مارسيل بروست.. ماذا تعرف عن ملحمته الأدبية البحث عن الزمن المفقود؟
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
مارسيل بروست، أحد أعظم الروائيين في القرن العشرين، وُلد في 10 يوليو 1871 ورحل عن عالمنا في مثل ذلك اليوم 18 نوفمبر 1922، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا خالدًا أبرز ما فيه رائعته “البحث عن الزمن المفقود”. بروست لم يكن مجرد كاتب، بل كان فيلسوفًا أدبيًا استثنائيًا استعرض أفكاره بأسلوب سردي فريد، حيث استبدل الحبكة الروائية التقليدية برحلة استبطانية عميقة في النفس البشرية.
بدأت رحلة كتابة هذه الملحمة الأدبية عام 1909، عندما استطاع بروست رسم الخطوط العريضة لأفكاره. ومع ذلك، شعر بالعجز عن تحويل هذه الأفكار إلى رواية مكتملة. نقطة التحول جاءت ذات يوم من يناير 1909، عندما كان يتناول الشاي مع الخبز المحمص، فاستعاد ذكريات طفولته في حديقة جده. هذه اللحظة كشفت له عن جوهر مشروعه الأدبي، حيث أدرك أن الانبعاث الفني والذكريات يشكلان العمود الفقري لروايته.
في “البحث عن الزمن المفقود”، ركّز بروست على مراحل نضوجه الشخصي عبر سلسلة من التجارب الذاتية التي عكست أعماق روحه. أراد بروست أن يشارك نظرته الفريدة للحياة، بعيدًا عن تقديم وصف تقليدي للواقع. الرواية لم تكن مجرد أحداث، بل مرآة لذاته الداخلية، تتسم بالتحليل العميق للمشاعر والذكريات.
بدأ بروست كتابة الرواية عام 1909 واستمر في العمل عليها حتى وفاته. في عام 1913، نشر المجلد الأول منها على نفقته الخاصة بعد أن رفضتها العديد من دور النشر. لاحقًا، تبنّت دار نشر أخرى المشروع، حيث نُشر المجلد الثاني عام 1918، ونال جائزة غونكور عام 1919، مما أكسب الرواية شهرة واسعة.
ظل بروست مخلصًا لمشروعه الأدبي حتى لحظاته الأخيرة. كان يضيف أقسامًا جديدة وينقح النصوص باستمرار. وعندما شعر باقتراب أجله، أكمل الرواية، وبدأ تصحيح النسخ النهائية.
“البحث عن الزمن المفقود” ليست مجرد رواية، بل رحلة تأملية في طبيعة الزمن والذكريات والمعنى الأعمق للحياة. بأسلوبه المتفرد، نجح مارسيل بروست في ترك أثر عميق في الأدب العالمي، وجعل من حياته وكتاباته نموذجًا للغوص في أعماق الذات البشرية، في محاولة لاكتشاف جوهرها ومعانيها الخفية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جائزة غونكور رواية الأدب العالمي
إقرأ أيضاً:
الرواية والدراما المرئية.. بين الكلمة والصورة في دورة "أسامة أنور عكاشة"
انطلقت مساء الأحد 9 نوفمبر 2025 فعاليات الدورة الثانية من مؤتمر "الرواية والدراما المرئية" تحت عنوان "مقومات الشخصية المصرية بين الرواية والدراما المرئية"، والتي تحمل هذا العام اسم السيناريست الكبير أسامة أنور عكاشة، تقديرًا لإرثه الفني الذي أعاد للدراما المصرية روحها ووجدانها الإنساني.
المؤتمر جاء تحت رعاية الأستاذ الدكتور أحمد فؤاد هنو – وزير الثقافة، وبدعوة من الأستاذ الدكتور أشرف العزازي – الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وبالتعاون مع السيناريست الكبير محمد السيد عيد – رئيس نادي القصة منظم المؤتمر بالتعاون مع الجمعية المصرية لأصدقاء مكتبة الإسكندرية.
استُهلت فعاليات اليوم الأول بكلماتٍ رسمت ملامح الرؤية الفكرية والفنية للمؤتمر، وقد ألقت الأستاذة الدكتورة زينب فرغلي – أمين عام المؤتمر كلمتها الافتتاحية مؤكدة أن العلاقة بين الرواية والدراما ليست علاقة نقل أو اقتباس، بل علاقة حوارٍ متجدد بين الفكرة والخيال، وبين اللغة والصورة.
ثم تحدث الأستاذ حمدان القاضي – المنسق العام للمؤتمر والمدير التنفيذي لجمعية أصدقاء مكتبة الإسكندرية، مشيرًا إلى أهمية هذا الملتقى في خلق جسر تفاعلي بين المبدعين والمؤسسات الثقافية، بما يعيد الاعتبار لقيمة الرواية كمنجم درامي وفكري يغذي الوعي الجمعي المصري والعربي.
وجاءت كلمة المخرج الكبير عمر عبد العزيز – رئيس المؤتمر ورئيس اتحاد النقابات الفنية لتؤكد أن الدراما ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل أداة تشكيل وعي وسلوك، وأن الشخصية المصرية في الدراما والرواية هي مرآة لروح الأمة وتاريخها الممتد.
واختُتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة الأستاذ الدكتور أشرف العزازي – الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، الذي شدد على أن الثقافة الوطنية، بكل تجلياتها الإبداعية، هي خط الدفاع الأول عن هوية الإنسان المصري في مواجهة طوفان التفاهة والاغتراب الثقافي.
شهدت الجلسة الأولى التي أدارتها الدكتورة زينب فرغلي حضورًا نوعيًا من المثقفين والباحثين، حيث تحدث الأستاذ الدكتور محمد عفيفي حول "الرواية كوثيقة للوعي التاريخي والاجتماعي"، بينما تناول الكاتب والسيناريست عبد الرحيم كمال العلاقة الجدلية بين السرد الأدبي والدراما البصرية، مشيرًا إلى أن الدراما التي تنبع من روح الرواية تكتسب عمقًا إنسانيًا وقدرة على التأثير لا تضاهيها أي وسيلة فنية أخرى.
أما الجلسة الثانية التي أدارها الأستاذ عبده الزراع، فقد جمعت بين الأستاذة الدكتورة رشا صالح والأستاذ الدكتور عادل ضرغام، حيث تطرقا إلى جماليات التحول من النص الأدبي إلى النص البصري، وإلى أهمية الحفاظ على الخصوصية الثقافية المصرية في كل عمل فني يُستلهم من الأدب المحلي.
يأتي هذا المؤتمر في دورته الثانية كدعوة إلى استعادة جمال الدراما المصرية في زمن طغت فيه الصورة على الفكرة، وإلى تأكيد أن أسامة أنور عكاشة لم يكن مجرد كاتب دراما، بل فيلسوفًا سرديًّا أعاد صياغة الوعي الجمعي في لغة الشاشة وضمير الفن.