمد أصوات المعترضين على الحزب. بالإضافة إلى ذلك، فإن موارد الإغاثة، حتى تلك المقدّمة من الدولة، تدار عبر حزب الله وحركة أمل، إلى جانب أمل البعض في أن يتولى حزب الله عملية إعادة الإعمار مستقبلاً".
ولم تقتصر سياسة الترهيب على فترة الحرب الجارية فحسب، بل امتدت، وفقاً لما تقوله جربوع، إلى تهديدات تطال المعارضين بالعقاب بعد انتهائها، وتشير إلى أن "هذه التهديدات تأتي بأسلوب يعيد إلى الأذهان ممارسات سابقة، مثل (قبل وبعد السحسوح)، حيث يتم الاعتداء جسدياً على المعارضين، وإجبارهم على تسجيل اعتذارات مصوّرة تتراجع عن مواقفهم المناهضة".
وتؤكد جربوع أن المطلوب اليوم هو "محاسبة المعتدين على الناشطين والصحفيين والمواطنين المعارضين، وكشف هوية المسؤولين عن ذلك أمام الرأي العام لتبيان ما إذا كان هناك أي تورط لجهة حزبية في هذه الاعتداءات، خاصة أن بعض الأحزاب التي توجه إليها أصابع الاتهام تقوم بنفي علاقتها بتلك الانتهاكات".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: جنوب لبنان التعبیر عن حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يكثف غاراته على دمشق.. هل دخلت الحرب رسميا؟
لا يكاد يمر يوم إلا والاحتلال يشن غارات عنيفة على سوريا، حتى شملت مجمل المناطق التي يسيطر عليها النظام من دمشق حتى حماة وحلب وصولا إلى القصير والمعابر الحدودية مع لبنان.
وبينما يكتفي النظام السوري بإدانة الهجمات والاحتفاظ بحق الرد، تضاعف "إسرائيل" عدوانها على البلاد وتهدد بشكل صريح بتوسيعه هذا فضلا عن تحركات برية يقوم بها جيش الاحتلال في الجولان المحتل.
في هذا التقرير نحاول الإجابة على السؤال الأهم:
هل دخلت سوريا رسميا دائرة الحرب؟
محاولات التحييد
منذ الأيام الأولى للعدوان ذكرت تقارير إسرائيلية، أن الإمارات أرسلت رسائل إلى بشار الأسد تحذر فيها من أي تدخل لسوريا في الحرب الدائرة في غزة أو هجمات ضد دولة الاحتلال من الأراضي السورية.
وذكرت المصادر للقناة 12 العبرية، أن الإماراتيين نقلوا الرسائل إلى سوريا على أعلى مستوى، وأبلغوا الإدارة الأمريكية بعد ذلك بمحادثاتهم مع سوريا بشأن قضية غزة.
مطلع الشهر الجاري، تحدثت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، عن ما وصفتها بـ"إغراءات" الإمارات لإقناع رئيس النظام السوري بشار الأسد، بالتخلي عن تحالفه مع إيران وحزب الله.
وقالت الصحيفة إن "نتنياهو يراهن على تحقيق تغيير ليس في لبنان فقط، بل في سوريا أيضا"، مشيرة إلى أن تقارير دبلوماسية تتحدث عن أن "إسرائيل" تتابع باهتمام ما يجري في دمشق، وما الذي يمكن أن تحققه جهود تقودها الإمارات بالتعاون مع الأردن، لإقناع الأسد بالتخلي عن إيران وحزب الله.
وتابعت: "تل أبيب لا تراهن على تغيير كبير في الموقف السوري، لكن حلفاءها في أبو ظبي وعمّان يطلبون مهلة لمحاولة إقناع الأسد بالطلب من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله بمغادرة الأراضي السورية، وإقفال المقرات الخاصة بكل من له صلة بمحور المقاومة، والتعهد بعدم إفساح المجال أمام عبور أي نوع من الدعم المادي والعسكري إلى لبنان عبر الأراضي السورية".
وذكرت أن "الإمارات تحاول تقديم إغراءات مالية كبيرة للأسد، مع إبداء الاستعداد لإطلاق ورشة إعادة إعمار في كل سوريا إذا ابتعدت عن محور إيران. كما يتعهد الأردن بالقضاء على كل المجموعات المعارضة للحكومة السورية في جنوب وشرق سوريا".
هل نجحت خطة التحييد؟
يقول الكاتب والباحث السياسي محمد الخفاجي، إن "سردية الوساطة الإماراتية ليست وليدة اللحظة كما أن عودة الأسد إلى الجامعة العربية كانت قبل طوفان الأقصى، لذا فإن محاولة التركيز عليها لتفسير صمت الأسد تبدو مخطئة، خصوصا أن علاقة سوريا بالمحور علاقة عضوية استراتيجية عميقة وليست مصلحية بسيطة".
