سواليف:
2024-11-18@14:55:23 GMT

الإسلام والسلام

تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT

#الإسلام_والسلام

بقلم: د. #هاشم_غرايبه
مقال الإثنين: 18 /11 /2024
لا يوجد معتقد ديني ولا أيديولوجيا بشرية، تنتهج السلام وتدعو لإفشائه بين الناس غير الإسلام، بل قد جعل الله تعالى السلام أحد أسمائه الحسنى، كما جعل التحية بين الناس: السلام عليكم.
السلام بمعناه الأساسي هو نشر الأمان والطمأنينة بين الناس، وجعل العلاقة بينهم مبنية على التعاون وتحقيق المصالح للجميع، من غير غمط الحقوق أو الظلم، والذي منبعه الطمع في ما لدى الآخر، لذلك فأول وسيلة لإحلال السلام والوئام بدل التنازع والتقاتل هي تحقيق العدالة المبنية على عدم غمط الحقوق.


من هنا نفهم حكمة الله تعالى في إنزال الدين على البشر، ليكون حكما ومرجعا محايدا، ولم يتركهم للاجتهادات الوضعية التي عادة ما تحابي الأقوى وصاحب التأثير الأعلى، وجعل عماد الدين التشريعات الناظمة لجميع العلاقات المجتمعية البينية بين الأفراد، وبين المجتمعات المختلفة ، وحتى بين الإنسان والبيئة، والمحافظة على الحقوق وصيانة الملكيات العامة وحمايتها من الاعتداء عليها.
من مراجعة التاريخ البشري، لن نجد أية حقبة زمنية ساد فيها السلام، بل دائما ما كان هنالك في المجتمع الواحد طبقات مستعبَدة لأخرى أقوى منها، أو في أفضل الأحوال مستغَلة من قبل طبقة أخرى، فتسرق جهدها لأجل رخائها.
كما كانت هنالك أقوام تستعبد أقواما آخرين، أو تستعمر أرضهم فتسلبهم خيراتها، ولا تبقي لهم غير الفتات، وكان المظلومون في أغلب الأحيان يناضلون لاستعادة حقوقهم الإنسانية، ولما كانت السلطة دائما في يد الظلمة، والتي لا تستجيب لأنّات المظلومين، فلا يبقى في أيديهم غير اللجوء الى العنف، فتلجأ السلطة الى القمع لدرء تطور الاحتجاج وصولا الى الثورة والتي تنذر بسقوط نظام الحكم.
وإن كان التمرد من قبل مجتمع مستلب الحقوق من قبل دولة أخرى، فتلجأ القوة الظالمة الى استعمال القوة المفرطة للقضاء على المحتجين، ولتخويف غيرهم من الانضمام لهم.
مما سبق نجد أنه لا يمكن تحقيق السلام بالقمع أو القوة العسكرية، فالتخويف في كلتي الحالتين لن يؤدي الى إحلال السلام، بل ستبقى الثورة كامنة في النفوس، كنار تحت الرماد، تهب من جديد في أول فرصة سانحة.
وعليه فلا يمكن أن يتحقق السلام الدائم الا ان كان عادلا، لذلك فمن العبث الاعتقاد بأن السلام يفرض بالقوة، ويثبت ذلك دوام الصراعات وتجددها، لأن الأيام دول ولم تستتب القوة الغالبة لأمة زمنا طويلا.
من خلال فهم تلك الحتمية التاريخية، نتوصل الى ان تحكيم الدين واتباع منهج الله هو الوسيلة الوحيدة لإحقاق الحقوق، لأنه هو المنهج الوحيد العادل الذي لا يحابي المتنفذين ولا يرضخ لسلطان القوة المتجبرة.
وبما أن الدين عند الله هو الإسلام، ومنهاجه ثابت مدون في القرآن الذي لا يمكن للبشر المتنفذين أن يعدّلوا في نصوصه، لذلك فاتباعه يحقق السلام الحقيقي.
في الحال المزري الراهن لأمتنا، ما أوصلنا إليه إلا من استسلموا للعدو وطبعوا معه بدلا من مقارعته الى أن يخرج من ديارنا التي احتلها، فزادونا هوانا وأطمعوا عدونا فينا، فعلوا ذلك لأنهم أخذوا بمنهج الغرب، ورموا كتاب الله وراء ظهورهم، ولو اتبعوه لوجدوا فيه مخرجا.
في قوله تعالى: “فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ” [محمد:35]، يبين لنا عدم جواز النزوع الى مسالمة العدو إلا من موقع القوة، أي أن شعار “السلام خيارنا الاستراتيجي” الذي رفعته الأنظمة الحاكمة في ديار المسلمين لتبرير استسلامها، هو خيانة لمنهج الله وخروج عن دينه، فقد بشرنا تعالى بأننا الأعلون إن اتبعناه وأطعناه، لأنه عندئذ سيكون معنا، ومن كان الله معه فلا غالب له، وأثبتت وقائع التاريخ ذلك، فلم يهزم المسلمون قط من قلة وعدم تكافؤ في القوة مع عدوهم عندما كانوا مطيعين لله، ما هزموا إلا عندما خالفوا أوامره.
وبناء على ما سبق فإن التطبيع مع العدو يعني إقرارا له بما احتله، وقد بين لنا كتاب الله أنه لا يجوز إلقاء السلم الى العدو الباغي قبل ان يستعاد منه ما استلبه، لذلك فالتطبيع مخالفة لأمر الله، ومن يفعله فلا يعتبر متبعا لمنهجه، ومن يؤيده في ذلك فهو مشترك معه في المعصية، ولن ينفعه يوم القيامة إيمان لم يعمل بهِ.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه ما کان

