عادت النقاشات حول معظلة "السلاح السائب" في ليبيا إلى الواجهة من جديد بعد صدور تقارير تتحدث عن تأثيراته على أمن دول إفريقية قريبة بينها نيجيريا.

وسلّطت مجلة "منبر الدفاع الإفريقي" التابعة للقيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا "أفريكوم"، في تقرير لها الثلاثاء، الضوء على تأثيرات الأسلحة المهربة من ليبيا على الأمن في نيجيريا رغم مرور أكثر من عقد على نهب مخازن السلاح والعتاد من مخازن العقيد الليبي معمر القذافي.

ونقل التقرير عن مسؤولين عسكريين نيجيريين قولهم إن "الإرهابيين الذين يجتاحون شمال نيجيريا يتسلحون بأسلحة خرجت من ليبيا".

وتواجه نيجيريا تحديات أمنية واسعة خصوصا في شمال البلاد، إذ يشن تنظيم بوكو حرام الإرهابي وجماعات متشددة أخرى تمردا مسلحا منذ نحو 15 عاما، ما أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص. 

كما تعيش نيجيريا على وقع تنامي أنشطة العصابات الإجرامية وقطاع الطرق المسلحين الذي يهاجمون المنازل والقرى خصوصا في شمال غرب البلاد.

وذكر التقرير أن مشروع مسح الأسلحة الصغيرة كشف أن تجار الأسلحة في نيجيريا يستغلون حالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل، ولا سيما في النيجر، التي تحولت إلى أبرز معبر للأسلحة التي خرجت من الترسانات الليبية، وانتقلت إلى نيجيريا وبلدان أخرى في منطقة الساحل.

بعد خروج الولايات المتحدة وفرنسا.. الإرهاب ينتشر في غرب أفريقيا ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الولايات المتحدة تواجه إخفاقات في منطقة غرب أفريقيا مع انتشار الإرهاب، وذلك بالتزامن مع صدور أوامر للقوات الأميركية والفرنسية بالخروج من عدة دول بعد سلسلة من الانقلابات.

ونقلت عن اللواء النيجيري إدوارد بوبا قوله في إحاطة إعلامية "حين نتحدث عن انتشار الأسلحة، فعليك أولاً أن ترى ما حدث في ليبيا منذ سنوات وما حدث في منطقة الساحل، فقد سمح ذلك بوصولها إلى أيدٍ غير أمينة، ثم تسربت إلى بلدنا، فتفاقمت قضية التمرد والإرهاب التي نواجهها في البلاد".

وكان اللمركز الوطني لمكافحة الأسلحة الصغيرة والخفيفة في نيجيريا قد أعدم في نهاية أكتوبر الفائت نحو 2400 قطعة سلاح صودرت من مجرمين في مختلف أنحاء البلاد. 

ويقول التقرير إنه، مع انهيار حكومة ليبيا السابق معمر القذافي في عام 2011، ظل الكثير من ترسانتها الضخمة دون حراسة، فيما أشارت تقديرات الأمم المتحدة في عام 2020 إلى أن ليبيا كانت تمتلك ما يصل إلى 200 ألف طن من الأسلحة عند انهيارها، ثم نشبت فيها حروب أهلية فاقمت مشكلة تأمين مخازن الأسلحة.

ويشير حساب "ديفنس نيوز نيجيريا" على منصة إكس "كانت هذه الأسلحة بلا حراسة تقريباً، وكان مصيرها الأسواق في منطقة الساحل جنوباً، وكانت هجمات بوكو حرام في أوج قوتها إنما تتقوى بمختلف الأسلحة الثقيلة التي نُهبت من الترسانة الضخمة للقذافي".

ويقدَّر مشروع "مسح الأسلحة الصغيرة" في عام 2020 أن مدنيين في نيجيريا يحوزون 6.2 مليون قطعة سلاح صغيرة مقارنة بنحو 580 ألف قطعة في أيدي قوات الأمن.

 الحضور الروسي

ويسلط تقرير منبر الدفاع الإفريقي الضوء أيضا على تحول ليبيا إلى منصة لإمداد "الطغم العسكرية التي تحكم بوركينا فاسو ومالي والنيجر بالأسلحة".

وأوضح أن ليبيا أمست مصدرا للأسلحة الأجنبية، الكثير منها مصنوع في روسيا وجلبها إليها مرتزقة مرتبطون بمجموعة "فاغنر".

ووصلت مجموعة "فاغنر" إلى ليبيا خلال العام 2019 لدعم قوات المشير خليفة حفتر، الذي كان آنذاك بصدد شن هجوم على الحكومة الليبية المعترف بها دوليًا في طرابلس.

وهذا ليس أول تقرير يكشف عن أنشطة روسية انطلاقا من ليبيا لدعم نفوذ موسكو في عدد من البلدان الإفريقية.

ففي أكتوبر الفائت، ذكر مركز " آيرون 24" الفرنسي أن موسكو تسعى إلى الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لليبيا لتأمين قواعد روسية على الجناح الجنوبي لحلف الناتو ولدعم أنشطتها في منطقة الساحل الإفريقي وما وراء الصحراء الكبرى. كما أشار إلى أن الوجود الروسي في ليبيا يوفر لموسكو فرصة لاستغلال أزمة الهجرة في أوروبا للضغط على الاتحاد الأوروبي.

ورث تركة فاغنر.. هل يتخذ "فيلق إفريقيا" الروسي ليبيا قاعدة؟ يوم الجمعة 8 نوفمبر الماضي، تداولت وسائل إعلام ليبية وصفحات نشطاء على السوشل ميديا خبر انفجار سيارة سباق كانت مشاركة في "رالي" سيارات نظم في صحراء ودان، بمنطقة الجفرة وسط ليبيا، بسبب لغم.