وأضاف في حديث لـ "عربي21"، أن "تكثيف الكيان للضربات على سوريا، يأتي لزيادة الضغط على حزب الله للقبول بوقف إطلاق النار وفق شروط نتنياهو وبنفس الوقت رسالة لإيران بأن الحرب تتسع وقد لا يسعفها الوقت للنأي بنفسها عنها، فعليها الضغط باتجاه قبول الحزب بشروطها لوقف الحرب في لبنان".
هل وصلت الحرب دمشق؟
يشير الخفاجي، إلى أن "سوريا منذ سنوات كانت ساحة صراع إسرائيلي إيراني مستتر فالغارات التي تتصاعد الآن هي حلقة أخرى من صراع قديم اشتعل بشكل أكبر بعد طوفان الأقصى، لكن فعليا الاحتلال غير قادر على فتح جبهة سوريا لأسباب سياسية أولا وعسكرية لوجستية ثانية".
وعن الأسباب يقول الخفاجي، إن "إسرائيل في اجتياح لبنان بثمانينات القرن الماضي وصلت بيروت بوقت قياسي بينما إلى الآن لم تستطع الوصول إلى الليطاني وما زالت تقاتل في البلدات الحدودية رغم تقدمها في عدة محاور، لذا فإن فتح جبهة سوريا مكلف للغاية وقد شاهدنا خلال عام من العدوان أن نتنياهو لم يفتح جبهة لبنان إلا بعد انتهاء الجزء الأكبر من العملية البرية في غزة ووصولها لطريق مسدود".
وتابع، "يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار أن الخشية الإسرائيلية ليست من النظام فحسب بل من الفصائل الموجودة في سوريا خصوصا حركة النجباء العراقية، التي روجت قبل أيام بشكل ضمني لاحتمالية فتح جبهة الجولان".
أما سياسيا فيقول الخفاجي، إن "جميع حلفاء إسرائيل بمن فيهم العرب يحاولون التهدئة وإبعاد شبح الحرب الشاملة التي لا يطمح لها أحد سوى نتنياهو، والأخير لم يعد بإمكانه فرض الأمر الواقع على حلفائه خصوصا الأوروبيين الذين باتوا يرونه عبئا عليهم بسبب المجازر المستمرة في غزة والمكررة في لبنان".
الحليف الإيراني
وبين محاولات التحييد والقصف الإسرائيلي المتواصل، برز الموقف الإيراني أخيرا بزيارة مكوكية شملت دمشق وبيروت لعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي حط في العاصمة السورية وهناك التقى الأسد.
لاريجاني قال لوسائل إعلام لبنانية، إنه حمل رسالة لرئيس النظام السوري "وسيترك له الإجابة على مضمونها".
بعد لاريجاني، وصل وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، إلى العاصمة السورية دمشق، السبت، على رأس وفد أمني رفيع؛ لإجراء محادثات مع المسؤولين السوريين.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية أن الوفد الإيراني بحث "آخر المستجدات في المنطقة بشكل عام، وتعزيز التنسيق والتعاون بين الجيشين الصديقين".
بدورها، نقلت وكالة مهر الإيرانية عن وزير الدفاع الإيراني قوله لدى وصوله إلى دمشق، إنه "بناء على توصيات قائد الثورة الإسلامية، مستعدون لتقديم كل وسائل الدعم لسوريا الصديقة".
وأضاف أن سوريا لديها مكانة إستراتيجية في السياسية الخارجية لإيران، مبينا أن الزيارة إلى دمشق جاءت بناء على دعوة من نظيره السوري.
وأوضح نصير زاده أنه والوفد المرافق له سيبحثون مع المسؤولين السياسيين والعسكريين في دمشق عدة مسائل مشتركة في مجال الدفاع والأمن، لتوسيع وتطوير العلاقات في هذا المجال بين البلدين.
بدورها ذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكي في تقرير لها الأسبوع الماضي، إن "غياب سوريا عن الصراع الحالي هو دليل واضح على فشل استراتيجية إيران الرامية إلى -وحدة الساحات-، والتي تفترض استجابة منسقة من جانب جميع شركائها في محور المقاومة. ويكشف هذا عن أن البقاء السياسي للأسد يتقدّم على الموقف الإيديولوجي، وأن سوريا في وضعها الحالي لن تشكّل مشكلة بالنسبة لإسرائيل".
