حُلم البرهان: بين الواقع والمأساة
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ السياسة والسياسات العامة
في خضم الفوضى التي تعصف بالسودان، يبرز حلم القائد العام للجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في أن يتم تصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية من قبل المجتمع الدولي. هذا الحلم، رغم مشروعيته في سياق القوانين والمواثيق الدولية، يُطرح في ظل واقع مؤلم حيث تُترك حياة السودانيين نهباً لمليشيات تفوق التتار في فظاعة انتهاكاتها.
إن الوضع الراهن يُظهر أن البرهان، وهو الذي يُفترض أن يكون حامياً للشعب، قد اختار استراتيجية المراوغة. تلك الاستراتيجية التي لا تعكس سوى ضعفاً في القيادة، حيث يُترك الشعب السوداني الأعزل لمواجهة انتهاكات تُهدم كل الأعراف والقيم الإنسانية. إن الانتهاكات التي تشهدها الجزيرة، والتي تفوق التصور، تستدعي وقفة جادة من قبل القائد العسكري وكذا كل سوداني حادب على هذا التراب العزيز.
لذا، فإن من الضروري على البرهان أن يتخذ خطوة شجاعة بتشكيل حكومة مؤقتة لإدارة الحرب والنزوح، تتكون من قادة سياسيين وطنيين وعسكريين ذوي رؤية واضحة. هذه الحكومة يجب أن تضع على عاتقها مهمة التعامل مع المجتمع الدولي بطريقة دبلوماسية، تُركز على رفع الأذى عن السودانيين، وتفتح الباب أمام "الطريق الثالث" الذي يمثل صوت الشعب السوداني.
إن الدبلوماسية الشعبية وروح الديمقراطية المجتمعية هما المفتاحان اللذان يمكن أن يساهما في رسم خط واضح يمثل تطلعات الشعب في هذه الظروف الحرجة. فالجيش السوداني، الذي يحظى بدعم وسند من السودانيين الأوفياء المدركين لضرورة وجود مؤسسة عسكرية قوية، يجب أن يُعيد بناء الثقة مع المواطنين الذين يعانون من ويلات الحرب وانتهاكات تتار العصر الحديث و من عاونهم بسفور و من تحت ستار.
في الختام، على البرهان أن يدرك أن الوقت قد حان للخروج من دائرة الحلم إلى دائرة الفعل. إن تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات الحالية هو السبيل الوحيد لإنقاذ السودان من براثن الفوضى، وضمان مستقبل يتسم بالأمن والاستقرار. إن صوت الشعب لا بد أن يُسمع، ولتكن هذه الفرصة بداية لمستقبل أفضل.
quincysjones@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
رسالة الدكتور عبدالله حمدوك إلى الشعب السوداني في الذكرى الثانية للحرب
تمر علينا الذكري الثانية لهذه الحرب المدمرة التي اجتاحت بلادنا من أدناها الى أقصاها، وأنه من المؤسف
حقا ورغم كل ما لحق بالبلاد وشعبها من الموت والدمار والخراب، ما زال صوت البندقية هو الأعلى ولا
تزال أطراف الحرب تتوعدنا بالمزيد من القتل والدمار والاجهاز على ما تبقى من حطام الوطن.
إنه لمن دواعي الأسف أيضا أن قوى نظام الإنقاذ البائد، الذي أسقطه شعبنا العظيم في ثورة ديسمبر المجيدة،
لا تزال تؤجج نار الحرب ولا يهمها إلا ما يعيدهم إلى كراسي السلطة ويحافظ على ما نهبوه من موارد الشعب
السوداني.
كما أن الانتشار الواسع للممارسات الداعشية مؤخرا، تعيدنا لذات الممارسات والارتباطات التي
كانت قد أدرجت السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب طوال عمر النظام المباد، وتهدد اليوم بتحويل
السودان إلى أرض خصبة لجماعات التطرف والإرهاب الدولي.
ومن المقلق للغاية أن نهج النظام السابق في زعزعة الاستقرار في دول الجوار والدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي والذي قد قاد لعزلة البلاد ثلاثين عاما، أخذت تطل برأسها من جديد. ولعل التهديدات العسكرية الصادرة مؤخراً ضد تشاد وجنوب السودان وكينيا ودول الإقليم والدعوة المرفوعة ضد دولة الامارات في محكمة العدل الدولية مؤشرات خطيرة في ذات الاتجاه.
إننا نثمن ونقدر عاليا تحمل دول الجوار ودول الإقليم عبء استضافة الملايين من أبناء الوطن الذين شردتهم
الحرب كما نقدر مساهمة هذه الدول مع المجتمع الدولي في العديد من المبادرات الرامية لوقف الحرب.
وعوضا عن البحث عن كبش فداء علينا التحلي بشجاعة الاعتراف بأن هذه الحرب أشعلتها أيدى سودانية
وعلى عاتق السودانيين وحدهم تقع مسئولية وقفها فوراً.
لست بحاجة إلى تكرار الحديث إليكم عن الآثار المدمرة لهذه الحرب وما تعانونه من ويلات أكبر كارثة
إنسانية في العالم اليوم، فمعاناتكم ماثلة أمام كل ضمير حي وكل من في قلبه ذرة من إنسانية.
وأود أن أحي هنا كل المبادرات الوطنية في مواجهة الكارثة الإنسانية والتي تقودها بشجاعة نادرة غرف الطوارئ والتكايا والطرق الصوفية.
كما أعرب عن التقدير العميق لكل الدول والمنظمات الإقليمية والدولية التي لم تبخل على الشعب السوداني أمام محنته الإنسانية. وفي هذا السياق أرحب بمبادرة المملكة المتحدة بعقد الاجتماع الوزاري بلندن اليوم حول الأزمة السودانية وأدعو الدول المشاركة فيه للخروج بقرارات عملية تساهم في وضع نهاية لمعاناة السودانيين بما في ذلك تدابير عاجلة لحماية المدنيين.