بوريل: "لم يعد هناك كلام" لوصف الوضع في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
أعلن ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، اليوم الإثنين، أنه "لم يعد هناك كلام لوصف الوضع في الشرق الأوسط"، قبل أن يترأس آخر اجتماع له مع وزراء خارجية دول التكتل.
وقال المسؤول الإسباني، قبل أن يترأس آخر اجتماع له مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل "لم يعد هناك كلام، استنفدت كل الكلام لشرح ما يجري في الشرق الأوسط، حيث تخوض إسرائيل حرباً مدمرة مع حركة حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان".
وتابع "هناك حوالي 44 ألف قتيل في غزة و70% من هؤلاء القتلى نساء وأطفال"، مضيفاً "حين ننظر إلى أعمارهم، فهم في غالب الأحيان أطفال دون الـ9 من العمر".
بوريل: تعليق الحوار مع إسرائيل مطروح بسبب حرب غزة - موقع 24أكد مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اليوم الإثنين، أنه سيقترح على أعضاء التكتل تعليق الحوار السياسي مع إسرائيل، مشيراً إلى ما تقترفه الدولة في حرب غزة.وقال بوريل (77 عاماً) أنه سيحض الوزراء في هذا الاجتماع الأخير، برئاسته قبل انتهاء ولايته الشهر المقبل، على تعليق الحوار السياسي الذي نص عليه اتفاق الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل، لكن من المتوقع أن يصطدم هذا الاقتراح برفض العديد من دول التكتل، ولا سيما ألمانيا وهولندا وفرنسا وايطاليا.
وفي ما يتعلق بأوكرانيا، أعرب بوريل كذلك عن إحباطه بعد مضي ألف يوم على بدء الغزو الروسي لهذا البلد في 24 فبراير (شباط) 2022. وقال "لم نكن متحدين في أحيان كثيرة. واستغرقت المحادثات وقتاً أطول مما ينبغي في أحيان كثيرة. مطلبي الأخير من زملائي سيكون أن يظهروا المزيد من وحدة الصف ويتخذوا قرارات بصورة أسرع".
VTC briefing by @andrii_sybiha at the #FAC on Russia’s latest attacks on energy infrastructure & priority needs
We must step up our military support. We are enhancing our sanctions - adopting today the 2nd package against Iranian missile delivery to Russia
We stand with Ukraine pic.twitter.com/l8w0YyZKMk
وأضاف بوريل مناشداً دول الاتحاد، قبل أن تحل محله رئيسة وزراء إستونيا السابقة كايا كالاس في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، "لا يمكنكم أن تدعوا بأنكم قوة جيوسياسية إن كنتم تقضون أياماً وأسابيع وأشهراً للتوصل إلى اتفاق والتحرك".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الاتحاد الأوروبي قطاع غزة حزب الله عام على حرب غزة إسرائيل وحزب الله الاتحاد الأوروبي
إقرأ أيضاً:
الفوضى غير الخلاقة في الشرق الأوسط
لست متخصصًا في العلوم السياسية، ولكني باعتباري متخصصًا في الفلسفة يمكن أن يكون لي شأن بفلسفة السياسة، وباعتباري مثقفًا عامًّا لا بد أن يكون لي شأن بالأوضاع السياسية العامة التي تجري من حولنا؛ تمامًا مثلما أن المثقف العام لا بد أن يكون له شأن بوضع الدين في عالمنا بما هو دين، وإن لم يكن متخصصًا في علوم الدين التي تتعلق بتفاصيل الشرائع والأديان وما تنطوي عليه من دراسات مقارنة. الأوضاع السياسية التي تجري في الشرق الأوسط التي بلغت ذروة اشتعالها في عصرنا الراهن، تفرض علينا تأملها ومحاولة فهمها حتى نكون -على الأقل- على وعي بها، ومن ثم نكون قادرين على تحديد مواقفنا منها.
لعلنا نذكر جميعًا المقولة الشهيرة لكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية حتى الفترة السابقة مباشرةً على ثورات الربيع العربي؛ إذ كانت تصف المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط بأنه يهدف إلى إحداث «الفوضى الخلاقة» في هذه المنطقة من العالم، وكانت تقصد بذلك ضرورة إحداث اضطرابات وخلخلة في النظم السياسية القائمة على نحو يسهم في خلق نظم جديدة. ولكن الهدف الحقيقي غير المعلن صراحةً يكمن في بقية العبارة، وهو: خلق نظم جديدة تابعة للسياسات أو المخططات الأمريكية وتخدم مصالحها في المنطقة، وعلى رأسها مصالح إسرائيل ومخططاتها، التي هي ذراع أمريكا والغرب في الشرق الأوسط. نجح المخطط في إحداث الفوضى في العراق وفي ليبيا وفي اليمن وفي السودان، نجح في إحداث الفوضى، ولكنه لم ينجح بأي حال في أن يجعلها خلاقة، سواء بالنسبة للشعوب العربية (على المستوى الظاهري المعلن) أو على مستوى المصالح الأمريكية والإسرائيلية نفسها (على المستوى الحقيقي غير المعلن)؛ إذ تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن: فقد نشأت حركات مقاومة تعادي المخططات الأمريكية في اليمن (الحوثي) وفي لبنان (حزب الله) وفي فلسطين (حماس والحركات الجهادية).