ما سر الصمت؟
يقول الكاتب والباحث السياسي رائد الحامد، إن "النظام السوري لا يبدو منسجما مع خيارات محور المقاومة بما يعرف بتعدد الجبهات أو وحدة الساحات".
وأضاف في حديث لـ "عربي21" أن "النظام الذي تلقى مئات الضربات خلال هذا العام اكتفى أحيانا بإصدار بيانات الإدانة فيما لم يرد على أي من الضربات كما أنه لم يسمح لأي من الفصائل المنخرطة في محور المقاومة باستخدام الأراضي السورية منطلقا للرد على إسرائيل أو شن هجمات انطلاقا منها".
وأضاف، أن "ذلك يعزز فرضية عدم رغبة قيادة المحور ممثلة بإيران بانخراط سوريا في طوفان الأقصى تجنبا لمصير متوقع لدمشق على الأقل شبيه بمصير غزة، ومن جانب آخر بقاء الاراضي السورية مستودعا لأسلحة وذخائر المحور وممرا لها من طهران عبر العراق إلى لبنان".
وذكرت "فورين بوليسي" في تقريرها، أنه "على الرغم من القصف الإسرائيلي المنتظم على سوريا، ووعد الحكومة السورية بالوقوف إلى جنب الشعب الفلسطيني، إلا أن النظام السوري وقف متفرّجا على الحرب التي اندلعت منذ أكثر من عام على غزة".
ويقول الخبراء والمراقبون الذين نقلت عنهم المجلة، إن أهم أولوية للأسد هي نجاة نظامه والبقاء متحكما في الجماهير السورية. ورغم سحقه للمقاومة، إلا أن نسبة 40 في المئة من الأراضي السورية خارجة عن سيطرة الحكومة، وفقا لذات التقرير،
وقال النائب السابق لمدير مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، عيران ليرمان: "لو ارتكب خطأ وانضم لمحور المقاومة بنشاط فستكون العواقب سريعة"، مضيفا: "في الوقت الحالي، أعتقد أن الأسد متردد للانخراط، ورغم أن الحكومة السورية هي قومية عربية، إلا أن فلسطين تقع في أسفل قائمة الأولويات. فعلى رأسها النجاة".
وتقول معدة التقرير المتخصصة في السياسة الخارجية، أنشال فوهرا، إن "هناك عوامل أخرى وراء ابتعاد الأسد عن النزاع، فهو يأمل بأن يكافئه الغرب على ضبط نفسه وتخفيف العقوبات المفروضة على نظامه". مضيفة: "قد وضع نفسه إلى جانب الإمارات العربية التي تعدّ لاعبا رئيسيا في إعادة تأهيل الحكومة السورية".
مصير نصر الله
هدد جيش الاحتلال الإسرائيلي، بمهاجمة أي محاولة لنقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني عبر الأراضي السورية، إلى جانب استهداف مستودعات الأسلحة والمقرات العسكرية ومنصات إطلاق الصواريخ.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري في تصريحات لوسائل الإعلام؛ إن "الجيش استهدف مستودعات الأسلحة والمقرات العسكرية ومنصات الصواريخ، ودمر معظم مستودعات حزب الله في بيروت"، مدعيا أنه "تم التعرف على صواريخ منتجة في سوريا، ويتم نقلها إلى الحزب".
وتابع قائلا: "من ثم فإن الجيش الإسرائيلي سيهاجم أي بنية تحتية في سوريا توفر أسلحة لحزب الله".
الأسبوع الماضي تحدثت تقارير صحفية، عن رسالة تهديد إسرائيلية لرئيس النظام السوري بشار، بأنه سيلقى مصير الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الذي اغتيل أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، في حال واصل التحالف مع حزب الله وإيران.
تلك التقرير ترجمها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر مطلع الشهر الجاري، عندما أكد أن "على إسرائيل أن توضح للرئيس السوري بشار الأسد أنه إذا استمرّت سوريا في كونها طريقاً لتوريد الأسلحة من إيران إلى حزب الله، وسمحت بالعدوان من أراضيها على إسرائيل، فإنه يعرّض نظامه للخطر".
وأضاف ساعر، أن "تل أبيب لن توافق على تجديد بناء قوة حزب الله عبر سوريا، ولن توافق على فتح جبهة ضدها من الأراضي السورية والآن يجب أن يواجه الأسد خياراً حاسما".
وعن ذلك يقول الحامد، "ليس ثمة أي شك في أن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت لثلاث مرات منفذ المصنع على الحدود مع لبنان وتدمير عدة جسور في بلدة القصير على الحدود مع لبنان كانت رسائل واضحة، كما نجح الاحتلال بشكل واضح في إلحاق أضرار كبيرة بخطوط الإمداد عبر الاراضي السورية".