كوب الإله بس يكشف أسرارا جديدة.. لغز مذهل عن عظمة المصريين القدماء
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
لا يزال العالم يتفاجأ بين لحظة وأخرى بالحضارة المصرية القديمة التي تمزج بين الغموض والإبداع، ويكشف العلم أسرارًا جديدة لممارسات المصريين القدماء التي طالما أدهشت العالم، إذ قدمت دراسة حديثة دليلًا مذهلًا على استخدام المصريين القدماء لمزيج فريد من «المواد المهلوسة» والنباتات الطبية في طقوسهم الدينية.
فمن أكواب منحوتة على شكل «الإله بس» إلى مشروبات خاصة من العسل والعرقسوس والخشخاش، تتجلى أبعاد مدهشة من معتقداتهم.
البحث الذي نُشره في مجلة «ناتشر» و«لايف ساينس» العلمية، أشار إلى أنّ كوبًا عمره 2000 عام قدّم أول دليل مادي على أن المصريين القدماء استخدموا المواد والعقاقير المهلوسة في أثناء ممارساتهم المقدسة، وفي إطار مشروع علم الآثار الخاص بالنظام الغذائي المتوسطي، أجرى فريق دولي من الباحثين تحليلات كيميائية، وتحليل الحمض النووي لمحتويات كوب مصري قديم على شكل «الإله بس»، وبعد كشط جدران الكوب، تأكد أنّ المصريين القدماء استخدموا مواد مهلوسة، للمرة الأولى.
هذا الكوب الذي يعتبر أحد الأكواب المصرية القليلة المتبقية، ويُعد جزءًا من متحف تامبا للفنون منذ عام 1984، وربما يوفر نحت «بس» بعض الأدلة حول كيف كان المصريون يعبدونه باعتباره إله الحماية والخصوبة والشفاء الطبي والتطهير السحري، إذ تساءل العديد من علماء المصريات عن سبب استخدام المصريين لهذا الكوب المنحوت على شكل رأس «بس»، وهل كان ذلك من أجل الماء المقدس، أو الحليب، أو النبيذ.
وقال برانكو فان أوبن، أمين الفن اليوناني والروماني في متحف تامبا للفنون، لجامعة جنوب فلوريدا: «لم يعرف الخبراء ما إذا كان المصريون يستخدمون هذه الأكواب في الحياة اليومية، أو لأغراض دينية، أو في طقوس سحرية»، وبعد مرور 2000 عام، توصلوا إلى اكتشاف مذهل بعد إجراء اختبارات مبتكرة، فقد جمعوا بين سلسلة من التقنيات التحليلية، التي تشبه إلى حد كبير «الكوكتيل» الذي وجدوه داخل الكوب.
وفقًا لبيان صحفي صادر عن جامعة جنوب فلوريدا، لا يزال من الممكن اكتشاف بقايا بيولوجية لمزيج من المواد المخدرة، إلى جانب الكحول، حتى أن المصريين القدماء أضافوا نكهة إلى الإكسير بالعسل وبذور السمسم وجوز الصنوبر والعرقسوس والعنب لجعل المشروب يبدو وكأنّه دم، إضافة إلى بعض النباتات التي تتمتع جميعها بخصائص نفسية وعلاجية، إذ يعتقد الباحثون أنّ هذا الشراب السحري كان مصاحبًا لطقوس الخصوبة، لأن الحمل في العالم القديم كان محفوفًا بالمخاطر.
وقال تاناسي، أستاذ بجامعة فلوريدا: «لا يوجد بحث على الإطلاق توصل إلى ما توصلنا إليه في هذه الدراسة»، إذ ترجح الدراسة أن الناس في العصر اليوناني الروماني كانوا يزورون حجرات «بس» في مصر في سقارة لأداء هذه الطقوس خلال فترة خطيرة من الولادة.
الدكتور عماد مهدي عضو اتحاد الأثريين المصريين والمتخصص في الآثار المصرية القديمة، علق في حديثه لـ«الوطن»، على هذه الدراسة الحديثة والتي لم يتطرق إليها أحد من قبل بحسب تعبيره، مؤكدًا أنّ هذا المشروب يمكن أن يكون جرى استخدامه بالفعل داخل المعبد أثناء طقوس العبادة داخل حجرة «الإله بس» الذي كان يرتبط بالخصوبة.