الآن نأتي إلى الوضع الراهن في سوريا، وهو وضع جديد مربك ومحير، وينفتح على سيناريوهات عديدة تستدعي تأملات محايدة للمشهد، أوجزها فيما يلي:
السرعة التي انهار بها نظام بشار الأسد، واستولى بها الثوار على المدن السورية واحدة تلو الأخرى في غضون أسبوع تقريبًا، هو أمر أثار دهشة الناس العاديين والمحللين السياسيين على السواء. وهو ما يدل دلالة قاطعة -كما تبيّن ذلك- على أن هذه الثورة كان مخططًا لها منذ وقت طويل، وكانت مدعومة بقوى خارجية أهمها: تركيا في العلن، وأمريكا وإسرائيل في الخفاء أو على الأقل من خلال الصمت على ما يجري، طالما أنه يجري على النحو المرسوم. ولا شك في أنه لولا هذا الدعم ما أمكن للثوار أن ينتصروا أو يقهروا النظام القائم إلا من خلال حروب دموية طويلة. وليس بخافٍ على أحد أن الدعم الخفي أو الرضا الضمني من جانب أمريكا وإسرائيل يهدف إلى تقليص النفوذ الروسي والقضاء على النفوذ الإيراني في سوريا. ولهذا رأينا روسيا تتخلى عن دعمها لبشار بعد أن أدركت أنها سوف تتكبد خسائر في مواجهة الثورة، بينما هي لديها مواجهات أكثر أهمية بكثير في أوكرانيا. كما أننا رأينا حزب الله يلملم كتائبه ويرحل أفراده مع عوائلهم فارين من سوريا؛ فقد أدركت إيران -مثل روسيا- أن بشار أصبح ورقة خاسرة لا تستحق المراهنة عليها.
كشفت الثورة السورية عن أهوال وفظاعة ووحشية ارتكبها نظام بشار بحق شعبه، من خلال الكشف عما كان يجري في السجون من تعذيب وحشي يفوق الخيال البشري، وإعدامات بالآلاف للأبرياء من المعارضين المدنيين. ولهذا كانت فرحة السوريين عارمة بإطلاق سراح السجناء، وتنفسهم لهواء الحرية لأول مرة منذ عقود عديدة ترجع إلى فترة الأب حافظ الأسد الذي لم يتورع عن إبادة المعارضين من شعبه، فقتل ما يقارب خمسين ألفا من المواطنين في مدينة حماة سنة 1982. ولذلك يحق للشعب السوري أن يفرح ويهنأ بثورته وأن يتطلع إلى مستقبل جديد ينعم فيه بالحرية والديمقراطية.
ومما يستدعي التأمل في مشهد الثورة السورية أن الثوار من حيث مظهرهم ولغة خطابهم يبدون ممثلين لفصيل ديني أو مجموعة من الفصائل الدينية، فلا نجد من بينهم تقريبًا من يمثل المجتمع المدني بسائر أطيافه، وهذا يتبدى حتى في تشكيل الحكومة المؤقتة. حقًا إن زعيم الثوار وقياداتهم يبدون معتدلين ومدافعين عن حقوق الشعب السوري، بل يبدون متحلين بالحصافة السياسية والقدرة على الإدارة. ومع ذلك فإن الحصافة السياسية لا بد أن تُلزِم هذه القيادات الاستعانة بأهل الخبرة من المجتمع المدني في إدارة شؤون البلاد في كل مجال في المرحلة القادمة، وإلا سيكون مصيرهم هو مصير الإخوان الذين أرادوا الانفراد بالسلطة مما عجل بإقصائهم من المشهد. نأمل أن تكتمل الثورة السورية في المسار الصحيح بتحقيق دولة مدنية ديمقراطية، لا دولة دينية؛ لأن النوايا الطيبة -حتى إن كانت خالصة لوجه الله تعالى- لا تكفي وحدها لتأسيس دولة من جديد. ولذلك فإن الثورة لا يزال أمامها طريق شاق وملغوم.