إقرأ أيضاً:

حقائق وغرائب جزر المالديف

جزر المالديف، دولة مسلمة لا نعرف عنها الكثير، وتاريخها الموثق هو أقرب إلى الأساطير.

جزر المالديف دولة مسلمة تقع فى المحيط الهندي، وهى مجموعة جزر صغيرة يبلغ عددها ١١٩٠ جزيرة، والمأهول منها ٢٠٠ فقط، واسم عاصمتها ماليه، وكانت محمية بريطانية واستقلت فى عام ١٩٦٥ م، ويبلغ عدد سكانها ٣٠٩ آلاف نسمة كلهم مسلمون،

ونظام الحكم فيها جمهوري، ورئيسها يُعيّن من قبل البرلمان، ويكون التصويت للمسلمين فقط، ودستورها ينص على أن جميع مواطنيها يجب أن يدينوا بديانة الإسلام، وبالتالى فإن الشخص الذى يرغب أن يكون مواطنًا فيها عليه أن يكون مسلمًا، ويُمنع أن يكون أى شخص غير مسلم مواطنًا فيها، كما يشير دستورها إلى أن مبادئها الجمهورية هى المبادئ الإسلامية. أما شعب المالديف فمتدين يحب الإسلام، ويحرص على الآداب الإسلامية، والسلوكيات الإسلامية واضحة للعيان، فالحجاب منتشر، ويحترم السكان الأذان، ويقبلون على المساجد، وتغلق المطاعم نهارا فى شهر رمضان، وتُمنع المجاهرة بالفطر فيه.

وتوجد بها هيئة عليا، لمراقبة التطبيق الصحيح لأحكام الشرع الإسلامى فى جميع المحاكم. ويقوم رئيس الدولة بإلقاء خطبة الجمعة، وإمامة الصلاة بالناس، وإلقاء الوعظ والإرشاد فى المناسبات الدينية والاجتماعية، كما يقوم بإلقاء الدروس والنصائح، فى الإذاعة والتليفزيون، بالإضافة إلى تدريس بعض المواد الدينية فى كلية الدراسات الإسلامية، وكذلك يقوم رئيسهم بإصدار صحيفة دينية أسبوعية، باسم «سبيل الدين»، منذ ثمانية عشر عامًا.

وأكثر أعضاء الحكومة فى المالديف، من خريجى الجامعات الإسلامية، ومنهم وزير الحج. نسبة الأمية فى تلك البلاد طفيفة جدًا لا تتجاوز ٢%، ورغم أن اللغة الرسمية ليست العربية، إلاّ أنه لا يوجد بين السكان من لا يستطيع أن يقرأ فى كتاب الله تعالى بنفسه، وذلك بفضل مدارس تعليم القرءان الكريم.