وأضاف عضو اتحاد الأثريين المصريين، أنّ المصري القديم كان يستخدم زهرة الخشخاش أيضًا، والذي كان شعارًا لـ«سشات» التي يرجع لها الفضل في اختراع الكتابة، إذ كان المصري قديمًا يلجأ إلى المواد المخدرة عن طريق زهرة الخشخاش، فين حين لم يتم التوصل إلى أي معلومات بشأن استخدامها في الحياة اليومية أو داخل المعابد فقط.
وأكد الدكتور عماد مهدي، أنّ هذه الدراسة هي الأولى من نوعها، فلم يتم التوصل إلى مثل هذه النتائج من قبل، بخلاف زهرة الخشخاش فقط، مؤكدًا أنّ الحضارة المصرية دائمًا ما تبوح بالأسرار من حين إلى آخر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المصريين القدماء المصري القديم العقاقير المهلوسة زهرة الخشخاش المصریین القدماء
إقرأ أيضاً:
دون الذهاب لطبيب .. كيف تعرفي نوع الجنين على طريقة الفراعنة
توصل الفراعنة لمستويات متقدمة في علوم عديدة تكشف عن عبقرية الحضارة المصرية القديمة في مختلف المجالات، ومن بين هذه المجالات التي أذهلت العالم الطب فقد استطاع المصريون القدماء التوصل إلى طرق متقدمة لتحديد نوع الجنين منذ الأسابيع الأولى للحمل، وذلك باستخدام وسائل طبيعية غير مسبوقة.
وكشف الباحث الأثري علي أبو دشيش، في دراسته حول "تحديد نوع الجنين ووسائل منع الحمل عند الفراعنة"، عن بردية مصرية قديمة محفوظة حاليًا في متحف برلين وترجع إلى عام 1350 ق.م، توضح الطريقة التي استخدمها المصريون القدماء لمعرفة نوع الجنين.
طريقة الفراعنة لتحديد نوع الجنين
تشير الدراسات إلى أن المرأة المصرية القديمة كانت تبلل حبات الشعير والقمح بقليل من بولها، فإذا نما الشعير كان ذلك مؤشرًا على أنها حامل في ذكر، وإذا نما القمح كان دليلًا على حملها بـأنثى، أما إذا لم ينبت أي منهما، فكان ذلك يعني عدم وجود حمل من الأساس.
وأكدت دراسة صادرة عن مركز دراسات وحقوق المرأة أن هذه الطريقة القديمة أثبتت فعاليتها، ما يعكس مدى تقدم الفكر الطبي لدى الفراعنة، حيث لم يقتصر علمهم على التشخيص فقط، بل امتد إلى وسائل منع الحمل، والتي اعتمدت على وصفات طبيعية موثقة في البرديات الطبية.
رغم ارتباط الطب المصري القديم في الثقافة الحديثة بالسحر والتعاويذ، إلا أن الأبحاث العلمية أثبتت دقة العديد من ممارساتهم الطبية. فقد كان الفراعنة سبّاقين في مجال الجراحات البسيطة، وإصلاح كسور العظام، وتحضير الأدوية المركبة.
وتشير الدراسات إلى أن 37% من التركيبات الدوائية التي استخدمها المصريون القدماء تتطابق مع الوصفات الحديثة وفقًا لدستور الصيدلة البريطاني الصادر عام 1973 كما تضمنت النصوص الطبية المصرية القديمة إرشادات دقيقة للفحص والتشخيص والعلاج، مما يؤكد أنهم كانوا يعتمدون على أسس علمية واضحة في ممارسة الطب.
مؤسس علم الطب المصري
يعود الفضل في تأسيس الطب المصري القديم إلى العالم والكاهن الكبير إمحوتب، الذي يُعتقد أيضًا أنه مبتكر الكتابة الهيروغليفية. وقد حظي بمكانة مرموقة حتى أن المصريين القدماء قدسوه في العصور المتأخرة واعتبروه "إله الشفاء".
ويذكر أن الأطباء المصريين لم يكتسبوا شهرتهم داخل مصر فقط، بل ذاع صيتهم في العديد من الحضارات المجاورة، حيث استعانت بهم الشعوب الأخرى للاستفادة من معارفهم الطبية المتقدمة.
لا يزال الطب المصري القديم يشكل مصدر إلهام للعلماء والباحثين، حيث تثبت الاكتشافات الحديثة أن المصريين القدماء سبقوا عصرهم بقرون في مجالات الطب والتشخيص والعلاج، ما يجعل حضارتهم واحدة من أعظم الحضارات التي عرفها التاريخ.