وسلط التقرير الفرنسي الضوء على إدارة قوات روسية لثلاث قواعد جوية في ليبيا، في القرضابية بالقرب من سرت، وفي الجفرة في فزان، وفي براك الشاطئ في الجنوب الغربي، يتم استخدامها بشكل أساسي لنقل العسكريين والمعدات إلى السودان أو مناطق أخرى في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى كمالي والنيجر وبوركينا فاسو.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی منطقة الساحل فی نیجیریا فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

حصار جماعة نصرة الإسلام في مالي يفاقم الأزمة الإنسانية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في قلب منطقة الساحل المالي، وفي ظل صراع مستمر منذ سنوات، يواجه المدنيون في شمال ووسط مالي واقعًا مريرًا بفعل الحصار الذي تفرضه جماعة نصرة الإسلام. هذه الجماعة، التي تسيطر على العديد من المناطق، لا تكتفي بفرض قوانينها الصارمة على السكان، بل تسببت في موجة تهجير واسعة النطاق، إذ أصبحت حياة الملايين مهددة بين جدران الحصار ونيران العنف المستمر.

"نحن هنا اليوم كما كنا في 2012"

"جماعة نصرة الإسلام تسيطر على منطقتنا، وتفرض علينا ما تراه مناسبًا للبقاء على قيد الحياة". 

لكن إذا كنت تتعامل معهم، فأنت تصبح هدفًا للحكومة، حتى لو لم تكن من المتطرفين".

هكذا يصف أحد سكان منطقة ندورغولي، في حديثه لأحد منظمات حقوق الإنسان الدولية .

فما بين الرغبة في البقاء على قيد الحياة وعبور خطوط حمراء قد تُسهم في تصعيد الأوضاع، يصبح الخيار الوحيد هو الصمت، خشية الوقوع في قبضة الأطراف المتصارعة.

موجة تهجير غير مسبوقة

ومع تصاعد الهجمات وازدياد الحصار المفروض على المدن والقرى، ارتفعت أعداد المهجرين في المنطقة بشكل مذهل. ففي تقرير حديث للأمم المتحدة، تم الكشف عن أن ما يقرب من 5 ملايين شخص قد هُجروا من منازلهم في منطقة الساحل حتى أغسطس 2024. 

وهذه الزيادة بلغت 25% مقارنة بعام 2020، مما يجعلها واحدة من أكبر موجات التهجير في تاريخ المنطقة.

الوضع الإنساني في أسوأ حالاته

الصور القادمة من المناطق المتضررة تظهر معاناة المدنيين الذين يكابدون من أجل الحصول على أبسط مقومات الحياة. القرى والمدن المحاصرة تشهد نقصًا حادًا في الغذاء والماء، في وقتٍ تزداد فيه الحاجة للرعاية الصحية. الفقر واليأس يحومان في الأجواء، والسكان يعيشون بين أملٍ ضئيل في تحسن الوضع وواقع مرير يدفعهم للهروب بحثًا عن الأمان.

نداءات للضغط الدولي والتحرك العاجل

وفي هذا السياق، أطلق المسؤولون المحليون في مالي نداءات عاجلة للمجتمع الدولي للتدخل ووقف الأزمة الإنسانية التي تتفاقم يومًا بعد يوم. 

السيد سيما عيسى مايغا، نائب عمدة غاو، والذي تعرضت مدينته للحصار في عام 2024، قال في تصريح لمجلة "نيو هيومانيتيريان": "يجب أن يكون إنهاء الحصار على رأس أولوياتنا، فالأشخاص والبضائع يجب أن يتحركوا بحرية، خاصة على الطرق الرئيسية."

الوضع يقترب من الانفجار

تواجه منطقة الساحل في مالي كارثة إنسانية حقيقية، ورغم مرور أكثر من عقد على بداية الصراع، لا يزال الوضع في تدهور مستمر.

وهذه الأزمة لا تحتاج فقط إلى حلول سياسية، بل إلى تحرك عاجل من قبل المنظمات الدولية والمحلية لمساعدة المدنيين في النجاة من الحصار المميت.

وإذا استمر هذا الوضع، فإن المنطقة قد تجد نفسها على حافة الانفجار.

مقالات مشابهة

  • نيجيريا ثالث دولة إفريقية تنضم إلى «بريكس».. اعرف أهم 7 معلومات عن المجموعة
  • مكتب التحقيقات الفيدرالي يستهدف Baicells Technologies بسبب مخاوف أمنية
  • حصار جماعة نصرة الإسلام في مالي يفاقم الأزمة الإنسانية
  • 18 قضية مخدرات.. حملات أمنية متتالية ضد مروجي «الكيف» في 3 محافظات
  • مخاوف إسرائيلية من زيادة تسلح الجيش المصري.. ما علاقة ذلك بفضيحة الغواصات؟
  • اللواء المربع يتسلم التقرير السنوي لأعمال جوازات مكة المكرمة
  • مخاوف أمنية واستعدادات مشددة.. حفل تنصيب ترامب في مواجهة التهديدات والسيناريوهات المرعبة
  • تشمل دبابات وصواريخ.. إسرائيل تصادر آلاف الأسلحة السورية
  • المشهد يتكرر.. انتشار الفوضى يثير مخاوف مسيحيي سوريا
  • صور سريالية تجسد تناقضات صارخة بين الطبيعة والتقدم بدول الخليج