اما السياحة فتعتبر المصدر الثانى للدخل القومى بعد الصيد. والسياحة فى ذلك البلد، يضرب بها المثل فهى لا ابتذال فيها، ولا تنازل عن المبادئ الإسلامية، فيُمنع تقديم الخمور للسياح، ويُلزم السائح باحترام قوانين البلاد الإسلاميه، فلا يوجد عري، ولا خروج على الآداب العامة. وقد خصصوا للسياح أربعة وثمانين جزيرة منعزلة للسياحة فقط، ولا يسمح للسائح أن يذهب إلى الجزر المأهولة بالسكان المسلمين، إلا إذا التزم بالآداب الإسلامية، ولا يسمح له ولا لغيره بإظهار الإفطار فى نهار رمضان. وعلى الرغم من صرامة تلك القوانين، فقد انتعشت السياحة هناك كثيرا، ووصل عدد السياح عام ٢٠٠٧ م إلى أكثر من ثمانية مليون سائح، وهو رقم ضخم بالمقارنة مع عدد السكان، الذى لا يتجاوز ثلاثمائة ألف. أما عن قصة دخول الإسلام إلى تلك البلاد، وهى قصة أقرب إلى الأساطير، وقد وثّقها الرحالة ابن بطوطة، فى كتابه «تحفة النُظّار فى عجائب الأمصار وغرائب الآثار «، والقصة منقوشة على لوحة جدارية، بجانب الجامع الكبير فى ماليه.

دخل الإسلام إلى تلك الجزر فى بدايات القرن الخامس الهجرى (١١٥٣م)، عندما وصل إلى شواطئها شاب مسلم حافظ للقرأن الكريم، من المغرب العربى اسمه أبو البركات يوسف البربري، يقال أن السفينة التى كان يُبحر بها تحطّمت قبالة شواطئ إحدى تلك الجزر، وقذفته الأمواج إلى الشاطئ، حيث عالجه واعتنى به أحد الصيادين مع أسرته، واستضافه فى بيته، حيث تعلّم لغة السكان. وذات يوم، رأى ذلك الشاب الصياد وزوجته يبكيان بحرقة، وعلم منهما أن القرعة قد وقعت على ابنتهما الشابة، لتقديمها قربانًا لوحش الجزيرة، حيث اعتاد السكان أن يقدّموا للوحش فتاةً كل شهر، يضعونها ليلًا عند طرف الغابة، فيأتى الوحش ويأخذها، ولا يتعرّض بعد ذلك للقرويين بسوء طوال الشهر. قرر ذلك الشاب، أن يذهب بدلًا من تلك الفتاة إلى الغابة، وأخبر الصياد وأسرته، أنه سيكون بخير بإذن الله تعالى. وفعلًا وضعوه فى المكان المعهود، فأخذ يقرأ سورة يس، وأيات القرآن الكريم طوال الليل، وكان يشعر بالوحش يقترب منه فإذا سمع الآيات يبتعد، إلى أن أشرقت الشمس. وأعاد الشاب الكرّة ثلاث ليالٍ، فذهب الوحش ولم يعد فى الليلة الرابعة، وتخلّص منه القرويون.

عندما سمع السلطان، وكان اسمه ماها كلامنجا بأمر ذلك الشاب، استدعاه وسأله عن حقيقة الأمر، فقرأ عليه القرأن الكريم، وحدّثه عن الإسلام ودعاه إليه، فدخل الملك فى الإسلام، وغيّر اسمه إلى «محمد بن عبد الله»، وأسلم كل سكان البلاد. وقد أقام ذلك الشاب فى تلك الجزر يُعلّم أهلها القرءان الكريم، والفقه الشافعي، والعلوم الدينية الأخرى التى كان يعرفها، إلى أن توفّاه الله تعالى.

وقبره لا زال موجودا معروفا فى تلك الجزيرة، وقد بنوا بجانبه مسجدًا. سبحان الله، رجل واحد، أكرمه الله تعالى، وجعل على يديه إسلام أمّة.

بلاد مثل جزر المالديف، يجب أن تكون قدوة للعالم الإسلامى والعربى فى احترام القيم والآداب والتمسك بالدين القويم.

محافظ المنوفية الأسبق

مقالات مشابهة

  • «أسأل الله القوة».. أول تعليق من والدة أيمن العلي ملك جمال الأردن بعد وفاته
  • حقائق وغرائب جزر المالديف
  • السلام بالقوة.. ترامب على خُطا ريغان والإمبراطور هادريان
  • وكيل الأزهر يوجه 5 رسائل عن أهمية الحوار الحضاري.. «لا مكان للصراع في فلسفة الإسلام»
  • أبو العينين: إذا أردنا حل المشكلة وخلق السلام بالمنطقة فيجب حل الدولتين
  • من التطرُّف إلى التغريب: رحلةُ تشويه الدين على يد الوهَّـابية
  • عائلة مالكوم إكس ترفع دعوى للمطالبة بتعويض 100 مليون دولار
  • واعظات الأوقاف: اختيار الزوج يُبنى على الدين والقيم الإنسانية
  • رئاسة COP29 تطلق نداء باكو للعمل المناخي من أجل السلام